مواقف في الفتن للشيخ د عبدالعزيز السدحان

سعد أبوخليل
1437/06/23 - 2016/04/01 05:58AM
مواقف في الفتن

الحمد لله الحكيم العليم خلق فسوى وقدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى. الحمد لله الحكيم الخبير ذي الأسماء الحسنى والصفات العلى يسمع كلامنا ويرى أشخاصنا ويعلم سرنا وإعلاننا سامع النجوى ومنتهى الشكوى القوي العزيز رب الأرباب ومسخر السحاب وهازم الأحزاب يطعم ولا يطعم يجير ولا يجار عليه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. رفيع الدرجات مجيب الدعوات مفرج الكربات قاضي الحاجات لا تلتبس عليه الأصوات ولا تختلط عليه اللهجات ولا تغلطه كثرة السؤالات ذو العرش المجيد فعال لما يريد يحكم ما يشاء ويختار لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره نحن الفقراء وهو الغني ونحن الضعفاء وهو القوي يعز من يشاء ويذل من يشاء يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء بيده الخير له الأمر كله وإليه يرجع الأمر كله، الأول فليس قبله شيء والآخر فليس بعده شيء الظاهر فليس فوقه شيء الباطن فليس دونه شيء، واحد لا شريك له ولا ند له ولا شبيه ولا مثيل، لا يفنى ولا يبيد ولا يكون إلا ما يريد لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام ولا يشبه الأنام حي لا يموت قيوم لا ينام، على كل شيء قدير وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، كل شيء يجري بتقديره مشيته نافذة لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم فما شاء لهم كان وما لم يشأ لم يكن، يهدي من يشاء بفضله ويضل من يشاء بعدله ولا يظلم ربنا أحدا.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، بعثه الله بالهدى ودين الحق فلم يدخر جهداً ولا مالاً ولا سبباً ولا وقتاً في سبيل تبليغ رسالة ربه، أوذي واتهم فقيل ساحر وقيل شاعر وقيل مجنون، ضربوه وأدموه وألقوا عليه سلا جزور فصبر وصابر وتحمل أذى مخالفيه في حال ضعف القوة في أول الأمر ولم يقو على مقاومتهم فأمره ربه بالصبر والتحمل وعدم مواجهة عدوه، مع أن الله على كل شيء قدير وكل أمر عليه يسير لكن لحكمة بالغة ليكون أصحابه وأتباعه على بينة من الأمر وبصير ة بالحال في حال ضعفهم وقوتهم، إن ربك حكيم عليم.، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع هداه إلى يوم الدين أما بعد:

فمعاشر المسلمين: تستقبل أمة الإسلام حيناً بعد حين مصاباً جديداً مع أن جسدها مثخن بجراحات كثيرة، بل لا يكاد جرح أن يبرأ حتى تنتكث جراحات أخرى، جهل وحرب، فقر وجوع، تشريد وتهديد، وذلك واضح ومعلوم فيما يقرأ ويسمع ويشاهد، بل قد يقال: لم يعد ذلك مستغرباً حصول قارعة تنزل بجماعة من المسلمين، أو تحل قريباً من دارهم، دماء المسلمين أرخص الدماء، وديارهم مشاعة لكل ناهب وغاصب، وأخبارهم فاكهة لوسائل الإعلام، وقضاياهم آخر القضايا حلاً وأطولها نفساً.

معاشر المسلمين: وبينما أمة الإسلام قد أرّقتها جراحاتها الكثيرة إذ بجرح جديد، يشتد نزفه، وتسري جنايته، جرح عميق تحكيه الأبصار الشاخصة والصرخات المدوية والزفرات الهالعة، مصيبة عظمى لا يدرى قُبُلها من دبرها.

معاشر المسلمين: كيف يكون حال الواحد منا لو رأى صغيره يتضور جوعاً أو يئن من وطأة المرض؟ أيهنأ بطعام؟ أيهنأ بشراب؟ أيهنأ بفراش؟ كلا. إن رحمة الأمومة والأبوة تأبى على صاحبها ذلك، بل تأنف العاطفة أن تغمض جفنها، وفلذة كبدها يتضور جوعاً أو يشتكي مرضاً.

