{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

عبدالله محمد الطوالة
1441/04/15 - 2019/12/12 14:52PM
الحمدُ للهِ، ثم الحمدُ للهِ، ولا نحصي ثناءً على الله، لهُ من الحمدِ أعلاهُ، ولهُ من الشُّكرِ أسناهُ، ولهُ من الثناء الحسنِ مُنتهاهُ، سبحانهُ وبحمده وجلَّ في عُلاهُ، لا يذِلُّ من والاهُ، ولا يَعزُّ من عاداهُ، ولا تُحصى نِعمُهُ ولا تُكافئُ عطاياهُ، {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} ..
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} ..
والصلاةُ والسلامُ على الصادق الأمينِ، المبعوثِ رحمةً للعالمين، اللهُ قدَّ صلَّى عليه قديماً، وحباهُ فضلاً من لَدُنْهُ عَظِيماً .. واختارَهُ في المرسلين مُكرمَاً، ذا رأفةٍ بالمؤمنـين رحيـماً، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليهِ وعلى آله وصحبهِ أجمعين، والتابعينَ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً ..
أمَّا بعدُ: فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ، اتقوهُ حقَّ التقوى ..
خلِّ الذنوبَ صغيرِها وكبيرِها ذاكَ التُقى، واصنعَ كماشٍ فوقَ أرضِ الشوكِ يحذرُ ما يرى، لا تحقرنَّ صغيرةً إن الجبالَ من الحصى ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} ..
معاشر المؤمنين الكرام: رحمةُ اللهِ وسعت كل شيء، وفضلهُ على عباده عظيمٌ جليل، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}، هذا الإله الغفور الرحيم: هو الذي خَلَقَنا ضُعفَاءُ خطاؤون، وهو الذي فَتَحَ لنا باب التوبة والمغفرة .. {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} .. {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ..
وما هو المطلوب لننالَ مغفرةَ أرحمَ الراحمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} .. وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}، وقال تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .. {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) ..
والتوبة من أيسر الأمور على من وفقه الله: إقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزيمة على عدم العودة، ورد الحقوق لأهلها .. وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: (مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ) ..
ومن أجلِّ وأسهلِ وأفضلِ الأعمال المكفرة للذنوب والخطايا: الوضوء، ففي الحديث الصحيح عند مسلم قال صلى الله عليه وسلم: (من توضَّأ فأحسنَ الوُضُوءَ، خرجتْ خطاياهُ من جَسَدِه حتى تَخْرُجُ من تحتِ أظفاره) .. وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ..
ومن أسهلِ وأفضلِ وأجلِّ الأعمال قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخيرٌ لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ذكر الله عزَّ وجلَّ" .. وثبت في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) .. وجاء في حديثٍ حسنه الإمام الألباني أنه صلى الله عليه وسلم قال: (مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ) .. ومِثلُه أيضاً قال صلى الله اليه وسلم: (إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا) ..
ومِنْ الأَعْمَالِ اليسيرة جُهداً، العظيمة فَضلاً، التي تُمحى بها الذنوبُ وتكفّرُ بها الخطايا، قوله عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) .. (وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَسَانِي هَذَا الثَّوْبَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّى وَلاَ قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ...
ومن أجلَّ الأعمال وأحبِّها إلى الله ما جاء في حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَتَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِضًا، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثْبِتَهَا، أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ"، والحديث حسنه الألباني ..
ومِنْ أَعْظَمِ التَّوْفِيقِ لِلْعَبْدِ أَنْ يَكُونَ له حظٌ من كتاب الله العظيم .. فقراءة القرآن الكريم وتدبُّرِه من أحبِّ الأعمال إلى الله تعالى، وجاء فيها أحاديث كثيرة .. يكفى منها حديث أنس رضي الله عنه قال، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ» . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ».. والحديث صححه الألباني ، وجاء في حديث في سنده نظر: قال رجلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ: "الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ"، قَالَ: وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ ؟ قَالَ: "الَّذِي يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ" ..
وكل طاعةٍ يُداوم عليها العبد، ويحافِظُ عليها فهي محبوبةٌ عند الله تعالى، جاء في الحديث المتفق عليه: قال صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» ..
وَالرَّبُّ غَفُورٌ شَكُورٌ، لا يَزِيدُ عَبدًا أَقبَلَ عَلَيهِ إِلاَّ تَوفِيقًا، جاء في الحَدِيثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ: قال تعالى: "وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بها ، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بها، وَإِن سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ" ..
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} ...  
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية :
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمد عبد الله وسوله، وصفيه وخليله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه واتباعه واخوانه .. وسلم تسليماً كثيراً ...
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} ..
معاشر المؤمنين الكرام: اطلبوا الكرامةَ في التقوى، والأُنسَ في كتاب اللهِ، والغِنى في القناعة، والنجاةُ في الصدق، والراحةَ في ترك الحسدِ، والسلامةَ في حفظ اللسانِ، وثِقَلَ الميزانِ في حُسنِ الخلقِ ..
