نعمةُ الأمن وسدُّ أبوابِ الفتن
HAMZAH HAMZAH
1443/02/10 - 2021/09/17 09:09AM
نعمةُ الأمن وسدُّ أبوابِ الفتن..!
جامع الفهد بمحايل عسير
د . حمزة بن فايع الفتحي
….
إن الحمدَ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه ، صلّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبه أجمعين . ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ).
أما بعد: معاشرَ المسلمين :
فإنَّ المتأملَ لعظَمِ نعمةِ الأمن وما تبُثُّه مزاهيرُها في البقاع، وتنشُره أفنانُها في المُدن ، ليدركُ فضلَها وحُسنَ عاقبتِها، وأنها من أجلِّ النعم ، ومن أطيبِ المنن…( فليعبدوا ربَّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوفٍ ) سورة قريش .
أمنٌ يُشعُّ السعادة ، وأمنٌ يزيلُ المخاوف ، وأمن يورثُ الراحة والانشراح ، كما تنعمونَ وننعمُ به في هذه البلاد المباركة الميمونة .
وانظروا للعالم مِن حَولنا ، وما يموجُ به من صراعات وفتن ، وسلوا الذين استطعموا لذةَ الأمن ، ثم فُقدوها، كيف شأنهم .. وإلى أين انتهى حالهم ..؟! نعمةُ الأمن يا مسلمون لا تُقدَّرُ بثمن، ولا تعدلُها منحةٌ ، ولا يستطيعُ أنْ يصفَ جمالَها واصف..! يكفيكم أنها ينبوعُ الخيرات ، ومادةُ الوئام، ونهرُ الاجتماع ، وحديقةُ الراحة والسلامة …
قال صلّى اللهُ عليه وسلم كما في الحديثِ الصحيح : قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ).
وبلادُنا المملكةُ الغالية حبَاها الله هذه النعمة ، وخصَّها بمزايا، بفضل دينِها المبين ، وقيادتِها الحكيمة ، وتماسكِها المتين ، قال تعالى :( أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة القصص . قامَت على التوحيدِ والإيمانِ... ودعائمِ الإسلامِ والإحسانِ
هي حصنُ دينِ الله كلُّ بلية... تنهارُ عندَ شموخِها الملآنِ
منهاجُها القرآنُ كلُّ بقاعِها... قد أزهَرت مِنْ نبعهِ الريانِ
ياربِّ فاحفظها فكلُّ موحّدٍ... يَهوي إليها في سَناً وحَنانِ واذا تأملتُم واقعَنا ، وجدتُم أسبابَ السعادةِ الإنسانية ، قد تهيأت بفضل ربٍّ كريم في هذا البلدِ الأمين.
فالحمدُ للهِ أنتمُ آمنون في بلادكم ، تنتقلون في كل جهاتها، وتسافرون بلا خوف، والأمنُ قويٌّ مستتِب ، والطرقُ ميسرةٌ، والخدماتُ موفورةٌ، والعيونُ الساهرة في كل مكان، تنتقل ولا ترتعب ، ولا تحسُّ بوحشةٍ ولا غربةً …! وهذه نعمةٌ حُرمت منها بلدانٌ عديدة ، فهل لها من شُكرٍ وحراسة…؟!
وأرزاقكُم بحمدِ الله موفورةٌ، قد جُلبت لكم من كلِّ مكان، وسيقت من أنحاءِ العالم، واهتزَّ العالمُ من جراء "كورونا" ، وعمَّ الرعبُ، وجاءت إلينا أرزاقُنا وأموالُنا بلا خوفٍ ولا نقصان ….( يأتيها رزقُها رغدًا من كل مكان ).
وصحةُ الأجسام قد اكتملت وطابت بانتشار المشافي والدواء في كل المدن والقرى، وتيسرت التطعيماتُ للمواطن والمقيم …!
فباللهِ عليكم.. أما نحفظُ هذه النعم ، ونصونُ تلك الأصولَ الغالية للسعادة …؟! . قال صلّى اللهُ عليه وسلم:( فكأنما حِيزت له الدنيا )
أي خيرُها وعزُّها وثرواتُها قد جُمعت لكم، وباتت تحتَ أيديكم..!
فماذا تَنشدونَ بعد ذلك ، …؟! أمنٌ رقراق ، ورزقٌ دفاق، وصحةٌ طارت في الآفاق ، فخدماتٌ وتسهيلات، وعنايةٌ وخيرات ، فالحمدُ للهِ على إنعامه وإحسانه …
وهذه النعمُ يا مسلمون حقُّها علينا ما يلي :
أولا: الحفاظُ عليها، وعدمُ جحدِها أو نُكرانِها ، ولا تكونوا من القوم الذين بدّلوا نعمةَ الله كفرًا ، وأحلّوا قومَهم دارَ البوار…!
وثانيًا: تربيةُ الأبناء عليها، حتى يضبطوها ويصونوها، وليتفكروا في مصائرِ الناس من حولنا، ويعتبروا من ذلك .
وثالثًا: شكرُ الله عليها، واستعمالُها في مرضاته ( لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) سورة إبراهيم .
ورابعًا: تعظيمُ القيادةِ الحكيمة ، والالتفاف حولها، والتدين لهم بالسمع والطاعة في المنشط والمكره ، وحفط مقدرات البلاد ..( أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمر منكم ) سورة النساء .
وقال صلّى اللهُ عليه وسلم كما في الصحيح :( مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ ) أي سترةٌ ووقاية .
فلا يوجدُ بلادٌ في العالم تُحكِّمُ شريعةَ الله ، وتصونُ الأمان، وتفيضُ النعم، وتعتزُّ بدينها وقيمها كهذه البلاد المباركة .. قامت على الإيمانِ والتوحيد، وتعظيمِ العلم والسنة ، فجزى اللهُ قيادتَها خير الجزاء ، وأدامهم ذخرًا للإسلام والمسلمين .
قال تعالى : ( وإن تعدوا نعمةَ الله لا تحصوها )
وهل يمكنُ إحصاءُ ما نحن فيه من أمنٍ ورخاء ، وقوةٍ واجتماع، ونعمةٍ واتفاق .
فحافظوا يا مسلمون على دينِكم، وعلى قيادتِكم، وعلى أمنِكم ووَحدتِكم ، واستفيدوا من بلدانٍ تفرقت، وشعوبٍ تنازعت ، وضيّعت أمنَها ، ومزقت وحدتَها ، وبددت نعمتَها ، واعتبروا من سوءِ عاقبتِها ، وكان عاقبةُ أمرها خُسرا….!! فالسعيدُ من وُعظَ بغيرِه، والشقيُّ من رَكَن لنفسهِ وغرورِه …!
( ثم لتُسالُنَّ يومئذٍ عن النعيم ) سورة التكاثر . اللهم آتِ نفوسَنا تقواها ، وزكِّها أنت خيرُ مَن زكاها ، أنت وليُّها ومولاها…
أقولُ قولي هذا ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، فيا فوزَ المستغفرين التائبين …
………
الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا ، طيبًا مباركًا فيه، وصلّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبِه أجمعين
وبعد: أيها الإخوةُ الكرام :
تذكّروا نعمةَ اللهِ عليكم، وأفضالَه التي تغشاكم ، ومن ذلك الأمنُ والرخاء ، والصحةُ والهناء، وقد تحققت في هذا الكيان المبارك، وهذه الدولة المجيدة ، التي توحدت بفضل الله تعالى ، ثم جهودِ الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، والرجال الأفذاذ الذين ساعدوه وشاركوه، وعلى مدار عقودٍ متعاقبة ، حفظ اللهُ بلادنا المملكة ، وصانها من الفتن والاضطرابات ، وجعلها دُرةً في الأوطان . فالواجبُ وقوفُنا معها، وحفظُها كالسدِّ المنيع ، تجاهَ كل عادٍ أو مغرضٍ أو مُزعزع…!
فإنَّ كلَّ ذي نعمةٍ محسود ، والأعداءُ متربصون ، والمغرضونَ يتأهبون ، والمنافقونَ في كل مكان ، وكم تمنوا صيرورتَنا قبائلَ متناحرة، وشعوبًا متقاتلة ، ولكنَّ اللهَ حمانا، وجنَّبنا الفتن، وقد قال صلّى اللهُ عليه وسلم :( لا تَرجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض ).
