هاقد اقترب رمضان
عبدالله منوخ العازمي
هاقد أقبَل شهر رمضان
الخطبة الأولى
الحمد لله الجواد الكريم، الذي جعل الصيام جُنَّة للصائمين مِن النار، ومكفِّرًا للخطايا والآثام، ومُضاعفًا للأجر، ورافعًا للدرجات، ودافعًا إلى زيادة البِّر والإحسان، وشافعًا لِمَن كان مِن أهل الصيام والقرآن، وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، البَرُّ الرحيم، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، خيرُ مَن صلَّى لربِّه وقام، وأتقى مَن حجَّ وصام، فصلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه الأئمة الكرام، ما تعاقب ليلٌ مع نهار
أمَّا بعد، أيُّها المسلمون
فلا تزال نِعَم الله ــ جلَّ وعلا ــ علينا تتابع، وإحسانه لنا يكثر حينًا بعد حين، وكل يوم نحن مِنها في مزيد، فما تأتي نِعمة إلا وتلحقها أُخْرى، يَرحم بها عباده الفقراء إليه، والمحتاجين إلى عونه وغُفرانه وإنعامِه
ألا وإنَّ مِن أجلِّ هذه النِّعم، وأرفع هذه العطايا، وأجمل هذه المِنَن، إيجابه ــ عزَّ وجلَّ ــ علينا صوم شهر رمضان،
وما أدراك ما رمضان، ثُمَّ ما أدراك ما رمضان، إذ صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في شأنه
((إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ))
فَيَا لِسعادة مَن أمسَك بزِمام نفسه في هذا الشهر العظيم المبارك، وشمَّر عن ساعد الجِّد، فسلك بها سَبيل الجنة، وجنَّبها سُبل النار، والشقاء فيها، ويا خسارة مَن سَلك بها طريق المعصية والهَوان، وأورَدَها موارِد الهلاك، وأغضب ربَّه الرحمن، وقد يُسِّرت له الأسباب، ففتِّحت أبواب الجنَّة، وغُلِّقت أبواب النار، وسُلسِلت الشياطين وصُفِّدت
أيُّها المسلمون
مَن لم يَتْب في شهر رمضان فمتى يتوب؟ ومَن لم يُقلِع عن الذنوب والخطايا في رمضان فمتى يُقلِع، ومَن لم يَرحم نفسه التي بين جَنبيه وقت الصيام فمتى يَرحمها؟
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه صَعِد المنبر فقال مُرهِّبًا
((آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ فَقُلْتَ: آمِينَ، آمِينَ، آمِينَ، فَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ))
فيا لِحَسرة وبُؤسِ وشِقوة مِن دخل في دعوة جبريل ــ عليه السلام ــ هذه، وتأمين سيِّد ولد آدم صلى الله عليه وسلم عليها، فأبعده الله وأخزاه وأهانه
فيَا ذا الذي ما كَفاهُ الذَّنْبُ في رجَبٍ * حتى عصى رَبَّهُ في شهرِ شعبانِ
لقدْ أظلَّكَ شـهرُ الصـومِ بعـدَهُما * فلا تُصيِّرْهُ أيضًا شهرَ عِصيـانِ
ويا باغي الخير أقْبِل على الصالحات واستكثِر، ويا باغي الشَّر أقْصِر عن الذنوب والآثام واهْجُر
فإنْ كنت تُريد مغفرة الخطايا، وإذهَاب السيئات فعليك بالصيام، فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) ))
وإنْ كنت تُريد مضاعفة الحسنات، فعليك بالصيام، فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال
((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي))
وإنْ كنت تُريد أنْ تكون مِن أهل الجنَّة المنَعَّمِين السعداء فلا تَغفل عن صوم شهر رمضان، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه خطب الناس في حجَّ الوداع فقال
((صَلُّوا خَمْسَكُمْ، وَصُومُوا شَهْرَكُمْ، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُمْ تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُمْ))
وإنْ كانت نفسك تَتُوق لأنْ تكون مِن أهل المنازل العالية الرَّفيعة، فدونَك شهر رمضان، فقد ثبت أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
((يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَصَلَّيْتُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأَدَّيْتُ الزَّكَاةَ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ وَقُمْتُهُ، فَمِمَّنْ أَنَا؟، قَالَ: مِنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ))
أيُّها المسلمون
