نعمة الأمن وتفجيرا صنعاء

ثابت الأهدل
1435/02/03 - 2013/12/06 05:37AM
=لما أكمل خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام بناء بيت الله الحرام بأمر الله له رفع يديه لمولاه قائلاً: رَبّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِنًا وَٱجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأصْنَامَ . فتأمل في هذه الدعوة من الخليل عليه السلام، تأمل هذه الدعوة التي دعا بها الخليل عليه السلام لأهل بيتِ الله الحرام: رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرٰتِ .
=عِبادَ الله، الأمنُ مَطْلَبٌ عَزيزٌ وكَنْزٌ ثَمينٌ، هَوَ قِوامُ الحَياةِ الإنْسَانِيَّةِ كُلِّهَا، وأسَاسُ الحَضَارَةِ المدَنيَّةِ أجْمَعِهَا، تَتَطلَّعُ إليْهِ المُجْتَمَعَاتُ، وتَتَسَابَقُ لِتَحقيقِهِ السُّلُطَاتُ، وتَتَنَافَسُ في تأمينِهِ الحُكُومَاتُ، تُسَخَّرُ لَهُ الإمكَانَاتُ المادِيَّةُ والوَسَائِلُ العِلميَّةُ وأنْوَاعُ الدِّرَاساتِ، وتُحشَدُ لَهُ الأجْهِزَةُ الأمْنِيَّةُ والعَسْكَريَّةُ، وتُسْتَنْفَرُ لَهُ الطَّاقَاتُ البَشَريَّةُ.
=مَطْلَبُ الأمنِ يَسْبِقْ طَلَبَ الغِذَاءِ، فبِغَيرِ الأمْنِ لا يُسْتَساغُ طَعَامٌ، ولا يهْنَأ عَيشٌ، ولا يَلَذُّ نَومٌ، ولا يُنعَمُ بِراحَةٍ، قِيلَ لحكيمٍ: أينَ تَجدُ السُّرُورَ؟ قَالَ: في الأمْنِ، فإنِّي وَجَدْتُ الخائِفَ لا عَيشَ لَهُ.
=فِي ظِلِّ الأمْنِ تُحْفَظُ النُّفُوسُ وتُصَانُ الأعْرَاضُ والأمْوَالُ وتَأْمَنُ السُّبُلُ وتُقَامُ الحُدُودُ ويَسُودُ العِمْرَانُ وتَنْمُو الثَّرَوَاتُ وتَتَوافَرُ الخيرَاتُ ويَكْثُرُ الحَرْثُ والنَّسْلُ، في ظِلِّ الأمْنِ تَقُومُ الدَّعْوَةُ إلى الله وتُعمَرُ المسَاجِدُ وتُقَامُ الجُمَعُ والجَمَاعَاتُ ويَسُودُ الشَّرْعُ ويَفْشُو المَعْروفُ ويَقِلُّ المُنْكَرُ ويحْصُلُ الاستِقْرارُ النَّفْسيُّ والاطْمئنَانُ الاجْتِماعيُّ.
=مَا قيمَةُ المالِ إذَا فُقِدَ الأمْنُ؟! مَا طِيبُ العَيشِ إذَا انْعَدَمَ الأمْنُ؟! كَيفَ تَنْتَعِشِ مَنَاشِطَ الحَيَاةِ بِدُونِ الأمْنِ؟! الأمْنُ تَنْبَسِطُ مَعُهُ الآمَالُ، وتَطْمئنُّ مَعَهُ النُّفُوسُ عَلى عَوَاقِبِ السَّعْيِ والعَمَلِ، وتَتَعدَّدُ أنشِطة البَشَرِ النَّافِعَة مَعَ الأمْنِ، ويَتَبادَلُونَ المصَالِحَ والمنَافِعَ، وتَكثُرَ الأعْمَالُ المتَنَوِّعَةُ التي يحتَاجُ إليهَا النَّاسُ في حَيَاتِهِمْ. مَعَ الأمْنِ تُحقَنُ الدِّمَاءُ، وتُحفَظُ الأمْوالُ والحُقُوقُ، وتَتيسَّرُ الأرْزَاقَ، ويَعظُمُ العمْرَانُ، وتَسعَدُ وتَبتَهجُ الحيَاةُ في جَميعِ مجَالاتِهَا مَعَ الأمْنِ.
=الأمنُ نعمةٌ كُبرى ومنَّةٌ عظيمةٌ لا يعرِفُ كبيرَ مقدارِها وعظيمَ أهميتها إلا من اكتوَى بنار فقدِ الأمن، فوقعَ في الخوف والقلق والذُّعر والاضطراب ليلاً ونهارًا، سفرًا وحضرًا.
=الأمن نعمةٌ عظيمةٌ امتنَّ الله بها على أقوام، فيقول -جل وعلا-: (سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ) ورسولُنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أصبحَ آمنًا في سِربه، مُعافًى في جسده، عنده قُوتُ يومه، فكأنما حِيزَت له الدنيا". رواه الترمذي، والبخاري في "الأدب المفرد".
=معاشر المسلمين: إذا اختلَّ نظامُ الأمن وتزَعزَعت أركانُه وقعَ المُجتمع في الفتن العريضة والشرور المُستطيرة، وكثُرت حينئذٍ الجرائمُ الشنعاء، والأعمال النَّكراء، لذا حرَّم الإسلامُ كلَّ فعلٍ يعبَثُ بالأمن والاطمئنان والاستِقرار، وحذَّر من أيِّ عملٍ يبُثُّ الخوفَ والرعبَ والاضطراب.
=يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحلُّ لمُسلمٍ أن يُروِّع مُسلمًا". رواه أحمد، وأبو داود.
بل ولقد بلغَت عنايةُ الإسلام بالحِفاظ على الأمن بأن حرَّم كلَّ ما يُؤذِي المُسلمين في طُرقهم وأسواقِهم ومواضع حاجاتهم.
يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إذا مرَّ أحدُكم في مساجِدنا أو أسواقنا ومعه نَبلٌ فليُمسِك بنَصلها أن يُصيبَ أحدًا من المُسلمين منها بشيءٍ". متفق عليه.
=عِبَادَ الله، الأمْنُ والدِّينُ مُتَلازِمانِ، بل لا يَسْتَقيمُ أمرُ الدِّينِ إلاَّ مَعَ وُجُودِ الأمنِ، وانْظُرُوا قَولَ الرَّسُولِ : ((والله، لَيُتِمَنَّ الله هَذَا الدِّينَ حَتَّى يَسيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوتَ لا يَخَافَ إلاَّ الله والذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ)) رَواهُ البُخَاريُّ، وقَالَ أيضًا: ((فوَالذِي نَفْسِي بِيدِهِ، لَيُتِمَّنَّ الله هذَا الأمْرَ حَتَّى تخرُجَ الظَّعينَةُ مِنَ الحيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بالبَيتِ مِنْ غيرِ جِوَارِ أحدٍ)) رَوَاهُ أحمدُ والبيهَقِيُّ، وقال الله سُبْحَانَهُ: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ
=عباد الله إذَا اضْطَرَبَ الأمْنُ ظَهَرَتْ الفِتَنُ، وتَزَلْزَلَتِ الأمَّةُ، وتَخلْخَلَتْ أرْكَانُها، وكَثُرَ الخَبَثُ، والتَبَسَ الحَقُّ بالبَاطِلِ، واسْتَعْصَى الإصْلاحُ عَلَى أهلِ الحَقِّ. إذَا اخْتَلَّ الأمْن ـ عِياذًا باللهِ ـ حَكَمَ اللُّصُوصَ وقُطَّاعُ الطَّرِيقِ، وسَادَتْ شَريعَةُ الغابِ، وعَمَّتِ الفَوضَى، وهَلَكَ النَّاسُ.
=أيُّهَا الإخوَةُ، الأمْنُ لَيسَ كَلِمَةً تُقَالُ بالألْسُنِ ثمَّ بَعدَهُ تَسْتَقيمُ الأمُورَ، بَلْ الأمْنُ يَحْتَاجُ إلى جُهْدٍ ومُصَابَرَةٍ، لا يَقُومَ الأمْنُ إلاَّ بِرِجَالٍ مُخلِصينَ وشَعْبٍ مُتمَاسِكٍ مَعَ حَاكِمٍ يَقُومُ بأمرِ النَّاسِ. يَقُولُ الإمَامُ الماوردِيُّ رحمه الله: "لا بُدَّ للنَّاسِ مِنْ سُلْطَانٍ قَاهِرٍ، تَأْتَلِفُ بقوّته الأهويَةُ المخْتَلِفَةُ، وتجْتَمِعُ بهَيبَتِهِ القُلُوبُ المتفَرِّقَةُ، وتَكُفُّ بسَطْوَتِهِ الأيدي المُتَغالِبَةُ، وتُقْمَعُ مِنْ خَوفِهِ النُّفُوسَ المتَعَانِدَةُ والمتَعَادِيَةُ؛ لأنَّ في طَبَائعِ النَّاسِ مِنْ حُبِّ المُغَالَبَةِ والقَهْرِ لمَنْ عَانَدُوهُ مَا لا يَنْكَفُونَ عنهُ إلا بمَانِعٍ قَويٍّ ورَادِعٍ مَليٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:
والظُّلْمُ مِنْ شِيَمِ النُّفُـوسِ فإنْ تَجِدْ ذَا عِفَّـةٍ فَلِعِلَّـةٍ لا يَظْلِـمُ
والعِلَّةُ المانِعَةُ مِنَ الظُّلْمِ عَقلٌ زَاجِرٌ أو دِينٌ حَاجِزٌ أو سُلْطَانٍ رَادِعٍ أو عَجْزٍ صَادٍ، وإذا تأمَّلْتَ لم تَجد خَامِسًا، ورَهْبَةُ السُّلْطانِ أبْلَغُهَا؛ لأنَّهُ رُبَّما كَانُوا مشْغُوفينَ بِدَاعِي الهوَى، فتَكُونُ رَهْبَةُ السُّلْطانِ أشَدّ زَجْرًا وأقْوى رَدْعًا" اهـ.
