موعظة رمضان

بسم الله الرحمن الرحيم معاشر المؤمنين ... اتَّقوا الله بالسعي إلى مراضِيه، واجتِنابِ معاصِيه ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[. هنيئًا لمن أدرك شهر رمضان؛ فبلوغُه نعمةٌ جليلةٌ، وإحسانٌ كبيرٌ، وعطاءٌ عظيم. وكم من طامعٍ في بلوغِه وما بلغَه، وكم من مُؤمِّلٍ إدراكَه وما أدركَه! أين من كانوا معنا في رمضان الماضِي؟! أين مَن كان قبلَنا أين أينَا *** من أُناسٍ كانوا جمالاً وزَينًا؟! إن دهرًا أتَى عليهم فأفنَى *** منهم الجمعَ سوفَ يأتي علينا كم رأينا من ميتٍ كان حيًّا *** ووشيكًا يُرى بنا ما رأينا ما لنَا نأمَنُ المنايا كأنَّا *** لا نراهنَّ يهتَدينَ إلينا! ]أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ[ تيقَّظ أخي واحذَر وإياك ترقُدُ *** أترقدُ يا مغرُورُ والنارُ تُوقَدُ *** فلا حرُّها يُطفَى ولا الجمرُ يخمُدُ فبادِرِ بادر.. وحاذِرِ الفوتَ.. وحاذِر ضياعَ رمضان بين العجز والكسل، وتصرُّم ساعاته بين أجهزة اللهو والغفلة، والشرِّ والفتنة، وذهابَ أوقاته في الإثم والذنوب. هذا شهرٌ يُطلَقُ فيه العَاصِي، ويُفكُّ فيه العانِي، ويُعتَقُ فيه الجانِي، ولله عُتقاءُ من النار وذلك كل ليلة. فلا تكُن ممن أبَى.. وخرجَ رمضانُ ولم ينَل فيه الغُفرانَ والمُنَى. أيها المسلمون .. هذا نسيمُ القبول هبَّ، هذا سيلُ الخير صبَّ، هذا بابُ التوبةِ مفتوحٌ لمن أحبَّ. فيا باغِيَ الخيرِ! أقبِل.. ويا باغِيَ الشرِّ! أقصِر. هذا شهرُ التوبة قريب ينيخ بساحتِكم، وينزل بباحَتِكم، وكلها أيام معدودات ثم يرحل عنكم، شاهِدٌ لكم أو عليكم. فاعمُروا نهارَه وليلَه بما يُقرِّبُكم من رِضوانِ الله وجنَّته، ومغفرتِه ورحمتِه وكرامتِه. تقول عائشةُ رضي الله عنها: كان رسولُ الله ﷺ يجتهِدُ في رمضان ما لا يجتهِدُ في غيره. حصِّن صيامَك بالسُّكوتِ عن الخَنَا *** أطبِق على عينَيك بالأجفانِ لا تمشِ ذا وجهَين بين الورَى *** شرُّ البريَّة من له وجهانِ يقول عُمرُ بن الخطاب t: ليس الصيامُ من الطعام والشرابِ وحدَه، ولكنه من الكذبِ والباطلِ واللغو. وتقول حفصةَ بنت سِيرين رحمها الله: الصيامُ جُنَّةٌ ما لم يخرِقها، وخرقُها الغِيبَة. يا مَن تسألُ عن غُبار الطريق، وغربلَة الدقيق، وابتِلاع الرِّيق هل تُفسِدُ الصومَ أم لا؟ يا مَن احترزَ من هذه الأمور اليسيرة! احترِز من كبائر الفواحِشِ والآثام، احترِز من أكل مالِ أخيك المُسلم، وفرْيِ عِرضِه، وغشِّه وظُلمِه، وخديعَته والاحتِيال عليه. قال رسولُ الله ﷺ (من لم يدَع قولَ الزُّور والعملَ به، فليس لله حاجةً في أن يدَعَ طعامَه وشرابَه). اللهم أيقِظنا من الغفَلات، وارزُقنا التوبةَ والقبولَ في شهر الرحَمات، يا سميعُ يا كريمُ يا مُجيبَ الدعوات. أقول ما تسمعون ... الحمد لله رب العالمين ... معاشر المؤمنين ... أسرِعوا بالمتابِ، وأقبِلوا على الكريم الوهَّاب، فهذا زمنُ الإياب ]هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ[. يا عبدالله.. اسأَلْ ربَّكَ التَّوفِيقَ وَالسَّدَادَ وَالرَّشَادَ، وَابدَأْ بِدَايَةً جَادَّةً وَأَقبِلْ عَلَى مَا يَنفَعُكَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالى إِذَا رَأَى مِنكَ صِدقَ النِّيَّةِ، أَخَذَ بِيَدِكَ إِلى كُلِّ خَيرٍ وَسَدَّدَكَ، وَوَفَّقَكَ لِكُلِّ بِرٍّ وَأَرشَدَكَ، وَاعتَنى بِكَ وَدَبَّرَ لَكَ أُمُورَكَ، وَأَصلَحَ لَكَ حَالَكَ وَحَبَّبَ إِلَيكَ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ في قَلبِكَ، وَكَرَّهَ إِلَيكَ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ وَجَعَلَكَ مِنَ الرَّاشِدِينَ. وَنَجَاحُ المَرءِ في بِدَايَةِ أَمرِهِ، هُوَ نَجَاحُهُ في سَائِرِ عُمُرِهِ، وَتَسَاهُلُهُ وَانصِرَافُهُ عَنِ الخَيرِ كُلَّمَا عَرَضَت لَهُ فُرصَةٌ، هُوَ سَبَبُ الطَّمسِ عَلَى قَلبِهِ بَعدَ ذَلِكَ وَعَدَمِ تَوفِيقِهِ في سَائِرِ حَيَاتِهِ ]فَأَمَّا مَن أَعطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالحُسنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِليُسرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاستَغنَى * وَكَذَّبَ بِالحُسنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلعُسرَى[. وصلُّوا وسلِّموا على أحمدَ الهادِي شفيعِ الورَى طُرًّا؛ فمن صلَّى عليه صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا. اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن الآلِ والأصحابِ، والتابعين لهم وتابعِيهم وعنَّا معهم يا كريمُ يا وهَّاب. اللهم اجعَل شهرَنا شهرَ عزٍّ ونصرٍ وتمكينٍ للمُسلمين يا رب العالمين. اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحَم موتانا، وانصُرنا على من عادانا. اللهم اجعَلنا ممن قبِلتَ صيامَه، اللهم اجعَلنا ممن قبِلتَ صيامَه، ومحوتَ عنه أوزارَه وآثامَه، وأصلحتَ قلبَه فاستعَدَّ لما أمامَه. اللهم اجعَل دعاءَنا مسمُوعًا، ونداءَنا مرفوعًا، يا كريمُ يا عظيمُ يا رحيمُ.
المرفقات

1648798540_موعظة رمضان.docx

1648798545_موعظة رمضان.pdf

المشاهدات 995 | التعليقات 0