هجرة قلب
هلال الهاجري
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمْنْ يَضْلُلُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدُهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)،
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)،
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) .. أَمَّا بَعْدُ:
هل تأملتُم يوماً في قولِ إبراهيمَ الخليلِ عليه السَّلامُ: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، ثُمَّ ربطناها مع الآيةِ الأخرى: (وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فاستشعرنا أعظمَ معنى لهِجرةِ الأتقياءِ، التي قامَ بها أبو الأنبياءِ، إنَّها هجرةُ القلوبِ، إلى علَّامِ الغيوبِ، ولا عجبَ في هذا المعنى مِنَ الخليلِ، لأنَّ الخليلَ لا يُسمى خليلاً حتى تتخلَّلَ المحبةُ في روحِه وقلبِه، فلا يبقى فيه موضعٌ لغيرِ المحبوبِ.
وقد يسألُ سائلٌ: هل القلوبُ تُهاجرُ؟، والجوابُ: نعم، واللهِ، إنَّ للقلبِ هِجرةٌ إلى سيِّدِهِ ومولاه وخالقِهِ، يسوقُه الحبُّ والأملُ، ويحدوهُ الرَّجاءُ والوَجلُ، في ذُلٍّ واستكانةٍ وخُضوعٍ، مع افتقارٍ إلى ربِّه وخُشوعٍ، وهو يعلمُ أنَّه لا صلاحَ وفلاحَ ولا هِدايةَ ولا سعادةَ إلا بِهِ، فيُهاجرُ القلبُ من سَماءٍ إلى سماءٍ، حتى إذا وصلَ تحتَ العرشِ، سجدَ سجدةً، لا يرفعُ منها رأسَه أبداً، ولِسانُ حالِه يقولُ: إلهي وسيدي ومولاي، قد آنَ الرَّحيلُ إليك، وأَزِفَ القُدومُ عليك، ولا عُذرَ لي بين يَديكَ، غيرَ أنَّكَ الغَفورُ وأنا العاصي، وأنتَ الرَّحيمُ وأنا الجَاني، وأَنتَ السَّيدُ وأنا العبدُ، ارحمْ خُضوعي وذُلتي بينَ يديكَ، فإنِّه لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بكَ.
أيُّها الأحبَّةُ ..
تعالوا لنرى حقيقةَ هِجرةِ قلوبِنا إلى اللهِ تعالى .. هل اشتغلتْ القلوبُ بذكرِ اللهِ؟، أليسَ علامةُ حبِّ الشيءِ هو كثرةُ ذِكرِه؟، فكيفَ بأعظمِ وأجلِّ محبوبٍ سُبحانَه؟، فما مِن شيءٍ إلا وهو مُداومٌ على ذِكرِه، (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ)، فهل تكونُ السَّمواتُ والأرضُ أشدُّ حبَّاً للهِ تعالى مِنَّا بكثرةِ ذِكرِه وتسبيحِه؟.
تقولُ عائشةُ رضيَ اللهُ عنها وهي تَصفُ حالَ الخليلِ محمدٍ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ، هكذا هو حالُ المُحبينَ، ويقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمَه اللهُ: الذِّكرُ لِلقَلبِ مِثلُ المَاءِ لِلسَّمَكَةِ، فَكَيفُ يَكُونُ حَالُ السَّمَكِ إِذَا فَارَقَ المَاء؟، فلننظرْ .. هل ينطبقُ هذا الوصفُ على القلوبِ؟، فهاجرتْ إلى عالمِ ذِكرِ المحبوبِ؟.
لَوْ يَعلَمُ العَبدُ مَا فِي الذِّكْرِ مِنْ شَرَفٍ *** أمْضَى الحياةَ بتسبيحٍ وتَهْليلِ
ألا ترونَ إلى الطُّيورِ وهيَ تُهاجرُ من بلادٍ إلى بلادٍ، تبحثُ عن البيئةِ المُناسبةِ والزَّادِ، فهل هاجرتْ القلوبُ من المعاصي إلى الطَّاعةِ، ومن مجالسِ اللَّغوِ والآثامِ إلى مجالسِ الخيرِ والإكرامِ، خَرَجَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟، قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ، قَالَ: آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، ولَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا أَجْلَسَكُمْ؟، قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا، قَالَ: آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ، قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ.
