من محاسن دين الإسلام وشموليته

خطبة  : من محاسن دين الإسلام  كتبها : خالد خضران الدلبحي العتيبي  الجمش – الدوادمي
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عباد الله نحمد الله عز وجل على ما منَّ علينا بنعمة الإسلام فنعمة الإسلام هي أعظم النعم كما قال تعالى (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ودين الإسلام كلما تمسكنا به كلما سعدنا في ديننا ودنيانا فهو صالحٌ لكل زمان ومكان ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى بالتمسك بجميع تعاليمه كافة وحذرنا من خطوات الشيطان فإنه لا يريد منا أن تمسك بهذا الدين العظيم فإن استطاع أن يخرجنا منه بالكلية فهذا الذي يسعى إليه وإذا لم يستطع فإنه يحاول أن يجعلنا مقصرين بالتمسك به قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) (البقرة : 208 )

فتثبيط المسلمين وإضعاف تمسكهم بدينهم وتشويه صورة الإسلام وصورة دعاته من العلماء والدعاة والخطباء والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر هو من مداخل شياطين الجن والإنس فالإنس فيهم شياطين ولهم منابرُ إعلامية يبثون سمومهم عن طريقها فهم يحاولون أن يصوروا لمجتمعنا المسلم أن التمسك بالإسلام وبتعاليمه هو سببٌ تخلف المسلمين عن ركب الحضارة والتطور والرفاهية ويريدون حصر الإسلام في المسجد فقط وأما خارج المسجد فليفعل الإنسان ما يشاء !!  كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً .

ولنعلم عبادَ الله أن دين الإسلام هو الدين الذي رضيه الله لنا قال تعالى (( وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) وجعله الله سبحانه وتعالى ناسخاً لجميع الأديان التي قبله فلا يقبل الله ديناً غير الإسلام قال تعالى ((وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وتكفل الله سبحانه وتعالى ببقاء هذا الدين وبحفظ كتابه قال تعالى ((إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)  

فالمشكلة عبادَ الله ليست في الإسلام كما يصوره المنافقون بل المشكلة في المسلمين هم الذين لم يطبقوا الإسلام ولو تمسك المسلمون بدينهم لأصبح لهم التمكين وكانوا هم الذين يقودون الأمم قال تعالى ((وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) والمقصود بالإيمان هنا كمال الإيمان وهذا لا يكون إلا بالتمسك بالإسلام كله .

عباد من تأمل الإسلام وتجرد من الهوى فإنه يجد أنه دينٌ عظيم لا يأتي إلا بكل خير ولا يحذر إلا من كل شر .

ولو تأملنا بعض محاسنِ هذا الدين لرأينا العجب العُجاب .

فمن محاسن هذا الدين ما بني عليه من أركان خمسة وتسمى أركان الإسلام الخمسة شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمداً رسولُ الله وإقامُ الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام .

فشهادة أن لا إله إلا الله معناها لا معبود حق إلا الله فمن عرف معناها واعتقدها وعمل بمقتضاها ارتاح قلبه واطمأن فهو لا يعبد إلا الله ولا يتعلق قلبه إلا بالله وتأمل هذا المعنى العظيم وهذه الراحة في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو ينكر على قومه عبادة غير الله ويبين لهم أن الله هو المعبود الحق قال تعالى (قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ ( 75 ) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ( 76 ) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ( 77 ) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ( 78 ) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ( 79 ) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ( 80 ) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ( 81 ) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ( 82 ) رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ( 83 ) .

 فمن أعظم محاسن الإسلام تعبيد الناس لله وحده لا شريك له .

 و شهادة أن محمد رسول الله مقتضاها تصديقه عليه الصلاة والسلام فيما أخبر سواءً كان ذلك في الأمور الماضية أو التي ستأتي وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرعه الله وبلغه رسوله عليه الصلاة والسلام لنا وهذا كذلك من أعظم من محاسن الإسلام أن أرسل الله لنا رسولاً يبلغنا هذا الدين العظيم فمن جعله قدوة له واتبعه نال السعادة والفلاح .

وتأملوا عباد الله في الصلاة التي تتكرر علينا كل يوم خمس مرات كم فيها من محاسنَ عظيمة ومن ذلك أنها تصل العبد بربه فهي صلة بين العبد وبين ربه وفي راحة وطمأنينة عجيبة وفيها تكفير لسيئات العبد ففي البخاري ومسلم يقول عليه الصلاة والسلام ( أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا، مَا تَقُولُ: ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ " قَالُوا: لاَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: «فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا )

وتأملوا عباد الله في الزكاة وهي مالٌ مخصوص يؤخذ من شخص مخصوص ويصرف لطائفة مخصوصة منهم الفقراء والمساكين ففي الزكاة تكافل اجتماعي وتراحم ومواساة ولو أخرجت الزكاة على حقيقتها وخاصة زكاة عروض التجارة التي تعد بالمليارات لما وجدت بيننا فقراء ولا مساكين وتأملوا كما يحصل لمن أخرجها من البركة في ماله ودفع الآفات عنه .

