نعمة الأمن .. وحادثة الأحساء

إبراهيم بن سلطان العريفان
1436/01/14 - 2014/11/07 07:57AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
إخوة الإيمان والعقيدة ... اتقوا الله وراقبوه في السر والعلانية, واخشوه حق خشيته في سائر الأوقات والأزمنة المتتالية، واشكروه على ما أنعم عليكم من النعم المتوالية ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ).
أيها المسلمون ... نِعَمُ الله تعالى سبحانه وآلاؤه نعمٌ عظيمة، نعمة التمسك بالإسلام، والاستقامة على الإيمان، ونعمة الأمن والأمان، والاستقرار والاطمئنان، في الدور والأوطان، ونعمة الصحة والسلامة في الأبدان، ونعمة الأرزاق العاجلة والآجلة ( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) وتحوط النعم كلها نعمة سلامة الله والعقيدة، فاحمدوا الله تعالى واشكروه على ما حباكم من هذه النعم، فبالشكر تدوم النعم، كما قال ربكم ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ).
أيها المسلمون ... الحديث عن نعم الله تعالى وما ينبغي تجاهها، وما يتعامل به المسلم معها حديث تحبه النفوس المؤمنة، وتطمئن له الأفئدة الشاكرة، المتعلقة بالمنعم سبحانه، فهو أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين، سبحانه وتعالى.
أيها المسلمون ... إن من أجلِّ النعم وأعظمها بل وكثير من النعم تقوم عليها، وتؤدى من خلالها: نعمة الأمن والأمان في الدور والأوطان، والهدوء والاستقرار، هذه النعمة لا يعرف قيمتها وأهميتها وعظم شأنها إلا من ذاق مرارة فقدانها.
هذه النعمة العظيمة نوه الباري سبحانه وتعالى بشأنها في آيات كثيرة وفي مواضع متعددة من كتابه الكريم، حيث جعله سبحانه مطلب أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ) فقدم إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الدعاء طلب الأمن على التوحيد.
وأشار إليه سبحانه في آيات مشابهة عند امتنانه على أهل مكة فقال ( الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) ولعظم نعمة الأمن فقد جعله الله تعالى صفة دائمة لبيته الحرام فقال ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) وقال سبحانه: ( أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) ولا شكَّ - أيها المسلمون - أنه بالأمن تستقر الحياة، ويأمن الناس على حياتهم ويستقيم معاشهم، ويأمنوا على أموالهم وأعراضهم ويتوجهون إلى العلم والعمل، والتحصيل والإنتاج في سائر مناحي الحياة، ويشتغل الناس في البناء والتمنية ويعبدون الله حق عبادته.
أيها المسلمون .. في ظل الأمن يطيب طعم الطعام، وتظهر حلاوة المذاق، وتستقر الحقوق وتؤدى إلى أهلها. وفي ظل الأمن يقر الساكن في بيته، ويأنس ويرتاح مع أهله وأولاده، وينام مرتاح البال مطمئن الضمير، لذلك كله وغيره جعل الإسلام الأمن من أهم المقاصد الشرعية التي يسعى إليها، فكان غاية عظمى وهدفًا أسمى، لا يجوز بأي وسيلة من الوسائل خدشه، فضلًا عن التعرض له وزعزعته. وقد توعد الله ورسولُه المتعرضين للأمن بأشد الوعيد في الدنيا والآخرة.
أيها المسلمون ... إن من تمام نعمة الأمن والأمان السعي إلى استمرارها واستقرارها، وذلكم بشكر الله تعالى عليها والقيام بحقوقه حق القيام، واستعمال نعمه في طاعته واجتناب نواهيه، وإن مما ينبغي أن تلهج الألسن فيه بالشكر، ما أتمه علينا من هذه النعمة في هذه البلاد المباركة التي حباها الله سبحانه وتعالى بما فقد في غيرها، فلقد كانت هذه البلاد مسرحًا للفتن والمشكلات، حتى منّ الله سبحانه وتعالى على أهلها بظهور دعوة التوحيد على يد الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وبقيام الحكم بشريعة الله على أيدي القادة أيدهم الله بتوفيقه، حتى أصبحت هذه البلاد ولا تزال مضرب المثل في الأمن والاستقرار مما لم تظفر به أمة من الأمم التي تملك السلاح والقوة المادية، ولن تزال هذه البلاد بحول الله بخير وأمان متمسكة بعقيدة التوحيد وحكمة لشريعته.
أيها المسلمون: يجب أن يكون الجميع يدًا واحدة في كل أمور الخير ودفع الشر. وعلى بيان كل من يريد الإخلال بهذا الأمن وذلك التماسك، قال تعالى (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ثم إن مثل هذا التعاون من أفضل أبواب الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو سمة هذه الأمة ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ).
يا أهل البلاد المباركة ويا مسلمون .. كلٌ منكم على ثغر، فالله الله أن لا يؤتى دينه وعرضه ووطنه من ثغره.
إذا كانت أجهزة الأمن الرسمية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن البحث والكشف عن الجناة فالجميع مسؤول كذلك، وأول واجبات هذه المسؤولية التعاون مع هذه الأجهزة الساهرة على راحة وأمن وطمأنينة الجميع، فبهذا الشعور الإيماني بهذه المسؤولية، يستمر الحفاظ على الأمن والرخاء والطمأنينة، وتكشف الأيدي العابثة الحاقدة، نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.




الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:
أيها المسلمون: إن من أهم مقومات الأمن وركائزه التي من شأنها تعزز وجوده وتقويه، بعد توحيد الله عزَّ وجلَّ وإقامة الشعائر التعبدية .. الإيمان بأهمية الولاية وتعبد الله سبحانه وتعالى بطاعة ولي الأمر، والاجتماع على ذلك إذ به يتوحد مصدر الأمر والنهي ورعاية المصالح، ومعالجة الأخطاء، ومقاومة الفساد والجريمة، ولذا شدد الإسلام على أهمية مراعاة ذلك والعمل به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصى الأمير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ) ومن هنا صدر بيان هيئة كبار العلماء برعاية هذا الأصل العظيم الذي ينبني عليه تحريم كل وسيلة تخالفه كالأعمال التخريبية المروعة التي تخدش الأمن، وتسبب الأضرار بالأرواح والممتلكات.
وإن ما حصل قبل أيام من استهداف رجال الأمن وجماعة من الآمنين في محافظة الأحساء وإطلاق النار عليهم بشكل عشوائي دون تمييز، ليُقتَل من يُقتَل، ويُجرَح من يُجرَح .. فليس هذا من دين الله تعالى في شيء. ويُخشى أن يكون من مكر الأعداء على أيدي بعض الجهلة الأغرار الذين ركبوا موجات الغلو والعنف، لإثارة الفتنة بين أهل القبلة من المسلمين، ولو ثارت فلن تكون في صالح أحدٍ إلا الأعداء المتربصين الذين يذكون نيران الفتنة، وينفخون فيها، لرفع الأمن والاستقرار من بلاد المسلمين، وإحلال الخوف والفوضى فيها، لتحقيق أهدافهم في استعمار بلاد المسلمين.
إن المتابع لمثل هذه الأحداث يدرك تمامًا مدى حرص الأعداء على خلخله الأمن في هذه البلاد وتعكير صفو هذه النعمة فليتنبه أبناؤنا لمثل هذه الأعمال المسيئة حتى لا يقعوا فريسة لأعداء الله سبحانه وتعالى وللحاسدين والحاقدين ويكونون أدوات لهم.
فالحذر الحذر أيها الشباب فأنتم عدة أنفسكم وأهليكم ومجتمعكم ووطنكم وأمتكم، وأنتم أملها ورجاؤها بكم تعمر البلاد والعباد، وبكم تنهض وتزدهر، فالله الله في تمثل دينكم وأخلاقكم، وتقدير مكتسبات آبائكم وأجدادكم، ومواصلة مسيرة بنائهم، وعدوكم يتربص بكم فسدوا الطريق أمامه، فالبناء كبير، والهدم سهل لكن الإعادة أصعب.
حمى الله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه، وأدام علينا وعلى المسلمين الأمن والاستقرار، وإنه سميع مجيب.
عباد الله ... صلوا وسلموا على نبيكم محمد ....
المشاهدات 2875 | التعليقات 2

بارك الله فيك
وحفظ الله بلادنا آمنه مطمئنة


جزاك الله خيرا