ها قد لاح بشيرها وفاح شذاها وعبيرها فضل عشر ذي الحجة_مشكولة
فريق النشر - ملتقى الخطباء
ها قد لاح بشيرها وفاح شذاها وعبيرها فضل عشر ذي الحجة
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَمَنِ اتَّقَاهُ وَقَاهُ، وَبَصَّرَهُ سَبِيلَ النَّجَاةِ، وَأَمَدَّهُ بِهُدَاهُ، وَأَعَانَهُ وَيَسَّرَ لَهُ طَرِيقَ نَيْلِ رِضَاهُ، وَمَنِ اسْتَغْنَى بِاللَّهِ أَغْنَاهُ، سُبْحَانَهُ هُوَ الْحَلِيمُ عَلَى مَنْ عَصَاهُ، يُقِيمُ مِنَ الْبَصَائِرِ مَنْ يَكُونُ سَبَبًا لِهُدَاهُ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَمَّا بَعْدَ، عِبَادَ اللَّهِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 102].
أَمَّا بَعْدُ:
فَهَا قَدْ لَاحَ بَشِيرُهَا، وَفَاحَ شَذَاهَا وَعَبِيرُهَا، عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ قُرَّةُ الْعَيْنِ وَالْمُهْجَةِ، عَامِرَةٌ بِالْخَيْرَاتِ وَالْبَهْجَةِ، هَا قَدْ بَدَا هِلَالُهَا، وَبَدَأَتْ هِبَاتُهَا وَتَكَاثَرَتْ خِلَالُهَا وَخِصَالُهَا، فَحَسُنَ تَعْظِيمُهَا وَإِجْلَالُهَا.
مَا وَقَعَ عَمَلٌ صَالِحٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِنَصِّ قَوْلِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (969) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»؛ فَهِيَ -بِذَلِكَ- أَفْضَلُ حَتَّى مِنْ عَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ نَهَارِ رَمَضَانَ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ (مَجْمُوعُ فَتَاوَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ 154/25).
وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ يَنْشَطُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ فِي رَمَضَانَ، وَيَغْفُلُونَ عَنِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، أَوْ يَكْسِلُونَ مَعَ أَنَّهَا أَفْضَلُ؛ وَمِنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ وُجُودُ أَسْبَابٍ مُعِينَةٍ فِي رَمَضَانَ قَدْ لَا تُوجَدُ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ صِيَامَهُ، وَالصَّوْمُ يَهْدِي لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ قِيَامَهُ، وَفِي ذَلِكَ عَوْنٌ عَلَى الطَّاعَةِ، وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ تُصَفَّدُ فِي رَمَضَانَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ، وَفَوَاتُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْمُعِينَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْهَا يَعْنِي أَنَّ أَجْرَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَعْظَمُ، مَعَ مَا وَرَدَ فِي نَصِّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَفْضِيلِهَا، فَطُوبَى لِلْعَامِلِينَ، فَاحْتَسِبُوا كُلَّ عَمَلٍ حَتَّى النَّوْمَ وَالْأَكْلَ أَنْ يَكُونَ عَوْنًا عَلَى الطَّاعَةِ، فَمَا بَالُكُمْ بِاسْتِشْعَارِ عَظِيمِ الْأَجْرِ حَتَّى فِي الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَوَاتِ وَإِحْسَانِهَا، بَلْ حَتَّى اسْتِمَاعَكُمْ وَإِنْصَاتَكُمْ لِهَذِهِ الْخُطْبَةِ عُدُّوُهُ وَاحْتَسِبُوهُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِكُمْ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ.
أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ أَدَاءَ الْفَرَائِضِ، لَا سِيَّمَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسَاجِدِ لِلرِّجَالِ، ثُمَّ تَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ، فَقَدْ عَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْ أَحْسَنِ الْعِبَادَةِ فَقَالَ: «اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (2305) ، وَغَيْرُهُ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "أَلَا إِنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَةِ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابُ الْمَحَارِمِ" (الْحِلْيَةُ 5 / 296).
أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ تَوْبَةً لِلَّهِ خَالِصَةً مِنْ كَافَّةِ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ، فَكَمْ كَانَتِ الذُّنُوبُ سَبَبًا فِي الْخِذْلَانِ وَالْحِرْمَانِ، فَإِنَّهَا تَتَأَكَّدُ فِي الْمَوَاسِمِ الْفَاضِلَةِ لِيَكُونَ الْعَبْدُ مَحَلًّا صَالِحًا لِنُزُولِ رَحْمَةِ اللَّهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَعَاصِيَ سَبَبٌ لِلْحِرْمَانِ وَالْبُعْدِ، وَأَعْظَمُ الْعُدَّةِ صَلَاحُ الْقَلْبِ وَسَلَامَتُهُ: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشُّعَرَاءِ: 88-89]، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ تَزْكُو وَتَتَفَاضَلُ بِقَدْرِ مَا فِي الْقُلُوبِ مِنَ الْيَقِينِ وَالْإِخْلَاصِ وَالتَّسْلِيمِ لِشَرْعِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، كَمَا سَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ بِذَبْحِ ابْنِهِ فَكُتِبَ مِنَ الْمُصَدِّقِينَ، وَنَالَ رِضَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَهَلْ يَثْبُتُ الدِّينُ إِلَّا عَلَى قَدَمٍ مِنَ التَّسْلِيمِ، وَكَمْ حَرَمَ نَفْسَهُ لَذَّةَ الْيَقِينِ وَالْإِيمَانِ مَنْ عَرَّضَ دِينَهُ لِسِهَامِ الشُّبُهَاتِ، عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ.