معاشر المسلمين: كيف يكون حال الواحد منا إذا علم بأن عدواً له قد توجه قاصداً بلده؟ أي شعور ينتابه؟ وأي خوف يصيبه؟ فكيف إذا دهمه العدو بغتة وسلب ماله وممتلكاته؟

معاشر المسلمين: كيف يكون حال الواحد منا إذا أخذ بيد صغيره يمشي به، وبينما هو في غفلة من أمره، انسل الصغير فاختفى عن نظره، ولم يدر أين خبره أحي فيرجوه أم ميت فيحتسبه أم يجهل أمره فيزداد قلقه وهمه.

معاشر المسلمين: إن مشاركة المسلمين واستشعار ما يحل بهم من المصاب العريض في شتى أنحاء المعمورة من حق المسلم على أخيه؛ فمرض المسلم مرض للجميع، وفقره فقر للجميع، وموته موت للجميع، كالجسد الواحد إن اشتكى له عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. أخرج الإمام اللالكائي عن أيوب السختياني رحمه الله تعالى أنه قال:(إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي) وأخرج عن حماد بن زيد رحمه الله تعالى قال:(كان أيوب يبلغه موت الفتى من أصحاب الحديث فيرى ذلك فيه).

معاشر المسلمين: ولقد ضمت دواوين التاريخ أروع الأمثلة في تصوير الوحدة الشعورية لأهل الإسلام أجمع، وكيف كان المجتمع المسلم بجميع طبقاته يتأثر عند ظروف معينة ويزداد تفاعل أفراده وتأثرهم إذا كان الحدث يمس الجميع.

معاشر المسلمين: ولما كان زمن الفتن والنوازل العظيمة من أشد الأمور وقعاً على الناس حتى يحتار الحليم في أمره ويلتبس على العاقل شأنه وذلك في أول لعظم شأن المصاب، حتى قيل: عند النوازل والمصائب تذهل النفوس عن النصوص. لما كان الأمر كذلك كان تكاتف المجتمع وتوحد كلمته من الأهمية بمكان، ذلكم لأن التفرق والاختلاف في أوقات المحن والفتن يزيد في تصدع المجتمع وتناحر أهله.

معاشر المسلمين: في زمن الفتن وعظيم النوازل تستيقظ نفوس، وتهلك نفوس. تستيقظ نفوس قوم نشدوا الحق وبحثوا عنهوسألوا أهل الشأن عنه، ونفوس هلكت بنظرها بعين بصرها لا بصيرتها، فلم تلتفت إلى غير قناعتها ولم تنظر إلا بعين رأيها، زكت نفسها واتهمت غيرها وزعمت أنها صاحب الغيرة والحمية وأن غيرها أعطى الدنية.

معاشر المسلمين وعوداً على بدء: إن من أعظم الأمور التي تسبب التصدع والتفرق في المجتمع ما يحصل عند حلول النوازل وحدوث الفتن من القيل والقال الذي يغذى بلبن التسرع والجهل والخلو من الدليل الصحيح والنظر السليم .

معاشر المسلمين: ولما كانت من طبيعة الإنسان الضعف الجبلي فيما ينتابه من الضيق والغضب والتسرع والطيش وبخاصة عند التباس الأمور في الفتن كان من اللازم على المسلم أن يتفطن لنفسه وأن يحذر من تلويث نفسه فيما قد يجر عليه من البلاء ما لا تحمد عقباه في دنياه وآخرته فضلاً عن ضرره المتعد لغيره وإذا كان ذلك كذلك فيذكر ها هنا مواقف تحمد في الفتن مستقاة من النصوص وكلام أهل العلم علها أن تكون دلائل خير في غياهب الفتن.

معاشر المسلمين: إن من أعظم المواقف في الفتن؛ أن يبدأ العبد بدعاء ربه، وأن يلزم الضراعة إليه، وأن يسأله الهداية فيما قد يلتبس عليه، وأن يسلك به صراط الذين هداهم الحق.