هل هاجرتْ القلوبُ في عالمِ الرِّضا، فآمنتْ بما قدَّرَ اللهُ وقَضى، فعلمتْ عِلمَ يقينٍ، أنَّ أقدارَ ربِّ العالمينَ، كُلَّها خيرٌ للعبدِ المسكينِ، فما منعَ إلا ليَحمي، وما ابتلى إلا ليَجزي، فهو سُبحانَه المانعُ والمُعطي، فهل نسينا ما أعطانا من عظيمِ النِّعمِ؟، وهل نسينا ما دفعَ عنَّا مِنْ كَثيرِ النِّقمِ؟، كم تجاوزَ عن الهَفواتِ والأخطاءِ، ولم يمنعْ بسببِ تقصيرِنا جزيلَ العطاءِ، فحُقَّ للقلوبِ أن تكونَ أسيرةً في حُبِّه والثَّناءِ.
سألَ رجلٌ الفُضيلَ بنَ عِياضٍ رحمَه اللهُ، فقالَ: يا أبا عليٍّ، متى يَبلغُ الرجلُ غايتَه من حبِّ اللهِ تَعالى؟، فقالَ له الفُضيلُ: (إذا كانَ عطاؤه ومنعُه إيَّاكَ عندَك سَواءً، فقد بَلغتَ الغايةَ من حبِّه).
هل هاجرتْ القلوبُ إلى حبِّ مَن كلِّ ما فيه جميلٌ، فإذا كانَ جَمالُ الموجوداتِ على كَثرةِ ألوانِها، وتَعدُّدِ فُنونِها هو من بعضِ آثارِ جمالِه، فكيفَ بواهبِ الجَمالِ الذي بلغَ من هذا الوَصفِ أَعلى الغَاياتِ، وحَسبُكَ أنَّ أهلَ الجنةِ مع ما هم فيه من النَّعيمِ المُقيمِ، وأفانينِ اللَّذاتِ والسُّرورِ التي لا يُقدرُ قَدرُها، إذا رأوا ربَّهم، وتَمتَّعوا بجمالِه؛ نَسوا كلَّ ما هم فيهِ، واضمحَّلَ عِندَهم هذا النَّعيمَ، وودوا لو تَدومُ لهم هذه الحالُ، ولم يكنْ شيءٌ أحبُّ إليهم من الاستغراقِ في شهودِ هذا الجمالِ، واكتسبوا من جمالِه ونورِه سبحانَه جمالاً إلى جمالِهم، وبَقوا في شَوقٍ دائمٍ إلى رؤيتِه، حتى إنَّهم يَفرحون بيومِ المزيدِ فَرحاً تكادُ تطيرُ له القُلوبُ.
أتلومونَ بعدَ ذلكَ قلباً هاجرَ إلى القويِّ المَتينِ، ولِسانُ حالِه: (إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فهداهُ اللهُ تعالى إلى ما فيه الخيرُ العميمُ، فعاشَ حياةَ العُبوديةِ لربٍّ كريمٍ، نَاظِرٌ إِلَى رَبِّهِ بِبَصِيرَتِهِ، أَحْرَقَتْ قَلْبَهُ أَنْوَارُ هَيْبَتِهِ، وَصَفَا شُرْبُهُ مِنْ كَأْسِ وُدِّهِ، وَانْكَشَفَ لَهُ الْجَبَّارُ مِنْ أَسْتَارِ غَيْبِهِ، فَإِنْ تَكَلَّمَ فَبِاللَّهِ، وَإِنْ نَطَقَ فَعَنِ اللَّهِ، وَإِنْ تَحَرَّكَ فَبِأَمْرِ اللَّهِ، وَإِنْ سَكَنَ فَمَعَ اللَّهِ، فَهُوَ بِاللَّهِ وَلِلَّهِ وَمَعَ اللَّهِ، هذه واللهِ هجرةُ القلبِ الحقيقيةُ.
