نقل المعلومات العسكرية ... خيانة للوطن
إبراهيم بن سلطان العريفان
1434/10/23 - 2013/08/30 07:25AM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان والعقيدة ... إن أمتنا الإسلامية تمرُّ في هذا الزمان بمحَنٍ عظيمة ونوازلَ شديدة ونكَبات متلاحقة، ساهم فيها بشدة تعرّض الأمة لخيانات متعددة، تارة من أعدائها، وتارات ـ وهو أنكى ـ من أبنائها.
يُخادعني العدو فلا أبالي وأبكي حين يخدعني الصديق
نعم، كل الخيانة قاسية ومريرة مريرة مريرة، لكن الأقسى أن يخونك من تتوقع منه العون.
وحتى لا نسير على درب الخونة الدَّنِس ولا نتبع خطاهم الملوثة، ولكي يتقي اللهَ مسلمٌ أن يخون عهد الله وأمانته فهذة وصية الله لكم يا مؤمنون ( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَـٰنَـٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ).
في حادثة عظيمة مرت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، عندما أكمل الرسول صلى الله عليه وسلم استعداده للسير إلى فتح مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، ثم أعطاه امرأة، وجعل لها أجراً على أن تبلغه إلى قريش، فجعلته في ضفائر شعرها، ثم خرجت به إلى مكة، ولكن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم بما صنع حاطب، فأرسل النبي عليه الصلاة والسلام عليًّا والزبير والمقداد ليدركوا المرأة ويأخذوا منها الكتاب، فإذا فيه: "من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا حاطب ما هذا! ) قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرءاً ملصقاً في قريش، يقول: كنت حليفاً، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتداداً عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أما إنه قد صدقكم ) فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال ( إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) فأنزل الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) فقضى صلى الله عليه وسلم على هذه المحاولة، ولم يصل قريش أي خبر من أخبار تجهز المسلمين وسيرهم لفتح مكة.
إن الخطأ الذي اقترفه هذا الصحابي الجليل ليس بالخطأ اليسير، إنه يسمى في قوانين العالم الآن بالخيانة العظمى، والتي يكون عقابها الإعدام، فإن به كشف لأسرار لو وصلت إلى الأعداء ربما أحدثت كارثة ومجزرة للصحابة لا يعلم حجمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن الله سلَّم. وهذا الصحابي الجليل ليس من عوام الصحابة، بل هو من خاصتهم، ومن أولي الفضل منهم، ومن الذين كانوا يستشارون في عظائم الأمور، إنه من أهل بدر، ويكفي هذا شرفاً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
عباد الله ... الخيانة خلق ذميم وخصلة قبيحة لا ترضاها النفوس السليمة، بل النفوس الضعيفة المريضة هي التي ترتضي خلق الخيانة. الخيانة من أخلاق اليهود والمنافقين. الخيانة خصلة ذميمة تسبب انعدام الثقة بين أفراد المجتمع المسلم لذلك نهى الله عنها فقال ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ).
عباد الله ... إن من الخيانات : خيانة للوطن. ولسنا نعني بخائن الوطن من يبيع بلاده بثمن بخس بل خائن الوطن من يكون سببًا في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن، بل من يدع قدمي العدو تستقر على تراب الوطن وهو قادر على زلزلتها، فهو خائن، وفي أي لباس ظهر، وعلى أي وجه انقلب.
خائن الوطن عنده ضعف الانتماء للوطن، إن خيانة الوطن خسارة للدين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يطبع المؤمن على كل خلق، ليس الخيانة والكذب ) وفي الآخرة ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان )
عباد الله ... خائن الوطن محتقر حتى في عيون من وظفوه، يروى أن نابليون في حربه مع النمسا استفاد من معلومات قدمها له ضابط نمسوي، ولما جاء الضابط يطلب مكافأته، رمى له بصرة من الذهب على الأرض، فقال النمساوي: ولكني أريد أن أحظى بمصافحة يد الإمبراطور. فأجابه "نابليون" هذا الذهب لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلاً يخون بلاده.
فاتقوا الله – عباد الله – وقوموا بما أوجب الله عليكم من السمع والطاعة لولي أمركم وحاكم بلادكم.
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... قديما قالوا : مثل من باع بلاده وخان وطنه، مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللص يكافئه. والتاريخ يشهد لهذا القول.
عباد الله ... قبل أيام تناقلت عبر وسائل الاتصال الاجتماعية معلومات عسكرية وخطابات سرية، مما يؤدي إلى ذهاب أرواح مؤمنة، وأخبار عن خطط العسكري.
