موعظة وأعلام نبوة !

موعظة أعلام نبوة !

15 / 5 / 1441هـ

الحمد لله العفوِ الرحيمِ الجبار ، الخبيرِ الواسعِ الغفار ، وأشهد ألا إله إلا الله المحيطُ الشهيدُ الحسيب  ، السميعُ المجيبُ القريب ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد : فأوصيكم ونفسي بتقوى الله ،  { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً  } الطلاق 4  {  وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }الطلاق5

عباد الرحمن : إليكم حديثا احتوى موعظة وشيئا من أعلام النبوة ..

أخرج البخاري في صحيحه عن عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه قال : بيْنَا أنَا عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ أتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: يا عَدِيُّ، هلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟ قُلتُ: لَمْ أرَهَا، وقدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ : فإنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ لا تَخَافُ أحَدًا إلَّا اللَّهَ، ( والظعينة : وهي المرأةُ في الهَوْدَجِ) - قُلتُ فِيما بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِي فأيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قدْ سَعَّرُوا البِلَادَ -  (والمراد: قُطَّاعُ الطَّريق) ، ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزُ كِسْرَى، قُلتُ: كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ؟ قَالَ: كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ، ولَئِنْ طَالَتْ بكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِن ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَن يَقْبَلُهُ منه فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُهُ منه، ولَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أحَدُكُمْ يَومَ يَلْقَاهُ، وليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ له، فَلَيَقُولَنَّ له: ألَمْ أبْعَثْ إلَيْكَ رَسولًا فيُبَلِّغَكَ؟ فيَقولُ: بَلَى، فيَقولُ: ألَمْ أُعْطِكَ مَالًا وأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ فيَقولُ: بَلَى، فَيَنْظُرُ عن يَمِينِهِ فلا يَرَى إلَّا جَهَنَّمَ، ويَنْظُرُ عن يَسَارِهِ فلا يَرَى إلَّا جَهَنَّمَ قَالَ عَدِيٌّ: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يقولُ: اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقَّةِ تَمْرَةٍ فمَن لَمْ يَجِدْ شِقَّةَ تَمْرَةٍ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ قَالَ عَدِيٌّ: فَرَأَيْتُ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حتَّى تَطُوفَ بالكَعْبَةِ لا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ، وكُنْتُ فِيمَنِ افْتَتَحَ كُنُوزَ كِسْرَى بنِ هُرْمُزَ ولَئِنْ طَالَتْ بكُمْ حَيَاةٌ، لَتَرَوُنَّ ما قَالَ النبيُّ أبو القَاسِمِ: صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ." .

وفي حديث مختصر : " ما مِنكُم أحَدٌ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تُرْجُمانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ، ويَنْظُرُ بيْنَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ  ولو بكلمة طيبة " أخرجه الشيخان .

إخوة الإيمان : ينبغي استحضارُ العبد لهذا الموقف العظيم بين يدي ربه جل جلاله ، فكلنا سيخلو بربه ، يسأله عن ذنوبه ويحاسبه  ويكلمه مباشرة بلا واسطة ، كما أخبر عليه الصلاة والسلام : " إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ، ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ، وأَمَّا الكَافِرُ والمُنَافِقُونَ، فيَقولُ الأشْهَادُ: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا علَى رَبِّهِمْ ألَا لَعْنَةُ اللَّهِ علَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18] "  

أخرجه الشيخان .

كم من ذنوب سترها الله عز وجل ؟! كم من ذنوب اقترفناها لم يعلم بها أحد ؟! لكن الله يعلمها .

والموقف من هذه الذنوب أن نستغفر الله ونتوب ، وأن نكثر من الأعمال الصالحة المكفرة للسيئات .

وقد ينكر الإنسان ذنوبه فيختم على فيه وتنطق جوارحه  ؛ أخرج مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَضَحِكَ، فَقالَ: هلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟ قالَ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: مِن مُخَاطَبَةِ العَبْدِ رَبَّهُ يقولُ: يا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قالَ: يقولُ: بَلَى، قالَ: فيَقولُ: فإنِّي لا أُجِيزُ علَى نَفْسِي إلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قالَ: فيَقولُ: كَفَى بنَفْسِكَ اليومَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الكَاتِبِينَ شُهُودًا، قالَ: فيُخْتَمُ علَى فِيهِ، فيُقَالُ لأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قالَ: فَتَنْطِقُ بأَعْمَالِهِ، قالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بيْنَهُ وبيْنَ الكَلَامِ، قالَ فيَقولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ.

نفعني الله وإياكم بالكتاب والسنة ، وبما فيهما  من الهدى والحكمة واستغفروا الله إنه كان غفارا

الحمد لله القائل  {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ .ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }الغاشية25 ،26 وصلى الله وسلم على خاتم رسله وعلى آله وصحبه أما بعد : فإن المستقبل الحقيقي للإنسان هو في النعيم السرمدي  {  وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }العنكبوت64

إن حياتنا الدنيا هي زمن جمع الأرصدة الأخروية " فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ " أعمالك الصالحة سبب نيل رحمة الله سبحانه وهي سبب للترقي في درجات الجنة العالية !

{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }الحاقة24

إن الدقائق والساعات التي نعيشها الآن هي التي ستكون الأيام الخالية !

عباد الرحمن : الإحسان بالطعام وبالمال من أعظم الأعمال " : ألَمْ أُعْطِكَ مَالًا وأُفْضِلْ عَلَيْكَ؟ "  وفي التنزيل    { وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ   }النور33  وجاء الأمر " فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ  " .

والحق سبحانه يقول {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ }القصص77  

أما لسان حالنا – إلا من شاء الله -  ولا تنس نصيبك من الآخرة ، والله المستعان ،  وعلى المسلم ألا يحقر من الخير شيئا .كما أن الإحسان بالمقال عبادة جليلة جاء الإرشاد إليها : " ولو بكلمة طيبة " وفي الحديث الصحيح" الكلمة الطيبة صدقة " وفي التنزيل { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً   }البقرة83 ولفظ الناس يشمل المسلم والكافر.

وختاما : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }التحريم6

ثم صلوا وسلموا ...

المرفقات

موعظة-وأعلام-نبوة

موعظة-وأعلام-نبوة

المشاهدات 961 | التعليقات 0