نداء للحكماء
حسن الخليفة عثمان
1438/01/03 - 2016/10/04 21:02PM
ليس من الحكمة صب مزيد من الزيت على نار الصراعات؛ لتزداد اشتعالًا، وإنما وضع الشيء في موضعه وتقديم الرفق في الأمور والنظر في المآلات هو ما ينبغي مراعاته عند معالجة الأمور والنظر في الملمات والنوازل، وذلك مما أسلفنا ذكره في مقالتيّ رسالتي ورؤيتي في الحياة، لاسيما عبر هذه المساحة والمنبر الراقي، القائم على النصح والتبصير للجميع دون استثناء، من خلال الحوار الهادف إلى صناعة فكر حكيم، بمعرفة حكيمة، لبناء وصياغة عقل حكيم، يثمر تغييرًا حكيمًا، ومجتمعًا حكيم الأفراد، والأسر، والمؤسسات، والعلاقات الانسانية داخله وخارجه، ولا يتحقق ما سبق إلا من خلال الاجتماع على فكر ومشروع مُجمعٍ عليه، ومنهج يقوم على احترام السنن والقوانين الكونية، والتسليم بأن الخلل والخطر يكون بقدر الصدام مع هذه السنن وتلك القوانين، التي لا يمكن احترامها والتوافق معها قبل الإحاطة العميقة الشاملة بها، فسبحان الذي أنزل كتابه المسطور وأبدع في كونه المنظور.
كما إن كل فكر، أو رسالة، أو رؤية، أو مشروع، أو هدف، لا يقوم على ساق متين من المبادئ والقيم التي تصون رسوخه، وتضمن تجذّره في الأعماق، فهو إلى زوال، ومصيره الفشل، مهما حُشد له من إمكانات، وتوافر له من دعم، وتضافرت الجهود لإنجاحه.
وكل بدايةٍ لا تنطلق من صلاح وإصلاح ذات الإنسان، فهي سبيلٌ إلى الفشل، والانحراف عن الجادة، مهما تقلّب أصحابها في البلاد، ومهما سطعت نُجُومُهم، وعلت أصواتُهم، وطالت رحلةُ أوهامهم، وارتجت الساحات بأتباعهم، فليس ذلك في ميزان الحق بشيء، وجماع الأمر في ذلك أن تعرف الحق لتعرف أهله، ولن تعرف الحق يوما إلا إذا جعلت الحقيقة سبيلا إليه، ولن تعرف الحقيقة إلا إذا امتلكت المعرفة الممكّنة منها، وعرفت معاييرها، وكيفية التعامل معها.
ومن الناس من لا يستطيب الحياة إلا في قصور الوهم، ووديان التأويل، واجتناب الحقائق التي تعريه أمام نفسه، وتوقظ ضميره المعطل، وتسوقه إلى الكدح النظيف، وولوج البيوت من أبوابها مهما كلف من جهد وعرق، والتعفف عن تسلق جدرانها.
إن الصدق، والأمانة، والوفاء، والمروءة، ليست مجرد مبادئ يتغنى مدعوها بتلاوتها على الأسماع؛ ليأسروا بها المشاعر والأذهان الخاوية حينا من الدهر؛ وإنما هي غايات عظمى إلى ما هو أعظم، إنها دليل المصير، والهادي إلى حسن العاقبة، وهي أساس البنيان، وكل بناء أُسس وتطاول على غيرها فمصيره الهدم ولو جاوز في عين الناظرين عنان السماء.
روى البخاري في صحيحه من حديث سهل قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»
ومن الناس من أُوتي حظًا في احتراف الكذب، وترويع الناس بمصائرهم، واللعب بمشاعرهم، وما جبلهم الله عليه من عاطفة تجاه أصحاب الآلام والنوازل، حتى ليبلغ أن يسير بين الخلائق حَمَلًا مكلومًا لا ينقطع له أنين؛ وهو يحمل قلب ذئب في توحُّشه، وعقل ثعلب في مكره وخداعه ومؤامراته.
والإسراف في نصح هذا وتبصيره ومنابذته قد لا تكون من الحكمة؛ لأنه يعلم وقد اختار مساره وقراره عن علم، ويكفي حجة وإعذارا وإنذارا أن يُعلَم بأنه مهما طالت رحلته في سفينة الهوى والاستبداد سترسو يومًا على مرفأ الحقائق؛ الذي يقف فيه عاريًا أمام الخلائق؛ فليحُز من الزعامة والصدارة في رحلته ما شاء، وليجمع من الأموال من حلها وحرامها ما شاء؛ سيدفع يومًا ثمنها، ويجني ثمارها.
إن الظلم ظلمات، يستوي في ذلك المؤمن والكافر، وليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب.
