نزرٌ من أسباب ضعف الإيمان
محمد سعيد الهاشمي
1436/03/02 - 2014/12/24 11:18AM
نزرٌ من أسباب ضعف الإيمان
أما بعد :
فأتقوا الله عباد الله وراقبوه في السر والعلن ولا تعصوه .
إِنَّ من نِعَمَ اللهِ عَلَيْنَا نِعْمَةُ الإِيمَانِ هي من أعظم النعم , وقد امتن بها الله على عباده قال تعالى(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). الحجرات ـ17
وقال صلى الله عليه وسلم (وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب) رواه الحاكم
وَمِمَّا لاَ شَكَّ فِيهِ أَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَقْوَى بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ , يزيد بالطاعة حتى يصبح الإنسانُ من المقربين إلى ربه جل جلاله، وينقص بالمعصية حتى لا يبقى منه إلا ذرةً أو ينعدم فيخرج المرء من ملة الإسلام والعياذ بالله .
وضعف الإيمان له أسباب عديدة وهذا هو موضوع خطبتنا لهذه الجمعة,سنذكر نزراً من هذه الأسباب حتى نتيقظ لها وحتى نتدارك أنفسنا وحتى لا نقع فيها أو تزل أقدامنا .
فمِنْ أسباب ضعف الإيمان الابتعادُ عن الله وعن سنة النبي صلى الله عليه وسلم والابتعاد عن الأجواء الإيمانية وهذا مدعاة لضعف الإيمان في النفس يقول الله جل في علاه (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون). الحديد ـ16
إن الابتعاد عن المساجد سبب في ضعف الإيمان نعم أنت تصلي في البيت لكن تخلفك عن الجماعة سبب في ضعف الإيمان .
الابتعاد عن مجالس الذكر والوعظ وأعظمها الإعراض عن ذكر الله يقول الله جل في علاه
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى(. طه ـ124ـ126
ومن أسباب ضعف الإيمان: الابتعاد عن القدوات الصالحة وإن شئت فقل الابتعاد عن مجالس الأخيار وعن مجالستهم الذين يذكرونك بالله اسمع إلى ربك وهو يصف أولئك الأخيار (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). الكهف ـ28
قال صلى الله عليه وسلم(الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِل) . رواه أَبو داود
يَقُولُ صلى الله عليه وسلم (لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِناً وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيٌّ (.رواه أَبو داود
فَصَاحِبُوا الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللهِ لَعَلَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مَعَهُمْ أَوْ مِثْلَهُمْ .
ويقول صلى الله عليه وسلم (إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِفَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ منه رِيحًا خَبِيثَة). متفق عليه
عَنِ الْمَرْءِ لاَ تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارِنِ يَقْتَدِي.
لا تصاحب مَن لا يرقى بك إلى الله حاله، ولا يدلك على الله مقاله، قل لي مَن تصاحب أقول لك مَن أنت.
وَمِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ وُجُودُ الإِنْسَانِ الْمُسْلِمِ فِي وَسَطٍ يَعِجُّ بِالْمَعَاصِي فَهَذَا يَتَبَاهَى بِمَعْصِيَةٍ ارْتَكَبَهَا، وَآخَرُ يَتَرَنَّمُ بِأَلْحَانِ أُغْنِيَةٍ وَكَلِمَاتِهَا، وَثَالِثٌ يُدَخِّنُ، وَرَابِعٌ يَتَلَهَّى بِمَجَلَّةٍ مَاجِنَةٍ وَخَامِسٌ لِسَانُهُ ينطلق بالْغِيبَة وَالنميمة والْقِيل وَالقال واللعن والسب والشتم وَالْعِيَاذ بِاللهِ
وأخر أصبح التساهل عنده في النظر , أصبح التساهل في النظر إلى الحرام أمراً عادياً خاصة مع توفر الأجهزة الحديثة والله ثم والله تلك هي المدمرات للإيمان ,أتظن أنك ستحصل خيراً كثيراً عندما تنظر إلى تلك المحرمات .
يا ترى هل سيخشع قلبك في الصلاة ؟
هل سيخشع قلبك عند ذكر الله ؟
هل ستدمع عيناك ؟
هل ستحافظ على الصلاة ؟
يا أهل الإيمان كم من قناةٍ دمّرت حصون الإيمان وكم من مشهد كان سبباً لدخول النيران ، وكم من برنامج كان هو بداية الهلاك والانحلال عن الدين الله والبعد عن الله .
تذكر أنك ميت وأن القبر مسكنك وبين يدي الله موقفك وأعمالك سوف تفضحك أترك النظر إلى المحرمات قبل أن تخرج روحك إلى فاطر السماوات والأرض قبل أن تخرج من هذه الدنيا, فيا ترى ماذا سيكون حالك ؟
وماذا سيكون ردك عند السؤال( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ(لن تتجاوز تلك المنطقة أو ذلك المكان حتى تسأل وربنا على ذلك يقسم .
وَمِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ الإِغْرَاقُ فِي الاِشْتِغَالِ بِالدُّنْيَا حَتَّى يُصْبِحَ الْقَلْبُ عَبْدًا لَهَا؛ يَقُولُ سُبْحَانَهُ مُبَيِّناً قِيمَةَ الدُّنْيَا)اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ( . الحديد ـ20
وَيَقُولُ النَّبِيُّ َصلى الله عليه وسلم (تعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْض ) رَوَاهُ الْبُخَارِي
وَهَذِهِ الظَّاهِرَةُ وَاضِحَةٌ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الَّتِي عَمَّ فِيهَا الطَّمَعُ الْمَادِيُّ وَالْجَشَعُ فِي حُطَامِ الدُّنْيَا، وَهَذَا مِصْدَاقُ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيّ َصلى الله عليه وسلم) لَوْ أَنَّ لابْنَ آدَمَ وَاديا ذَهَب أَحَبَّ إِلَيْهِ ثَانِيا،وَلن يَملأ فاه إِلا التراب، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ)رَوَاهُ الْبُخَارِي .
وحين دخل عمر رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه الشريف عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا فقال (مَا لِي وَلِلدُّنْيَا مَا مَثَلِي وَمَثَلُ الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا) رواه الترمذي تلك هي حقيقة الدنيا .
وإن مِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ وَقَسْوَةِ الْقَلْبِ الإِفْرَاطُ فِي الأَكْلِ وَالنَّوْمِ وَالسَّهَرِ وَالْكَلاَمِ وَالْخُلْطَةِ وَكَثْرَةِ الضَّحِكِ فَكَثْرَةُ الأَكْلِ تُبَلِّدُ الذِّهْنَ وَتُثْقِلُ الْبَدَنَ عَنْ طَاعَةِ الرَّحْمَن , أَمَّا الإِفْرَاطُ فِي الْكَلاَمِ فَيُقَسِّي الْقَلْبَ , وَالإِفْرَاطُ فِي مُخَالَطَةِ النَّاسِ تَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا وَالنَّظَرِ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِهَا .
وَكَثْرَةُ الضَّحِكِ تَقْضِي عَلَى مَادَّةِ الْحَيَاةِ فِي الْقَلْبِ فَيَمُوت القلب يَقُولُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ(.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم .............................
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اهتدى أما بعد
فَمِنْ أَسْبَابِ ضَعْفِ الإِيمَانِ طُولُ الأَمَلِ قَالَ اللهُ تَعَالَى)ذرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ(الحجرـ3
وَقَالَ عَلِي رضي الله عنه إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمُ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَطُولُ الأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَق وَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَيُنْسِي الآخِرَة .
وَيَتَوَلَّدُ مِنْ طُولِ الأَمَلِ الْكَسَلُ عَنِ الطَّاعَةِ وَالتَّسْوِيفُ وَالرَّغْبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالنِّسْيَانُ لِلآخِرَةِ وَالْقَسْوَةُ فِي الْقَلْبِ لا تزول الإ برِقَّتَه وَصَفَاءَهُ وإِنَّمَا يَقَعُ بِتَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَأَهْوَالِ الْقِيَامَةِ , وَقِيلَ مَن قَصُرَ أَمَلُهُ قَلَّ هَمُّهُ وَتَنَوَّرَ قَلْبُهُ لأِنَّهُ إِذَا اسْتَحْضَرَ الْمَوْتَ اجْتَهَدَ فِي الطَّاعَةِ.
واسألوا الله أن يجدد الايمان في قلوبكم فقد أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم بذلك فقال (إِنَّ الإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ ( صححه الألباني
عباد الله هذه بعض أَسْبَابَ ضَعْفِ الإِيمَانِ وهي كَثِيرَة يَصْعُبُ حَصْرُهَا في خطبة جمعة ،فإن كان في أحدنا بعض هذه الأسباب ، وما دام قلبه ينبض ، وما دام فيه بقيةٌ من حياة فباب التوبة مفتوح
وباب الإسراع إلى مغفرة الله مفتوح فيه النجاة والفلاح(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ ال عمران ـ133
يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَة (
تزوَّد من التقوى فإنك لا تـــدري إذا جـنَّ الليلُ هل تعـيٍش إلى الفجر
فـكم من صحيـحٍ مات من غير علة وكم من سقيم عاش حيناً من الدهـر
عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت فإنك مفارق ، واعمل ما شئت فإنك مجزيٌ به,وكفى بالموت واعظاً يا عبد الله .
الليل مهما طال فلابدَّ من طلوع الفجر ، والعمر مهما طال فلابدَّ من نزول القبر..
المشاهدات 2443 | التعليقات 2
بورك فيك ونفع بعلمك وحياك ربي شيخ محمد وأهلا وسهلا بك بين محبيك وبين إخوانك ننتظر المزيد.
محمد سعيد الهاشمي
جزاك الله خير أخي زياد الريسي
تعديل التعليق