موقف المسلم تجاه الأحداث

عايد القزلان التميمي
1434/10/22 - 2013/08/29 11:44AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذه خطبة عن موقف المسلم تجاه الأحداث الجارية في كثير من البلاد الإسلامية .
######################
الحمد لله يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته، خلق الخلق في هذه الدنيا ليبتلهم أيهم أحسن عملا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أنذر أمته من بلاء ينزل آخر الزمان لا عاصم لهم منه إلا التقوى والعمل الصالح قال: ((بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه تعرض من الدنيا)) اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد فيا أيها المؤمنون :
فإن ما يجرى من الأحداث السياسية في العالم الإسلامي شغل بعض الناس عن أمور دينهم ودنياهم حتى نسوا ما خلقوا له وكان أكبر همهم المجادلة والمخاصمة فيما بينهم مع أن الواجب على المؤمن أن يقول الصدق وأن يحكم بالعدل ولكن بعض الناس يتكلم بالهوى وبالعمى فينظر من عين واحدة ولا ينظر بعينيه ومن الناس من هو أعمى بالكلية لا ينظر إلى شيء ولكن عنده عاطفة هوجاء هي عاصفة في الحقيقة .
أيها المسلمون إن كل إنسان مسئول عما يتكلم به قال سبحانه (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) فلا تبيعوا ذممكم ولا تتهاونوا بالكلام فرب كلمة أوصلت بالإنسان حتى يكون في نار جهنم .
أيها المسلمون إن علينا أن نعرف الحق وعلينا أن نَتَبَيَّنَ الأمور وعلينا أن نقتصر على ما يمكن أن نتكلم به وأن لا نفتح باب الجدل والخصومة فإن باب الجدال ربما يُؤَدِّي إلى العداوة والبغضاء بين الأمة الواحدة بل بين أهل البيت الواحد ولا شك أن هذا أمر لا يَرْتَضِيه الشَّرْع ولا يُقِرُّه العقل .
أيها المسلمون إن الواجب علينا أن نعلم أن كل ما يحصل في هذا الكون من حوادثٍ وصراعاتٍ فهو بقضاءِ اللهِ وقَدَرِه وبعِلْمِه وإرَادَتِه ومَشِيئَتِه، لا يَخْرُجُ شيء من ذلك، كما قال سبحانه: إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر، وأنه سبحانه قدّر ذلك قبل أن يَخْلُقَ السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فإذا علم المؤمن ذلك وآمن به انشرحت نفسه ولم يجزع أو يتسخّط، ورضي بقضاء الله وقدره، وانشغل بعبادة ربّه وتحصيل معاشه بنفسٍ مطمئنة .
عباد الله وعلى المؤمن أن يعلم أن الصراع والاختلاف سُنّة ربّانية ماضية، وهذا الصراع قد يكون بين أهل الحق وأهل الباطل، وهو صراع دائم ومستمر، ولن ينتهي إلا عندما يَتْرُك المسلمون دينهم، كما قال سبحانه: وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُم إن استطاعوا. وقد يكون الصراع أيضًا بين أهل الحق أنفسهم، أو بين أهل الباطل أنفسهم، نتيجة الاختلاف في المواقف أو الأطماع. ولهذا ينبغي للمؤمن أن لا يستغرب حدوث مثل هذه الصراعات والأزمات، بل يؤمن أنها سُنّةً جارية.
عباد الله وعلى المؤمنِ أن يعلمَ أن ما أصابَ المؤمنينَ من تَسَلُّطِ الأعداءِ عليهم وتقتيلهم وهدم بُيوتِهم وتَهجِيرهم من ديارهم قد يكون بِسَبِب أنفسهم، كما قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُم. وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم لما هُزموا في معركة أُحد مع رسول الله تَسَاءلُوا فيما بينهم عن سبب الهزيمة، فأنْزَل اللهُ سبحانه قوله: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُم، وكان الذَّنْبُ الذي بسببه هُزموا هو مخالفة الرُّماة لِأَمْرِ رسول الله ونُزِولِهِم من الجبل، فعلينا أن نَحْذَرَ من الذنوب والمعاصي، فهي سبب الهزيمة والضعف والوهن، ولن ننتصر على عدونا الخارجي إلا إذا انتصرنا على عدونا الداخلي وغيَّرنا من حالنا وأقبلنا على طاعة ربنا، إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم.
عباد الله على المؤمن أن يعلم: أن من أعظم ما يجب على المؤمن هو التوكلُ على الله في الرخاء والشدة، واللُّجوء إليه عند المحن والأزمات، وطلب الفرج منه، فهو الناصر والمعين، وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه.
عباد الله : وإن أعظم ما يعين المؤمن على الثبات ويقوي قلبه وقت الفتن والأزمات بعد التوكل على الله سبحانه الأعمالُ الصالحة، من دعاء وذكر وصلاة وصيام وصدقة وغيرها.
عباد الله على المؤمن أن يعلم أن النصر في النهاية هو للحق وأهله،قال سبحانه(( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون)). إلا أن انتظار النصر والفرج يجب أن يصحبه عمل جادّ وبحثٌ في الأسباب والعلاج .
عباد الله وعلى المؤمن أن يعلم أن متابعة الأحداث والتعايش معها والتأثر لأحوال المسلمين ينبغي أن لا يكون مانعًا للمؤمن من السعي في عمارة الكون وتحصيل رزقه ومصالحه، ولا يعتبر هذا تعلّقًا بالدنيا وعدمَ اهتمامٍ بأحوال المسلمين.
والنبي صلى الله عليه وسلم وجّه بعمارة الأرض حتى آخر لحظة من عمر الدنيا إذ يقول : ((إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةً ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا ، فَلْيَغْرِسْهَا)) رواه الإمام أحمد.
نسأل الله عز وجل أن يحفظ بلاد المسلمين من كل مكروه.
نفعني الله وإياكم بهدي الكتاب، وسنة النبيّ المصطفى الأوّاب. أقول قولي هذا، وأستغفر الله الغفور الوهّاب لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنه كان غفّارًا، وتوبوا إليه إنّه كان توّابًا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين أمرنا باتباع الكتاب والسنة، ونهانا عن الابتداع والفتنة. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ترك أمته على البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على نهجه وتمسكوا بسنته ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا , أما بعدُ فيا عباد الله : في زمن الفتن والأحداث يروج سوق الشائعات والأخبار، وإن الإشاعة ونقل الأخبار بمجرد سماعها وعدم التثبّت منها قد يترتّب على ذلك عواقب وخيمة في المجتمع واضطراب للأمن وخلل في الاقتصاد، وديننا الإسلامي جعل منهجًا واضحًا عند سماع الأخبار ونقلها، وهو التثبّت والتبيّن منها، بل جعل من يُحِدّث بكل ما سمع كذّابًا، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)) رواه مسلم. وهذا المنهج لا يتغير سواء حال السِّلم أو الحرب، بل إنه ليتأكد حال الحرب والفتن حفاظًا على أمن المجتمع وسلامته.
فاتقوا الله أمة الإسلام، واحذروا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وتوبوا إلى الله تعالى، وتقربوا إليه بصالح الأعمال، وتضرعوا أيها المؤمنون إلى ربكم جل وعلا أن يكشف عن أمة الإسلام البلاء والفتن، وأن يرفع عنها المصائب والمحن، فإنه سبحانه سميع مجيب، وإنه تعالى نعم المولى ونعم النصير.
المرفقات

