نحو مراجعات إماراتية راشدة

حسن الخليفة عثمان
1438/02/01 - 2016/11/01 22:52PM
الفرق بين ما يفعله إخواننا في دولة الإمارات وما هم قادرون على فعله يمكن أن يحل أكثر مشكلات العالم العربي والاسلامي؛ إذ بوسعهم –لو قرروا- أن يقدموا لهذا العالم إنجازا إنسانيا وحضاريا، يضمدون به الكثير من الجراح، ويطوون به صفحات مؤلمة من الإحن والنزاعات التي أصابت الوطن العربي ووقع على إثرها العديد من المظالم وأُزهِقت الكثيرُ من النفوس البريئة.
أصالة المراجعات
إن المراجعات والتقويم من العوامل الرئيسة لاستمرار النجاح، ومصدر للسعادة، تتميز به النفوس الكبيرة، وهي هدي نبوي، وسُنّة راشدة رسّخها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سُقت الهدي، ولجعلتها عُمرة"
وانتهجها الفاروق عمر رضي الله عنه حين أوصى أبا موسى الأشعري: "لا يمنعنّك قضاء قضيته بالأمس، ثم راجعت نفسك فيه اليوم، فهُديت لرشدك أن تراجع فيه الحق; فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل"
مراجعات الأقوياء
لقد أتى على منطقة الشرق الأوسط حين من الدهر لم يكن فيها من رؤية تواجه "التحديات في سباق التميز" وتصنع مشروعا يتجاوز المستحيلات كرؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم التنموية، وإنه لمن عوامل استمرار التميز والنجاح أن يكون مصدر سعادة وإلهام للآخرين.
إن الفرق بين المراجعات الرشيدة والإملاءات المهينة يكشفه المناخ الذي تجري فيه تلك المراجعات، وما تُسفر عنه من ثمار؛ فإذا جرت في لحظة انتصار وقوة وتمكين؛ فأثمرت انكسارا وتواضعا، وعفوا وصفحا، ورفعا للمظالم، وجبرا للخواطر، وتأليفا للقلوب، وجمعا للشمل؛ كانت إنجازاً يخلّد التاريخ ذكره، ويبقي الدهر أثره.
وفي تقديرنا أن الفرصة الآن مواتية ومهيأة لأشقائنا في دولة الإمارات لمراجعات الأقوياء المنتصرين.
ملامح مشروع
لقد بتنا في مسيس الحاجة إلى مشروع حضاري إنساني كبير، يقوم على التعايش، والمشترك الإنساني، والتواصل بين البشر، وحوار الحضارات، وقبول الآخر، ويعلي حق الإنسان في الحياة الكريمة، ويحفظ للشعوب والمجتمعات خصوصيتها وهويتها وتراثها القيمي، ويقدم للإنسانية نموذجا مضيئا لأعظم حضارة سطعت شمسها على جنبات الكون.
والمشروعات والغايات الكبيرة لابد لها من كبار يتصدرون لها، ويتسامون على أهدافهم الخاصة أو القطرية من أجل سعادة ورخاء الانسانية، والتي من أول آثارها سعادة أقطارهم ورخاؤها ونهضتها.
خطوة مشكورة وجهد منتظر
إن زيارة الشيخ عبدالله بن زايد إلى أنقرة قد بعثت الكثير من السرور والتفاؤل في النفوس، كما إن تطوير العلاقة الخليجية التركية وترسيخها في كافة المجالات والسمو بها عن أية خلافات لهو من واجب الوقت الذي لم تعد المنطقة تملك ترف التباطؤ فيه أو تجاهله.
وإذا كان قد بات معلوما من الواقع بالضرورة تصدر المملكة العربية السعودية لقيادة المشهد العربي؛ وهي الشقيقة الكبرى لدول الخليج، ومهوى الأفئدة والنفوس في العالم الاسلامي كافة؛ فإن العبء المُلقى على عاتق دولة الإمارات، وما لها من دور فاعل في المنطقة ليفرض عليها تميّزا إيجابيا في تبنّي المشروعات الكبيرة، والرؤى الجامعة، التي تناسب رؤية " التحديات في سباق التميز" كما في وسع وزارة الأوقاف والشئون الاسلامية بالإمارات مع نظيراتها في تركيا، والمملكة العربية السعودية، والمغرب العربي أن يكون لها دور فاعل في إصلاح ذات البين، بين شعوب المنطقة كافة، وفي إرساء دعائم خطاب دعوي يؤلف بين القلوب، ويعبّر عن حضارة هذه الأمة ووحدتها، وإننا لعلى كامل الاستعداد لدعم كل ما هو خير ومن شأنه رفع المظالم، وتضميد الجراح، ونشر الحكمة والسلام بين الناس.
إن ما ذكرناه من عموميات ورؤوس أقلام في هذا المقال إنما هو برقية إلى أشقائنا في دولة الإمارات، تهدف إلى التذكير بوشيجة الإيمان، ورابطة الأخوة التي لا تنفصم؛ مهما اعتراها من إحن، ومرت به من محن، كما إننا نرقمها بمداد قلم رؤيته لأمته: صفاء عقيدتها، وسلامة وحدتها، وريادة حضارتها. ورؤيته للعالم: الرحمة، والعدل، والحرية، والسلام.
وصل اللهم على المبعوث رحمة للعالمين
المشاهدات 910 | التعليقات 0