والبعض يتسابق على نشر أي معلومات تصلهم عن إخواننا المرابطين لحماية البلاد بأي طريقة كانت، سواء عبر صفحات الإنترنت أو في جلسات الأصدقاء أو عبر الاتصالات الهانفية، وقد تكون تلك المعلومات خطيرة تذهب أرواح بسببها أو يقع المجاهدون في الأسر منها.
ويبرر ناقل الخبر وناشر المعلومات أنه لم ينقلها إلا للثقات فقط والثقات بدورهم نقلوها إلى ثقات آخرين وهكذا سلسلة من الثقات حتى تصل إلى العدو!! ولسانك وفضولك هم السبب.
ولم يكن همُ نُقَال الأخبار والمعلومات الخاصة نفع المرابطين، بل همهم أن يتميزوا بين الناس بأنهم أصحاب معلومات خاصة لا يظفر بها إلا الخاصة فقط.
أيها المسلم ... من المهم للاستمرار في هذه الحرب أن تحذر نقل الشائعات التي تضر بالمجتمع بشكل عام وتوهن من مقاومة المرابطين بشكل خاص، وهذا الأمر الذي يجب التحذير منه هو أمر أعظم خطورة من الشائعات وأشد ضرراً على المجاهدين من تجسس عدوهم عليهم، و هو التساهل في مجال أمن المعلومات الخاصة بهم وتداولها في أوساط كثيرة بل وتقديمها إلى العدو على طبق من ذهب.
إن أمن المعلومات يعد اليوم علماً متقدماً له أصوله وأساليبه وطرقه، ولم تكن الشريعة الإسلامية لتهمل مثل هذا الأمر، فقد جاءت نصوص تبين أهمية هذا الأمر، قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً ) وكان من فعل النبي صلى الله عليه و سلم ما يفيد أمن المعلومات من لدن النبي صلى الله عليه و سلم حيث روى كعب بن مالك رضي الله عنه قوله ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها ) ورى : أوهم.
وقد ربى النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه على حفظ أسراره الخاصة ، ورغم حرص الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على نشر ما رأوه وسمعوه من النبي صلى الله عليه و سلم لتبليغه للأمة إلا أن "الحس الأمني" عندهم كان مرتفعاً وكان كل واحد منهم يعرف ماذا ينشر عن النبي صلى الله عليه و سلم وماذا يكتم من غير أن يطلب منه ، حتى صغارهم أدركوا مثل ذلك الأمر ، وقد زخرت كتب السنة بقصص تؤكد مثل ذلك الحس منهم، فهذا أنس رضي الله عنه قال : أتى علي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا ألعب مع الغلمان قال فسلم علينا فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي فلما جئت قالت ما حبسك قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم لحاجة قالت ما حاجته قلت إنها سر قالت لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه و سلم أحدا . وقال النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة ) وإذا كان الخطبا مكتوب عليه بخط واضح ( سري ) فهو أمانة.
يقول عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما : أردفني رسول الله صلى الله عليه و سلم خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس.
فإن كانت هذه صور لتعامل الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه و سلم وما يصدر عنه من معلومات خاصة في حال السلم، فلك أن تعرف قياساً على ذلك كيف يكون تعاملهم مع المعلومات في حال الحرب وما قصة حاطب رضي الله عنه منا ببعيد، وقد اتضح من خلال القصة التغليظ في الحكم لبيان خطورة التساهل في نشر المعلومات. فلا تكن أنت العدو من حيث لا تشعر، فاحرص على ضبط فضولك، وترويض نفسك، لكي لا تكون أنت العدو القاتل، والمعول الهادم، والعميل المقاوم، من دون أن تدري بنفسك.
عباد الله ... في هذه الحروب ينشط عمل التجسس ,فيكون أقوى سلاح معتمد كوسيلة للسيطرة على الهدف، وقيل قديمًا : أذكاء العيون انفى للظنون. فالجاسوسية منظمة تؤلفها الدول في بلادها لتتجسس لها الأخبار وتستطلع الأسرار .وتأتيها بها .
فنسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد ... اللهم احفظنا بالإسلام قياماً وبالإسلام قعوداً وبالإسلام رقوداً ولا تشمت بنا عدواً ولا حسوداً. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه وأعز به الإسلام وألف بينه وبين رعيته يا رب العالمين. اللهم وحد صفنا واجمع كلمتنا على ما تحب وترضى. اللهم يا منـزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا هازم الأحزاب اهزم اليهود والنصارى ومن عاونهم واشدد وطأتك عليهم
إخوة الإيمان والعقيدة ... إن أمتنا الإسلامية تمرُّ في هذا الزمان بمحَنٍ عظيمة ونوازلَ شديدة ونكَبات متلاحقة، ساهم فيها بشدة تعرّض الأمة لخيانات متعددة، تارة من أعدائها، وتارات ـ وهو أنكى ـ من أبنائها.