فالحمدُ لله على نعمةِ الإسلام والتوحيد ، والاجتماع والتعاون ، والقيادةِ والوحدة، والسلامة والرخاء.
وستظل المملكةُ العربيةُ السعودية بلادُ الحرمين، قلعةَ التوحيد والسنة، وقصرَ الأمانِ المُنيف ، ما حافَظنا على منهاجِها، وحرَصنا على دينِها ووحدتها.( واعتصموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمةَ الله عليكم ).
قال الإمامُ ابنُ القيم رحمه الله :" وَمَدارُ السَّعادَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ والأُخْرَوِيَّةِ عَلى الِاعْتِصامِ بِاللَّهِ، والِاعْتِصامِ بِحَبْلِهِ، ولا نَجاةَ إلّا لِمَن تَمَسَّكَ بِهاتَيْنِ العِصْمَتَيْنِ. فَأمّا الِاعْتِصامُ بِحَبْلِهِ فَإنَّهُ يَعْصِمُ مِنَ الضَّلالَةِ، والِاعْتِصامُ بِهِ يَعْصِمُ مِنَ الهَلَكَةِ، فَإنَّ السّائِرَ إلى اللَّهِ كالسّائِرِ عَلى طَرِيقٍ نَحْوَ مَقْصِدِهِ، فَهو مُحْتاجٌ إلى هِدايَةِ الطَّرِيقِ، والسَّلامَةِ فِيها، فَلا يَصِلُ إلى مَقْصِدِهِ إلّا بَعْدَ حُصُولِ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ لَهُ، فالدَّلِيلُ كَفِيلٌ بِعِصْمَتِهِ مِنَ الضَّلالَةِ، وأنْ يَهْدِيَهُ إلى الطَّرِيقِ، والعُدَّةِ والقُوَّةِ والسِّلاحِ الَّتِي بِها تَحْصُلُ لَهُ السَّلامَةُ مِن قُطّاعِ الطَّرِيقِ وآفاتِها . فالِاعْتِصامُ بِحَبْلِ اللَّهِ يُوجِبُ لَهُ الهِدايَةَ واتِّباعَ الدَّلِيلِ، والِاعْتِصامُ بِاللَّهِ، يُوجِبُ لَهُ القُوَّةَ والعُدَّةَ والسِّلاحَ، والمادَّةَ الَّتِي يَسْتَلْئِمُ بِها في طَرِيقِهِ .
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رضي اللهُ عنه: واعتصموا : تَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّهِ. وَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : هو الجَماعَةُ، وقالَ: عَلَيْكم بِالجَماعَةِ، فَإنَّها حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أمَرَ بِهِ، وإنَّ ما تَكْرَهُونَ في الجَماعَةِ خَيْرٌ مِمّا تُحِبُّونَ في الفُرْقَةِ ". انتهى كلامه رحمه الله . فاعتصموا بدينِكم يا مسلمون، وحافظوا على بلادِكم المملكة ، واحْمُوا وحدتَها في ظل قيادة خادم الحرمين الملك سلمان حفظه الله وولي عهده الأمين ، وباركَ في رجاله وأعوانه ..
وصلوا وسلّموا يا مسلمون على معلّمِ الخيرِ والهدى ، ورسول الأمانِ والندى ، نبينا محمد صلّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا …
اللهم أعزَّنا بطاعتِك، ولا تُذِلَّنا بمعصيتك …
اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك …..
اللهم إنا نعوذُ بك من جَهد البلاء ، ودركِ الشقاء…..
اللهم احفظ علينا ديَننا وإيماننا، وقيادتنا ، وأمننا ، واكفنا شرَّ الفتن والأعداء ….
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك…..
اللهم انصر دينكَ وكتابك وعبادك المؤمنين….
الللهم أصلح أحوالَنا ، ويسِّر أمورنا ، واغفر ذنوبنا…..
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان …
الللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود …..
اللهم ربَّنا اتنا في الدنيا حسنة ….
اللهم احفظ بلادنا بالأمن والإيمان ، والسلامةَ والإسلام…
د . حمزة بن فايع الفتحي
….
