موعظة مختصرة بعد صلاة الخسوف والكسوف لأئمة المساجد

وليد بن محمد العباد
1445/04/13 - 2023/10/28 01:53AM

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه موعظةٌ مختصرةٌ لأئمة المساجد تُلقى بعدَ صلاةِ الخسوفِ أو الكسوف، حيثُ تُشرعُ الموعظةُ بعدَ صلاةِ الخسوفِ والكسوف، وهي سُنّةٌ مُستحبّةٌ لحديثِ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: «ثُمَّ انْصَرَفَ – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - وقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه»[1]

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصّلاةُ والسّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين. أمّا بعد:

فإنَّ الشّمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ الكونيّةِ العظيمة، قالَ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ﴾[2]، وهما يجريانِ في نظامٍ دقيقٍ، ذلك تقديرُ العزيزِ العليم ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾[3] وقد سخّرَهما اللهُ برحمتِه لمصالحِكم ﴿لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ﴾[4]. ومن آياتِ اللهِ الباهرةِ في الشّمسِ والقمرِ ما يُجريه اللهُ عليهما من الخسوفِ والكسوفِ، وهو ذهابُ ضوئِهما أو بعضِه بحكمتِه وتقديرِه، تذكيرًا للعبادِ بعظمتِه وربوبيّتِه ووحدانيّتِه، وتخويفًا لهم حتى يتوبوا من ذنوبِهم وينتبهوا من غفلتِهم ويراجعوا دينَهم، قالَ تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾[5]، وقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللَّهِ، لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ، ولَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بهَا عِبَادَهُ»[6]. ولا ينتفعُ بتلك الآياتِ غيرُ القلوبِ المؤمنة ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾[7]، فالمؤمنونَ إذا رأوا كسوفَ الشّمسِ أو خسوفَ القمرِ خافوا وفَزِعوا، وشُرِعَ لهم أنْ يبادروا إلى الصّلاةِ والتّوبةِ الإنابة، قالَ أبو موسى الأشعريُّ رضيَ اللهُ عنه: «خَسَفَتِ الشَّمْسُ[8]، فَقامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَزِعًا، يَخْشَى أنْ تَكُونَ السَّاعَةُ».[9] وقالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: «فإذا رَأَيْتُمْ ذلكَ، فادْعُوا اللَّهَ، وكَبِّرُوا وصَلُّوا وتَصَدَّقُوا. ثُمَّ قالَ: يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ واللَّهِ ما مِن أحَدٍ أغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أوْ تَزْنِيَ أمَتُهُ، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ واللَّهِ لو تَعْلَمُونَ ما أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا ولبَكَيْتُمْ كَثِيرًا»[10]. فاتّقوا اللهَ رحمَكم اللهُ وأكثروا من الدّعاءِ والصّدقةُ والاستغفار، والتّعوّذِ من عذابِ القبرِ ومن عذابِ النّارِ، حتى يَنكشفَ ما بكم برحمةِ اللهِ سبحانَه وتعالى. 

لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ ورَبُّ الأرْضِ، ورَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ، لا إلهَ إلا أنت سبحانك إنّا كنّا من الظّالمين، اللهمّ إنّا نسألُك الجنّةَ ونعوذُ بك من عذابِ القبرِ ومن النّارِ، اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ نرْجُو فَلَا تَكِلْنا إِلَى أنفسِنا طَرْفَةَ عَيْنٍ وأَصْلِحْ لنا شَأْنَنا كُلَّهُ، اللهمّ ادفعْ عنّا الغلا والوبا والرّبا والزّنا والزّلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ أصلحْ أحوالَنا ورُدّنا إليك ردًّا جميلًا، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ وصلّى اللهُ وسلّمَ على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.

إعداد أخوكم/ وليد بن محمد العباد إمام وخطيب جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض

غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين



[1] البخاري 1044
[2] سورة فصلت 37
[3] سورة يس 40
[4] سورة الإسراء 12
[5] سورة الإسراء 59
[6] البخاري 1048
[7] سورة يونس 101
[8] يقال خسوف القمر وكسوف الشمس، ويقال أيضاً: خسوف الشمس وكسوف القمر، كله صحيح ورد في السنة.
[9] البخاري 1059، مسلم 912
[10] البخاري 1044

المرفقات

1698447204_موعظة صلاة الكسوف والخسوف.docx

1698447204_موعظة صلاة الكسوف والخسوف.pdf

المشاهدات 390 | التعليقات 0