من صور المباهاة والتحذير منها 1438/6/25
عمر بن عبد الله بن مشاري المشاري
1438/06/24 - 2017/03/23 17:07PM
من صور المباهاة والتحذير منها[1]
الحمدلله الذي أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, خلق خلقه ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا, وأشهد أن سيدنا محمدا رسول رب العالمين وخيرة البشر أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما, أما بعد:
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى, واعلموا أنكم في دار زائلة, نعيمها على ما فيه من كدر يضمحل, فالمرء فيها يتقلَّب بين أتراح وأفراح, وضيق وفرج, الناس فيها إما فطِنٌ شاكرٌ يعبد ربه كما أمره, فيفعل أوامره وينتهي عن نواهيه, يجمع فيها من الحسنات ما يكون له بها النجاة يوم القيامة برحمة الله, فهو ينظر إلى الدنيا نظرة المتزود بالطاعات إلى يوم معاده في الآخرة, قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] قال السعدي رحمه الله: (الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه، في دنياه، وأخراه، هو زاد التقوى الذي هو زادٌ إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد، فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين)[2] انتهى ما قاله رحمه الله. وكذلك فعلى المرء يا عباد الله أن يتزود من دنياه ما يقويِّه على طاعة ربه, وأن يجعل دنياه في يده لا في قلبه, لا يرى زخرفها شيئاً, ولا ينظر بعين المباهاة في شؤونه الحياتية, فهو وسطٌ بين بسط يده وقبضها, بما يصدق عليه الكرم الحقيقي الذي لا إسراف فيه ولا تبذير, فليس هو بالبخيل الذي يجمع المال ولا يوسع على نفسه وعياله ولا يكرم ضيفه ولا ينفق منه في وجوه الخير بما يستطيع لعظيم بخله, قال تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29]. قال ابن كثير رحمه الله: (أي: لا تكن بخيلا منوعا، لا تعطي أحدا شيئا، كما قالت اليهود عليهم لعائن الله: {يد الله مغلولة} [المائدة: 64] أي نسبوه إلى البخل، تعالى وتقدس الكريم الوهاب, وقوله: {ولا تبسطها كل البسط} أي: ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتخرج أكثر من دخلك، فتقعد ملوما محسورا...فتقعد إن بخلت ملوما، يلومك الناس ويذمونك ويستغنون عنك كما قال زهير بن أبي سلمى في المعلقة:
ومن كان ذا مال ويبخل بماله...على قومه يُستغن عنه ويذمم
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك، قعدت بلا شيء تنفقه، فتكون كالحسير)[3].
أيها المسلمون: إنَّ بعضاً من الناس يصبح ويمسي وهمُّه المباهاة والمفاخرة, ويفرح بالإسراف والتبذير.
ومن صور المباهاة المذمومة: الإسراف في مناسبات الزواج, والمبالغة في المهور والولائم وما يسمى بالشبكة مما هو وافد علينا ومما فيه إرهاق لكاهل الزوج واستئجارٌ لقاعات الزواج بمبالغ مرتفعة, قد يضطر معها إلى الاقتراض فيقع في حرج فيما بعد, وكل هذا إنما هو مصانعة للمظاهر, مفاخرة بالمكان وبالضيافة والخدمة, ولو اقتصر على ما يستطيع حسب حاله موازِناً بين دخله وصرفه, لكان فعلَ صواباً, قال صلى الله عليه وسلم: «مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَتَيَسَّرَ خِطْبَتُهَا، وَأَنْ يَتَيَسَّرَ صَدَاقُهَا، وَأَنْ يَتَيَسَّرَ رَحِمُهَا» قَالَ عُرْوَةُ: «يَعْنِي يَتَيَسَّرُ رَحِمُهَا لِلْوِلادَةِ» قَالَ عُرْوَةُ: «وَأَنَا أَقُولُ مِنْ عِنْدِي: مِنْ أَوَّلِ شُؤْمِهَا أَنْ يَكْثُرَ صَدَاقُهَا»[4] أخرجه الحاكم وحسنه الألباني.
ومن صور المباهاة: المبالغة في ألبسة المناسبات, وهذا أكثره عند النساء, فالمرأة في الغالب تريد أن يكون لبسها أندر لباس وأجمله وأغلاه ثمناً, ولذلك راجت سوق ملابسهن واستنزفن أموالا طائلة, مما فيه إثقال على كاهل الولي من زوج أو غيره. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ"[5] ذكره البخاري معلقا وحسنه الألباني.
أيها المسلمون: ومن صور المباهاة: المباهاة بشراء أفخم أنواع السيارات والمباهاة بغلاء أثمانها, وإنما يكفي المرء يا عباد الله ما ينقله ولا يرهقه عطَلاً ولا مالاً.