ها قد أقبَل عليكم شهر رمضان، شهرٌ جَعل الله صيامه أحدَ أركان دِينه الإسلام، وأصولِه الكِبار، ودعائِمِه العِظام، شهرٌ نَزَل فيه القرآن، شهرٌ تُصَفَّد فيه الشياطين، وتُفَتَّح فيه أبواب الجنَّة، وتُغَلَّق فيه أبواب النار، فاحرصوا غاية الحرص، على أنْ تكونوا مِمَّن يُحقِّق الغرَض مِن صيامه، ألا وهو تقوى الله سبحانه، ألا وهو أنْ يَزجُرَكم الصيامُ ويَمنَعَكم ويُبعِدَكم عن معصية ربِّكم، ويَدفَعَكم ويقويَّكم على العبادة والطاعة، ويجعلَكم معها في ازدياد، طاعة وامتثالًا لربِّكم سبحانه، إذ قال ــ عزَّ وتقدَّس ــ
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))
أيُّها المسلمون
إنَّ الصُّوام بتركك الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات كُثُر جدًا، وهو سَهلٌ عليهم، ويَقدِر عليه سائر الناس، وقد ثبت عن عددٍ مِن التابعين تلامذة الصحابة ــ رضي الله عنهم ــ أنَّهم قالوا
إِنَّ أَهْوَنَ الصَّوْمِ تَرْكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ))
وأمَّا الصائم المُوَفَّقُ المُسدَّد فهو: مَن صامت جوارحُه عن الآثام، ولِسانُه عن الكذب والفُحش وقولِ الزُّور، وبطنُه عن الطعام والشراب، وفرْجُه عن الرَّفث، فإن تكلَّم لم يتكلَّم بما يَجرح صومَه، وإنْ فعَل لم يفعَل ما يُفسِد صومَه،
وإنْ استمع لم يسمَع ما يُضعِف صومَه، فيخرج كلامُه كلُّه نافعًا صالحًا، وتكون أعماله جميعُها طيِّبةً زكِيَّة مرضِيَّة، فكما أنَّ الطعام والشراب يقطعان الصيام ويُفسدانه، فكذلك الآثام تَقطع ثوابه، وتُفسد ثمرَته، حتى تصَيِّر صاحبَه بمنزلة مَن لم يَصُم، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال
((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))
والمراد بالزور
كل قولٍ محرَّم، فيدخل فيه الكذب، وتدخل فيه شهادة الزُّور والغِيبة والنَّميمة والقذْف والإفك والبُهتان والغناء والاستهزاء والسُّخرية وسائر ألوان الباطل مِن الكلام
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال
رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ))
أيُّها المسلمون
احذروا في شهر رمضان أشدَّ الحذَر، وانتبهوا غاية الانتباه، حتى لا تكونوا مِمن ليس لله حاجة في ترْكِه الطعام والشراب، ومِمَّن حضُّه مِن صيامه الجوع والعطش، واجتنبوا مُسبِّبات ذلك، وعُفُّوا أسماعَكم وأبصارَكم وألسنَتَكم وفُرُوجَكم عن جميع المحرمات، وفي سائر الأوقات، وبالليل والنهار، وقوموا بما يُعينُكم على ذلك، واعلموا أنَّ إكثار الجلوس في بيوت الله المساجد نهار رمضان لَمِن أعظم مُسبِّبات حفظ الصيام وسلامته عن الآثام، وزيادة الأجور عليه، فقد صحَّ عن أبي المُتوكِّل النَّاجي ــ رحمه الله ــ أنَّه قال
((كان أَبِو هُرَيْرَةَ ــ رضي الله عنه ــ وَأَصْحَابُهُ إِذَا صَامُوا قَعَدُوا فِي الْمَسْجِدِ وَقَالُوا: نُطَهِّرُ صِيَامَنَا))
عباد الله اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه انهوا هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله ذِي الفضل والإكرام، والجُود والإنعام، وصلواته على عبده الكريم محمدٍ خاتمِ أنبيائه وأفضلِهم، وعلى آله وأصحابه الأبرار الأخيار، وسلَّم تسليمًا كثيرًا
أمَّا بعد، أيُّها المسلمون
لقد كان السلف الصالح ــ رحمهم الله ــ يُقبِلون على القرآن في شهر رمضان إقبالًا كبيرًا، ويهتمُّون به اهتمامًا عظيمًا، ويتزوَّدون مِن تلاوته كثيرًا، فكان الإمام الشافعي ــ رحمه الله ــ يختم في اليوم والليلة مِن رمضان ختمتين،
وكان الإمام البخاري ــ رحمه الله ــ يقرأ في كل يوم وليلة مِن رمضان ختمة واحدة،
وبعض السَّلف كان يَختم كل ثلاثة أيَّام ختمة،
وبعضهم كان يَختم كل خمسة أيَّام ختمة، ومِنهم مَن كان يَختم كل أسبوع ختمة واحدة
وكيف لا يكون هذا حالهم مع القرآن، ورمضان هو شهر نُزول القرآن، وشهرُ مدارسة جبريل ــ عليه السلام ــ للنبي صلى الله عليه وسلم القرآن، وزمَنُه أفضل الأزمان، والحسنات فيه مُضاعفة، وقد صحَّ عن ابن مسعود ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال
((تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَيُكَفَّرُ بِهِ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ
{ الم
وَلَكِنْ أَقُولُ: أَلِفٌ عَشْرٌ، وَلَامٌ عَشْرٌ، وَمِيمٌ عَشْرٌ )).