إن الحمدَ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه ، صلّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبه أجمعين . ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ).
أما بعد: معاشرَ المسلمين :
فإنَّ المتأملَ لعظَمِ نعمةِ الأمن وما تبُثُّه مزاهيرُها في البقاع، وتنشُره أفنانُها في المُدن ، ليدركُ فضلَها وحُسنَ عاقبتِها، وأنها من أجلِّ النعم ، ومن أطيبِ المنن…( فليعبدوا ربَّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع ، وآمنهم من خوفٍ ) سورة قريش .
أمنٌ يُشعُّ السعادة ، وأمنٌ يزيلُ المخاوف ، وأمن يورثُ الراحة والانشراح ، كما تنعمونَ وننعمُ به في هذه البلاد المباركة الميمونة .
وانظروا للعالم مِن حَولنا ، وما يموجُ به من صراعات وفتن ، وسلوا الذين استطعموا لذةَ الأمن ، ثم فُقدوها، كيف شأنهم .. وإلى أين انتهى حالهم ..؟! نعمةُ الأمن يا مسلمون لا تُقدَّرُ بثمن، ولا تعدلُها منحةٌ ، ولا يستطيعُ أنْ يصفَ جمالَها واصف..! يكفيكم أنها ينبوعُ الخيرات ، ومادةُ الوئام، ونهرُ الاجتماع ، وحديقةُ الراحة والسلامة …
قال صلّى اللهُ عليه وسلم كما في الحديثِ الصحيح : قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ).
وبلادُنا المملكةُ الغالية حبَاها الله هذه النعمة ، وخصَّها بمزايا، بفضل دينِها المبين ، وقيادتِها الحكيمة ، وتماسكِها المتين ، قال تعالى :( أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) سورة القصص . قامَت على التوحيدِ والإيمانِ... ودعائمِ الإسلامِ والإحسانِ
هي حصنُ دينِ الله كلُّ بلية... تنهارُ عندَ شموخِها الملآنِ
منهاجُها القرآنُ كلُّ بقاعِها... قد أزهَرت مِنْ نبعهِ الريانِ
ياربِّ فاحفظها فكلُّ موحّدٍ... يَهوي إليها في سَناً وحَنانِ واذا تأملتُم واقعَنا ، وجدتُم أسبابَ السعادةِ الإنسانية ، قد تهيأت بفضل ربٍّ كريم في هذا البلدِ الأمين.
فالحمدُ للهِ أنتمُ آمنون في بلادكم ، تنتقلون في كل جهاتها، وتسافرون بلا خوف، والأمنُ قويٌّ مستتِب ، والطرقُ ميسرةٌ، والخدماتُ موفورةٌ، والعيونُ الساهرة في كل مكان، تنتقل ولا ترتعب ، ولا تحسُّ بوحشةٍ ولا غربةً …! وهذه نعمةٌ حُرمت منها بلدانٌ عديدة ، فهل لها من شُكرٍ وحراسة…؟!
وأرزاقكُم بحمدِ الله موفورةٌ، قد جُلبت لكم من كلِّ مكان، وسيقت من أنحاءِ العالم، واهتزَّ العالمُ من جراء "كورونا" ، وعمَّ الرعبُ، وجاءت إلينا أرزاقُنا وأموالُنا بلا خوفٍ ولا نقصان ….( يأتيها رزقُها رغدًا من كل مكان ).
وصحةُ الأجسام قد اكتملت وطابت بانتشار المشافي والدواء في كل المدن والقرى، وتيسرت التطعيماتُ للمواطن والمقيم …!
فباللهِ عليكم.. أما نحفظُ هذه النعم ، ونصونُ تلك الأصولَ الغالية للسعادة …؟! . قال صلّى اللهُ عليه وسلم:( فكأنما حِيزت له الدنيا )
أي خيرُها وعزُّها وثرواتُها قد جُمعت لكم، وباتت تحتَ أيديكم..!