أقول ما تسمعون، واسأل الله لي ولكم السدّاد والعون، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ الذي زَيَّنَ بذكرِه أَلسنَ الذَّاكرينَ، وأَظهرَ من جَميلِ أسمائه وصفاتِه وأفعالِه ما سَرَّ به قُلوبَ العَارفينَ، فأثنى عليه بها المُفرِّدونَ المَوحِّدونَ من الأولينَ والآخرينَ، أحمدُه تَعالى وأَشكرُه وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه .. أما بعد:
فإنَّ قلباً قد هاجرَ حقيقةً إلى ربِّه في الحياةِ الدُّنيا، فلا بُدَّ أن يكونَ قد بلغَ شوقُ لقائه المنزلةَ العُليا، فتعالوا نَصدقُ مع أنفسِنا: لو جاءَنَا مَلَكُ الموتِ اليومَ، فهل سنفرحُ بقدومِه، لأننا نُحبُّ لِقاءَ اللهِ تعالى؟، هل ستقفزُ الرُّوحُ من الجسدِ وهي تقولُ: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)، مُحقِّقةً قولَه صلى اللهُ عليه وسلمَ: (مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءهُ)، فهل سنفرحُ بهذا الرَّسولِ، الذي جاءَ يستأذنُ لهذا اللِّقاءِ المأمولِ؟، لما احتضرَ العبدُ الصالحُ إبراهيمُ بنُ هاني، دَعا ابنَه إسحاقَ، وكانَ إبراهيمُ صَائماً ذلك اليوم، فقالَ: هل غَربتْ الشمسُ يا بُنيَّ؟، قالَ: لا، ولكن أَفطرْ يا أبي فإنَّه قد رُخِّصَ لك في الإفطارِ في الفَرضِ، وأنتَ الآنَ في التَّطوعِ، فقالَ إبراهيمُ: أَمهلْ، فلما غَربتْ الشَّمسُ تَناولَ جُرْعةً من الماءِ، ثم ضَحِكَ وتَبسَّمَ، وقَرأَ: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ)، ثُمَّ مَاتَ.
إنَّ قلوباً لم تُهاجرْ إلى ربِّها، فإنَّها ستمتليءُ بحبِّ الدُّنيا ولا بُدَّ، وعندَها ستكرهُ الموتَ ومفارقةَ الدُّنيا، سَألَ الخليفةُ الأَمويُّ أَبا حَازمٍ رحمَه اللهُ، فَقالَ له: لماذا نَكرهُ الآخرةَ ونُحبُّ الدُّنيا؟، قَالَ له: لأنَّكم عَمَّرتُم دُنياكم، وخَرَّبتم آخرتَكم، فأَنتم تَكرهونَ الانتقالَ من العَمَارِ إلى الخَرَابِ.
فيا أيُّها الأحبابُ .. إذا كانتْ الملائكةُ تُعاتبُ من لم يُهاجرْ ببدنِه عندَ الموتِ، (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ * قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً)، فكيفَ بالهِجرةِ الأعظمِ، هِجرةُ القلوبِ إلى اللهِ، فمنْ ذا الذي يستطيعُ أن يمنعَ هِجرةَ القلوبِ القاصدةِ، وماذا سيكونُ حِينَها عُذرُ القلوبِ القاعدةِ؟.
اللهمَّ يا من رَحمتِكَ وَسعتْ كلَّ شيءٍ، يا مَنْ إذا بَارتْ بِنا الحِيلُ، وضَاقتْ علينا السُّبلُ، وانتهتْ الآمالُ، وتَقطَّعتْ بِنا الحبالُ، وضَاقتْ الصُّدورُ، واستعسرتْ الأمورُ، وأُوصدتْ الأبوابُ، نَادينا: يا اللهُ، اللهمَّ أصلحْ قلوبَنا، اللهمَّ ربَّنا لا تُزغْ قلوبَنا بعد إذ هديتَنا وهَبْ لنا من لدنك رَحمةً إنَّكَ أنتَ الوهابُ، يا مُقلبَ القلوبِ ثَبتْ قُلوبَنا على دينِك، ويا مُصرفَ القلوبِ صَرِّفْ قلوبَنا على طاعتِك، اللهم ارزقنا قلوباً سَليمةً خَاشعةً مُخبتةً إليك، يا حيُ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، اللهم أصلحْ قلوبَنا وأعمالَنا، اللهمَّ لا تجعل الدُّنيا أكبرَ همِّنا، ولا مَبلغَ علمِنا، اللهم أصلح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا أخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، واجعل الموتَ راحةً لنا من كلِّ شَرٍّ، سُبحانَ ربِّكَ رَبِّ العزةِ عما يَصفونَ، وسَلامٌ على المرسلينَ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.
المرفقات
قلب
قلب
قلب-2
قلب-2