يُخادعني العدو فلا أبالي وأبكي حين يخدعني الصديق
نعم، كل الخيانة قاسية ومريرة مريرة مريرة، لكن الأقسى أن يخونك من تتوقع منه العون.
وحتى لا نسير على درب الخونة الدَّنِس ولا نتبع خطاهم الملوثة، ولكي يتقي اللهَ مسلمٌ أن يخون عهد الله وأمانته فهذة وصية الله لكم يا مؤمنون ( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَـٰنَـٰتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ).
في حادثة عظيمة مرت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، عندما أكمل الرسول صلى الله عليه وسلم استعداده للسير إلى فتح مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى قريش كتاباً يخبرهم بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، ثم أعطاه امرأة، وجعل لها أجراً على أن تبلغه إلى قريش، فجعلته في ضفائر شعرها، ثم خرجت به إلى مكة، ولكن الله تعالى أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم بما صنع حاطب، فأرسل النبي عليه الصلاة والسلام عليًّا والزبير والمقداد ليدركوا المرأة ويأخذوا منها الكتاب، فإذا فيه: "من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين، يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا حاطب ما هذا! ) قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرءاً ملصقاً في قريش، يقول: كنت حليفاً، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتداداً عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أما إنه قد صدقكم ) فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال ( إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) فأنزل الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) فقضى صلى الله عليه وسلم على هذه المحاولة، ولم يصل قريش أي خبر من أخبار تجهز المسلمين وسيرهم لفتح مكة.
إن الخطأ الذي اقترفه هذا الصحابي الجليل ليس بالخطأ اليسير، إنه يسمى في قوانين العالم الآن بالخيانة العظمى، والتي يكون عقابها الإعدام، فإن به كشف لأسرار لو وصلت إلى الأعداء ربما أحدثت كارثة ومجزرة للصحابة لا يعلم حجمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن الله سلَّم. وهذا الصحابي الجليل ليس من عوام الصحابة، بل هو من خاصتهم، ومن أولي الفضل منهم، ومن الذين كانوا يستشارون في عظائم الأمور، إنه من أهل بدر، ويكفي هذا شرفاً، وما يدريك لعل الله قد اطلع على من شهد بدراً فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
عباد الله ... الخيانة خلق ذميم وخصلة قبيحة لا ترضاها النفوس السليمة، بل النفوس الضعيفة المريضة هي التي ترتضي خلق الخيانة. الخيانة من أخلاق اليهود والمنافقين. الخيانة خصلة ذميمة تسبب انعدام الثقة بين أفراد المجتمع المسلم لذلك نهى الله عنها فقال ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ).
عباد الله ... إن من الخيانات : خيانة للوطن. ولسنا نعني بخائن الوطن من يبيع بلاده بثمن بخس بل خائن الوطن من يكون سببًا في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن، بل من يدع قدمي العدو تستقر على تراب الوطن وهو قادر على زلزلتها، فهو خائن، وفي أي لباس ظهر، وعلى أي وجه انقلب.
خائن الوطن عنده ضعف الانتماء للوطن، إن خيانة الوطن خسارة للدين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يطبع المؤمن على كل خلق، ليس الخيانة والكذب ) وفي الآخرة ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لكل غادر لواء يوم القيامة يقال: هذه غدرة فلان )
عباد الله ... خائن الوطن محتقر حتى في عيون من وظفوه، يروى أن نابليون في حربه مع النمسا استفاد من معلومات قدمها له ضابط نمسوي، ولما جاء الضابط يطلب مكافأته، رمى له بصرة من الذهب على الأرض، فقال النمساوي: ولكني أريد أن أحظى بمصافحة يد الإمبراطور. فأجابه "نابليون" هذا الذهب لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلاً يخون بلاده.
فاتقوا الله – عباد الله – وقوموا بما أوجب الله عليكم من السمع والطاعة لولي أمركم وحاكم بلادكم.
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... قديما قالوا : مثل من باع بلاده وخان وطنه، مثل الذي يسرق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللص يكافئه. والتاريخ يشهد لهذا القول.
عباد الله ... قبل أيام تناقلت عبر وسائل الاتصال الاجتماعية معلومات عسكرية وخطابات سرية، مما يؤدي إلى ذهاب أرواح مؤمنة، وأخبار عن خطط العسكري.
والبعض يتسابق على نشر أي معلومات تصلهم عن إخواننا المرابطين لحماية البلاد بأي طريقة كانت، سواء عبر صفحات الإنترنت أو في جلسات الأصدقاء أو عبر الاتصالات الهانفية، وقد تكون تلك المعلومات خطيرة تذهب أرواح بسببها أو يقع المجاهدون في الأسر منها.
