من علامات الساعة الخطبة رقم 1 ( العلامات الصغرى ) 29 شوال 1436 هـ

مبارك العشوان
1436/10/28 - 2015/08/13 13:52PM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان وعقيدة من أسس عقائد الإسلام. وذلك أن للإيمان أركان ستة دل عليها حديث جبريل عليه السلام وفيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْــــرِهِ وَشَرِّهِ ... ) الحديث رواه مسلم. ولقد تميز المؤمنون المتقون دون غيرهم بإيمانهم بالغيب كما قال تعالى: { الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } البقرة 3 ومن الغيب الذي يجب الإيمان به: اليوم الآخر، وقيامُ الساعة، والبعثُ بعد الموت، والجزاءُ والحساب، والجنةُ والنار.
وحديث اليوم عن شيء مما يكون بين يدي الساعة من علامات. عباد الله: دلت النصوص على قيام الساعة دون شك أو ريب ودلت كذلك على قربها ودنوها. قال تعالى: { إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ } غافر 59 وقال تعـــــالى: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } القمر 1 وقال تعالى: { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } الأنبياء1 وقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ أَوْ كَهَاتَيْنِ وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ) رواه البخاري ومسلم. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بعلامات تظهر قبل قيام الساعة تدل على قربها، وهي من الغيوب المستقبلة التي أطلعه الله عليها. روى مسلم في صحيحه من حديث أَبُي زَيْدٍ عَمْرَو بْنَ أَخْطَبَ قَالَ: ( صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ فَنَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا ).
عباد الله: أشراط الساعة وعلاماتها كثيرة، وهي على نوعين: علامات كبرى لم تظهر بعد، وعلامات صغرى؛ منها ما ظهر وانقضى، ومنها ما ظهر ولا يزال يتتابع ويكثر، ومنها ما لم يظهر حتى الآن. وقد ذكر العلماء من العلامات الصغرى: بعثةَُ النبي صلى الله عليه وسلم، لحديث: ( بُعِثْت أَنَا وَالسَّاعَةَ ... ) قال القرطبي رحمه الله: أولها النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه نبي آخر الزمان، وقد بُعث وليس بينه وبين القيامة نبي.
ومنها موتُه صلى عليه الصلاة والسلام، ومنها فتحُ بيت المقدس ومنها استفاضة المال. روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا، ثُمَّ فِتْنَةٌ لَا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَـرَ أَلْفًا ) . ومن الأشراط: ظهور الفتن، التي لا سلامة منها ولا نجاة إلا بالإيمان بالله واليوم الآخر، ولزومِ جماعة المسلمين والتعوذِ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ( نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ... ) الحديث رواه مسلم.
ومنها اتباع بعض المسلمين سَننَ الكفار من اليهود والنصارى. ففي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَارِسَ وَالرُّومِ فَقَالَ وَمَنْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ ) وفي رواية : ( حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ ) رواه البخاري. قال النووي رحمه الله: ( والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ) أ هـ هذا قول الإمام النووي رحمه الله في زمانه فماذا يقول لو رأى ما نحن فيه ؟ فاللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، ودنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا.بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآي والذكر الحكيم، وأقول ما تسمعون وأستغفر الله من صغير الذنوب وكبيرها؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن من علامات الساعة الصغرى: تضييع الأمانة؛ لما روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة، وفي الحديث أنه قال: ( فَإِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَة َ). ومنها ما جاء في البخاري: ( يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا وَمَا الْهَرْجُ قَالَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ).
وفي البخاري أيضا: ( إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا ) ومنها ظهور المعازف، والتطاول في البنيان وظهور الشرك في هذه الأمة وكثرة الزلازل، وظهور الكاسيات العاريات، وكثرة النساء وقلة الرجال، وظهور مدعي النبوة، وقتال العجم، ... إلى غير ذلك من العلامات الصغرى.
أما النوع الثاني فهي العلامات الكبرى ولها حديث آخر إن شاء الله تعالى.
أيها المؤمنون: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله: { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُـونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }الحاقة 18 ثم صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال سبحانه: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين ...
عباد الله : اذكروا الله يذكركم ...
المشاهدات 1610 | التعليقات 0