نصرة النبي صلى الله عليه وسلم

طلال شنيف الصبحي
1442/03/13 - 2020/10/30 06:29AM

نصرة النبي صلى الله عليه وسلم 12 / 3 / 1442
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) أما بعد:
عباد الله: كان من المفترض أن نكمل في هذه الخطبة ما بدأناه من حديث السبع الموبقات المهلكات، ولكن هناك ثمة موبقةً أعظم ومهلكة أكبر، إن وقعت ممن يدعي الإسلام فهي كفر وردة عن الدين، وإن كانت من كافر مأفون فهي آذان بهلاكه وقطع نسله وبتره، ألا وهي السخرية والاستهزاء بخير الأولياء وصفوة الأنبياء، نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد ٌرسول الله صلى الله عليه وسلم. خير البرية وأطهر البشرية، شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وأتم أمره، وأكمل دينه، وبر يمينه, فهو منة الله على هذه الأمة، أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل جنة الخلد، له المقام المحمود والحوض المورود، رسالته خاتمة الرسالات، وبها بدد الله جميع الظلمات، فهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، فتح الله به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا. فرسولكم ـ أيها المباركون ـ شامة في جبين التاريخ، ما أشرقت شمس ولا غربت على أطهر منه نفسا، ولا أزكى منه سيرة، ولا أسخى منه يدا، ولا أبر منه صلة، ولا أصدق منه حديثا، ولا أشرف منه نسبا، ولا أعلى منه مقاما، جمع الله له بين المحامد كلها فكان محمدا، وأعلى قدره على الخلائق جلها فكان سيدا، قال عنه حسان بن ثابت رضي الله عنه وأحسن منك لم تر قط عيني وأفضل منك لم تلد النساء .. خلقت مبرأ مـن كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء.
والله ما خلق الإله ولا برى .. بشرا يرى كمحمدٍ بين الورى
بلغ العلى بكماله، كشف الدجى بجماله.. حسُنت جميع خصاله، صلوا عليه و آله
عباد الله: إن مسلسل الأكاذيب والافتراء، والسخرية والاستهزاء، بأعظم جناب، وخير من وطئ التراب، قد بدأه الكفار والمشركون منذ البعثة النبوية؛ فوصفوه بالجنون والسحر، والكهانة والشعر، لمزوه في عرضه، غمزوه في أهله ونفسه، وهو ساجد يصلي وضعوا سلى الجزور على ظهره، أسالوا الدم من عقبه، شجوا وجرحوا وجهه، وكسروا رباعيته، وأغروا به السفهاء والصبيان يسبونه ويؤذونه، وهموا بما لم ينالوا من قتله، والتنكيل به مرات ومرات، حتى دسوا له لحما مسموما، وللأسف لا تزال حلقات هذا المسلسل السخيف من الأذية والاستهزاء والسخرية، بإمام النبيين، وخاتم المرسلين، وقائد الغر المحجلين، تتوالى وتتابع إلى عصرنا هذا لكن هذه المرة من أرباب الحضارة والتقدم زعموا، بل من حثالة قوم في ظلمات الشهوات قبعوا، وفي غياهب شبهات الكفر غرقوا، والتي كان من آخرها ما عرضته دولة الكفر والضلال، وموطن الشهوات والانحلال، ومنبع الشر والفساد، الدولة السافرة الفاجرة، من الاستهزاء بخير البرية برسومات قبيحة من قلوب حاقدة، بتأييد ومباركة من رئيسهم المأفون فيايولهم، [قاتلهم الله أنى يؤفكون]،[قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر]. لقد كان هؤلاء الأنجاس الأرجاس، في عافية من دنياهم، وانهماك في شهواتهم، قبل أن يتعمدوا الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم بتطاولهم على المصطفى الأمين قد أدخلوا أنفسهم في الوعيد المهين، المسطر في القرآن المبين:[إن شانئك هو الأبتر] أي إن مبغضك هو المقطوع، ليبقى كل شانئ للنبي صلى الله عليه وسلم وكل معارض لدينه هو الأبتر المقطوع المنبوذ، وهذا وعد ثابت صادق من الله تعالى لرسوله وخليله - ومن أصدق من الله قيلا - أن لا يضره استهزاء المستهزئين، وأن الدائرة على المناوئين، وهذا التاريخ بعبره وأحداثه، شاهد لا يكذب، بإنه ما تظاهر أحد بمعاداة رسول الهدى والاستهزاء به وبما جاء به إلا أهلكه الله تعالى وأذله وخذله وأماته شر ميتة وبتر نسله وقطعه أين أبو لهب؟ أين أبو جهل؟ وأين الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وصناديد الكفر والشرك الذين بعث فيهم رسول الله فاستهزؤوا به وناصبوه العداء؟ [إنا كفيناك المستهزئين] وأين اليهود والنصارى والمنافقون الذين حاربوه وكذبوه وطعنوا في عرضه وأهله واستهزؤوا به وبأصحابه ودينه؟! [إنا كفيناك المستهزئين] بل أين الأكاسرة والقياصرة وأعداؤه على مر العصور؟ هل بقي لهم نسل وعقب وذكر؟! كلا والله، لقد هلكوا جميعا، وقتلوا شر قتلة، قطع الله نسلهم، غمرتهم الأرض، ولحقتهم اللعنة، وباؤوا بثقيل التبعات في الدنيا والآخرة، وبقي ذكره صلى الله عليه وسلم علما راسخا، وعقبه متتابعا شامخا، وسيرته منبعا ثرا للمسلمين إلى يوم الدين. والأيام بيننا وبين هؤلاء المستهزئين، لنرى فيهم من الله سوء العاقبة، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب) فكيف بمن عادى ولي الأولياء وخاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام ويقول الله عز وجل [إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا] أقول قولي هذا وأستغفر الله
الخطبة الثانية
عباد الله، إنه ليس لدى المسلمين أعظم من ربهم ونبيهم ودينهم، وإن حبه صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه، لمن أعظم ما يفاخر به المسلمون وفيه يتسابق المتسابقون، بل هو سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة ألم تسمعوا قول المولى جل وعلا [فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون] إلا أن نصرته صلى الله عليه وسلم ليست مجرد دعاوى تنشر، ولا عواطف وانفعالات تبث وتنثر، كلا، إن نصرته عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى [لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه] إن النصرة الحقيقية إنما هي في اقتفاء هديه صلى الله عليه وسلم، وإتباع سنته، وعدم مخالفة أمره. وترك البدع والخرافات، وَمِنَ البِدَعِ المُحْدَثَات: بِدْعَةُ المَوْلِدِ النَّبَوي؛ فَلَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ولا أَصْحَابُه الكرام، وَلَوْ كانَ خَيرًا لَسَبَقُوْنَا إِليه! ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾.
وَمِنْ أَعْظَمِ النُّصْرَةِ، لِنَبِيِّ الرَّحْمَة: تَعْظِيمُ جَنَابِه، والذَّوْدِ عن حِيَاضِه: بالعِلْمِ والبَيان والبنان، والحِكْمَةِ والبُرْهَان، مع اتِّبَاعِ السُنَّة؛ وَتَبْلِيغِهَا لِلأُمَّة؛
صلى عليك الله يا خير الورى 
تعداد حبات الرمال وأكثرا
صلى عليك الله ما غيث همى
فوق السهول وبالجبال وبالقرى
يا خير مبعوث بخير رسالة
للناس يا خير الأنام وأطهرا
نفديك بالأرواح وهى رخيصة
ونحارب الغرب الدنيء الأغبرا
لا لن يضرك شتمهم وسبابهم
والله جل جلاله قد طهرا
فاسأل صفاء البحر ماذا ضره
كلب مشى في شطه وتعثرا
صلى عليك الله في عليائه
ما صاح داع للأذان وكبرا
يا رب صلي على النبي وآله
ما فاض نبع بالجداول أو جرى
يارب صلي على النبي محمد
ما شج جرح في سبيلك وامبرا
صلوا على المختار أحمد انه
أزكي الأنام وخير من وطئ الثرى
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين

المشاهدات 527 | التعليقات 0