فأقبلوا على القرآن في هذا الشهر المبارك العظيم، وحُثُّوا أهليكم رجالًا ونساء، صغارًا وكبارًا، على تلاوته والإكثار مِنه، واجعلوا بيوتَكم ومراكبَكم وأوقاتَكم عامرةً به، تلاوة، وحفظًا، واستماعًا، وتدبُّرًا، وتفَقُّهًا
أيُّها المسلمون:
صحَّ عن ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ أنَّه قال
((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ))
فاقتدوا بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وجودوا في هذا الشهر الجليل، وازدادوا جودًا، وكونوا مِن الكرماء، وأذهبوا عن أنفسكم لَهَفَ الدرهم والدينار، وتعلُّقَها بالريال والدولار، وتخوُّفَها مِن الفقر والحاجة، فإن الشَّحيح لا يَضرُّ إلا نفسه، وقد قال الله تعالى معاتبًا ومُرهِّبًا
((هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ))
فأنفقوا وجودوا ولا تبخلوا، وإيَّاكُم أنْ تحقِروا قليل البَذْل والعطاء، وقليل الصدقة، فترُدَّكم عن الإنفاق، فقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال ((لَيَقِفَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ وَلاَ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ لَهُ: أَلَمْ أُوتِكَ مَالًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ أَلَمْ أُرْسِلْ إِلَيْكَ رَسُولًا؟ فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أَحَدُكُمُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ))
إلا وإنَّ مِن الجود بالخير في رمضان: تفطيرَ الصائمين مِن القرَابة والجِيران والأصحاب والفقراء وغيرِهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال مُرغِّبًا لكم في تفطير الصائمين، بتبيين فضله وحُسن عائده عليكم
((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ))
أيُّها المسلمون
اتقوا الله ربَّكم حقَّ تقواه، وأجِلُّوه حقَّ إجلالِه، وعظِّموا أوامِرَه، وأكبروا زواجِرَه، ولا تُهينوا أنفسكم بعصيانه، وتُذلوا رقابكم بالوقوع في ما حرَّم، فتنقادوا للشيطان،
وتخضعوا للشهوة، بالفطر في نهار الصوم بغير عذر إمَّا بجماعٍ، أو استمناء، أو أكل، أو شُرب، أو غيرِ ذلك،
فإنَّ الإفطار قبل حُلول وقته مِن غير عُذرٍ ذنْبٌ خطير، وجُرمٌ شَنيع، وفِعلٌ قبيح، وتجاوزٌ لحدود الله فظيع، ومَهلَكَةٌ للواقع فيه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال مُبيِّنًا عقوبة مَن يُفطرون قبل تحِلَّة صومٍهم وإتمامٍه
((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ، فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَا أُطِيقُهُ، فَقَالَا: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، قُلْتُ: مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ))
وقد قال الإمام الألباني ــ رحمه الله ــ عقب هذا الحديث
هذه عقوبةُ مَن صام ثمَّ أفطر عمدًا قبل حُلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال مَن لا يصوم أصلًا؟!
نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة
هذا، وأسأل ربي – جلّ وعزَّ
أنْ يبلِّغنا رمضان بلوغًا حسنًا، وأنْ يُعيننا على صيامه وقيامه، وأنْ يجعلنا فيه مِن الذَّاكِرين الشاكرين المتقبَّلة أعمالهم، اللهم قِنا شرَّ أنفسنا والشيطان، واغفر لنا ولوالدينا وسائر أهلينا، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، وأعذهم مِن الفتن ما ظهر منها وما بطن، وجنِّبهم القتل والاقتتال، وأزِل عنهم الخوف والجوع والدَّمار، اللهم مَن أراد ديننا وبلادنا وأمننا وأموالنا بشرٍّ ومكرٍ ومكيدة فاجعل تدبيره تدميرًا له، ومكرَه مُكرانًا به، إنك سميع الدعاء، هذا وصلوا على من امرتم بالصلاة عليه .........
المرفقات
اقترب-رمضان
اقترب-رمضان