خطبة موقف المسلم تجاه الأحداث.doc

خطبة موقف المسلم تجاه الأحداث.doc

المشاهدات 4148 | التعليقات 5

هذا هو موقف المسلم المتبع فماذا بعد الحق إلا الضلال وعلى المسلم الحق أن يسلم خطام نفسه وفكره وتصوره وقلبه كتاب ربه وسنة نبيه وألا يكون ريشة في مهب الرياح تلقبها كيف تشاء
بورك فيك شيخ عايد ونفع بعلمك فقد بلغت وأعذرت


بارك الله فيك أخي الشيخ زياد الريسي على هذا الرد الرائع
وجزاك الله خيرا


جزاك الله خيرا


بارك الله فيك أستاذ عايد ، هذه قواعد صلبة ضابطةٌ لا يستغني عنها المؤمن كلما ادلهمّت الخطوب و النوازل و اشرأبّت أعناق الفتن .
والحق ان المؤمنَ في تعامله مع الأحداث لا ينبغي أن يكون الخامس أبدًا ، فهو إما :
1 / ان يصنع الحدث صناعةً ترضي الله .
2 / أو يحسن قراءة الحدث فيتحرّك وفق تلك القراءة الحسنة .
3 / أو يتفاعل مع الحدث تفاعلاً إيجابيًّا ولو بالدّعاء .
4 / فإن عجز عمّا سبق : فأقلّ هذا التفاعل عند الاشتباه : الاعتبار بالحدث ! .
و اما الخامس : فهو الذي لا يدري ما يحدث / أو يعمل عكس هذه النقاط الأربع . . فنسأل الله السلامة والعافية ! .


شكر الله للمشائخ والإخوة الفضلاء :

شبيب القحطاني

و

رشيد بن ابراهيم بوعافية

مرورهم وردودهم الرائعة
فجزاهم الله خيرا