هَكَذَا فَلْيَكُنْ يَوْمُكَ فِي رَمَضَانَ 2 رَمَضَانَ 1436 هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1436/08/30 - 2015/06/17 10:13AM
هَكَذَا فَلْيَكُنْ يَوْمُكَ فِي رَمَضَانَ 2 رَمَضَانَ 1436 هـ
الْحَمْدُ للهِ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِنِعْمَةِ الإِسْلَام ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِأَدَاءِ فَرِيضَةِ الصِّيَام ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , إِمَامُ الصَّائِمِينَ وَقُدْوَةُ الْعَامِلِينَ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَحَابَتِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّين .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا الصَّائِمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّ لَكُمُ البُشْرَى بِالثَّوَابِ الْكَبِيرِ وَالأَجْرِ الْعَظِيمِ مِنَ الرَّبِّ الْكَرِيمِ , أَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْمَلَذَّاتِ طَاعَةً للهِ وَخَوْفَاً مِنْهُ وَمَحَبَّةً لَهُ , أَمَرَكُمُ اللهُ بِالصِّيَامِ فَامْتَثَلْتُمْ , وَمَنَعَكُمْ فِي النَّهَارِ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ فَصَبَرْتُمْ , وَعَانَيْتُمْ حَرَارَةَ الْجُوعِ وَأَلَمَ الْعَطَشِ فَمَا غَيَّرْتُمْ وَلا بَدَّلْتُمْ . إِنَّ الصِّيَامَ سِرٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ , فَالْمُؤْمِنُ يُعَامِلُ فِيهِ خَالِقَهُ الذِي يَرَاهُ وَيُرَاقِبُهُ , فَهُوَ لا يَرْجُو مِنْ أَحَدٍ جَزَاءً وَلا شُكُورَاً , وَلِذَلِكَ جَعَلَ اللهُ الصِّيَامَ لَهُ سُبْحَانَهُ وَضَاعَفَ الأُجُورَ بِمَا لَيْسَ لِعَمَلٍ آخَرَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلَّا الصَّوْمَ ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي) رَوَاهُ مُسْلِم .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ : احْذَرْ أَنْ يَكُونَ حَظُّكَ مِنَ الصَّوْمِ التَّعَبَ وَالنَّصَبَ , فَتُصِيبَكَ الْكَلافَةُ وَتُحْرَمَ الأَجْرُ , وَذَلِكَ حِينَ تُخَالِفُ الْهَدْيَ النَّبَوِيَّ فِي الصِّيَامِ . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ , وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : كَيْفَ يَكُونُ صَوْمُنَا ؟ وَكَيْفَ نَغْنَمُ شَهْرَنَا ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ يَوْمُنَا ؟ إِنَّ الْجَوَابَ : هُوَ أَنْ نُتَابِعَ نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَنَحْفَظُ صَوْمَنَا وَنَسْتَغِلَّ يَوْمَنَا , فَاسْتَمِعُوا رَزَقَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمُ الْعِلْمَ النَّافِعَ وَالْعَمَلَ الصَّالِح !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : نَبْدَأُ فِي وَصْفِ اليَوْمِ الرَّمَضَانِيِّ مِنَ السُّحُورِ : فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي اَلسَّحُورِ بَرَكَةً) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . فَاحْرِصْ عَلَى السَّحُورِ فَفِيهِ بَرَكَةٌ وَأَجْرٌ , وَهُوَ سَبَبٌ لِصَلَاةِ اللهِ عَلَيْكَ وَصَلِاةِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ , مَعَ مَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةٍ لِلْبَدَنِ وَتَقْوِيَةٍ لَهُ عَلَى الصَّوْمِ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ ، فَلَا تَدَعُوهُ , وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ . وَعَلَيْهِ فَالسُّحُورَ يَتِمُّ وَلَوْ أَنْ يَشْرَبَ الإِنْسَانُ كَأْسَ مَاءٍ أَوْ عَصِير .
ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ السُّحُورُ مُتَأَخِّرَاً قُبَيْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلاةِ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , يَعْنِي صَلاةَ الفَجْر.
ثُمَّ بَعْدَ السُّحُورِ قُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلِّ مَعَ الْمُسْلِمِينَ , وَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ وَالتَّهَاوُنَ بِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ لا فِي رَمَضَانَ وَلا فِي غَيْرِهِ , فَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا دِيْنٌ وإِيمَانٌ , وَالتَّهَاوُنُ بِهَا نِفَاقٌ وَخُسْرَان .
ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ لا تَسْتَعْجِلْ فَاقْرَأْ أَذْكَارَ الصَّلَاةِ وَأَذْكَارَ الصَّبَاحِ الْوَارِدَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ أَنْتَ تُنْصَحُ بِأَنْ تَبْقَى فِي مَكَانِكَ تَذْكُرُ اللهَ وَتَقْرَأُ الْقُرْآنَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , وَهَذَا وَقْتٌ مُبَارَكٌ فَرُبَّمَا تَقْرَأُ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ثَلَاثَةً أَجْزَاء , ثُمَّ إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ صَلِّ رَكَعْتَيْنِ لِتَفُوزَ بِأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ , عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ , تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ .
فَانْظُرُوا الأَجْرَ الْعَظِيمَ وَالْفَضْلَ الْكَبِيرَ الذِي يَفُوتُ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ , وَلَكِنْ هُنَا نُنَبِّهُ أَنَّكَ لَا تُصَلِّي حَتَى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ قَدْرَ رُمْحٍ , وَوَقْتُ الشُّرُوقِ الْمَكْتُوبُ في التَّقْوِيمِ لا تَحِلُّ فِيهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّهُ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ , فَالْوَاجِبُ الانْتِظَارُ حَتَّى تَرْتَفِعَ , لِأَنَّهَا حِينَ تَطْلُعُ تَحْرُمُ الصَّلاةُ لِأَنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ , فَانْتَظِرْ حَوَالِي عَشْرَ دَقَائِقَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ .
ثُمَّ إِنْ شِئْتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَمْ , وَإِنْ شِئْتَ فَابْقَ فِي الْمَسْجِدِ لِلْقَرَاءَةِ أَوْ غَيْرِهَا , ثُمَّ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ عَمَلٌ وَدَوَامٌ فَحَافِظْ عَلَيْهِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَعْتَذِرَ بِالصَّوْمِ فِي الإِخْلَالِ بِالْعَمَلِ , فَهُوَ أَمَانَةٌ فَإِيَّاكَ وَالْخِيَانَة .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : احْرِصْ فِي سَائِرِ الْيَوْمِ عَلَى الابْتِعَادِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ غَيْرِهَا , فَلَيْسَ الصِّيَامُ أَنْ تَصُومَ عَنِ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَقَطْ , ثُمْ تُطْلِقُ لِنَفْسِكَ الْعَنَانَ فِي فِعْلِ مَا تَشَاءُ بِحُجَّةِ أَنَّكَ صَائِمٌ تُرِيدُ تَسْلِيَةَ نَفْسِكَ , فَهَذَا لا يَحِلُّ .
وَإِنَّهُ مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ جِدّاً أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ وَخَاصَّةً الشَّبَابُ يَقْضُونَ مُعْظَمَ يَوْمِهِمْ خَلْفَ الشَّاشَاتِ فِي الجَوْالِ أَوْ غَيْرِه فِي أُمُورٍ لَا تَنْفَعُ أَوْ فِي مُشَاهَدَاتٍ مُحَرَّمَة أَوْ مَقَاطِعَ مُخْزِيَة , ثُمَّ يَتَعَذَّرُ أَحَدُهُمْ بَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُمْضِيَ يَوْمَهُ لأنه صَائِم , وَنَقُولُ سُبْحَانَ الله ! أَلِهَذَا شَرَعَ اللهُ الصَّيَام ؟ أَمْ هَكَذَا تُطْلَبُ الجَنَّةُ وَالنَّجَاةُ مِنَ النَّار ؟
إِنَّ الْمَرْءَ بِهَذِهِ الطَّرِيْقَةِ رُبَّمَا كَانَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِ مَوْسِمَ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَاكْتِسَابِ السَّيْئَاتٍ , إن الله تَعَالَى قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فَالْمَقْصُودُ مِنَ الصِّيَامِ حُصُولُ التَّقْوَى , وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ . وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الصِّيَامِ وَيَقُولُونَ نَحْفَظُ صِيَامَنَا .
قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَآثِمِ ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ ، وَلا تَجْعَلْ يَوْمَ صِيَامِكَ وَفِطْرِكَ سَوَاءٌ . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : ثُمَّ إِذَا جَاءَ وَقْتُ الإِفْطَارِ فَاحْرِصْ عَلَى الدُّعَاءِ قَبْلَهُ , وَاسْأَلْ رَبَّكَ مِنْ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَة , فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ : الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرْ ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ .
ثُمَّ بَادِرْ بِالإِفْطَارِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مُبَاشَرَةً , وَأَفْطِرْ عَلَى رُطَبٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَعَلَى تَمْرٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَعَلَى مَاءٍ فَإِنَّهُ طَهَورٌ , عَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ على رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّي ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فعلى تَمَرَاتٍ ، فإن لم تكن تَمَراتٌ حسا حسوَاتٍ مِنْ مَاءٍ . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ . فَاحْرِصْ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ تَفُزْ بِإِذْنِ اللهِ بِالأَجْرِ , أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ , غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ , ذِي الطَّوْلِ , لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ , اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْهَادِي الْبَشِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ , نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ , وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً !
أَمَّا بَعْدُ : فَبَعْدَ الإِفْطَارِ صَلِّ مَعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الْمَغْرِبَ , فَإِنِ اسْتَطَعْتَ الْبَقَاءَ فِي الْمَسْجِدِ لِقَرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ فِي كِتَابِ تَفْسِيرٍ مَوْثُوقٍ كَتَفْسِيرِ الشَّيْخِ ابْنِ سَعْدِيٍّ رَحِمَهُ اللهُ فَافْعَلْ فَهَذَا الْوَقْتُ وَقْتٌ مُبَارَكٌ وَيَغْفُلُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ .
ثُمَّ احْرِصْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ عَلَى صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَلْتَكُنْ فِي مَسْجِدِأ حَيِّكَ الذِي أَنْتَ سَاكِنٌ فِيهِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ لاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْحيِّ , وَأَحْفَظُ لِقَلْبِ إِمَامِ مَسْجِدِكَ , لَكِنْ لَوِ انْتَقَلْتَ لِمَسْجِدٍ آخَرَ لِسَبَبٍ فَلا بَأْسَ , ثُمَّ احْرِصْ عَلَى إِتْمَامِ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ كُلَّ لَيْلَةٍ , وَإِيَّاَك وَالتَّنَقُلَّ وَتَضْيِيعِ الصَّلَاةِ , ثُمَّ وَاصِلْ ذَلِكَ إِلَى نِهَايَةِ رَمَضَانَ لِيُكْتَبَ لَكَ قِيَامُ رَمَضَانَ وَيُغْفَرَ ذَنْبُكَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا, غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ثُمَّ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ السُّنَّةُ أَنْ لا تَسْهَرَ , ثُمَّ اسْتَيْقِظْ قَبْلَ السُّحُورِ وَصَلِّ مَا تَيَسَّرَ لَكَ وَاقْرأِ الْقُرْآنِ وَأَكْثِرْ مِنْ دُعَاءِ الرَّحْمَنِ فَهَذَا وَقْتٌ مُبَارَكٌ وَالدُّعَاءُ فِيهِ حَرِيٌّ بِالإِجَابَةِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ رَمَضَانَ شَهْرُ القُرْآن , حَيْثُ إِنَّهُ نَزَلَ فِي لَيْلَةِ القَدْر , وَلَذَا فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُولَيَهُ عِنَايَةً خَاصَّةً فِي رَمَضَانَ , وَلَوْ أَنَّكَ أَيَّهَا الْمُؤْمِنُ جَلَسْتَ بَعْدَ الفَجْرِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ , وَجَلَسْتَ بَعْدَ العَصْرِ سَاعَةً وَاحِدَةً فَلَنْ يَقِلَّ وِرْدُكَ اليَوْمِيُّ عَنْ سِتَّةِ أَجْزَاء , فَتَخْتِمَ القُرْآنَ كُلَّ خَمْسَةِ أَيَّام , وَتَخْتِمَ فِي الشَّهْرِ سِتَّ مَرَّات , وَلَاشَكَّ أَنَّ هَذَا عَمَلٌ جَلِيلٌ فَاضِل .
أَعَانَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمُ عَلَى طَاعَتِهِ وَعَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ , اللَّهُمَّ اهْدِنَا لأَحْسَنِ الأَخْلاقِ لا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّءَ الأَخْلاقِ لا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْت ! اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ !
المرفقات

هَكَذَا فَلْيَكُنْ يَوْمُكَ فِي رَمَضَانَ 2 رَمَضَانَ 1436 هـ.doc

هَكَذَا فَلْيَكُنْ يَوْمُكَ فِي رَمَضَانَ 2 رَمَضَانَ 1436 هـ.doc

المشاهدات 3299 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا ونفع بعلمك


شكر الله لك ونفع بك وبعلمك