نعمة الأمن والتحذير من الفتن
بندر المقاطي
1435/06/25 - 2014/04/25 17:29PM
نعمة الأمن والتحذير من الفتن
الخطبة الأولى
الحمد لله، الحمد لله ناصر الحق ومُتَّبِعه، وداحِض الباطل ومُبتدِعه، أحمده والتوفيق للحمد من نعمه، وأشكره والشكر كفيلٌ بالمزيد من فضله وكرمه، وأستغفره مما يُوجِبُ زوال نِعمه وحلول نِقَمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تمَّت على العباد نعماؤه، وعظُمَت على الخلق آلاؤه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله، ترك أمته على المحجة البيضاء، والطريقة الواضحة الغرَّاء، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما انزاحَ شكٌّ بيقين، وما قامت على الحق الحُجَج والبراهين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أما بعد، عباد الله:
فاتقوا الله تعالى، اتقوا الله فقد نجا من اتقى، وضلَّ من قادَه الهوى، ﮋيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﮊ.
أيها المسلمون:
منعَ الرُّقــــــــــــــادَ بلابلٌ وهمــــــــــــــــــــــــــــــــــــومُ ** والليلُ مُعتنِجُالرِّواقِ بهيـــــــــــــــــــــــــــــمُ
وفاضَتدموعُ العين من فرطِ الأَسَى ** وحلَّ الصدْعُ في القلبِوالوِجدانِ
وفاضَتدموعُ العين من فرطِ الأَسَى ** وحلَّ الصدْعُ في القلبِوالوِجدانِ
يومَ باءَ الدمُ بالدم، وأضحَى أهلُ الإسلام يقتلُ بعضُهم بعضًا، ويُهلِكُ بعضُهم بعضًا، ويسبِي بعضُهم بعضًا، افتراقٌ في الأمر، وشتاتٌ في الرأي، واختلافٌ في الأهواء، وفتنةٌ مُستولية، وحروبٌ مُشتعِلة، وعدوٌّ يتربَّص، الحكمةُ غائبة، وحُظوظ النفس مُستحكِمة.
وكم يعتصِر الألمُ قلوبَنا مما نراه من أحداثٍ واضطرابات، وصِدامات ومُواجهات في عالمنا الإسلامي، نسأل الله أن يُفرِّج كُربَتهم، وأن يكشِف شدَّتهم، ويحفَظ بلادَنا ويصُونها من هذه الشرور والآثام.
وكم نتطلَّع إلى فرجٍ قريب يُعيدُ لأوطاننا المسلمة أمنَها وسِلمها واستقرارها لتنقشِعَ سحابةُ الفتنة، وتنعمَ الشعوبُ المسلمةُ في أرضها وبلادها، بخيرها وثرواتها، في ظلِّ شريعة الإسلام التي لا أمن إلا بها، ولا سلامة إلا بتطبيقها.
عباد الله:
تتفاوَت البلدان والأوطان شرفًا ومكانة، وعُلوًّا وحُرمة، ومجدًا وتأريخًا، وتأتي بلادنا، بلادُ الحرمين الشريفين، وراعيةُ المسجدَيْن العظيمَيْن، وخادمةُ المدينتين المُقدَّستين، في المكان الأعلى، والموطن الأَسْمى، بلادٌ في ظِلال الشرع وادِعة، وفي رياض الأمن راتِعة، ولأطراف المجد جامعة، مهبِط الوحي، وموئِلُ العقيدة ومأرِزُ الإيمان وحرَمُ الإسلام، فيها الكعبةُ المُعظَّمة، والمشاعرُ المُقدَّسة، وفيها مسجدُ نبينا وسيدنا وحبيبنا محمدٍ e، وبه الروضةُ المُشرَّفة، حِفظُ أمنها واجبٌ مُعظَّم، وصَونُ أرضها فرضٌ مُحتَّم.
والمملكةُ العربيةُ السعودية تحت ولايةٍ مسلمة، ولاية خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه، تُدين بالحكم لكتاب الله وسنة رسوله e، وفي أعناق شعبها بَيعةٌ لها، ورسول الله e يقول: «من مات وليس في عُنقه بيعة ماتَ ميتةً جاهلية»؛ أخرجه مسلم.
وببركة كتاب الله وسنة رسوله e، وببركة تطبيق الشريعة أضحَت المملكةُ مضرِبَ مثلٍ في أمنها ووحدة صفِّها وانتظام شملِها واجتماع كلمتها وتلاحُم قيادتها وشعبها، بعد زمنٍ كان الناس في شتاتٍ وانفلات، وقتالٍ وحروب، وبُؤسٍ وضُرٍّ، وتلك حالٌ انقَشَعت ضبابةُ محنتها، وانجلَت غمرةُ كُربتها، بفضل الله تعالى، ثم بفضل الشريعة والجماعة.
والجماعةُ منَعة، والفُرقة مضيَعة، الجماعة لُبُّ الصواب، وهي أمر الله تعالى لعباده المؤمنين ﮋ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶﭷ ﮊ، والفُرقة أُسُّ الخراب، والفُرقة بادرةُ العِثار، وباعثةُ النِذار، تُحيلُ العمار خرابًا، والأمنَ سرابًا، وهي العاقرةُ والحالقةُ، يقول رسول الله e: «من فارقَ الجماعةَ شبرًا فمات ماتَ ميتةً جاهلية»؛ أخرجه البخاري.
