مَوْضُوعٌ مٌهِمٌّ جِدًّا, قلَّ مَنْ خَطَبَ عَنْه 17 صَفَر 1443 هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1443/02/14 - 2021/09/21 14:21PM

مَوْضُوعٌ مٌهِمٌّ جِدًّا, قلَّ مَنْ خَطَبَ عَنْه 17 صَفَر 1443 هـ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمينَ, الرحمنِ الرَّحيمِ, الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لنَا دِينَاً قَوِيمًا وَهَدَانَا بِفَضْلِهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا, وَرَبَّانَا بِأَحْسَنِ الأَخْلاقِ وَأَمَرَنَا بِأَقْوَمِ الأَعْمَالِ, فَلِلَّه الْحَمْدُ أَوَّلًا وَآخِرًا وَظَاهِرًا وَبَاطِنًا, وأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ, الذِي كَانَ فِي غَايَةِ الكَمَالِ الْبَشَرِيِّ فِي جَمِيعِ شُؤُونِهِ, حتَّى قَالَ لَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ وَمَن اهْتَدَى بِهَدْيِهِ إلى يَوْمِ الدِّين.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ, واعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ دِينًا جَاءَ بِأَكْمَلِ الآدَابِ, وَأَجْملِ الخِلَالِ! سَواءٌ أَكَانَ مَعَ الرَبِّ العَظِيمِ الذِي حَقُّهُ أَعْظَمُ الْحُقُوقِ, أَوْ مَعَ النَّاسِ, أَوْ فِيمَا بَيْنَ الإِنْسَانِ وَبَيْنَ نَفْسِهِ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ في اللهِ: إِنَّ خُطْبَتَنَا الْيَوْمَ عَن أَمْرٍ لَوْلا الْحَاجَةُ الْمَاسَّةُ مَا تَكَلَّمْنَا فِيه, وَلَوْلَا وُجُوبُ نَشْرِ العِلْمِ مَا أَفَضْنَا فِيه, لأَنَّهُ – فِي الوِاقِعِ - أَمْرٌ يُسْتَحْيَا مِنْه, وَيَخْجَلُ الإِنْسَانُ مِن التَّعَرُضِ لَه, وَلَكِنْ لِأَنَّهُ لا بُدَّ مِنْهُ, إِنَّهُ مَوْضُوعُ آدَابُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: إِنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ لِمَعْرِفَةِ هَذَا الْمَوْضُوعِ, لأَنَّهُ يَحْتَاجُهُ الكَبِيرُ وَالصَّغِيرُ, وَالأَمِيرُ وَالْمَأْمُورُ, وَالْغَنِيُّ وَالفَقِيرُ, وَيَحْتَاجُهُ الرَّجُلُ وَالْمَرَأَةُ! بَلْ إِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلاةِ التِي هِيَ عَمُودُ الإِسْلَام! وَلِذَلِكَ فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نَتْرُكَ الكَلامَ فِيهِ بِحُجَّةِ أَنُّهُ يُخْجِلُ, أَوْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَهْزِئَ بِنَا السُّفَهَاءُ وَالْجُهَّالُ!

وَقَدْ كَانَ الصَحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُمُورٍ مِثْلِ هَذِهِ بَلْ أَشَدّ, وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ . فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ, فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَعَمْ, إذَا رَأَتِ الْمَاءَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمَعْنَى الِاحْتِلامِ هُنَا: هُوَ مَايَرَاهُ النَّائمُ فِي نَوْمِهِ، وَمَايَصْحَبُ ذَلِكَ مِنْ إِنْزالِ المنِيِّ! وَيَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ والمرأَةِ! فَلَمْ تَسْتَحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا مِنَ السُّؤَالِ عَنْ هَذَا الأَمْرِ الْمُحْرِج, وِلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَالَهَا.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ فَإِنَّهُ لا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبُنْيَانِ أَو الفَضَاءِ, وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا آدَابٌ تَخُصُّهُ.