ويبرر ناقل الخبر وناشر المعلومات أنه لم ينقلها إلا للثقات فقط والثقات بدورهم نقلوها إلى ثقات آخرين وهكذا سلسلة من الثقات حتى تصل إلى العدو!! ولسانك وفضولك هم السبب.
ولم يكن همُ نُقَال الأخبار والمعلومات الخاصة نفع المرابطين، بل همهم أن يتميزوا بين الناس بأنهم أصحاب معلومات خاصة لا يظفر بها إلا الخاصة فقط.
أيها المسلم ... من المهم للاستمرار في هذه الحرب أن تحذر نقل الشائعات التي تضر بالمجتمع بشكل عام وتوهن من مقاومة المرابطين بشكل خاص، وهذا الأمر الذي يجب التحذير منه هو أمر أعظم خطورة من الشائعات وأشد ضرراً على المجاهدين من تجسس عدوهم عليهم، و هو التساهل في مجال أمن المعلومات الخاصة بهم وتداولها في أوساط كثيرة بل وتقديمها إلى العدو على طبق من ذهب.
إن أمن المعلومات يعد اليوم علماً متقدماً له أصوله وأساليبه وطرقه، ولم تكن الشريعة الإسلامية لتهمل مثل هذا الأمر، فقد جاءت نصوص تبين أهمية هذا الأمر، قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً ) وكان من فعل النبي صلى الله عليه و سلم ما يفيد أمن المعلومات من لدن النبي صلى الله عليه و سلم حيث روى كعب بن مالك رضي الله عنه قوله ( لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها ) ورى : أوهم.
وقد ربى النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه على حفظ أسراره الخاصة ، ورغم حرص الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على نشر ما رأوه وسمعوه من النبي صلى الله عليه و سلم لتبليغه للأمة إلا أن "الحس الأمني" عندهم كان مرتفعاً وكان كل واحد منهم يعرف ماذا ينشر عن النبي صلى الله عليه و سلم وماذا يكتم من غير أن يطلب منه ، حتى صغارهم أدركوا مثل ذلك الأمر ، وقد زخرت كتب السنة بقصص تؤكد مثل ذلك الحس منهم، فهذا أنس رضي الله عنه قال : أتى علي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا ألعب مع الغلمان قال فسلم علينا فبعثني إلى حاجة فأبطأت على أمي فلما جئت قالت ما حبسك قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم لحاجة قالت ما حاجته قلت إنها سر قالت لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه و سلم أحدا . وقال النبي صلى الله عليه و سلم ( إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة ) وإذا كان الخطبا مكتوب عليه بخط واضح ( سري ) فهو أمانة.
يقول عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما : أردفني رسول الله صلى الله عليه و سلم خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس.
فإن كانت هذه صور لتعامل الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه و سلم وما يصدر عنه من معلومات خاصة في حال السلم، فلك أن تعرف قياساً على ذلك كيف يكون تعاملهم مع المعلومات في حال الحرب وما قصة حاطب رضي الله عنه منا ببعيد، وقد اتضح من خلال القصة التغليظ في الحكم لبيان خطورة التساهل في نشر المعلومات. فلا تكن أنت العدو من حيث لا تشعر، فاحرص على ضبط فضولك، وترويض نفسك، لكي لا تكون أنت العدو القاتل، والمعول الهادم، والعميل المقاوم، من دون أن تدري بنفسك.
عباد الله ... في هذه الحروب ينشط عمل التجسس ,فيكون أقوى سلاح معتمد كوسيلة للسيطرة على الهدف، وقيل قديمًا : أذكاء العيون انفى للظنون. فالجاسوسية منظمة تؤلفها الدول في بلادها لتتجسس لها الأخبار وتستطلع الأسرار .وتأتيها بها .
فنسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد ... اللهم احفظنا بالإسلام قياماً وبالإسلام قعوداً وبالإسلام رقوداً ولا تشمت بنا عدواً ولا حسوداً. اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه وأعز به الإسلام وألف بينه وبين رعيته يا رب العالمين. اللهم وحد صفنا واجمع كلمتنا على ما تحب وترضى. اللهم يا منـزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا هازم الأحزاب اهزم اليهود والنصارى ومن عاونهم واشدد وطأتك عليهم
المشاهدات 2589 | التعليقات 2
موضوع في الصميم يا شيخ إبراهيم ومهم أن يوسع نشره فالخونة كثر والمرتزقة أكثر فمن يبيع دينه لا غرابة عليه أن يبيع وطنه وبلده لعدو متربص ببلده منتظرا عطاء منه أو صنيعة وهؤلاء السفهاء الأزمان والأمصار ملئية بهم
كفانا الله شرهم
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله كل خير
تعديل التعليق