لقد بات عدوان الإنسان على أخيه الإنسان بصفة عامة، وعدوان المسلم على أخيه المسلم بصفة خاصة، ومنهجية الكذب التي باتت الأداة الأولى والأساس في إدارة الصراعات والاختلافات، وعنصرية الدماء والنفوس التي يمارسها فئام من الناس، من أخطر الأخطار التي تواجه مسيرة وجودنا في هذا العالم، والتي توجب على حكمائه استشعار الخطر وما يفرضه من علاج ووقاية، وردع للصائلين على عقولنا وفكرنا، بعد أن صالوا على أرواحنا وأعراضنا وممتلكاتنا.
فهل يعي عقلاء العالم وحكماؤه ما نقول؟ وهل من مستجيب للنداء ؟
كما إن كل فكر، أو رسالة، أو رؤية، أو مشروع، أو هدف، لا يقوم على ساق متين من المبادئ والقيم التي تصون رسوخه، وتضمن تجذّره في الأعماق، فهو إلى زوال، ومصيره الفشل، مهما حُشد له من إمكانات، وتوافر له من دعم، وتضافرت الجهود لإنجاحه.
وكل بدايةٍ لا تنطلق من صلاح وإصلاح ذات الإنسان، فهي سبيلٌ إلى الفشل، والانحراف عن الجادة، مهما تقلّب أصحابها في البلاد، ومهما سطعت نُجُومُهم، وعلت أصواتُهم، وطالت رحلةُ أوهامهم، وارتجت الساحات بأتباعهم، فليس ذلك في ميزان الحق بشيء، وجماع الأمر في ذلك أن تعرف الحق لتعرف أهله، ولن تعرف الحق يوما إلا إذا جعلت الحقيقة سبيلا إليه، ولن تعرف الحقيقة إلا إذا امتلكت المعرفة الممكّنة منها، وعرفت معاييرها، وكيفية التعامل معها.
ومن الناس من لا يستطيب الحياة إلا في قصور الوهم، ووديان التأويل، واجتناب الحقائق التي تعريه أمام نفسه، وتوقظ ضميره المعطل، وتسوقه إلى الكدح النظيف، وولوج البيوت من أبوابها مهما كلف من جهد وعرق، والتعفف عن تسلق جدرانها.
إن الصدق، والأمانة، والوفاء، والمروءة، ليست مجرد مبادئ يتغنى مدعوها بتلاوتها على الأسماع؛ ليأسروا بها المشاعر والأذهان الخاوية حينا من الدهر؛ وإنما هي غايات عظمى إلى ما هو أعظم، إنها دليل المصير، والهادي إلى حسن العاقبة، وهي أساس البنيان، وكل بناء أُسس وتطاول على غيرها فمصيره الهدم ولو جاوز في عين الناظرين عنان السماء.
روى البخاري في صحيحه من حديث سهل قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ»
ومن الناس من أُوتي حظًا في احتراف الكذب، وترويع الناس بمصائرهم، واللعب بمشاعرهم، وما جبلهم الله عليه من عاطفة تجاه أصحاب الآلام والنوازل، حتى ليبلغ أن يسير بين الخلائق حَمَلًا مكلومًا لا ينقطع له أنين؛ وهو يحمل قلب ذئب في توحُّشه، وعقل ثعلب في مكره وخداعه ومؤامراته.
والإسراف في نصح هذا وتبصيره ومنابذته قد لا تكون من الحكمة؛ لأنه يعلم وقد اختار مساره وقراره عن علم، ويكفي حجة وإعذارا وإنذارا أن يُعلَم بأنه مهما طالت رحلته في سفينة الهوى والاستبداد سترسو يومًا على مرفأ الحقائق؛ الذي يقف فيه عاريًا أمام الخلائق؛ فليحُز من الزعامة والصدارة في رحلته ما شاء، وليجمع من الأموال من حلها وحرامها ما شاء؛ سيدفع يومًا ثمنها، ويجني ثمارها.
إن الظلم ظلمات، يستوي في ذلك المؤمن والكافر، وليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب.
لقد بات عدوان الإنسان على أخيه الإنسان بصفة عامة، وعدوان المسلم على أخيه المسلم بصفة خاصة، ومنهجية الكذب التي باتت الأداة الأولى والأساس في إدارة الصراعات والاختلافات، وعنصرية الدماء والنفوس التي يمارسها فئام من الناس، من أخطر الأخطار التي تواجه مسيرة وجودنا في هذا العالم، والتي توجب على حكمائه استشعار الخطر وما يفرضه من علاج ووقاية، وردع للصائلين على عقولنا وفكرنا، بعد أن صالوا على أرواحنا وأعراضنا وممتلكاتنا.
فهل يعي عقلاء العالم وحكماؤه ما نقول؟ وهل من مستجيب للنداء ؟