فماذا تَنشدونَ بعد ذلك ، …؟! أمنٌ رقراق ، ورزقٌ دفاق، وصحةٌ طارت في الآفاق ، فخدماتٌ وتسهيلات، وعنايةٌ وخيرات ، فالحمدُ للهِ على إنعامه وإحسانه …
وهذه النعمُ يا مسلمون حقُّها علينا ما يلي :
أولا: الحفاظُ عليها، وعدمُ جحدِها أو نُكرانِها ، ولا تكونوا من القوم الذين بدّلوا نعمةَ الله كفرًا ، وأحلّوا قومَهم دارَ البوار…!
وثانيًا: تربيةُ الأبناء عليها، حتى يضبطوها ويصونوها، وليتفكروا في مصائرِ الناس من حولنا، ويعتبروا من ذلك .
وثالثًا: شكرُ الله عليها، واستعمالُها في مرضاته ( لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) سورة إبراهيم .
ورابعًا: تعظيمُ القيادةِ الحكيمة ، والالتفاف حولها، والتدين لهم بالسمع والطاعة في المنشط والمكره ، وحفط مقدرات البلاد ..( أطيعوا اللهَ وأطيعوا الرسولَ وأولي الأمر منكم ) سورة النساء .
وقال صلّى اللهُ عليه وسلم كما في الصحيح :( مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ يُطِعِ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي، وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ ) أي سترةٌ ووقاية .
فلا يوجدُ بلادٌ في العالم تُحكِّمُ شريعةَ الله ، وتصونُ الأمان، وتفيضُ النعم، وتعتزُّ بدينها وقيمها كهذه البلاد المباركة .. قامت على الإيمانِ والتوحيد، وتعظيمِ العلم والسنة ، فجزى اللهُ قيادتَها خير الجزاء ، وأدامهم ذخرًا للإسلام والمسلمين .
قال تعالى : ( وإن تعدوا نعمةَ الله لا تحصوها )
وهل يمكنُ إحصاءُ ما نحن فيه من أمنٍ ورخاء ، وقوةٍ واجتماع، ونعمةٍ واتفاق .
فحافظوا يا مسلمون على دينِكم، وعلى قيادتِكم، وعلى أمنِكم ووَحدتِكم ، واستفيدوا من بلدانٍ تفرقت، وشعوبٍ تنازعت ، وضيّعت أمنَها ، ومزقت وحدتَها ، وبددت نعمتَها ، واعتبروا من سوءِ عاقبتِها ، وكان عاقبةُ أمرها خُسرا….!! فالسعيدُ من وُعظَ بغيرِه، والشقيُّ من رَكَن لنفسهِ وغرورِه …!
( ثم لتُسالُنَّ يومئذٍ عن النعيم ) سورة التكاثر . اللهم آتِ نفوسَنا تقواها ، وزكِّها أنت خيرُ مَن زكاها ، أنت وليُّها ومولاها…
أقولُ قولي هذا ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائر المسلمين ، فاستغفروه وتوبوا إليه ، فيا فوزَ المستغفرين التائبين …
………
الحمدُ للهِ حمدًا كثيرًا ، طيبًا مباركًا فيه، وصلّى اللهُ وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبِه أجمعين
وبعد: أيها الإخوةُ الكرام :
تذكّروا نعمةَ اللهِ عليكم، وأفضالَه التي تغشاكم ، ومن ذلك الأمنُ والرخاء ، والصحةُ والهناء، وقد تحققت في هذا الكيان المبارك، وهذه الدولة المجيدة ، التي توحدت بفضل الله تعالى ، ثم جهودِ الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله، والرجال الأفذاذ الذين ساعدوه وشاركوه، وعلى مدار عقودٍ متعاقبة ، حفظ اللهُ بلادنا المملكة ، وصانها من الفتن والاضطرابات ، وجعلها دُرةً في الأوطان . فالواجبُ وقوفُنا معها، وحفظُها كالسدِّ المنيع ، تجاهَ كل عادٍ أو مغرضٍ أو مُزعزع…!
فإنَّ كلَّ ذي نعمةٍ محسود ، والأعداءُ متربصون ، والمغرضونَ يتأهبون ، والمنافقونَ في كل مكان ، وكم تمنوا صيرورتَنا قبائلَ متناحرة، وشعوبًا متقاتلة ، ولكنَّ اللهَ حمانا، وجنَّبنا الفتن، وقد قال صلّى اللهُ عليه وسلم :( لا تَرجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض ).