معاشر المسلمين: وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مع شريف منزلته ورفعة مكانته يضرع إلى ربه أن يهديه لما اختلف فيه من الحق؛ ففي الصحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي يقول:"اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم"

معاشر المسلمين: ولقد امتن الله تعالى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بهدايتهم إلى سلوك سبيل الحق عند وقوع الخلاف بين الأمم "كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم"
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:(اختلفوا في يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت والنصارى يوم الأحد فهدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليوم الجمعة، واختلفوا في القبلة فاستقبلت النصارى المشرق واليهود بيت المقدس فهدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم للقبلة، واختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع ولا يسجد ومنهم من يسجد ولا يركع ومنهم من يصلي وهو يتكلم ومنهم من يصلي وهو يمشي فهدى أمة محمد للحق من ذلك، واختلفوا في إبراهيم عليه السلام فقالت اليهود: كان يهودياً وقالت النصارى: كان نصرانياً، وجعله الله حنيفاً مسلماً فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك، واختلفوا في عيسى عليه السلام فكذبت به اليهود وقالوا لأمه بهتاناً عظيماً وجعلته النصارى إلها وولدا وجعله الله روحه وكلمته فهدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم للحق من ذلك) انتهى كلامه رحمه الله.

معاشر المسلمين: إن من أعظم الأمور في وقت النوازل والفتن أن يعلم العبد علم يقين لا شك فيه ولا ريب أن هذا الأمر والنازلة قدر من الله تعالى لا مفر منه ولا مناص عنه فإذا استحضر العبد هذا الأمر وترسخ في نفسه زاد تعلقه بالله تعالى وزاد افتقاره إلى الله تعالى، فيلتجأ إليه ويتضرع بين يديه. كان إبراهيم التيمي رحمه الله تعالى يقول:(اللهم اعصمني بدينك وسنة نبيك من الاختلاف في الحق ومن اتباع الهوى ومن سبل الضلالة ومن شبهات الأمور ومن الزيغ والخصومات).

معاشر المسلمين: إن تلك المقادير التي يجريها الله تعالى في ملكه على اختلاف مكانها وزمانها ونوعها وآثارها لا تكون إلا لحكمة بالغة، ذلكم لأن أفعال الله تعالى لا تكون عبثاً كبعض أفعال المخلوقين، فلله الحكمة البالغة فيما يقدره ويختاره "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون" " أيحسب أن يترك سدى".

معاشر المسلمين: ومما ينبغي أن يعلم أيضاً أن المقدور ولو كان مكروهاً في نظر كثير من الناس فإن من لازم حكمة الله تعالى في تقديره أن يكون في عاقبته خير. كما قال تعالى:"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون"


الخطبة الثانية
معاشر المسلمين: ومن المواقف في الفتن؛ أن يحذر المرء من تزكية نفسه وانتقاص غيره . فيزعم أنه على صواب وبصيرة . وأنه قد حقق الولاء والبراء والصدع بالحق في نظره وظنه، وأن غيره قد أعطى ا لدنية في دينه وتنازل عن مسلمات في الديانة.
فعلى من كان هذا من شأنه، أن يتثبت في القول وأن يتبصر في الأمر . فلا يلزم أن تكون غيرته على بصيرة . ولا أن يكون غضبه على بصيرة لأن العواطف إذا لم تزمّ بزمام العلم الشرعي انقلبت إلى عواصف على صاحبها, بل ويتعدى ضررها بقدر تأثر وتأثير صاحبها .
قال أبو وائل لما قدم سهل بن حنيف من صفين أتيناه نستخيره فقال : اتهموا الرأي فلقد رأيتُني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرُدّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت والله ورسوله اعلم .

معاشر المسلمين : ومن المواقف في الفتن؛ التأني والتروي وعدم التعجل في إطلاق الأحكام وتخطئة قوم وتصويب آخرين بل عليه بالنظر والإمعان وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما صاحب الرفق شيئاً إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه " وجاءت كلمة شيئا فيكره في سياق النفي وهي من صيغ العموم فيكون الرفق خيراً في جميع الأشياء، وليتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب الرفق في الأمر كله " والحديثان في الصحيح ؛ فالرفق يلج بصاحبه إلى باب الخير وهو محمود العواقب ومفهوم المخالفة أن ترك الرفق شين في حق صاحبه وقد يلج بصاحبه إلى أبواب الشر وهو وخيم العواقب.