فَأَمَّا الآدَابُ فِي الْبُنْيَانِ فَكَالتَّالِي: إِذَا أَرَادَ الْمَرْءُ دُخُولَ الْخَلاءِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: [بِسْمِ اللَّه، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ], ثُمَّ يُقُدِّمُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى لِلدُّخُولِ, ثُمَّ إِذَا جَلَسَ عَلَى المِرْحاضِ فَلا يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلا يَسْتَدْبِرْهَا, بَلْ يُخَالِفُ جِهَتَهَا.

 وَلِذَلِكَ يَنْبَغِي الانْتِبَاهُ إِلى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ بِنَاءِ البُيُوتِ, فَتُوَجُّهُ مَرَاحِيضُ الْحَمَّامَاتِ إِلى غَيْرِ الْقِبْلَةِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِن الآدَابِ: أَنْ يَحْذَرَ الإِنْسَانُ مِن تَطَايُرِ رَذَاذِ الْبَوْلِ, فَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذِلِكَ فَلْيَغْسِلْهُ وَلا يَتَهَاوَنْ فِيه, لأَنَّ تَرْكَ التَّنَزُّهِ مِن الْبَوْلِ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ, فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اسْتَنْزِهُوا مِنْ اَلْبَوْلِ, فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ اَلْقَبْرِ مِنْهُ) رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ.

وَمِن الآدَابِ: أَنْ لا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ, وَلا يَسْتَنْجِي بِيَمِينِهِ, وَإِنَّمَا يَسْتَخْدِمُ اليَدَ اليَسَارَ في الاِسْتِنْجَاء, ولا بَأْسَ بِالاسْتِعَانَةِ بِاليَدِ اليُمْنَى فِي صَبِّ الْمَاءِ, لَكِنَّ الذِي يُبَاشِرُ الأَذَى هُوَ اليَدُ الْيُسْرَى.

وَمِن الآدَابِ أَيْضًا: أَنَّهُ مَتَى انْتَهَى مِن قَضَاءِ حَاجَتِهِ فَلَا يُطِيلُ البَقَاءَ, بَلْ يُبَادِرُ بِالاسْتَنْجَاءِ بِالْمَاءِ أَو بِالاسْتِجْمَارِ بِغَيْرِهِ , ثُمَّ الْخُرُوج.

واعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ رَحِمَهُمُ اللهُ قَدْ ذَكَرُوا الْكَيْفِيَّةَ الصَّحِيحَةَ لِلاسْتِنْجَاءِ والاسْتِجْمَارِ, فَقَدْ قَالَ العَلَّامَةُ البَهُوُتِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِ الرَّوْضِ الْمُرْبِعِ :[وَكَيْفَ مَا حَصَلَ الإِنْقَاءُ فِي الاسْتِجْمَارِ أَجْزَأَ , وَهُوَ : أَنْ يَبْقَى أَثَرٌ لا يُزِيلُهُ إِلَّا الْمَاءُ, وَبِالْمَاءِ: عَوْدُ الْمَحَلِّ كَمَا كَانَ]

وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِذَا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَيَغْسِلُ مَكَانَ الْخَارِجِ حتَّى تَعُودَ     نُشُوفَتُهُ السَّابِقَةُ, مِن غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الغَسَلَات.

وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ : أَنَّ لِكُلِّ مَكَانٍ مِنْ جِسْمِ الإِنْسَانِ مَلْمَسًا خَاصًّا, فَإِذَا جَاءَهُ الْخَارِجُ مِن بَوْلٍ أَو غَائِطٍ, أَحْدَثَ فِيهِ لُزُوجَةً – أَعَزَّ اللهُ الْجَميعَ - فَهُنَا عِنْدَ الاسْتَنْجَاءِ يَغْسِلُ الْمَحلَّ حتَّى تَذْهَبَ تِلَكَ اللُّزُوجَةُ, وَتَعُودَ نُشُوفَتُهُ السَّابِقَةُ, وَالْمُرَادُ ذَهَابُ اللُّزُوجَةِ الحَادِثَةِ وَلَيْسَ الرُّطُوبَةِ, لأَنَّ الرُّطُوبَةَ يُحْدِثُهَا الْمَاءُ الذِي يَسْتَنْجِي بِهِ.