واعلموا أن قيمةَ كلِّ امرئٍ ما يُحسِنُهُ .. ومن كانَ يومهُ مثلَ أمسهِ فهو في نقصان .. ومن جارَ على شبابه، جارَتْ عليه شيخوخته .. ومن شغلَ نفسهُ بغير المهمِ، ضَيعَ المهمَ وفوتَ الأهمَ ..
النعيمُ لا يُدركُ بالنعيم .. ومن أرادَ الراحةَ فعليه أن يتركَ الراحة، ومن أرادَ أن لا يتعب فعليه أن يتعب، ومن طلبَ العلا سهِرَ الليالي .. وبقدر ما تتعنى، تنال ما تتمنى .. واعلم أنك لنْ تتقدم دونَ أنْ تتعلم، ولنْ تتعلَّمَ دونَ أنْ تتألمَ، ولنْ تنجحَ دونَ أنْ تفشلَ .. وإذا كانت الروح هي التي تعمل، فإن الجسد لا يتعب ..
يا صاحب المعروف: أحيي معروفك بإماتته، ويا كثير الجِدال: اكسب الجِدال بأن تتجنَبَهُ .. وإذا تمَّ العقلُ، نقَصَ الكلامُ .. وإذا شاورتَ العاقلِ فكأنَّما تُفكِرُ بعقلين .. والعُقلاءُ يعلمونَ أن كَسبَ القلوبِ مُقدمٌ على كَسب المواقِفِ .. وأن الجوابَ الرقيقَ يُطفئ الغضبَ، وأن الصوتَ الهادِئ أقوى من الصُراخ .. وإن الذوقَ يهزِمُ الوقَاحَة .. ومَن عرَفَ قدْرَهُ، استبانَ أمرَه .. ومن طلبَ صدِيقاً بلا عيبٍ، بقيَ بلا صدِيق .. وفي طول اللسانِ، هَلاكُ الإنسانِ .. وكَفَى بِالْمَرْءِ عَيْبًا أَن يَمْقُتَ النَّاسَ على ما يَأْتِي مِثلَهُ .. ومن عَابَ أخاهُ بذنبٍ، لم يمت حتى يَفعلَه .. {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} ..
الأخُ مِرآةُ أخِيه .. وصدِيقُكَ مَن صَدَقكَ النَّصيحةَ لا من صَدَّقك .. والنصيحةُ كالدواء، كلَّما ازدادت مرارتُها كانت أفضل .. والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ .. وازرع جميلاً ولو في غير موضعه .. فلن يضيع جميلٌ أينما وضعا .. إن الجميل وإن طال الزمان به .. فليس يحصده إلا ألذي زرعا .. {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} ...
وبقدر الانشغال بالأمور التافهةِ، يكونُ الانصرافُ عن الأمور العظيمةِ، ومن تركَ فضولَ النظر: وفقَ للخشوع، ومن تركَ فضولَ الكلامِ: وفقَ للحكمة، ومن تركَ فضولَ الأكلِ: وفقَ للصحة ..
المرءُ بفضيلَتِه لا بفصيلَتِه، وبكمالِه لا بجمالِه، وبآدابِه لا بثيابِه .. وإن عجزت عن نُصرةِ المظلومِ، فلا تقف مع الظالم، وإن أسكتكَ الخوفُ، فلا يُنطِقُكَ الطمعُ .. وإن فاتكَ الحق، فلا تتبعِ الباطلَ .. {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}..
ومَن نظرَ في عيبِ نفسِهِ شُغِلَ عن عَيبِ غيرهِ، ومن استقلَ زَلـلَهُ استَكثرَ زَلَلَ غَيرِهِ، ومن تلمحَ حلاوةَ الأجرِ، هانت عليه مرارةُ الصبرِ ..
اجتهدوا في إخلاص العملِ للهِ، فالإخلاصُ هو الأساس .. الإخلاص: هو ما لا يعلمُه ملكٌ فيكتبه، ولا عدوٌ فيُفسِده، ولا صديقٌ فيمدَحه ..
ومن أحبَّ صفاءَ الأحوال .. فليجتهد في تصفيةِ الأعمال .. ومن أرادَ السعادةَ الأبدية، فليلزم عتبةَ العُبودية ..
واعلم أن عظيمَ الهمةٍ لا يُفكرُ بملءِ وقتهِ بالحسناتِ فقط .. بل وبأنْ لا تتوقفَ حسناتهُ بعد موته ..
العاقلُ لا يرى لنفسهِ ثمناً دونَ الجنةِ .. وعلى قدرِ نيةِ العبدِ وهمتهٍ، يكون توفيقُ الله له وإعانتهُ ..
وَمَنْ تَكُنِ العَلْياءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ .. فَكُلُّ الَّذِي يَلْقَاهُ فيها مُحَبَّبُ ..
اصبرْ على حُلو القضاء ومرّه ~ واعلم بأنَّ الله بالغُ أمرهِ ~ وتجنبِ الفحشاءَ لا تنطِق بها ~ من قالَ شيئاً قِيلَ فيهِ بمثلهِ ~ في الجو مكتوبٌ على صُحفِ الهوى ~ من يعمل المعروفَ يُجزَ بمثله ..
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان ..
اللهم صل .. 
 
المشاهدات 2218 | التعليقات 0