معاشر المسلمين: ومن المواقف في الفتن؛ أن ينظر المسلم بعين البصيرة والاعتبار والعظة إلى النوازل والفتن السابقة فإنها تكون مناراً للتبصر والنظر في الفتن المعاصرة اللاحقة، فكم قيل وكم كتب وكم حكم في فتن سابقة ثم لما تكشفت الأمور تبخرت تلك الأقوال والأحكام والكتابات المجردة من العلم الشرعي وأصبحت كسراب بقيعة أو زبد على الماء وبقيت ألأقوال الموثقة بالأدلة الشرعية راسية كالجبال "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

معاشر المسلمين: ومن مواقف الفتن؛ الحذر من الظنون السيئة ورمي المخالفين له بالتهم وتنقصهم باللمز والهمز، ألا فليتق العبد ربه وليعلم أنه مسئول عن ذلك كله حتى وإن كان قوله قد وافق الحق، فكيف إذا كان قوله مخالفاً للحق مصادماً له، ألا فليجعل نصب عينيه وعيد الله تعالى ونهيه لمن تهكم وتنقص "ويل لكل همزة لمزة" "يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم".

معاشر المسلمين: ومن مواقف الفتن؛ وجوب الإمساك والكف عن الخوض فيما لا علم للعبد به وليتذكر نهي الله لنبيه صلى الله عليه وسلم:"ولا تقف ما ليس لك به علم" فإذا كان هذا في مقام النبي فكيف بالصحابي فكيف بالتابعي فكيف بمن دونهم في الفضل والعلم فعلى العبد أن يمسك لسانه وقلمه وبخاصة في إطلاق الأحكام العقدية أو الأحكام التكليفية، فمسائل التكفير والتبديع والحل والحظر من الخطورة بمكان، ألا فليتق الله تعالى من أطلق للسانه وقلمه العنان فأخذ يتخوض في شرع الله ما لا علم له به فأوجب ما لم يوجبه الله أو حرم ما أحل الله أو أحل ما حرم الله، وليعلم أن ذلك الذنب العظيم والكذب المفترى "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون". وليتذكر المسلم أيضاً خطورة القول على الله بلا علم، قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:( وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء وجعله من أعظم المحرمات بل جعله في المرتبة العليا منها فقال تعالى:"قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" ثم قال رحمه الله تعالى:(فرتب المحرمات أربع مراتب وبدأ بأسهلها وهو الفواحش ثم ثنّى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم ثم ثلّث بما هو أعظم تحريماً منهما وهو الشرك به سبحانه ثم ربّع بما هو أشد تحريماً من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه) ثم نفل رحمه الله عن بعض السلف قوله:(ليتق أحدكم أن يقول أحل الله كذا وحرم كذا فيقول الله له: كذبت لم أحل كذا لم أحرم كذا). إعلام الموقعين 1/38-39

معاشر المسلمين: ومن المواقف في الفتن؛ أن يعول المسلم على العلماء الراسخين المشهود لهم بالعلم والديانة فأولئك الذين تعبدنا الله تعالى بسؤالهم عند الجهل والتباس الأمور "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" ومما يزيد هذا تأكيداً قوله تعالى:"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم"
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:(وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله ولا يتقدم بين أيديهم فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ)

معاشر المسلمين: إن مما يزيد الفتنة استعارا والخلاف شقة والجماعة تناحراً وتفرقا إذا وكل الأمر في الفتن إلى غير العلماء وخرجت الآراء من هناك وهناك ولم يعول على قول العلماء الذين تعبدنا الله بسؤالهم ويبلغ الشر والفساد أوجه إذا رمي العلماء بالتهم والطعن في فقههم بل وفي عقائدهم .

معاشر المسلمين: وإن مما ينبغي على المسلمين من خلال تلك النوازل والأحداث العظيمة، ينبغي عليهم مراجعة أنفسهم وبحث قضاياهم والحرص على معرفة أسباب الخلل والضعف بتجرد وروية، ويتأكد هذا الأمر في حق من يتولى زمام الأمر وأن يجعل نصب عينيه مراقبة الله تعالى في ولايته وسلطته، وأن يعلم أن مسئوليته أعظم من مسئولية غيره، وإن جنايته إن جنى تتعدى سرايتها إلى أمة كاملة. والمخرج من ذلك بعد مراقبة الله أن يتخذ بطانة صالحة ذات رأي ومشورة وأن يراجع أهل العلم المتضلعين المشهود لهم بالرسوخ في العلم فإن أصابوا فلهم أجران، وإن أخطأوا فلهم أجر واحد.








المشاهدات 1327 | التعليقات 0