هَذَا جِهَادُنَا يَا دَاعِش 12 شَوَّالٍ 1435هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1435/10/10 - 2014/08/06 08:06AM
هَذَا جِهَادُنَا يَا دَاعِش 12 شَوَّالٍ 1435هـ

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَعَزَّ مَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاه ، وَأَذَلَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ فَعَصَاه ، النَّاصِرُ لِدِينِهِ وَمَنْ وَالاه ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، تَرَكَ أُمَّتَهُ عَلَى الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاءِ وَالطَّرِيقَةِ الْوَاضِحَةِ الْغَرَّاء، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ مَا انْزَاحَ شَكٌّ بِيَقِين ، وَمَا قَامَتْ عَلَى الْحَقِّ الْحُجَجُ وَالْبَرَاهِين ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيراً إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حَذَّرَنَا مِنَ الْفِتَنِ , فَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) رَوَاهُ مُسْلِم . وَالْفِتْنَةُ هُنَا : هِيَ كُلُّ مَا يَصُدُّ الْمَرْءَ عَنْ دِينِهِ وَيُوقُعِهُ فِي الْبِدْعَةِ وَالانْحِرَافِ , فَنَحْنُ مَأْمُورُونَ بِالتَّعَوُّذِ بِاللهِ مِنْهَا وَذَلِكَ لِخَطَرِهَا وَشَرِّهَا .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّنَا ابْتُلِينَا فِي هَذِا الْعَصْرِ بِشَبِيبَةٍ مِنْ أَبْنَائِنَا مِمَّنْ تَرَبَّوْا فِي بِلادِنَا , وَلَكِنَّهُمْ انْحَرَفُوا عَنِ الْجَادِّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَلا سِيِّمَا فِي أَمْرِ الْجِهَادِ , حَتَّى صَارَ الْقِتَالُ عِنْدَهُمْ غَايَةً لا وَسِيلَة , وَحَتَّى هَاجَمُوا كُلَّ مَنْ خَالَفَهُمْ وَكَفَّرُوهُ بَلْ وَقَتَلُوهُ .
وَقَدْ بَرَزَ فِي هَذَا الْعَامِ مَا يُسَمَّى بِدَوْلِةِ الْإِسْلَام ِفِي الْعِرَاقِ وَالشَّامِ , وَالتِي يُرْمَزُ لَهَا اخْتِصَارَاً بِاسْمِ (دَاعِشْ) , فَتَعَدَّتْ كُلَّ حَدٍّ وَفَاقَتْ كُلَّ مَنْ سَبَقَهَا فِي الانْحِرَافِ وَالْغُلُوِّ , وَلَمْ تَدَعْ أَحَدَاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا طَالَهُ شَرُّهَا مِنَ التَّكْفِيرِ وَالْقَتْلِ وَالتَّهْدِيدِ وَالتَّوَعُّدِ .
وَلَوْ أَنَّ الْأَمْرَ مُقْتَصِرٌ عَلَيْهِمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ لَرُبَّمَا أَعْرَضْنَا صَفْحاً عَنْهُمْ لِأَنَّنَا مُعَافَوْنَ مِنْهِمْ , لَكِنَّ الْمُشْكِلَةَ الْكُبْرَى وَالطَّعْنَةَ النَّجْلَى أَنَّهُ تَأَثَّرَ بِهِمْ كَثِيرٌ مِنْ شَبَابِنَا وَأُعْجِبُوا بِهِمْ وَدَافَعُوا عَنْهُمْ بَلْ وَالْتَحَقُوا بِهمْ , وَذَلِكَ لِمَا يَبُثُّونَ عَبْرَ وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الْمُتَنَوِّعَةِ مِنَ الدِّعَايَةِ لِهَذِهِ الدَّوْلَةِ وَتِلْكَ الْجَمَاعَةِ , وَهَذَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ أَمْرٌ يُثِيرُ الرِّيبَةَ !
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ فِي اللهِ : وَلِأَنَّ الْكَلَامَ الْمُجْمَلَ لا يَشْفِي فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَإِنِّنَا نَجْعَلُ الْكَلَامَ حَوْلَ هَذَا الْمَوْضُوعِ فِي نِقَاطٍ مُفَصَّلَةٍ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ بِإِذْنِ اللهِ :
(فَأَوَّلاً) الْجِهَادُ فَضْلُهُ فِي الْإِسْلَامِ عَظِيمٌ وَمَنْزِلَتُهُ كَبِيرَةٌ , وَوَاللهِ لَنْ يَرْتَفِعَ الْإِسْلَامُ إِلَّا بِهِ وَلَنْ يَذِلَّ الْكُفَّارُ إِلَّا عَنْ طَرِيقِهِ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ , بَلْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاق) رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ . إِذَنْ فَلا مَجَالَ لِلنِّقَاشِ فِي الْجِهَادِ فَهُوَ قَائِمٌ بَاقٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
(ثَانِيَاً) إِنَّ الْجِهَادَ عِبَادَةٌ فَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهَا شَرْطَانِ : الأَوَّلُ الْإِخْلَاصُ للهِ وَالثَّانِي الْمُتَابَعَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْجِهَادُ شَرْعِيَّاً إِلَّا إِذَا تَوَفَّرَ فِيهِ هَذَانِ الشَّرْطَانِ .
(ثَالِثَاً) أَنَّ الْمَرَدَّ فِي أُمُورِ الشَّرِيعَةِ إِلَى الْعُلَمَاءِ , وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْجِهَادُ وَغَيْرُهُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) بَلْ خَصَّ أمُورَ الْجِهَادِ وَنَحْوَهَا بِالذِّكْرِ فَقَالَ (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً)
