نعيم الجنةْ - من صحيح السنةْ

خالد علي أبا الخيل
1437/09/16 - 2016/06/21 07:25AM
خطبة: نعيم الجنة من صحيح السنة
التاريخ: الجمعة: 5/ رمضان /1437 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الجنة لمن أطاعه، وإن كان عبدًا حبشيًا، والنار لمن عصاه، وإن كان حرًا قرشيًا، اختار من خلقه للجنة سكانًا واصطفاهم، ومن بين جميع الخلائق وهم في أصلاب آبائهم هيأهم لها واجتباهم، ولا يظلم ربك أحدًا شيئًا، خلق جنة عدنٍ بيده، لبنة ذهب، ولبنة فضة، ملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، فقال لها: (انطقي)، فقالت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1].
أحمده سبحانه بجميع محامده التي لا يبلغ المحصون لها تعدادًا، وأشكره على نعمه الوافرة، وخيراته المتكاثرة، شكرًا يليق بعظمته ومجده سبحانه،{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} [مريم: 65]، وأصلي وأسلم على خير خلقه أجمعين، ومن أرسله الله رحمه للعالمين، صلاة وسلامًا متلازمين، ما تعاقب الليل والنهار، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وأهل بيته الأطهار، وصحابته الأخيار، وسلم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد،.
فاتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله: حديثنا –أيها الأحباب الكرام- في ذكر الجنة وأوصافها وأهلها، وما أعده الله فيها لعباده المؤمنين من الكرامة، والنزل العظيم، والعطاء العميم، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم: أن يجعلني وإياكم ممن يُقال لهم يوم العرض الأكبر: {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46]، ولعل الحديث عنها، والتلذذ بذكرها يكون حافزًا على الصدق في طلبها، والرغبة فيها، وتحقيق مراد الله منا، ليحصل لنا فيها النعيم المقيم، بجوار الرب الكريم، وننعم بالنظر إلى وجهه الكريم، لا سيما ونحن في شهر أبواب الجنة مفتوحة، والخيرات ممنوحة، والعطايا متاحة، والنفوس قريبة، والقلوب رقيقة، فشهر رمضان شهر العمل، وترك التواني والكسل، والنفوس إذا طمعت عملت، وإذا اشتاقت سعت، وإذا رغبت بذلت وعملت، فالحديث عن الجنة، لمؤمن الإنس والجنة من أعظم المرغبات، وأجمل اللحظات، وأجل المرغوبات، كيف لا وهو في شهر المغفرة والرحمة؟!، ولذا قال من قال من السلف: عجبت لمن رغب في الجنة كيف نام طالبها؟.
استمع أخي المسلم إلى قوله سبحانه: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً} [مريم: 85]، وقوله سبحانه: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، هل تعلم –يا أخي المسلم- ماذا في هذه الجنة من النعيم المقيم؟، مهما جال في خاطرك، أو تردد في ذهنك، فاعلم أن في الجنة ما هو أعلى منه وأتم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. مصداق ذلك في كتاب الله، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17])، رواه البخاري ومسلم.
ثم اعلم –وفقك الله لطاعته ومرضاته-: أن الجنة من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه، روى أبو هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ينادي منادٍ: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا)، فذلك قول الله عز وجل: {وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43].
ولعل في ذهنك: ما سعة الجنة؟ وهل هي جنة واحدة، أم جنان كثيرة؟ يجيبك على السؤال الأول قوله سبحانه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [الحديد: 21]، وقوله سبحانه: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].
وأما الشق الثاني: هل هي جنة واحدة، أم جنات كثيرة؟ فيجيبك عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي البخاري عن أنس: أن أم حارثة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد هلك حارثة يوم بدر، أصابه سهم فقتله، فقالت: يا رسول الله: قد علمت موقع حارثة من قلبي، فإن كان في الجنة لم أبكِ عليه، وإلا سوف ترى ما أصنع. فقال لها: (هبلت؟! أجنة واحدة، إنها جنان كثيرة، وإنه لفي جنة الفردوس).
أما ريح الجنة فيوجد من مسيرة مائة عام، وأما أنهارها فكما قال ربها: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ} [محمد: 15]، (للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها ستون ميلًا، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن، فلا يرى بعضهم بعضًا)، (فيها شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عامًا ما يقطعها)، ترابها المسك، وفيها ما تشتهيه الأنفس، و تلذ الأعين.
روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة لسوقًا يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال، فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسنًا وجمالًا، فيرجعون إلى أهليهم، وقد ازدادوا حسنًا وجمالًا، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد أزدتم بعدنا حسنًا وجمالًا. فيقولون: وأنتم والله: لقد أزدتم بعدنا حسنًا وجمالًا)، رواه مسلم.
وروى أنس أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو أطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لأضاءت الدنيا، ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها)، رواه الترمذي.
ولأبي سيعد -رضي الله عنه-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (للرجل من أهل الجنة زوجتان من حور العين، على كل واحدة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الثياب).
أما جنة عدن: فروى الطبراني والترمذي وأحمد وغيرهم، من حديث أبي هريرة، (أن الله خلقها بيده لبنة من درة بيضاء، ولبنة من ياقوته حمراء، ولبنة من زبرجدة خضراء، وملاطها المسك، وحشيشها الزعفران، حصباؤها اللؤلؤ، وترابها العنبر).
وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبي موسى -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وليس بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن).
ولك -يا أخي المسلم-: أن كل ما يجول بخاطر العبد المؤمن في الجنة حاصل له، روى أبو هريرة -رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومًا –وهو يحدث وعنده رجلًا من أهل البادية-: (أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال له ربه: ألست فيما شئت؟. قال: بلى، ولكن أحب أن أزرع. فبدر، فبادر الطرف نباته، واستواؤه، واستحصاده، فكان أمثال الجبال، فيقول له ربه عز وجل: دونك يا ابن آدم فإنه لا يشبعك شيء)، فقال الأعرابي: والله لا تجده إلا قرشيًا أو أنصاريًا، فإنهم أصحاب زرع، وأما نحن فلسنا بأصحابه. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة، كان حمله، ووضعه، وسنه في ساعة واحدة كما يشتهيه)، أخرجه أحمد والترمذي وحسنه.
وإن أهل الجنة في حبورهم ونعيمهم عند الملك الخلاق، ينعمون بكلامه، ويلهمون التسبيح، كما تلهمون النفس، قد حل عليهم رضوان الله، فلا يسخط عليهم أبدًا، أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة. فيقولون: لبيك ربنا وسعديك. فيقول: هل رضيتم؟. فيقولون: وما لنا لا نرضى، وقد أعطيتنا ما لم تعطِ أحدً من خلقك!. فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟. قالوا: يا ربنا: فأي شيء أفضل من ذلك؟. قال: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا).
ويذبح الموت على الصراط فيزداد فرحهم وحبورهم، فعن ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة: لا موت، يا أهل النار: لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم)، متفق عليه.
وفوق ذلك كله يتنعمون بالنظر إلى وجه ربهم، روى صهيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة، نودوا: يا أهل الجنة: تريدون شيئًا أزيدكم؟. فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، وتزحزحنا عن النار، وتدخلنا الجنة؟. فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل)، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (يونس: 26).
كل هذا النعيم –يا أخي المسلم- في الجنة التي وعدك الله بها، إن صدقت الطلب وأتممت البيعة، {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} [التوبة: 111].
لعمر الله: إن الذي يفرط في هذا النعيم المقيم، لهو المخبون مهما كان الثمن، فما بالك والثمن ليس فيه عنت ولا مشقة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد،.
فهذه الجنة، وهذا نعيمها من الداخل، أما من الخارج فإن لها ثمانية أبواب، كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها باب اسمه: الريان، لا يدخله إلا الصائمون، فأبشروا أيها الصائمون والصائمات، وأول من يستفتح باب الجنة هو نبينا صلى الله عليه وسلم، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آتي باب الجنة يوم القيامة، فأستفتحه، فيقول الخازن: من أنت؟. فأقول: محمد. فيقول: بك أمرت، لا أفتح لأحدٍ قبلك).
أما الزمرة الأولى الذين يدخلون الجنة: فقد وصفهم لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى كأنك تراهم، فقال في حديث أبي هريرة المتفق عليه: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على أشد كوكبٍ دري في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون، ولا يتفلون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعًا في السماء).
وفي حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير).
ولعلك تسأل: إذا كان أهل الجنة يأكلون ويشربون، ألا حاجة لهم إلى الاستفراغ؟ فيجيبك على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في حديث جابر عند مسلم وغيره: (إن أهل الجنة يأكلون فيها، ويشربون، ولا يتفلون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتمخطون)، قالوا: فما بال الطعام؟. قال: (جشاء ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد، كما تلهمون النفس).
وأعلى أهل الجنة منزلة: هم أهل الغرف، فما منزلتهم؟ ومن يكونون؟ روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم)، قالوا: يا رسول الله: تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم. قال: (بلى، والذي نفسي بيده: رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين)، أخرجه مسلم.
أما أدنى أهل الجنة منزلة: فذاك الرجل الذي حكى قصته رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا ما جاوزها التفت إليها، فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين. فترفع له شجرة، فيقول: أي ربي: أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها. فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم: لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها. فيقول: لا يا رب. ويعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: يا رب: أدنني من هذه لأشرب من مائها وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم: ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟!. فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها. فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي ربي: أدنني من هذه لأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم: ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟!. قال: بلى، يا رب: لا أسألك غيرها. وربه عز وجل يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي ربي: أدخلنيها. فيقول: يا ابن آدم: ما يصريني منك –أي ما يقطع مسألتك مني-، أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟!. قال: يا رب: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟!). فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مما أضحك؟. فقالوا: مم تضحك؟. قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟. فقال: (من ضحك رب العالمين، حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟. فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر)، رواه مسلم.
وروى مسلم عن المغيرة بن شعبة رفعه، (سأل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة. فيقول: أي ربي: كيف وقد نزل الناس منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟. فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلكِ ملك من ملوك الدنيا؟. فيقول: رضيت ربي. فيقول: لك ذلك ومثله، ومثله، ومثله، ومثله. فقال في الخامسة: رضيت ربي. فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك. فيقول: رضيت ربي. قال: ربي فأعلاهم منزلة؟. قال: أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تر، عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر).
والله أعلم.
المشاهدات 1660 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا يا شيخ خالد