وَمِنْ جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الصَّوْمُ لَا سِيَّمَا يَوْمُ عَرَفَةَ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ صِيَامِ التَّطَوُّعِ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1162).
وَذِكْرُ اللَّهِ -لَا سِيَّمَا التَّكْبِيرُ- شِعَارُ هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَقَدْ خَصَّهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ، فَقَالَ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ» أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (5446).
فَإِنَّ الذِّكْرَ يُخْنِسُ الشَّيْطَانَ، فَيَنْفَكُّ الرِّهَانُ، فَتَسْهُلُ لِلْعَبْدِ طَاعَةُ الرَّحْمَنِ، وَإِحْيَاءُ سُنَّةِ التَّكْبِيرِ أَجْرُهَا عَظِيمٌ حَيْثُ يَغْفُلُ النَّاسُ، فِي حِينِ كَانَتْ عَامِرَةً فِي حَيَاةِ السَّلَفِ، قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَإِنَّهُمْ لَيُكَبِّرُونَ فِي الْعَشْرِ، حَتَّى كُنْتُ أُشَبِّهُهُ بِالْأَمْوَاجِ مِنْ كَثْرَتِهَا، وَيَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ نَقَصُوا فِي تَرْكِهِمُ التَّكْبِيرَ" (فَتْحُ الْبَارِي لِابْنِ رَجَبٍ 6 / 112)، وَالتَّكْبِيرُ مُطْلَقٌ حَتَّى غُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَمُقَيَّدٌ بِأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
أَلَا فَقَدْ حَلَّتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ الْمُبَارَكَاتُ، "فَالسَّعِيدُ مَنِ اغْتَنَمَ مَوَاسِمَ الشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ، وَتَقَرَّبَ فِيهَا إِلَى مَوْلَاهُ بِمَا فِيهَا مِنْ وَظَائِفِ الطَّاعَاتِ، فَعَسَى أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ مِنَ النَّفَحَاتِ، فَيَسْعَدُ بِهَا سَعَادَةً يَأْمَنُ بَعْدَهَا مِنَ النَّارِ وَمَا فِيهَا مِنَ اللَّفَحَاتِ" (مِنْ كَلَامِ ابْنِ رَجَبٍ فِي لَطَائِفِ الْمَعَارِفِ ص ٨).
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ أَنْبِيَائِهِ وَمُرْسَلِيهِ، أَمَّا بَعْدُ:
فَمِنْ مَشَاهِدِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رَوَاهَا جَابِرٌ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (1218): «أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ. فَخَرَجْنَا مَعَهُ. حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ. فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ»؛ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى حِرْصِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمُبَادَرَتِهِمْ بِالْحَجِّ حَتَّى كَانَ مِنْهُمْ أَسْمَاءُ الَّتِي حَجَّتْ حَالَ حَمْلِهَا حَتَّى وَلَدَتْ فِي حَجِّهَا، فَمَا عُذْرُ الشَّابِّ الْقَادِرِ الْمُسْتَطِيعِ يُسَوِّفُ الْحَجَّ عَامًا تِلْوَ عَامٍ؟! وَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يَسْتَأْخِرُونَ عَنِ الْحَجِّ وَيَبْخَلُونَ بِالنَّفَقَةِ فِيهِ؟! فِي حِينِ تُنْفَقُ الْأَمْوَالُ فِي أَسْفَارٍ مُبَاحَةٍ؟! فَكَيْفَ إِذَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً؟! وَمَنِ اسْتَحْضَرَ الْكِتَابَ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً ادَّكَرْ وَاعْتَبَرَ.
أَلَا فَبَادِرُوا يَا عِبَادَ اللَّهِ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
أَلَا وَمَنْ يَسَّرَ اللَّهُ لَهُ الْحَجَّ فَلْيَتَعَلَّمْ أَحْكَامَ حَجِّهِ، وَهَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلْيَسْأَلْ أَهْلَ الْعِلْمِ عَمَّا يُشْكِلُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَلْيَجْتَنِبِ الْأَذَى؛ كَالتَّعَرُّضِ لِشَمْسٍ بِالتَّوَقِّي، أَوْ أَذَى غَيْرِهِ بِمُزَاحَمَةٍ وَنَحْوِهَا، أَلَا وَإِنَّ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ صِدْقَ نِيَّتِهِ وَرَغْبَتِهِ فِي الْحَجِّ فَحَالَ دُونَ ذَلِكَ الْعَوَائِقُ فَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَجْرَ نِيَّتِهِ، وَفِي ذَلِكَ فَضْلُ النِّيَّةِ وَالْعَزِيمَةِ الصَّادِقَةِ.
أَلَا فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا عَرَفَ لِهَذِهِ الْأَيَّامِ قَدْرَهَا، فَبَادَرَ عَشْرَهَا فَبَرَّهَا، وَطُوبَى لِمَنْ تَزَوَّدَ يَرْجُو أَجْرَهَا وَذُخَرَهَا، وَعَسَى أَنْ تَكُونَ نَجَاةً مِنَ النَّارِ وَشَرِّهَا، وَأَنْ يَدْفَعَ اللَّهُ بِهَا كُرَبَ الْآخِرَةِ وَعُسْرَهَا.
اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لِطَاعَتِكَ وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا.