( من مثلك يامسلم ) لفضيلة الشيخ صالح الجبري

منصور الفرشوطي
1434/08/10 - 2013/06/19 06:20AM
بسم الله الرحمن الرحيم
من مثلك يامسلم
فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) (المائدة: 3).
بضع كلمات لو فهما المسلمون، لعرفوا أن الله تعالى أعطاهم بهن سعادة الدنيا والآخرة، وأن هذه النعمة لا يوازيها شيء على الإطلاق ولا يقرب منها.
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) معنى هذا أن المسلمين صاروا أغنياء بالمبادئ والقوانين وأصول التربية ومناهج الحياة كلها، لا يحتاجون إلى أحد غيرهم وهذا هو الذي جعلهم سادة الناس وجعل الناس تبعا لهم،وجعلهم خير أمة أخرجت للناس ؟ إذا ما تمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله.
ثم قال تعالى: (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي): إذن فإكمال الدين، فيه تمام النعمة، والنعمة هي نعمة الدين ونعمة الدنيا بجانب الدين لا تساوي شيئاً، وإذا كان الله أتم علينا نعمته فإن الواجب علينا أن نشكره وأن نتمسك بهذا النعمة، وهي نعمة الكتاب والسنة.
ثم قال: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) وإذا كان الله قد رضي الإسلام وهو ما جاء في الكتاب والسنة قد رضيه دنيا، ورضيه منهجا ًودستوراً وقانوناً، فإن أي إنسان على وجه الأرض لا يأخذ بهذا الدين ولا يجعله قانونه ودستوره ومنهجه، فإنه يكون قد سلك ما يغضب الله تعالى، لأن الله لم يرتض إلا الكتاب والسنة كما قال: (وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) لأنه لم يرضى ما ارتضاه الله له.
إذن نحن معشر المسلمين إذا آمنا بما أمرنا الله أن نؤمن به، وعرفنا فضل الله علينا بإكماله للدين وإتمامه للنعمة ورضائه الإسلام دينا لنا، إذا عرفنا ذلك، فإننا يجب علينا أن نشكر الله ليلاً ونهاراً، لأن الله هدانا لهذه المعرفة ولذلكم إن أغلى شيء في الدنيا والآخرة، وأن أكبر نعمة ينعم الله بها على الإنسان هي نعمة الإيمان. لأن الإيمان معناه اعتراف وتصديق بعبودية الله وبوجود الله ووحدانية الله وعظمة الله وكمال الله، واعتراف منك بأنك خاضع لربك وأنك رضيت به ولا ترضى بغيره معبوداً هذا هو الإيمان: أنك رضيت بكتاب الله منهجاً وأنك رضيت برسول الله قائدا وإذا رضيت بذلك صادقا وألزمت نفسك أن تعمل بالكتاب والسنة، وأن تقتدي برسول الله في كل صغيرة وكبيرة، فقد وجبت لك الجنة لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ). فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ، فَقَالَ : أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَفَعَلَ(مسلم ). وفي رواية (ذاق طعم الإيمان(
أخي المؤمن: أنت آمنت لكنك حين آمنت؛ آمنت في الغالب وما فكرت. وجدت أباك مؤمناً فآمنت ووجدت أمك مؤمنة فآمنت ووجدت البلد بلداً إسلاميا فأسلمت وهذا يسمى إيمان وإسلام التقليد لكنك إذا انفعلت بالإيمان وتحرك قلبك وشعرت بعظمة ربك وصرت تحبه وتخافه وترجوه وتذكره وتشكره وتلجأ إليه في السراء والضراء وتتمسك بكتابه وترفع سنة نبيه إذا فعلت ذلك، فقد صدق إيمانك وخرجت من التقليد وصرت حينئذ في مرضاة الله ورعايته لأن الله يقول: (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (التغابن: 11).
إنك بإيمانك كأنك أخذت جوازاً، جواز مرور أدخلك في رحمة الله وعنايته، بسبب هذا الإيمان أدخلك بين ملائكة رحمته (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (الأحزاب: 43).