=ولا يَسْتَقيمُ أمرُ السُّلْطانِ إلاَّ برِجَالٍ مُخْلصينَ، يَقُومُونَ مَعَهُ، يَحرُسُونَ البِلادَ، ويحمُونَ الثُّغورَ أنْ يَعْتَدي عَلَى المُسلمينَ مَنْ يُريدُ قَتْلَهُمْ، فَلا تَسْتَقيمُ للنَّاسِ حَيَاتُهُمْ ولا يَسْتَقيمَ لهمْ أمْنُهُمْ بِدُونِهمْ؛ ولِذَلِكَ اتَّخَذَ النَّبيُّ حَرَسًا يحرُسُونَ المدينَةَ، فَقَدْ رَوَى البُخَاريُّ ومُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا تَقُولُ: أرِقَ النَّبيُّ ذاتَ لَيلَةٍ فَقَال: ((لَيتَ رَجُلاً صَالحًا مِنْ أصْحَابي يَحرُسُنِي اللَّيلَةَ))، إذْ سَمِعْنَا صَوتَ سِلاحٍ، فقَالَ: ((مَنْ هَذَا؟)) فقَالَ: أنَا سَعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ جئتُ أحْرُسُكَ، فنَامَ حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ، وفي رِوَايةٍ: فَدَعَا لهُ .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي أنعمَ علينا بنعمٍ لا تُحصَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الأعلى، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ المُصطفى والرسولُ المُجتبَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِهِ أهلِ البرِّ والتقوى.
=لقد جاءت الشريعةُ جاءت بحفْظِ الأمْـن، وحفْظِ الدِّمَاءِ، فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ)) مسلم.
وَقَـالَ رَسُـولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْـوَنُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)) الترمذي والنسائي.وَقَـالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لاَ يَزَالُ العَبْدُ فِي فُسْحَةٍ فِي دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً))
فدم المسلم حرامٌ، وماله حرامٌ، وعرْضه حرامٌ، وقد صان الإسلامُ الدِّماءَ والأمْوَالَ والأَعْرَاضَ، ولا يجوز استحلالُها إلا فيما أحلَّه اللهُ فيه وأباحهُ...
قَـالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ)).
وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: (مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ) الترمذي.
=وقَتْلُ المسلم بغيْر حَقٍّ من كبائر الذُّنُوبِ، والقاتلُ معرَّضٌ للوعيدِ، وقد نهى اللهُ سبْحانهُ وتعالى عن قتْلِ النَّفْسِ بغير حَقٍّ فقال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ
=فكيْف بمنْ يزْرعُ القنابلَ والمتفجِّراتِ فيستهْدفُ الأرْواحَ المسلمةَ البريئةَ، فيقْتُلُ العشراتِ ويجْرحُ المئاتِ ويروِّعُ الآلافَ من المسلمينَ... كيْف بمنْ يقتُلُ الصَّغيرَ والمرْأةَ والشَّيْخَ العجوزَ، من غيْر جريرةٍ اقْترفوها...
=إنَّ مَنْ فعلَ ذلكَ كان معرَّضاً لأشدِّ العذابِ والعقابِ والوعيدِ ـ ومن فعل ذلك؟ ومن له المصلحة في ذلك؟ ومن المستفيد من ذلك ؟ نفتح عليْها علامات استفْهام كبيرة ـ، قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً
=ومن أجْلِ ذلك فإنَّ كُلَّ عملٍ تخْريبيٍ يسْتهدف الآمِنين مخالفٌ لأحكام شريعةِ ربِّ العالمين، والَّتِي جاءتْ بعصْمةِ دماءِ المسْلمين والمعاهَدِين...
=إخوة الإيمان، إنَّ أساليبَ العُنْفِ ومسالكَه من تفْجيرٍ وتدْميرٍ ونَسْفٍ لا تهْزم القِيَّمَ الكبيرةَ، ولا تُحَـرِّرُ شَعْباً، ولا تَفْرِضُ مذْهباً... العُنْفُ لن يُغَيِّرَ سياسةً، ولن يكْسبَ تعاطُفًا...
=العُنْفُ لا يَحْمِلُ مشْروعًا غَيْرَ التَّخْريبِ والإفْسادِ العُنْفُ يورِّثُ عَكْسَ مقْصودِ أصْحابهِ... فَالمشاعرُ والعقولُ كلُّها تلْتقِي على اسْتنْكارهِ ورفْضهِ والبراءةِ منْه ومن أصْحابهِ، ومن ثَمَّ فإنَّه يبْقى علامةَ شُذوذٍ ودليلَ انْفـرادٍ وانْعزاليةٍ...
=إِنَّ نَشْرَ الرُّعْبِ والتَّرْويع في أوْساطِ المجتمعِ يعدُّ فساداً عظيماً، ولذا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا)) أبو داود.
=والمحافظةُ على الأَمْنِ مسؤوليةُ الجميع حُكَّاماً ومحكومينَ، رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، والأَمْنُ ليس هو أَمْنُ الأجْسام فحسْب، بل هو أمْنُ العقولِ والأبدان، وسدُّ منافذِ الشرِّ، وأعْظم سببٍ لحفْظِ الأَمْنِ هو الإيمانُ باللهِ، وتطْبيقُ شرْعه، والاِحْتكامُ إلى كتابهِ وسُنَّةِ رسولهِ، وتنْقيةُ المجْتمع مما يضادُّه، قال تعالى: ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلاْمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ
=في ظلِّ الأَمْـنِ تُعْمَرُ المساجدُ وتقامُ الصَّلواتُ، وتُحْفظ الأعْراضُ والأمْوالُ، وتُأْمَنُ السُّبُلُ، ويُنْشَرُ الخيْر، ويعمُّ الرَّخَاءُ، وتُنْشَرُ الدَّعْوَةُ... وإذا اخْتَلَّ الأَمْنُ كانتِ الفـوْضى...
فلْنكنْ كلُّنا جنوداً في حفْظ الأَمْنِ، أَمْنِ العقولِ والقلـوبِ، وَأَمْنِ الأجْسادِ والأعْراضِ، ولتحْقيق ذلك لابدَّ أن نبْدأ في تطْبيق شـرْع اللهِ في أنْفُسِنَا، وفي بيوتِنـا ومجْتمعِنا...
=إن ما حدث في صنعاء من التفجير الذي أفجع الناس يوم أمس عمل إجرامي خطير وكبير لا يرضاه الله ورسوله، ولا يقره دين الإسلام، ولا يقبله من كان عنده أدنى ذرة من إيمان أو عقل، بل دين الإسلام وأهله منه بُرَآء. إنه محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة،
=إن من أعظم الشنائع التي حواها هذا الجُرْم العظيم قتل النفس المؤمنة عَمْدًا بغير حق، إضافة إلى ما فيه من ترويع للآمنين والاعتداء على حرمة بلاد المسلمين وعلى نفوس بريئة، وهو ضرب من الإفساد في الأرض وإتلاف للأموال المعصومة.
=ما ذنب الضحايا من القتلى والجرحى في هذا العدوان الأثيم؟! ما ذنب الأبرياء الذين على مكاتبهم يقومون بواجبهم المناط بهم؟! وما ذنب المساكين الذين جاؤوا لمتابعة شؤونهم ومراجعة أوراقهم؟! ما ذنب المرضى الذين يقبعون على أسرتهم ؟ وما ذنب المارّة والمجاورين لذلك المبنى المدمّر؟! ما ذنب الطفلة الصغيرة التي قُتِلت في هذا الحادث أم أنّ قَدَرها أنها سكنت أو مرت بجوار هذا المبنى المستهدف؟
=إن بلادنا اليوم مستهدفة داخلياً وخارجياً وإذا لم نج المخلصين الذين يأخذون على يديها ربما هوينا إلى فتن مظلمة لا يعلمها إلا الله .
ألا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة عليه...
المشاهدات 2172 | التعليقات 1

جزيت خيرا شيخ ثابت ونفع بك وزادك الله فضلا وعلما ونحن وجميع عباده المسلمين