فاحذروا سلَّ الأيدي عن رِبقة الطاعة، واحذروا مُفارقة الجماعة، واحذروا أصحاب الفِكر المقبوح، والتوجُّه المفضوح، دعاةَ الفتنة، وأذنابَ الأعداء، ورؤوس الشر الذين امتلأَت قلوبهم حقدًا على الإسلام وأهله، وحسدًا على بلاد التوحيد وأهلها.
واحذروا من التيارات والجماعات والمنظمات الفكرية المتطرفة، واحذروا دعوات المشاركة في الأعمال القتالية في البلدان الملتهبة، وعلينا حماية أبنائنا من فتاوى الغلو والتطرف التي تريد أن تزج بهم في أتون تلك الصراعات ليكونوا بمثابة الحطب لها، وعلينا قطع الطريق على تلك الفتاوى الخارجة عن منهج وسطية الإسلام، والتي تستغل تديّن بعض الشباب من صغار السن وحماسهم؛ لتغرر بهم من أجل تنفيذ أجندات معينة.
وعلينا أيها الأحبة: أن نكون على وعيٍ بأهداف تلك الدعوات المُغرِضة، وعلى إدراكٍ لمآلاتها الخطيرة، وعواقبها السيئة، وعلى علمٍ بمن يقِفُ وراءَها من أصحاب العقائد الفاسدة، والذين يريدون تمرير مخطَّطاتهم الخبيثة ونواياهم السيئة عبر شبابنا وفي بلادنا المباركة.
أيها المسلمون:
علينا أن نكون يداً واحدةً، وصفاً واحداً، وأن نلتزم المنهج الشرعي الصحيح الذي عليه سلف هذه الأمة وعلماء هذه البلاد المباركة، وأن نرد الأمور إلى أهلها، ﭧ ﭨ ﮋ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮊالنساء: ٨٣
فاحفظوا أمنكم ووحدتكم، ووطنكم واستقراركم، وانظروا في من حولكم، ممن يُعانون الخوفَ والرُّعب والحروب والدمار والشتات والانفلات، يوم ضاعَ أمنُهم، وتفرَّق شملُهم، وتبدَّدَت وحدتهم، واختلفَت كلمتُهم، والسعيدُ من وُعِظ بغيره، والشقيُّ من وُعِظ بنفسه.
ﮋ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮊالأنعام: ١٥٣
بارك الله لي ولكم في القرآن والسُنّة.. ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة.. قد قُلتُ ما سمعتم.. وأستغفر الله لي ولكم..
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
الخُطْبَةُ الثَّانِيةُ
الحمد لله على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتِنانه.
اتقوا الله عباد الله .. ]وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (البقرة281.
أيها المسلمون:
إننا نعيشُ في قوةٍ وصحةٍ وأمن، تُوجِبُ الشكرَ لله ذي المَنِّ، وإن من حقِّ الله علينا أن نكون أوفياء للإسلام، أُمناء على الإسلام، فلن تُصانَ حِمَى الأوطانِ بمثلِ طاعةِ الرحمن، فاستديموا بالطاعةِ النِّعَم، وكُفُّوا عن المعاصي المُهلِكة، والذنوب المُوبِقة، وتوبوا توبةً صادقة تُدفَع عنكم النِّقَم، وتُحرَس عليكم النِّعَم، ويدُم عِزُّكم بين الأمم.
ثم اعلموا يا عباد الله:أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد e، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
,اعلَموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين، فقال في محكم التنزيل:]إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( الأحزاب:56.
فاللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن أصحابه الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءاً وسائر بلاد المسلمين..
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان..
اللهم ولِّ عليهم خيارهم واكفهم شر شرارهم..
اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان..
اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك.. اللهم كن لهم ولياً ونصيراً.. ومُعيناً وظهيراً.. اللهم عليك بمن بغى عليهم.. اللهم اقتلهم بدداً، وأحصهم عدداً، ولا تغادر منهم أحداً.. يا ذا الجلال والإكرام..
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً، يُعز فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر، يا حيّ يا قيوم.
اللهم من أرادنا أو أراد ديننا وبلادنا وأمننا بسوءٍ اللهم فأشغِله بنفسه، واجعل كيدَه في نحره، اللهم اقتله بسلاحه، وأحرِقه بناره، اللهم اكشِف أمره، واهتِك سِترَه، واكفِنا شرَّه، واجعله عِبرَة.
اللهماللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين يقولون بالحق وبه يعدلون.
اللهم اكشِف الغُمَّة، وأطفِئ جمرة الفتنة، وشرارة الفوضى ونار الاصطدام يا رب العالمين.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا.. اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا يا قوي يا عزيز يا رب العالمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اغثنا، اللهم اغثنا، اللهم اغثنا..
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين،
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله:
)..اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (
الأحزاب 41-42.
)..اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (
الأحزاب 41-42.
المشاهدات 3568 | التعليقات 3
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
وإياك ياشيخ شبيب
بندر المقاطي
وهذه الخطبة مسجلة
http://www.youtube.com/watch?v=GunyQn38B6w
بالمناسبة أيها الأحبة: أمروا الشطحات النحوية بلا كيف:D
سبحان الله أحياناً يغلق على الواحد فلا يعلم ما موضع الإعراب.:confused:
تعديل التعليق