وَأَمَّا الاسْتِجْمَارُ: فَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَمْسَحَ ثَلاثَ مَسَحَاتٍ عَلَى الأَقَلِّ بِشَرْطِ أَنْ يُنْقِيَ الْمَحلَّ! قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي عَلامَةِ الإِنْقَاءُ: هُوَ أَنْ يَرْجِعَ الْحَجَرُ أَوْ الْمِنْدِيلُ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ يَابِسَاً غَيْرَ مَبْلُولٍ.

وَبِعَبَارِةٍ أُخْرَى: أَنْ يَبْقَى أَثَرٌ لا يُزِيلُهُ إِلَّا الْمُاء.

فَإِنْ لَمْ يُنْقِ بِثَلاثِ مَسَحَاتٍ زَادَ رَابِعَةً وَخَامِسَةً حتَّى يَطْهُرَ, وَمِن السُّنَّةِ قَطْعُ الاسْتِجْمَارِ عَلَى وِتْرٍ.

أَيُّهَا الإِخْوَةُ: وَيَجِبُ هُنَا الْحَذَرُ مِنْ مَسْلَكَيْنِ سيئين (الأَوَّلُّ: التَّهَاوُنُ) فِي التَّطَهُّرِ مِن الْحَدَثِ, وَهَذَا يُؤَدِي إِلى عَدَمِ صِحَّةِ الطَّهَارَةِ, وَبِالتَّالِي بُطْلانِ الصَّلاةِ ! وَ(الثَّانِي: التَّشَدُّدُ) فِي الإِنْقَاءِ حتَّى يُفْضِيَ إِلَى الوَسْوَسَةِ, وَرُبَّمَا بَقِيَ الإِنْسَانُ فِي الْحَمَّامِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِحُجَّةِ التَّطَهُّرِ, وَهَذَا غَلَطٌ.

وَالوَسْوَسَةُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ دَاءٌ خَطِيرٌ, يَبْدَأُ بِالإِنْسَانِ فِي بَابِ الطَّهَارَةِ بِأَنْوَاعِهَا مِن الاسْتِنْجَاءِ وَالوُضُوءِ, ثُمَّ يَمُرُّ بِالصَّلاةِ, ثُمَّ الطَّلاقِ, وَيَنْتَهِي بِالشُّكُوكِ فِي ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَالوَاجِبُ الْحَذَرُ مِنْهُ وَقَطْعُهُ مِن البِدَايَةِ وَعَدَمُ الاسْتِرْسَالِ مَعَهُ وَعَدَمُ الاسْتِجَابَةِ لِمَا يَقُولُه.

وَمِن آدَابِ قَضَاءِ الحَاجَةِ: أَنْ يَخْرُجَ مِن الحَمَّامِ بِرِجْلِهِ اليُمْنَى ثُمَّ يَقُولُ: غُفْرَانَكَ, وَمَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذَا مَا تَيَسَّرَ مِن الآدَابِ لِمَنْ قَضَى حَاجَتَهُ فِي البُنْيَانِ, وَيَأْتِي بِإِذْنِ اللهِ فِي الخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ آدَابُ قَضَاءِ الحَاجَةِ خَارِجَ البُنيَانِ, واللهُ الْمُوَفِّقُ والهَادِي وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ, الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ, وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى أَزْكَي رَسُولٍ وَخَيْرِ نَبِيٍّ وَعَلَى آلِهِ  وَأَصْحَابِهِ وَزَوْجَاتِهِ وَبَنَاتِهِ, وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ, وَاعْلَمُوا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِنْسَانُ يَقْضِي حَاجَتَهُ فِي الفَضَاءِ فَإِنَّ السُّنَّةَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى عِدَّةِ آدَابٍ تُشْرَعُ فِي هَذِهِ الحَالِ:

فَمْنْهَا: أَنْ يَبْتَعِدَ مِن النَّاسِ وَيَسْتَتِرَ مِنْهُم, وَالوَاجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَأَمَّا سَتْرُ بَقِيِّةِ الْبَدَنِ فَهُو أَفْضَلُ, ثُمَّ لا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ وَلا يَسْتَدْبِرَهَا, والاسْتِقْبَالُ هُنَا أَو الاسْتِدْبَارُ مُحَرَّمٌ, لِحَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا) متفق عليه. وَلأَنَّهُ لَنْ يَتَكَلَّفَ فِي الانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ بِعَكْسِ الْبُنْيَانِ فَرُبَّمَا شَقَّ.

