نعمة التوحيد ووَحدَة الصف واجتماع الكلمة

عايد القزلان التميمي
1445/03/07 - 2023/09/22 07:21AM
الحمد لله أمر بالتآلُف والاجتماع، ونهى عن الفُرقة والاختلاف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ القدوسُ السلام، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسوله خاتمُ النبيّين وسيدُ الأنام، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وأصحابه ما تعاقَبَت الليالي والأيام.
أَمَّا بَعْدُ فأوصيكم وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ والعلن .
عِبَادَ اللَّه إنَّ نِعَمَ اللَّهِ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ لَا تُعدّ وَلَا تُحْصَى ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ )) ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾
وَمِنْ شُكْرِ اَللَّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ تُعَدِّدَ نِعَمَهُ وَأَنْ يُذكِّرَ بِهَا اَلْإِنْسَانُ نَفْسَهُ، ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾.
أيها المؤمنون وَمِنْ أَعْظَمِ هَذِهِ النِّعَمَ وَأَهَمِّهَا انْتِشَارَ التَّوْحِيدِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَنَبْذِ الشِّرْكِ فَلَا يُوجَدُ قُبُور وَلَا أضرحة تُعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ وَبِتَحقِيقِ التوحيد يَحصُلُ الهُدَى وَالأَمنُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ سُبحَانَهُ: (( الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لهمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ)) . فَأَهْلُ التّوحيد الْخَالِص وَالْإِيمَان الصّحيح يفوزون بدفاع اللَّهِ عَنْهُمْ (( إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وممّا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْبِلَادِ الْمَمْلَكَة العَرَبِيَّة السَّعُودِيَّة الأمنُ المستتبّ الَّذِي يأمَن النَّاسُ فِيهِ عَلَى دمائِهم وأموالِهم وَمَصَالِحَهُم الدينيّة والدنيويّة ، وكذلك إِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَامِ وَوَحْدَة الصِّف وَطَاعَة وُلَاةِ الْأُمُورِ وَاجْتِمَاعِ اَلْقُلُوبِ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَبَيْعَةٍ شَرْعِيَّةٍ رَاسِخَةٍ فَلِلَّهِ اَلْحَمْدُ والمِنَّةُ،
ولقد أدركَ سلفَ الأمةِ معنى التوحيدِ والوَحْدةِ، فكانوا كالجسدِ الواحدِ، مستجيبينَ في ذلكَ لأمرِ ربِّهم جلَّ وعلا: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا..}، قالَ ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه: «عليكُم بالجماعةِ فإنَّها حبلُ اللهِ الذي أَمَرَ بهِ وإنَّ ما تكرهونَ في الجماعةِ والطَّاعةِ خيرٌ ممَّا تحبونَ في الفرقةِ».
وفي كتاب الله آيات كثيرة فِي الْحَثِّ عَلَى الْوَحْدَةِ وَالْنَّهْيِّ عَنِ الْفُرْقَةِ ومن ذلك قوله تعالى  وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا   وقوله تعالى:  أَنْ أَقِيمُوا الْدِينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ  وقوله سبحانه  إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ  وقول الله تَعَالَى:  وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوَا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ  ،
فَوَحْدَةُ الْكَلِمَةِ سَبَبُ كُلِّ خَيْرٍ، كَمَا أَنَّ افْتِرَاقَهَا سَبَبُ كُلِّ شَرٍّ .
عباد الله ومن أبرز الضمانات الأمنية للمجتمع المسلم، طاعة ولاة الأمر،  فدِينِنَا الإسلاميّ يُوجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نكونَ مَعَ وُلَاةِ أمرِنا يدًا وَاحِدَة قال الله تعالى  (( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ )) وقال تعالى:  يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِى شَىْء فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً  
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَالْأَثَرَةِ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ )) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل: (وإني لأرى طاعةَ أميرِ المؤمنين في السرِّ والعلانيةِ، وفي عُسري ويُسري، ومَنشطي ومكرهي، وأثرةٍ عليَّ، وإني لأدعو اللهَ له بالتسديدِ والتوفيقِ في الليلِ والنهارِ)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية
الحمدُ لله له الحمدُ في الأولى والآخرة, هدانا بعد ضلالة, وأغنانا بعد فقر, وجمعنا بعد فرقة, وألف بين قلوبنا بعد عداوة, وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسولُه, صلى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليما كثيرا .
أَمَّا بَعْدُ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ  وتذكروا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَسْلافَكُم فِي هَذِهِ الْبِلَادِ إلَى عَهْدِ قَرِيبٍ مِنْ جَهِلٍ وَفَقْرٍ وَذِلَّةٍ وتناحر وَتَفَرّقٍ حَتَّى منّ اللَّهُ عَلَى أَهْلِهَا بِمَن وحَّدَ عَلَى يَدَيْهِ كَلِمَتَها وَجَمَع شَمْلَهَا وَأَعَزَّ اللَّهُ بِهِ شَأْنَهَا فَاجْتَمَعَت الْقُلُوبُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَاتَّحَدَت الْكَلِمَةُ بَعْدَ الِاخْتِلَافِ ورفرفرت رَايةَ التَّوْحِيد وَالسُّنَّة وَتَمّ الْحُكْم بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فلله الحمد والمنة.
فيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَشْكُر اللَّهَ عَلَى نِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ قال الله عز وجل (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) .
وَيَكُونُ الشُّكْرُ بِالْجَوَارِح وَذَلِك بِالْقِيَام بِطَاعَةِ اللَّهِ وَاجْتِنَاب مَعْصِيَتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى لِآل دَاوُد ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ .
اللهم إنا نسألك شُكْرَ نِعْمَتِك ونَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ....
المرفقات

1695357624_نعمة التوحيد وَحْدَةِ الصف واجتماع الكلمة.docx

المشاهدات 1059 | التعليقات 0