نعمة الأمن + موافقة للتعميم

صالح عبد الرحمن
1443/02/09 - 2021/09/16 05:52AM

الحمد لله الذي لا يبلغُ مِدحَتَه القائلون، ولا يُحصِي نعماءَه العادُّون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا إله سواه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه و من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد
يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحو بكرة وأصيلا
فضائل ربنا علينا لا تعد ولا تحصى، وجميله وإحسانه يُغدق علينا بالغدو والآصال.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هو مَطْلَبٌ عَزِيزٌ وَكَنْزٌ ثَمِينٌ؛ إِذْ هُوَ قِوَامُ الْحَيَاةِ الإِنْسَانِيَّةِ كُلِّهَا، تَتَطَلَّعُ إِلَيْهِ الْمُجْتَمَعَاتُ، وَتَتَسَابَقُ لِتَحْقِيقِهِ السُّلُطَاتُ، وَتَتَنَافَسُ فِي تَأْمِينِهِ الْحُكُومَاتُ، فَهُوَ مَطْلَبٌ يَسْبِقُ طَلَبَ الْغِذَاءِ، فَبِغَيْرِهِ لاَ يُسْتَسَاغُ طَعَامٌ، وَلاَ يَهْنَأُ عَيْشٌ، وَلاَ يَلَذُّ نَوْمٌ.

إنها نعمة الأمن

فَالنُّفُوسُ فِي ظِلِّهِ تُحْفَظُ، وَالأَعْرَاضُ وَالأَمْوَالُ تُصَانُ، وَالشَّرْعُ يَسُودُ، وَالاِسْتِقْرَارُ النَّفْسِيُّ وَالاِطْمِئْنَانُ الاِجْتِمَاعِيُّ يَتَحَقَّقُ بِإٍذْنِ اللهِ تَعَالَى.

أنعم الله علينا نعم لم تشهد الدنيا لها مثيلًا ، يعبد الإنسانُ ربَهُ آمنا ظاهراً ، ويختارُ من الطيباتِ ما لذ وطاب..
خَرَجَ رَسُولُ اللهِ r ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: «مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟» قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ،، قَالَ: «وَأَنَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا، قُومُوا»، فَقَامُوا مَعَهُ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي، قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ، فَقَالَ: كُلُوا مِنْ هَذِهِ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ، فَذَبَحَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ r لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ " أخرجه مسلم  
أي عذرٍ لنا عند ربِنا إذا لم نشكره، وأي بقاءٍ نستحقه، إذا أنكرنا جميلَه، وآلائُه ونعمائُه تغشانا بالليلِ والنهار.( كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)
لايُزيل النعمَ، ولا يهلكُ الأممَ إلا البطرَ والأشر{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا)
العمل بتقواه شكر لله (فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
لايحس بنعمة الأمن إلا من يتجرع الحروب والإضطراب والنهب والسلب ، ولا يتذكر طيب العيش  إلا من يقاسي شدة الجوع والمسغبة .

وَنَحْنُ فِي هَذِهِ الْبِلاَدِ المباركة المملكة العربية السعودية - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ - نَعِيشُ مَعَ هَذِهِ النِّعْمَةِ وَمَعَ غَيْرِهَا مِنَ النِّعَمِ الَّتِي لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحَدُّ، حَتَّى أَصْبَحَتْ بِلاَدُنَا مَضْرِبَ الْمَثَلِ فِي تَحْقِيقِهِ.

 

قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» [رواه البخاري في الأدب المفرد، وحسنه الألباني].

 

وَمِمَّا يُذْكَرُ وَلاَ يُنْكَرُ: مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْنَا فِي بِلاَدِنَا مِنْ الْخَيْرِ الْوَفِيرِ، وَالْعَيْشِ الرَّغِيدِ، حَتَّى شَهِدَ بِذَلِكَ الْبَعِيدُ وَالْقَرِيبُ، وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ، وَأَضْحَى تَأْثِيرُهَا عَلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ، وَهَذَا فَضْلٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، ثُمَّ بِفَضْلِ تَمَسُّكِهَا وَاعْتِزَازِهَا بِدِينِهَا؛ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82].

 

وَالْمَسْؤُولِيَّةُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى نِعْمَةِ الأَمْنِ، وَوَحْدَةِ الصَّفِّ، وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ؛ وَذَلِكَ بِالاِعْتِزَازِ بِهَذَا الدِّينِ، وَشُكْرِ الْمُنْعِمِ الْمُتَفَضِّلِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالشُّعُورُ الْجَمَاعِيُّ بِمَسْؤُولِيَّةِ الْحِفَاظِ عَلَى الْوَطَنِ، وَالْمُمْتَلَكَاتِ، وَالْمُكْتَسَبَاتِ، وَالاِلْتِفَافُ حَوْلَ الْقِيَادَةِ الْحَكِيِمَةِ ، وَصَدُّ كُلِّ فِتْنَةٍ، أَوْ مَسْلَكٍ، أَوْ دَعْوَةٍ تُهَدِّدُ أَمْنَ بلادنا، وَرَغَدَ عَيْشِهِ.

 

وَالْعَمَلُ عَلَى تَحْقِيقِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا..﴾ الآية [آل عمران: 103]. وَقَوْلِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا: يَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تَنَاصَحُوا لِمَنْ وَلاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ. وَيَسْخَطُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ».

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الأَمْنَ وَالأَمَانَ فِي أَنْفُسِنَا وَفِي أَوْطَانِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

قلت ما سمعتم . 

 

الخطبة الثانية :

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين .

أما بعد أيها الكرام ..

علينا جميعاً أن نقدر ما من الله به علينا من نعمة الأمن والأمان.

ودوام الشكر يزيد النعم ويحفظها .

اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وإيماننا

المشاهدات 1600 | التعليقات 0