(رَابِعَاً) إِنّكَ لَتَعْجَبُ مِنْ بَعْضٍ مِنَ النَّاسِ وَخَاصَّةً الشَّبَابَ , حِينَ يَرُدُّونَ مَسَائِلَ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأُمُورِ الْفِقْهِيَّةِ إِلَى الْعُلَمَاءِ , ثُمَّ إِذَا جَاءَتْ مَسَائِلُ الْجِهَادِ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ , وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاتِبَّاعٌ لِلْهَوَى , فَإِنْ كَانَ الْعُلَمَاءُ أَهْلَ ثِقَةٍ اتِّبَعْنَاهُمْ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الدِّينِ , وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ ثِقَةٍ لَمْ نَتَّبِعْهُمْ لَا فِي الطَّهَارَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا الْجِهَادِ ! فَلْنَنْتَبِهِ أَنَّ هَذَا مِنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه)
(خَامِسَاً) أَنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْجِهَادِ مَنَوطَةٌ بِالْمَصْلَحَةِ , فَإِذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ مَصْلَحَةٌ وَفَائِدَةٌ شُرِعَ الْجِهَادُ وَإِذَا كَانَ عَلَيْهِمْ خَوْفٌ لَمْ يُشْرَعِ الْجِهَادُ , وَمَرَدُّ ذَلِكَ وَتَقْدِيرُهُ لِعُلَمَاءِ الْأُمَّةِ , وَلِذَلِكَ لَمْ يُشْرَعِ الْجِهَادُ فِي مَكَّةَ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَضْعَفُونَ مَظْلُومُونَ , مَعَ وُجُودِ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَشُجْعَانِهِمْ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَسَعْدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُمْ , لِأَنّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا أَقْوَى , فَإِذَا كُنَّا فِي حَالِ ضَعْفٍ انْتَظَرْنَا حَتَّى نَقْوَى , وَوَكَلْنَا الْأَمْرَ إِلَى أَهْلِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ الذِينَ يُقَدِّرُونَ الْحَالَ وَيَعْرِفُونَ الْأَحْوَالَ , وَلا نَفْتَاتُ عَلَيْهِمْ أَوْ نُعَادِيهِمْ أَوْ نُحَارِبُهُمْ فِي حَالِ تَقْصِيرِهِمْ فِي ذَلِكَ .
(سَادِسَاً) أَنَّ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ وَوَجَبَ عَلَيْنَا عِصْمَةُ مَالِهِ وَدَمِهِ , وَأَمَّا كَوْنُهُ كَاذِبَاً أَوْ صَادِقَاً فَهَذَا لَيْسَ إِلَيْنَا , بَلْ إِلَى مَنْ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ , وَاستَمِعُوا لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وِقِيسُوا ذَلِكض عَلَى مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ مَنْ يَدْعِي الجِهَادَ هَلْ هُمْ يُطَبِّقُونَ ذَلِكَ ؟
عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاَذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ : أَسْلَمْتُ لِلَّهِ، أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لاَ تَقْتُلْهُ) فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لاَ تَقْتُلْهُ ...) مُتَّفَقٌ عَلَيْه .
وعن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَصَبَّحْنَا القَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُه ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي (يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟) قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا ، قَالَ (أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟) فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ ! مُتَّفَقٌ عَلَيْه .
فَتَأَمَّلُوا عَظِيمَ عِصْمَةِ مَنْ تَلَفَّظَ بِكَلْمَةِ التَّوْحِيدِ , فَأَيْنَ هَذَا مِنْ شَبَابِ الْيَوْمِ مِمَّنْ يَزْعُمُونَ الْجِهَادَ وَهُمْ يَسْفِكُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ , فَاللهُ الْمُسْتَعَانُ !
(سَابِعَاً) يَا مَعَاشِرَ الشَّبَابِ : لَيْسَ كُلُّ قِتَالٍ جِهَادَاً , فَيَجِبُ التَّثَبُّتُ فِي ذَلِكَ , فَهَا هُمُ الْخَوَارِجُ قَاتَلُوا الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي مَعْرَكَةِ النَّهْرَوَانِ , بَلْ قَتَلُوا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ وَعَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , وَهُمَا مِنْ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَمُبَشَّرَانِ بِالْجَنَّةِ وَزَوَّجَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنَاتِهِ , وَقَدْ أَبْلَيَا فِي الْإِسْلَامِ بَلَاءً عَظِيمَاً , فَعَلِيٌّ بِجِهَادِهِ وَعُثْمَانُ بِمَالِهِ , وَمَعَ ذَلِكَ قَتَلَهُمْ مَنْ يَزْعُمُ نُصْرَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَحِمَايَةَ الدِّين !
عَافَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ وَوَقَانَا شَرَّ أَنْفُسِنَا وَالشَّيْطَانِ , أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .
الخطبة الثانية
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ , وَأَشْهَدُ أَلا إِلَهَ إِلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالحِينَ , وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ !
أَمَّا بَعْدُ : فَانْتَبِهُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ لا تَغْتَرُّوا بِظَاهِرِ حَالِ الْخَوَارِجِ فَإِنَّهُمْ يَخْدَعُونَ النَّاسَ بِهَيْئَاتِهِمْ وَعِبَادَاتِهِمْ , وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِفَاتِهِمْ وَحَذَّرَ مِنْهِمْ أَشَدَّ الْحَذَرِ , بَلْ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَبَشَّرَ مَنْ قَتَلَهُمْ أَوْ قَتَلُوهُ , فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الْخَوَارِجِ (طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ دَوْلَةَ دَاعِشْ وَمَنْ فِيهَا مِمَّنْ يَدَّعُونَ الْخِلَافَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ وَهَذَا الذِي نَصَّبَ نَفْسَهُ خَلِيفَةً لِلْمُسْلِمِينَ , قَدْ افْتَاتُوا عَلَى الأُمَّةِ وَأَخَذُوا حَقَّهَا , فَبِأَيِّ حَقٍّ يُنَصِّبُ نَفْسَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ؟ وَمَنِ الذِي اخْتَارَهُ ؟ وَأَيْنَ مَجْلِسُ الشُّورَى ؟ وَأَيْنَ الْعُلَمَاءُ الذِينَ نَصَّبُوهُ؟
ثُمَّ إِنِّنَا نَتَعَجَّبُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الدَّوْلَةَ الْمَزْعُومَةَ انْقَلَبَتْ عَلَى الْمُقَاتِلِينَ فِي الشَّامِ فَبَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَعَهُمْ تُحَارِبُ النُّصَيْرِيِّينَ وَحِزْبَ الشَّيْطَانِ وَالْبَعْثِيِّينَ , نَرَاهَا انْقَلَبَتْ وَصَارَتْ تُحَارِبُهم , بَلْ وَتَقْتُلُ عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ قَتْلَاً شَنِيعَاً بِصُورٍ لا تَكَادُ تُصَدَّقُ فِي الْقَسْوَةِ وَالْغِلْظَةِ !
وَالوَاقِعُ أَيْضاً أَنَّ أَمْرَهَا مُرِيبٌ جِداً , فَهِيَ الآنَ تَحْتَلُّ مَوَاقِعَ كَثِيرَةً وَلا نَجِدُ النِّظَامَ السُّورِيَّ الْهَالِكَ وَلا الْحُكُومَةَ الرَّافِضِيَّةَ فِي الْعِرَاقِ تُعَارِضُهَا ! فَضْلَاً عَنْ أَنَّهُمْ أَعْلَنُوا الْخِلَافَةَ وَالدَّوْلَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ وَلَمْ نَجِدْ مُعَارَضَةً وَاضِحَةً مِنَ الدُّوَلِ الْكُبْرَى التِي تُحَارِبُ الْإِسْلَامَ ! فَمَا مَعْنَى هَذَا ؟
إِنَّ مُنَظَّمَةَ أَزْوَادَ فِي دَوْلَةِ مَالِي أَعْلَنَتْ دَوْلَةً إِسْلَامِيَّةً فَلَمْ يَمُرَّ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ إِلَّا وَالْجُيُوشُ الْفَرَنْسَيَّةُ تَضْرِبُ مَعَاقِلَهُمْ بِالدَّبَّابَاتِ وَتَدُكُّهُمْ حصونهم بِالطَّائِرَاتِ بِغَيْرَ هَوَادَةٍ , فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذِهِ الدَّوْلَةِ التِي تَكَادُ تَحْتَلُّ الْعِرَاقَ وَالشَّامَ بَلْ وَتُسَيْطِرُ الْآنَ عَلَى آبَارِ الْبِتْرُولِ وَلا أَحَدَ يَتَعَرَّضُ لَهَا؟
ثُمَّ إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ خَلِيفَتَهُمْ أَكْبَرُ الْمَطْلُوبِينَ الدَّوْلِيِّينَ , ثُمَّ هُوَ يَخْرُجُ يَخْطُبَ عَلَنَاً يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَلا أَحَدَ يَتَعَرَّضُ لَهُ !!! فَأَيْنَ الطَّائِرَاتُ بُدُونِ طَيَّارٍ التِي تُرْسَلُ إِلَى مَنْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ أَهَمِّيَةً كَمَا يَزْعُمُونَ ؟ وَأَيْنَ الضَّرَبَاتُ الْمُوَجَّهَةُ بِاللِّيزَرِ إِلَى الْأَشْخَاصِ الْمُعَارِضِينَ لِنَظَامِ الْغَرْبِ ؟
أَلَا فَلْنَكُنْ عَلَى حَذَرٍ وَلا تَغُرُّنَا الْمَظَاهِرُ وَالْبَهْرَجَةُ وَالتَّهْوِيشُ وَدَعْوَى الْجِهَادِ , نَسْأَلُ اللهَ الْهِدَايَةَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّ يَرُدَّهُمْ إِلَى الْحَقِّ .
اللَّهُمَّ أَرِنَا الْحَقَّ حَقَّاً وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَهُ وَأَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلَاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَهُ وَلا تَجْعَلُهُ مُلْتَبِسَاً عَلَيْنَا فَنَضِلَّ , أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكْفِيَ الْمُسْلِمينَ شَرَّ هَذِهِ الْفِئَةِ الْمُعْتَدِيَةِ وَأَنْ يَرُدَّهُمْ إِلَى رُشْدِهُمْ , وَأَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ , وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ !
المرفقات