وَيُسْتَحَبُ أَنْ يَتَحَرَّى لِبَوْلِهِ مَكَانًا رَخْوًا كَالرَّمْلِ, لِئَلَّا يَتَطَايَرَ رَذَاذُ الْبَوْلِ عَلَيْهِ, فَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ قَاسِيًا لَيَّنَهُ بِحَجَرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَقَدْ دَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَبُولَ فِي الجُحُورِ أَوْ الشُّقُوقِ التِي فِي الأَرْضِ, لأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا دَوَابٌ فَرُبَّمَا خَرَجَتْ فَآَذَتْهُ أَوْ أَخَافَتْهُ, أَوْ تَكُونُ هَذِهِ الشُّقُوقُ أَو الْجُحُورُ مَسَاكَنَ لِلجِنِّ فَإِذَا أَفْسَدَهَا عَلَيْهِم قَدْ يُؤْذُونَهُ, وَالْعَاقِلُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّى الشَّرَّ مَا اسْتَطَاعَ.

ثُمَّ إِذَا انْتَهَى مِن قَضَاءِ حَاجَتِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَجْمِرُ, وَيَكُونُ الاسْتِجْمَارِ بِالتَّرَابِ أَو الْمَنَادِيلِ أَوْ الأَحْجَارِ أَوْ الْخَشَبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ, وَلابُدَّ مِن أَنْ يَمْسَحَ الْمَكَانَ ثَلاثَ مَسَحَاتٍ عَلَى الأَقَلِّ, حَتَّى يَنْقَى فَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ زَادَ حتَّى يَرْجِعَ الشَّيْءُ الذِي يَسْتَجْمِرُ بِهِ غَيْرَ مَبَلُولٍ.

وَلَا يَجُوزُ الاسْتِجْمَارُ بِالأَشْيَاءِ الْمُحْتَرَمَةِ, كَأَوْرَاقِ كُتُبِ الْعِلْمِ أَو بِطَعَامِ الآدَمِيِّينَ أَوْ طَعَامِ الْحَيَوَانَاتِ أَوْ أَرْوَاثِهَا, كَمَا يَحْرُمُ الاسْتِجْمَارُ بِالعِظَامِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عِظَامَ حَيَوَانَاتٍ مَيِّتَةٍ أَوْ عِظَامِ حَيَوانَاتٍ مُذَكَّاةٍ

فِإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَتَى يَقُولُ ذِكْرَ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ إِذَا قَضَى حَاجَتَهُ فِي غَيْرِ الْبُنْيَانِ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ إِذَا وَجَدَ الْمَكَانَ, وَتَهَيَّأَ للْجُلُوسِ, فَإِذَا قَامَ وَفَارَقَ الْمَكَانَ قَالَ ذِكْرَ الْخُرُوجِ: غُفْرَانَكَ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ آدَابٌ نَبَوِيَّةٌ وَسُنَنٌ مُحَمَّدِيَّةٌ قَدْ سَمِعْتُمُوهُا وَعَرَفْتُمُوهَا فَكُونَوا مِن الذِينَ يَسْتَمْعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ وَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا, لِكَيْ تَنَالُوا الْعِلْمَ وَتُتْقِنُوا الْعَمَلَ.

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ, كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ اللهُ, فَمَنْ صَلَّى عَلِيْهِ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ بِهَا عَشْرًا, فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ, اللَّهُمَ ارْزُقْنَا مَحَبَّتَهُ وَاتِّبَاعَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا, اللَّهُمَّ احْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ وَأَدْخِلْنَا فِي شَفَاعَتِهِ وَأَسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ واجْمَعْنَا بِهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَوَالِدِينَا وَأَهَالِينَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ, وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات

1632234097_مَوْضُوعٌ مٌهِمٌّ جِدًّا

قلَّ مَنْ خَطَبَ عَنْه 17 صَفَر 1443 هـ.doc

المشاهدات 3787 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا