نعمة الأمن وحب الوطن مستفادة من خطب المشايخ الفضلاء

Abosaleh75 Abosaleh75
1445/03/07 - 2023/09/22 08:14AM
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أَعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. أمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ: فَاتَّقُوا اللهَ حقَّ التَّقْوَى كَمَا أَمَرَكُمْ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾[آل عمران:102]؛ وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍr، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وعليكم بالجماعةِ فإن يَدُ اللهِ علَى الجَماعَةِ، ومَنْ شَذَّ شَذَّ في النَّارِ.
أَيُّهَا الـمُسْلِمُوْنَ: لَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْنَا بِنَعَمٍ عَظِيْمَةٍ، وَمِنَنٍ وَآلَاءٍ جَسِيْمَةٍ، لَا نُحْصِيْ لَهَا قَدْراً، وَلَا نُحِيْطُ بِهَا شُكْراً، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾[لقمان:20] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: ﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ [النحل:18] وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾[النحل:53] وَإِنَّ أَعْظَمَ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي هَذِهِ البِلَادِ المباركة نِعْمَةُ الإسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، و نِعْمَةُ الأَمْنِ فِي الأَوْطَانِ، وَالصِّحَّةِ فِي الأَبْدَانِ، وَتَوْفِيْرِ كَثِيْرٍ مِنْ أَسْبَابِ العَيْشِ الكَرِيْمِ، وَهَذَا غَايَةُ مَا يَتَمَنَّاهُ كُلُّ إِنْسَانٍ عَاقِلٍ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا» أخرجه الترمذي بإسناد حسن.
عَبَادَ اللهِ: ولقد وَحَّدَ الملِكُ عَبْدُالعَزِيْزِ رَحِمَهُ اللهُ هَذِهِ البِلَادَ الشّاسِعَةَ، فَتَوَحَّدَتْ تَحْتَ رَايَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ رَايَةُ التوحيد، وحَرِصَ رحمه الله عَلَى اجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ وَتَوْحِيْدِ الصَّفِّ، وَأَنْ يَعِيْشَ النَّاسُ فِي حَيَاةٍ كَرِيْمَةٍ، مَعَ تَحْقِيْقِ اللُّحْمَةِ بَيْنَ الرَّاعِيْ وَالرَّعِيَّةِ وَسَخَّرَ الـمَلِكُ الـمُوَحِّدُ رَحِمَهُ اللهُ مُقَدَّرَاتِ الدَّوْلَةِ وَإِمْكَانِيَّاتِهَا لخِدْمَةِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ، وَتَحْقِيْق سبل الأمن والراحة في البلاد، ثُمَّ سَارَ عَلَى هَذَا النَّهْجِ أَبْنَاؤُهُ البَرَرَةُ من بعده، وَهَا نَحْنُ اليَوْمَ فِي هَذَا العَهْدِ الزَّاهِرِ عَهْدِ خَادِمِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ الـمَلِكِ سَلْمَانَ بِنِ عَبْدِ العَزِيْزِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ مُحَمَّدٍ بْنِ سَلْمَانَ حَفِظَهُمَا اللهُ تَعَالَى، حَيْثُ يَبْذُلَانِ جُهُوْداً عَظِيْمَةً فِي خِدْمَةِ الإِسْلَامِ وَالـمُسْلِمِيْنَ وخدمة البلاد وساكنيها.
أيها المسلمون: إنَّ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللهَ، وَمِنْ شُكْرِ اللهِ أَنْ نَشْكُرَ وَنَذْكُرَ جُهُودَ وُلَاةِ أَمْرِنَا وَفَّقَهُمْ اللهُ فِي حِمَايَةِ جَنَابِ التَّوْحِيْدِ وَالتَّحْذِيْرِ مِن الشِّرْكِ، وَفِي الحَثِّ عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ، فَبِفَضْلِ اللهِ لَيْسَ فِي بِلَادِنَا قَبْرٌ يُطَافُ بِهِ، وَلَا صَنَمٌ يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ، وَلَا بِدَعٌ ظَاهِرَةٌ وَالحَمْدُ للهِ، وَمِنْ تِلْكَ الجُهُودِ الحَمِيْدَةِ لِوُلَاةِ أَمْرِنَا عِمَارَةُ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَينِ وَالعِنَايَةُ بِقَاصِدِيْهِمَا مِنْ ضُيُوفِ الرَّحْمَنِ، وكذلك الإهتمام ببيوت الله في جميع المناطق والدعوة الى الله في داخل البلاد وخارجها وَتَطْوِيْرُ قِطَاعَاتِ التَّعْلِيْمِ وَالصِّحَّةِ وغيرها. وَمِن أهَمِّ الجُهُوْدِ الـمَشْكُوْرَةِ مَا بَذَلَتْهُ هَذِهِ الدَّوْلَةُ الـمُبَارَكَةُ فِي حِفْظِ الأَمْنِ والاسْتِقْرَارِ فِي شَتَّى رُبُوْعِ البِلَادِ وَحُدُوْدِهَا، وكَذَلِكَ دَعْمُ جَمِيْعِ مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ وَوِزَارَاتِهَا وَرَسْمُ الخُطَطِ والرُّؤَى التّنْمَوِيَّةِ الشَّامِلَةِ وَمُحَارَبَةُ الفَسَادِ لِلنُّهُوضِ بِالدَّوْلَةِ وَشَعْبِهَا وَالـمُقِيْمِينَ بِهَا لَأَعْلَى الـمَرَاتِبِ. أيها المسلمون: ان بِلَادُنَا هِيَ مَنَارَةُ الإِسْلَامِ وَفِيْهَا قِبْلَةُ المسْلِمِينَ ومَأْرِزُ الإيمانِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كُلَّ ذِيْ نِعْمَةٍ مَحْسُوْدٌ، وَلَا شَكَّ يَا عِبَادَ اللهِ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ وَأَمْنٍ وَلُحْمَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ فَرِيْدَةٍ وَاجْتِمَاعِنَا عَلَى طَاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِنَا لَا يَرُوْقُ لِلْأَعْدَاءِ بَلْ يَقُضُّ مَضَاجِعَهُمْ، فَاحْذَرُوا مِنْ كَيْدِ الأَعْدَاءِ يَا عِبَادَ اللهِ،واسمعوا وأطيعوا لولاة أمركم والزموا جماعة المسلمين وامامهم وحافظوا على وحدة صفكم واجتماع كلمتكم، وَاسْأَلُوا اللهَ التوفيق والسداد لحكامكم والأمن والاستقرار والرخاء لبلادكم،
أقول ما سمعتم. وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِي، وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ المُسْلِمينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
            ﴿الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ﴾
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِهِ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ. أَمَّا بَعْدُ عَبَادَ اللهِ: فَاتَّقُوا اللهَ وَتَزَوَّدُوا مِنَ النَّوافِلِ وَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا يُحبِبْكُمُ اللهُ، )وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ( [الحديد:28]. أيها المسلمون: حُبُّ الوَطَن؛ أَمْرٌ فِطْرِي غَرِيْزِيّ؛ فَهُوَ المَكَانُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ الإِنْسَان، وتَفَيَّأَ في ظِلَالِه، وَتَرَعْرَعَ في أَحْضَانِه، وَقَدْ كانَ ﷺ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ؛ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا!قالَ ابْنُ حَجَر: (فِي الْحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى فَضْلِ الْمَدِينَةِ، وَعَلَى مَشْرُوعِيَّة حُبِّ الوَطَن، والحَنِينِ إِلَيْهِ). وحُبُّ الوَطَنِ؛ لَيْسَ شَعَارًا فَقَط! بَلْ لا بُدَّ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلى عَمَلٍ مُخْلِص، ونَصِيحَةٍ صَادِقَة، مَعَ لُزُوْمِ الجَمَاعَة، وأَدَاءِ الأَمَانَة، وعَدَمِ الخِيَانَة؛ قال ﷺ: (ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ، وَمُنَاصَحَةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ).
والمَعَنَى: أَنَّ المُؤْمِنَ لا يَخُونُ في هَذِهِ الثَّلَاثَة، وأَنَّ مَنْ تَمَسَّكَ بِهَا: طَهُرَ قَلْبُهُ مِنَ الغِلِّ والفَسَاد. عِبَادَ الله: والاِنْتِمَاءُ إلى وَطَنِ الحَرَمَينِ الشَّرِيْفَيْن: نِعْمَةٌ وَمَسْؤُولِيَّة: فاشْكُرُوا الله على هذهِ النِّعْمَةَ الجَلِيّة، وَكُوْنُوا على قَدْرِ المسؤولية. عِبَادَ اللهِ: اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى نَبِيِّهِ الْأَمِينِ، فَقَالَ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيْلِ:﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا ﴾. اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ عَلَى نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ، وَارْضَ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الَّذِينَ قَضَوا بِالْحَقِّ وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الْآلِ وَالصَّحَابةِ أَجْمَعِينَ، وَعَنَّا مَعَهُم بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ يَا أَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ. اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَدِمْ الْأَمْنَ وَالِاسْتِقْرَارَ فِي بِلَادِنَا وَبِلَادِ الْـمُسْلِمِيْنَ، وَاصْرِفْ عَنَّا وَعَنْهُمْ كُلَّ شَرٍّ وَبَلَاءٍ، اللَّهُمَّ احْفَظْ إِمَامَنَا وَوَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَينِ الشَّريفَينِ بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى. اللَّهُمَّ ارحم والدينا كما ربَّونا صغارًا، وأعنَّا على برِّهم أحياءً وأمواتًا. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. عباد الله: ﴿ ِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النحل: 90 - 91].فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
المشاهدات 736 | التعليقات 0