هَذَا الأُسْبُوعُ آيَاتٌ وَعِظَاتٌ

راشد بن عبد الرحمن البداح
1444/01/06 - 2022/08/04 18:38PM

إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) أما بعدُ:

فما أكثرَ الآياتِ والعظاتِ، تمرُ بنا آياتٌ تستدعي تدبرًا وتفكرًا، وعظاتٌ تستدعي شكرًا وتذكرًا. فلنتناول الآنَ ما حصلَ في هذا الأسبوعِ فقط من آياتٍ وعظاتٍ.

الأولى: هذا الغيثُ الغزيرُ العجيبُ الهاطلُ في غيرِ أَوانهِ، في بيئاتٍ صحراويةٍ جافةٍ، ومن جرائهِ هبطَ من درجةِ الحرارةِ بالرياضِ عشرُ درجاتٍ. بل في بلدٍ خليجيٍ نزلَ مطرٌ في يومٍ واحدٍ شيءٌ هائلٌ، بما يُعادلُ نزولَ المطرِ على الرياضِ بمجموعِ سَنتينِ كاملتينِ. فسبحانَ مَن {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا}[الرعد17]

العِظةُ الثانيةُ: إزالةُ الحواجزِ عن الكعبةِ المشرفةِ، وقد مكثَ الناسُ لا يَستلمونَ الحجرَ الأسودَ ولا الركنَ اليمانيَ مدةَ سنتينِ ونصفٍ، فالحمدُ لله على بلائِهِ، والحمدُ للهِ على لطفهِ بعد جلائهِ.

وكم من لطفٍ خفيٍ، يسوقُهُ ربٌ بنا حفيٌ: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.

الآيةُ الثالثةُ: ما نعيشُه في هذهِ الأيامِ من موسمِ جَنْيِ ثمرِ النخيلِ، وقطفِ الرطبِ المتنوعِ اللذيذِ {وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}. جعلنا اللهُ من قَوْمٍ يَعْقِلُونَ، فاتقُوهُ واشكروهُ أنْ [أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ]

الآيةُ الرابعةُ: آيةٌ عظمى دخلتْ ساطعةً في السماءِ، وتنتهي الأسبوعَ القادمَ، أتدرونَ ما هي؟ إنها المِرْزَمُ؟ أتدرونَ ما المِرزمُ؟ إنه نجمٌ لامعٌ جدًا، وعظيمٌ جدًا، فهو أكبرُ من حجمِ الأرضِ بآلافِ المراتِ، وتشتدُ فيه جمرةُ القيظ، فينضجُ الثمرُ والتمرُ. والمرزمُ هو نفسُه نجمُ الشِعرى الأوحدِ المذكورِ في قولِ ربِنا {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} فاللهم ما قدرناكَ حقَ قدرِك، فاعفُ عنا، وارحمنا يا ذا الجلالِ والإكرامِ.

العظةُ الخامسةُ: ما يَنعمُ به الناسُ من هذه اللقاءاتِ في الاستراحاتِ والجلساتِ، ومن هذه السهراتِ والسفراتِ، ولولا الأمنُ ببلادِنا لما سهِرُوا ولا سافرُوا.

وإذا رأينا هذهِ الحروبَ والانقلاباتِ، والهرجَ والقتلَ والتخطفاتِ، فلنذْكر ولنتذاكرْ قولَ ربِنا -سبحانَه-: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}. فاللهم أوزِعنا شكرَ نعمِك، واحفظ أمنَنا وولاتَنا.
الحمدُ لله نِعمَ المولى ونِعمَ النصير، وصلى اللهُ وسلمَ على البشيرِ النذيرِ، أما بعدُ:

فأما الآيةُ والعظةُ السادسةُ: فهو ذلك الحشدُ الكبيرُ على ضفافِ البحرِ الأحمرِ، مليونُ مقاتلٍ قد احتشدُوا ليُلاقُوا عددًا قليلاً من المسلمينَ، والعبرةُ أن ذلك العددَ القليلَ قد غَلبَ المليونَ المحتشدَ؟! فما الخبرُ؟!

