مَوْعِظَة مُخْتَصَرَةٍ لِأَئِمَّةِ اَلْمَسَاجِدِ بَعْد صَلَاةِ اَلْخُسُوفِ

سعود المغيص
1445/04/13 - 2023/10/28 10:21AM

الْحَمْدُ للهِ وَلِيُّ مَنِ اتَّقَاهُ ، مَنِ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ كَفَاهُ ، وَمَنْ لَاذَ بِهِ وَقَاهُ ، أَحْمَدُهُ حَمْدًا يَلِيقُ بِكَرِيمِ وَجْهِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ومُصْطَفَاهُ ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ، وَمَنْ دَعَا بِدَعْوَتِهِ وَاهْتَدَى بِهُدَاهُ .

أَمَّا بعدُ عباد الله  :

اتَّقُوا اللهَ واعلموا أنَّ كسوفَ الشمس أو خسوفَ القمر لَحَدَثٌ عظيمٌ مُخيف، وتنبيهٌ جسيمٌ مِن الله لعباده وتحذير، وواعظٌ لهم وزاجرٌ شديد، ويُؤكد ذلك أيضًا ما فعلَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين كسفتِ الشمس في زمنه، في السَّنَّة العاشرة مِن الهجرة، في يومٍ شديدِ الحَرِّ، وما حصل له مِن أحوال، وما عُرضَ عليه في صلاته مِن أمور الآخِرة، حتى إنَّه صلى الله عليه وسلم مِن شِدة فزعه وخوفه مِن كسوف الشمس خَشِيَ أنْ تكون الساعة قد حانت، إذ صحَّ عن أبي موسى الأشعري ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى المَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ ))، بل ومِن شدَّة فزعه صلى الله عليه وسلم أخطأ في لباسه، فأخذ دِرعَ أهله بدَل الرِّداء، وخرج وهو يجُرُّه جرًّا، ولم ينتظر ليلبَسه، حتى أتى المسجد، فصحَّ عن أسماء ــ رضي الله عنها ــ أنَّها قالت: (( كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفَزِعَ فَأَخْطَأَ بِدِرْعٍ حَتَّى أُدْرِكَ بِرِدَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ )، وصحَّ عن أبي بكرة ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: ( خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى المَسْجِدِ )، ولمَّا وصَل صلى الله عليه وسلم إلى المسجد أمَر مناديًا ينادي: “الصلاة جامعة”، فاجتمع الناس، فصلَّى بِهم  

اخواني : إنَّ الكسوفَ والخسوفَ لا علاقة لهما بحياةِ أو موت أحدٍ مِن الناس ولو عَظُمَ ونَبُل، وإنَّما ذلكم مِن اعتقادِ أهلِ الكفر والجاهلية الأولى، وقد صحَّ عن المغيرة بن شُعبة ــ رضي الله عنه ــ أنَّه قال: (( انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ النَّاسُ: انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا، فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ  ) ، وإبراهيم هو ابنُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن مَارِيَة الْقِبْطِيَّة ــ رضي الله عنه وعنها ــ.

فجعلَني اللهُ وإيَّاكم مِمَّن إذا ذُكِّر ادَّكَر، وإذا وعِظ اعتبر، وإذا أُعطِي شَكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، ربِّ اغفر وارحم وأنت خير الراحمين،

اللهم اغفر لنا ولوالِدِينا وأجدادِنا وباقِي أهلينا وجميع المسلمين، الأحياءِ مِنهم والأموات، وأدخلنا معهم في جِنَانِكَ الطيِّبة، وأعتقنا وإيَّاهم مِن عذابك والنار، إنَّك واسعُ الفضل غفورٌ رحيم،

اللهم سدِّد ولاتَنَا وجُندَنا وأهلَ بلادِنا إلى مراضيك، وارحمهم بالتَّمسُّك بشريعتك، وأكرمهم بالتآلُفِ والائتلاف فيما بينَهم، إنَّك سميع مُجيب،

اللَّهُمَّ نَسْأَلُكَ أَنْ تَحْفَظَنَا بِحِفْظِكَ، وَأَنْ تَكْلَأَنَا بِرِعَايَتِكَ، وَأَنْ تَدْفَعَ عَنَّا الغَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَّلَازِلَ وَالمِحَنَ وَسُوءَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.

رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وصلّى اللهُ وسلّمَ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.

 

 

 

المشاهدات 469 | التعليقات 0