وأما صيام رمضان فهو أحد أركان الإسلام وفيه تعويد النفس على الصبر وفيه صحة للأبدان وتذكرٌ لحال الجائعين الذين لا يجدون ما يدفعون به شدة جوعهم .

وأما الحج فمن محاسنه اجتماع العدد الكبير من المسلمين من شتى أصقاع الأرض لباسهم واحد ومكانهم واحد ودينهم واحد وقبلتهم واحدة ويدعون إلهاً واحداً فيحصل في هذا الاجتماع التعاون على طاعة الله وتعارف المسلمين ويحصل منافعُ كثيرة .

ففعلاً هذه الأركان هي بناء لهذا الإسلام وكلما حسَّن الإنسان بنائه كلما سُعد فيه نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من السعداء .

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره  ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

أما بعد :

عباد الله  إن من محاسن دين الإسلام أنه حث على الأخذ بأسباب القوة قال تعالى (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ) (الأنفال : 60 ) وهذا عامٌ يشمل كل قوة ومن ذلك القوة العسكرية والقوة الاقتصادية .

ومن محاسن دين الإسلام أنه أتى بما يحفظ الأموال العامة والأموال الخاصة فحرمت الشريعة الرشوة وحرمت الغش والربا والغرر والظلم والسرقة والتبذير والإسراف وغير ذلك من الأبواب التي فيها أكلٌ للمال بالباطل أو إضاعة للمال وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام (لا تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع وذكر منها وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ) وفي المقابل حث الإسلام على العمل وأن لا يكون الإنسان عالة على غيره ففي البخاري يقول عليه الصلاة والسلام (لأن يأتي أحدكم بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها في السوق فيكف بها وجهه خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه )

ومن محاسن الإسلام أن حفظت العقول فمنعت كل ما يؤدي إلى فساد العقل سواءً كانت هذه الأشياء من الأشياء الحسية كالخمر والمخدرات أو أشياء معنوية وهي الشبهات وفي المقابل حثت الشريعة على إعمال العقل بالعلم النافع وأول آية أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم هي الأمر بالقراءة التي هي أعظم مفاتيح العلم قال تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق : 1 )

ومن محاسن دين الإسلام أنه نظم العلاقات الاجتماعية بين الناس ولذلك تجد الفرق العظيم بين المجتمع المسلم وبين غيره من المجتمعات الكافرة فجاءت الشريعة بالأمر بالإحسان إلى الجار يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لم يزل جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيوَّرثه ) أي يجعله من الورثة ، وجاءت الشريعة بالأمر بصلة الرحم والأمر ببر الوالدين خاصة عند الكبِر وجاءت الشريعة الإسلامية بالحث على الزواج وبيان حقوق كل من الزوجين على الآخر والحقوق المشتركة بينهما كتربية الأبناء وجاءت الشريعة الإسلامية بتنظيم العلاقات حتى مع الكفار وكيف يكون التعامل معهم في حال الحرب وفي حال الأمن وفي حال المعاهدة .

ومن محاسن دين الإسلام ما جاءت به الشريعة الإسلامية من الحث على النظافة فقد ورد في السواك ما يقارب السبعين حديثاً وجاءت الأحاديث في الحث على نظافة المرافق العامة بل جعلت ذلك من الإيمان ومن العمل الصالح الذي يؤجر عليه الإنسان وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق )

ومن محاسن دين الإسلام العظيمة ما جاءت به هذه الشريعة من العفة والبعد عن الرذيلة فحرمت الشريعة الزنا وأغلقت كل بابٍ يوصل إليه كالتبرج والسفور والاختلاط والخلوة بالمرأة الأجنبية وخضوع المرأة بالقول مع الرجل الأجنبي وإطلاق البصر فيما حرم الله وغير ذلك معاول هدم العفة والحياء .

ومحاسن دين الإسلام كثيرة لا يمكن حصرها فالحذر أيها المسلمون من مداخل الشيطان الذي يريد أن ينفرنا من التسمك بهذا الدين والحذر من الذين يزهدون في التمسك بهذا الدين العظيم فهم يشككون في بعض تعاليم الإسلام لأنها تصادم ما هم عليه وما يريدونه من أمورٍ محرمة والعياذ بالله

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجلنا ممن يرضون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً

المرفقات

1738234357_خطبة جمعة عن محاسن الإسلام.docx

المشاهدات 284 | التعليقات 0