إنه فرعونُ الذي طغَى، وجندُه الذي بَغَى، حين أدركُوا نبيَ اللهِ موسى -عليهِ السلامُ- ومَن معه، وتراءَى الجمعانِ، وانقطعتْ بهمُ الحبالُ إلا حبلَ الله، فعندَها قال أصحابُ موسى وهم خائفونَ [إِنَّا لَمُدْرَكُونَ] فقالَ لهم كليمُ الرحمنِ: كَلَّا [كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ]! يالَهَا من كلمةٍ قويةٍ مدويةٍ، تَحكيْ ثباتًا وثقة، وحينَها تَنزّلَ الوحيُ بالنصرِ: [وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ(65)ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآَخَرِينَ(66)إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(67)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ ].

لقد وقعَ هذا النصرُ المبينُ في اليومِ العاشرِ من شهرِ اللهِ المحرمِ، والذي سيوافقُ يومَ الاثنينِ القادمِ، ولهذا صامَه النبيُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شكرًا للهِ، وحثّنَا على صيامِهِ، ورتّبَ عليهِ أجرًا كبيرًا.

وكانَ فضلُ اللهِ علينا سابغًا، وسِترُه علينا بالغًا، فالأعمالُ الصالحةُ المكفرةُ للذنوبِ متواليةٌ، فقَبْلَ شهرٍ صامَ المسلمونَ عرفةَ كفارةً، وهذا الأسبوعُ نترقبُ كفارةً أخرى، ألا وهيَ صيامُ عاشوراءَ. قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ. رواه مسلمٌ.

فلتعزِمْ على صيامِهِ، بل حُثّ صغارَ بيتِك، فلقد كانَ أطفالُ الصحابةِ يصومونَه، بل كانت الأمةُ اليهوديةُ الكافرةُ، والأمةُ الجاهليةُ المشركةُ تصومُه. أفنزهَدُ بصيامِه ونحنُ الرجالُ المسلمونَ المقتدرونَ؟!

والأفضلُ أن يُضيفَ إليهِ يوماً، وصيامُ يومِ الأحدِ مع يومِ الاثنينِ أفضلُ من صيامِ الاثنينِ مع الثلاثاءِ، ومن كسِلَ عن صيامِ يومينِ فليصُمْ العاشرَ لوحدهِ ويكفيهِ، بل مَن صامَهُ بنيةِ القضاءِ والنفلِ جميعًا، فيُرجَى أن يَحصُلَ له الأجرانِ: أجُر عاشوراءَ وأجرُ القضاءِ([1]).

·    فاللهم لكَ الحمدُ كالذي تقولُ وخيرًا مما نقولُ.

·    اللَّهُمَّ أَمَرْتَنَا فَتَرَكْنَا، وَنَهَيْتَنَا فَرَكِبْنَا، وَلاَ يَسَعُنَا إِلاَّ مَغْفِرَتُكَ. اللَّهُمَّ تَوْبًا تَوْبًا، لِرَبِّنَا أَوْبًا، لاَ يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْبًا.

·    اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}وَإِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ، وَإِنِّا نسْأَلُكَ كَمَا هَدَيْتَنا لِلإِسْلاَمِ أَنْ لاَ تَنْزِعَهُ مِنّا حَتَّى تَتَوَفَّانا وَنحن مُسْلِمون.

·    اللهم احفظْ دينَنَا وبلادَنا وأدِمْ أمنَنا، ووفقْ وسدِّدْ وليَ أمرِنا ووليَ عهدِه لهُداكَ. واجعلْ عمَلَهما في رضاكَ.

·     اللهم صلِ وسلمْ على محمدٍ.



([1]) انظر: الاختيارات لابن تيمية ص10 والضياء اللامع من الخطب الجوامع لابن عثيمين (4/ 133) ولقاءات الباب المفتوح لابن عثيمين (77/ 17)

المرفقات

1659627489_هذا الأسبوع آيات وعظات.docx

1659627490_هذا الأسبوع آيات وعظات.pdf

المشاهدات 1567 | التعليقات 0