فالحمدُ لله على نعمةِ الإسلام والتوحيد ، والاجتماع والتعاون ، والقيادةِ والوحدة، والسلامة والرخاء.
وستظل المملكةُ العربيةُ السعودية بلادُ الحرمين، قلعةَ التوحيد والسنة، وقصرَ الأمانِ المُنيف ، ما حافَظنا على منهاجِها، وحرَصنا على دينِها ووحدتها.( واعتصموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تفرقوا واذكروا نعمةَ الله عليكم ).
قال الإمامُ ابنُ القيم رحمه الله :" وَمَدارُ السَّعادَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ والأُخْرَوِيَّةِ عَلى الِاعْتِصامِ بِاللَّهِ، والِاعْتِصامِ بِحَبْلِهِ، ولا نَجاةَ إلّا لِمَن تَمَسَّكَ بِهاتَيْنِ العِصْمَتَيْنِ. فَأمّا الِاعْتِصامُ بِحَبْلِهِ فَإنَّهُ يَعْصِمُ مِنَ الضَّلالَةِ، والِاعْتِصامُ بِهِ يَعْصِمُ مِنَ الهَلَكَةِ، فَإنَّ السّائِرَ إلى اللَّهِ كالسّائِرِ عَلى طَرِيقٍ نَحْوَ مَقْصِدِهِ، فَهو مُحْتاجٌ إلى هِدايَةِ الطَّرِيقِ، والسَّلامَةِ فِيها، فَلا يَصِلُ إلى مَقْصِدِهِ إلّا بَعْدَ حُصُولِ هَذَيْنِ الأمْرَيْنِ لَهُ، فالدَّلِيلُ كَفِيلٌ بِعِصْمَتِهِ مِنَ الضَّلالَةِ، وأنْ يَهْدِيَهُ إلى الطَّرِيقِ، والعُدَّةِ والقُوَّةِ والسِّلاحِ الَّتِي بِها تَحْصُلُ لَهُ السَّلامَةُ مِن قُطّاعِ الطَّرِيقِ وآفاتِها . فالِاعْتِصامُ بِحَبْلِ اللَّهِ يُوجِبُ لَهُ الهِدايَةَ واتِّباعَ الدَّلِيلِ، والِاعْتِصامُ بِاللَّهِ، يُوجِبُ لَهُ القُوَّةَ والعُدَّةَ والسِّلاحَ، والمادَّةَ الَّتِي يَسْتَلْئِمُ بِها في طَرِيقِهِ .
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ رضي اللهُ عنه: واعتصموا : تَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّهِ. وَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : هو الجَماعَةُ، وقالَ: عَلَيْكم بِالجَماعَةِ، فَإنَّها حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أمَرَ بِهِ، وإنَّ ما تَكْرَهُونَ في الجَماعَةِ خَيْرٌ مِمّا تُحِبُّونَ في الفُرْقَةِ ". انتهى كلامه رحمه الله . فاعتصموا بدينِكم يا مسلمون، وحافظوا على بلادِكم المملكة ، واحْمُوا وحدتَها في ظل قيادة خادم الحرمين الملك سلمان حفظه الله وولي عهده الأمين ، وباركَ في رجاله وأعوانه ..
وصلوا وسلّموا يا مسلمون على معلّمِ الخيرِ والهدى ، ورسول الأمانِ والندى ، نبينا محمد صلّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبه ، وسلم تسليما كثيرا …
اللهم أعزَّنا بطاعتِك، ولا تُذِلَّنا بمعصيتك …
اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك …..
اللهم إنا نعوذُ بك من جَهد البلاء ، ودركِ الشقاء…..
اللهم احفظ علينا ديَننا وإيماننا، وقيادتنا ، وأمننا ، واكفنا شرَّ الفتن والأعداء ….
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك…..
اللهم انصر دينكَ وكتابك وعبادك المؤمنين….
الللهم أصلح أحوالَنا ، ويسِّر أمورنا ، واغفر ذنوبنا…..
اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان …
الللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود …..
اللهم ربَّنا اتنا في الدنيا حسنة ….
اللهم احفظ بلادنا بالأمن والإيمان ، والسلامةَ والإسلام…