هَذَا جِهَادُنَا يَا دَاعِش 12 شوال 1435هـ.doc

هَذَا جِهَادُنَا يَا دَاعِش 12 شوال 1435هـ.doc

المشاهدات 4149 | التعليقات 4

جزاك الله خيرا


[font="] جزاك الله خيرًا ، وبارك الله فيك و في قلبك وعلمك و لسانك . [/font]
أجل أستاذي الكريم : تنظيم " داعش " تنظيم عملاء مارقين ، إيراني القيادة والتنظيم ، من صنيعة المخابرات السورية والإيرانية ، له أجندات مفضوحة لدى العلماء والراسخين في العلم ، و بطبيعة الحال معه كثيرٌ من الدّهماء و المغرّر بهم و جهلة المخلصين ممّن يحبُّون الجهاد و لكن فاتهم شرطُ الصوابِ والهدى .
هذا التنظيم سُنّي الواجهة ، وهو شرطٌ في التصميم . . ؛ ليرتكب الفظائع باسم أهل السنة حتى ولو كانت عملياته موجهة لإبادة أهل السنة فيما يبدو لغير المتأمّل ! .
و أكبر أسباب ضلال هذا التنظيم - زيادة على كونه صنيعة صفقة استخباراتية - أنه إمارةٌ خارجيّةٌ منفصلةٌ تمامًا بمرجعيتها و شوكتِها وقضائِها عن الأمّةِ و المرجعية العلمية العليا فيها، فلا يسمع إلا لهواه ، ولا يُبصرُ إلا ما يريدُ أن يراه ! ، وأيّ خيرٍ في تنظيم يزعمُ الجهاد في سبيل الله وهو يتنكّرُ لعلماء هذه الأمّة الكبار الربّانيّين الذين هم صمّام أمان اعتقادنا فما دونه ، ينفون عن الدّين الحق تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ؟! .


جزاكم الله خيرا.
وداعش وشركاها ممن يكفر حكامنا ويطعن في كبار علمائنا لا شك أنهم خوارج ولا يتردد في هذا إلا جاهل أو صاحب هوى!


حمانا الله وأياكم من شر كل ذي شر
اللهم انا نعوذ بك من مضلات الفتن
ما ظهر منها و ما بطن..

جزاك الله خيرا يا شيخ محمد..