بسبب هذا الإيمان فتح لك أبواب السماء كلما عبدت أو شكرت أو ذكرت ربك، بسبب هذا الإيمان فتح لك أبواب الجنة على مصاريعها ،بسبب هذا الإيمان جعلك تستحق شفاعة النبي محمد يوم القيامة بسبب هذا الإيمان، جعلك إن كنت عابداً تقياً تشفع يوم القيامة في أمك وأبيك وأخيك وكثير من أهلك حتى ليشفع بعضهم في قبيلة بسبب هذا الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم" لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ".
من مثلك يا مؤمن: إن الله تعالى عصم دمك فلا يجوز لأحد أن يعتدي عليك ، وعصم مالك فلا يجوز لأحد أن ينال منه شيئاً ، وعصم عرضك فلا يجوز لأحد أن يشتمك أو يستهزأ بك أو يحتقرك، كل ذلك بسبب الإيمان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ وَيُقِيْمُوْا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهَمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَىرواه البخاري ومسلم. وهذا بسبب الإيمان وبسبب كلمة التوحيد التي تنطق بها.
إن كلمة التوحيد وهي كلمة لا إله إلا الله التي آمنت بها، جاء في الحديث أنك إذا قلتها بصدق وإيمان وبروح مشربة بها، فإنها تفتح لك أبواب السماء وتصعد ولا تستقر إلا عند عرش الرحمن كما قال محمد عليه الصلاة والسلام: "مَا قَالَ عَبْدٌ: لَا إِلَـهَ إِلَّا اللَّهُ قَطُّ مُخْلِصًا، إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ حَتَّى تُفْضِيَ إِلَى الْعَرْشِ، مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ".
إن هذه الكلمة العظيمة والتي شرفك الله بقولها جاء في الحديث عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم: : "إن نوحاً عليه السلام قال لابنه عند موته: آمُرُكَ بِلا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعْنَ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فِي كِفَّةٍ لَرَجَحَتْ بِهِنَّ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ، وَالأَرَضِينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً لَقَصَمَتْهُنَّ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ "
إن هذه الكلمة العظيمة كلمة الإيمان، جعلتنا نتصل بربنا فإذا عبدناه قبل منا وإذا دعوناه استجاب لنا وإن ركعنا أو سجدنا غشيتنا رحمته وإن وقفنا نصلي له ونعبده نزلت علينا ملائكه رحمته، العالم كله منقطع عن السماء، حياته مظلمة ويعيش في بؤس وشقاء ما عدا أهل لا إله إلا الله من المسلمين المؤمنين الصادقين فيا فرحة المؤمن بهذا الإيمان،اخي المسلم إنك بايمانك الصادق إذا أذنبت أو أخطأت ثم ندمت وقلت ربي أذنبت فأغفر لي قال الله لك عبدي استجبت فغفرت لك ولو ذكرت الله خاليا ففاضت عيناك فإن الله يأمر الملائكة أن تكتبك في سجل الذين يظلهم تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخي المؤمن: أنت إذا ذكرت الله ذكرك وإن تبت إلى الله قبلك وإن توضأت وضوءاً كوضوء النبي صلى الله عليه وسلم غفر لك ما تقدم من ذنبك كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر لك ما تقدم من ذنبك من الصغائر وإن تركت الكبائر غفر لك كل الصغائر كما قال تعالى: "إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً" (النساء: 31) كما أنك إذا توضأت ثم صليت ركعتين تقبل بهما بوجهك وقلبك عليهما، إلا وجبت لك الجنة كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله وسلم كذلك أنت إن سبحت الله ثلاثا وثلاثين وكبرته ثلاثا وثلاثين وحمدته ثلاثا وثلاثين ثم قلت بعد ذلك لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفر لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد البحر فمن مثلك، فإن صمت يوما واحد في سبيل الله جعل الله بينك وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن مثلك. إن أكلت طعاماً ثم قلت: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام من غير حول مني ولا قوة، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن مثلك، بل حتى إذا لبست ثوباًجديدا ثم قلت: الحمدالله الذي كساني هذا وزرقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن مثلك.
إن أصبت بمرض حتى ولو كان صغيرا، كفر الله بذلك من خطاياك كما قال: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا " فمن مثلك. إن فرجت عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنك كربة من كربات يوم القيامة فمن مثلك. إن يسرت على معسر يسر الله عليك في الدنيا والآخرة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فمن مثلك. من مثلك. قل لي يا أخي المسلم من يفعل لك كل ذلك من الناس وهل من الناس من يكافئك وهل من الناس من يعطيك بالحسنة عشر أمثالها؟ لا، لا إنك تفعل الخير مع الناس وقد لا تجد منهم إلا الكفران، وقد لا تجد إلا نكران الجميل لكن مع ربك تقول، ربي يقول لك لبيك، تقول اغفر لي يقول لك: قد غفرت تقول أنقذني، يقول أنقذت، تقول أنا عبدك فاستجب لي، يقول لك (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة : 186 ).
فمن مثلك، من مثلك يا مسلم هل في العالم إنسان أسعد منك ألا ما أسعد المؤمنين بإيمانهم، وما أسعد المؤمنين بربهم، إننا في حاجة إلى ربنا ، إن سعادتنا في كياننا الحقيقي وكياننا الحقيقي في أرواحنا، إذا أظلمت الأرواح فلا قيمة للجسد، وإذا فني الجسد في سبيل أن تستنير أرواحنا وأن تلهج بذكر الله ألسنتنا، وأن تتفتح لنور الله قلوبنا فهذه هي السعادة الحقة.
أيها الإخوة ألا تريدون أن تكونوا سعداء ؟ إذاً كونوا مع الله تحصلون على السعادة والرفعة والسيادة ولا تكونوا كالذين يعيشون بتقاليدهم في عباداتهم ومعاملاتهم وحياتهم أكثر مما يعيشون بإسلامهم الذي أمرهم الله به وارتضاه لهم ، الأمر الذي ساهم في تشتت قلوبهم وانهيار مجتمعاتهم وبعدهم عن الحق ووقوعهم في الضلال، حتى أعلنوا الفحشاء وحاربوا الله سبحانه، ورفضوا كتابه، وعادوا نبيه، وتنادى أكثرهم بأن لا دين ولا قانون من عند الله فتاهوا وأضلوا وعاشوا معذبين في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ، لذا نقول أخي المسلم: احذر أن تكون من هؤلاء وعش مع الله عش مع الله بكيانك كله ووقتها ستشعر بلذة الحياة وسعادتها ووقتها تستطيع أن تضحي بنفسك بطريقة شرعية وأنت سعيد، وأن تضحي بمالك وأنت سعيد، وأن تضحي بشهواتك وأنت سعيد، وتقول كما قال موسى عليه السلام (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى " ( سورة طه : 48 وتقول كما قالت امرأة فرعون، (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) التحريم. إمرأة فرعون والتي تركت الجاه والمال والقصر والحلي من أجل الإيمان. أتى بها فرعون وصلبها، وكان يعذبها وهي تضحك ، ماتت وهي تضحك، وفرعون يصيح ويقول ما بها هذه المجنونة نعذبها وهي تضحك ، أتدرون لماذا كانت تضحك؟ كانت تضحك لأن الله سبحانه وتعالى أراها قصرها العظيم في الجنة وهي في تلك اللحظات العصيبة فنسيت كل العذاب، ونسيت كل الألم عندما بشرها الله بهذا القصر وبجواره سبحانه وتعالى في الجنة فماتت وهي تضحك ألا ما أسعد المؤمنين بإيمانهم، لكن المحروم محروم نسأل الله أن لا يحرمنا معرفته، وأن لا يحرمنا السعادة بمعرفته وألا يحرمنا جنته إنه على كل شيء قدير.

الخطبة الثانية:
أيها الأخوة المؤمنين هل هناك أحد ترجون حبه كما ترجون حب الله لكم؟ الجواب لا. هل هناك شيء في الدنيا تعتزون به كما تعتزون بإيمانكم بالله؟ الجواب لا، هل هناك طريق لسعادتكم سوى الطريق الذي رسمه الله لكم في الكتاب والسنة؟ الجواب لا.
إذن لماذا كثير من الناس إلا من رحم الله متهافتون على الشهوة، ساقطون في الفتنة، قساة القلوب، يعيشون في القلق ويرتعون في الضلالة وينشرون الفحشاء والمنكر، وصار حالهم كما قال إبراهيم ابن أدهم عندما سأله أهل البصرة عن أحوالهم وقالوا له: يا أهل البصرة لقد ماتت قلوبكم عن عشرة أشياء: عرفتم الله فلم تودوا حقه، وقرأتم كتاب الله ولم تعملوا به، وادعيتم حب رسول الله وتركتم سنته، وادعيتم عداوة الشيطان ووافقتموه، وقلتم نحب الجنة ولم تعملوا لها، وقلتم نخاف النار ورهنتم أنفسكم لها، وقلتم إن الموت حق ولم تستعدوا له، واشتغلتم بعيوب إخوانكم ونسيتم عيوبكم، وأكلتم نعم ربكم ولم تشكروها، ودفنتم موتاكم ولم تعتبروا بهم.
ولم تعتبروا بهم، صدق والله صرنا لا نعتبر من شيء أبدا، إننا نسمع المواعظ والخطب فلا تغير فينا شيئا ، يأتي الرجل فيسمع الموعظة وقد يتأثر بها مؤقتا فإذا عاد إلى بيته عاد إلى عاداته وتقاليده وأخلاقه القديمة وذنوبه و لم يتغير ولم يتأثر، لذا نقولها صريحة، إذا ظلت حياتنا على هذا المنوال فإن الآثار ستكون سيئة جدا. إن المسلمين انتقصت أرضهم، وانتقصت كرامتهم وتحكم فيهم أعداؤهم لأنهم حين قالوا في الآذان الله أكبر لم يكونوا صادقين في أكثريتهم. إنما قالوها تقليدا وعادة، وذرا للرماد في العيون، الله أكبر على المئذنة، أما في الحكم فالله ليس أكبر،أما في الإعلام فالله ليس أكبر، أما في المعاملات المالية فالله ليس أكبر، أما في الحياة الزوجية ومع الوالدين فالله ليس أكبر، أما في الحياة العامة فالله ليس أكبر، بعكس سلفنا الصالح والذين كانوا يرددون الله أكبر فتهتز الأرض لقولها، كان عمر رضي الله عنه يكبر في خيمته في منى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج كل منى تكبيرا فإذا أنت أمام دولة وأمة تتعاون كلها على أن الكبرياء لله، والعظمة لله، والركوع والسجود لله والإخبات والتوكل على الله، والاستمداد والاستلهام من الله.
هكذا كانوا وإذا أردنا العزة في الدنيا والآخرة فلابد أن نكون مثلهم لابد، ولابد أن نغير الحياة باسم الله وأن نقول بصدق الله أكبر وأجل ، الله أكبر من كل شيء ، الله أكبر حقيقة، الله أكبر قولا وفعلا واعتقادا، وأمُر نبيه أكبر من أمر كل بشر، وأوامر كتابه أكبر من أي قانون أو دستور على وجه الأرض نعم لابد أن نقولها ونعمل بها على وجه الحقيقة.
يجب أن ندرك الحقائق وأن نغير وأن نتغير وهذا التغيير ليس مستحيلا لأن الله سبحانه يقول: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11) ومعنى ذلك أن الشرط في حدوث التغير يبدأ بتغير ما بداخلنا وذلك بالعودة إلى التمسك بحبل الله واللجوء إليه ،بالتضرع إليه ،بالثقة به سبحانه ،بترك المعاصي والفواحش، بالإقبال على التوبة والاستقامة، بالعمل بجدية وإخلاص، بحب المسلمين ونصرتهم لا تركهم يُقتلون ويُظلمون ويُهجرون من بلادهم ونحن نتفرج عليهم ، بالحرص على أوقاتنا والاستفادة منها ، بأن يكون لنا أهداف نبيلة في الحياة نعمل على تحقيقها والوصول إليها ، بالعلم والعمل والجد والاجتهاد، وعندما نبدأ بتغيير أنفسنا فإن ذلك سيتبعه حتما تغير المجتمع بشكل عام ولذلك قالوا: إن تغيير الإنسان لنفسه وسلوكه سيساهم في تغير المجتمع وإصلاحه ككل، المجتمع أرأيت أخي المسلم أهميتك كفرد في المجتمع؟! إنك بصلاحك تساهم في صلاح المجتمع؟ وبفسادك تساهم في فساده فماذا تختار لنفسك؟ لا أشك أبدا في أنكم جميعاً تريدون صلاحكم وصلاح مجتمعكم لكن النية الطيبة وحدها لا تكفي بل لابد من العمل والتطبيق لأن الله سبحانه وتعالى يقول (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)) الكهف . فهل نبدأ بذلك نرجو هذا ونتمناه.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
خطيب جامع أم الخير بجدة
صالح محمد الجبري
المشاهدات 2988 | التعليقات 2

أرفقة الخطبة في الملف

المرفقات

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/2/6/من%20مثلك%20يامسلم.doc

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/1/2/6/من%20مثلك%20يامسلم.doc


جزاك الله خيرا