ومن صور المباهاة أيها المسلمون: المباهاة باستضافة الناس في المناسبات المجتمعية لقدوم مسؤول أو لقدوم وجيه من الوجهاء, فيتكلف المستضيف كلفة كبيرة كان الأولى به أن يسد بها حاجة محتاج من فقير أو مسكين أو يتيم أو أرملة أو يسدد بها دين مديون..
ومن صور المباهاة: المباهاة بأصناف أطعمة وأشربة المترَفين المسرفين قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] قال ابن جرير الطبري رحمه الله: (إن الله لا يحب المتعدِّين حدَّه في حلال أو حرام، الغالين فيما أحلّ الله أو حرم، بإحلال الحرام وبتحريم الحلال، ولكنه يحبّ أن يحلَّل ما أحل ويحرَّم ما حرم، وذلك العدل الذي أمر به)[6] انتهى ما قاله رحمه الله, ويشتد ضرر هذه المباهاة بأصناف الأطعمة والأشربة أيها المسلمون إن تم تصويرها ونشرها عبر أجهزة الهواتف والحواسيب فيراها كثير من الناس وفيهم من لا يستطيع شراء أطعمة ضرورية له ولأهل بيته, فينكسر خاطره, لما يرى من النعيم الذي هم فيه والفقر الذي يتجرع غصصه مع أفراد أسرته, فعلى المرء أن يحذر تصوير تلك الأطعمة والأشربة التي تدل على ترف أهلها, ويُسلِّم نفسه من أن ينشر ما يكسر به خاطر فقير أو محتاج أو مُعسِر.
ومن صور المباهاة: المباهاة في المسكن وزخرفته والمبالغة في تزيينه, مما قد يجر إلى إضعاف صلة الرحم خشية من تخريب أطفال الزائرين لما فيه من تحف ومناظر تجميلية وخشية من العبث بالأثاث الباهض الثمن, فيُغلقُ باب بيت كان مفتوحا قبل ذلك.
ومن صور المباهاة: المباهاة بما يهدى للمرأة بعد إنجابها إما بشراء ورود غالية الثمن ثم ترمى في النفايات, أو بشراء مطعومات غالية هي من الكماليات لا الأساسيات..فلو أعطى مبلغ تلك الهدايا للمرأة المنجبة لكان أولى حيث تضعه فيما يصلح من حاجتها, وتنتفع به أكثر من الورود وغيرها من الهدايا.
أيها المسلمون: ومن صور المباهاة: المباهاة في بناء المساجد وتزيينها وإنارتها وفرشها وزخرفتها بما يُشغل المصلين, مما تكون فيه كلفة المسجد الواحد بما يعادل بناء ثلاث مساجد أو أكثر, ولسان حال بعضهم: أرأيتم المسجد الفلاني: إنَّه تحفة معمارية, يتعجبُ منه من ينظر إليه, فيا خسارة من يهتم بعمارة بنائها ولا يهتم بعمارتها بالطاعات وكثرة الذكر فيها. قال صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ»[7] وفي رواية عند الطبراني: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَبَاهَوْنَ بِكَثْرَةِ الْمَسَاجِدِ، لا يَعْمُرُونَهَا إِلا قَلِيلا»[8] وقد نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن زخرفة المساجد لأن ذلك يشغل الناس عن صلاتهم. وقال عندما أمر بتجديد المسجد النبوي: (أكِنَّ الناسَ من المطر,وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس)[9]. فلينته أقوام عن زخرفتهم المساجد ومبالغتهم في بنائها.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
فيا أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى, واعلموا أنكم في دار زائلة, نعيمها على ما فيه من كدر يضمحل, فالمرء فيها يتقلَّب بين أتراح وأفراح, وضيق وفرج, الناس فيها إما فطِنٌ شاكرٌ يعبد ربه كما أمره, فيفعل أوامره وينتهي عن نواهيه, يجمع فيها من الحسنات ما يكون له بها النجاة يوم القيامة برحمة الله, فهو ينظر إلى الدنيا نظرة المتزود بالطاعات إلى يوم معاده في الآخرة, قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] قال السعدي رحمه الله: (الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه، في دنياه، وأخراه، هو زاد التقوى الذي هو زادٌ إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد، فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين)[2] انتهى ما قاله رحمه الله. وكذلك فعلى المرء يا عباد الله أن يتزود من دنياه ما يقويِّه على طاعة ربه, وأن يجعل دنياه في يده لا في قلبه, لا يرى زخرفها شيئاً, ولا ينظر بعين المباهاة في شؤونه الحياتية, فهو وسطٌ بين بسط يده وقبضها, بما يصدق عليه الكرم الحقيقي الذي لا إسراف فيه ولا تبذير, فليس هو بالبخيل الذي يجمع المال ولا يوسع على نفسه وعياله ولا يكرم ضيفه ولا ينفق منه في وجوه الخير بما يستطيع لعظيم بخله, قال تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29]. قال ابن كثير رحمه الله: (أي: لا تكن بخيلا منوعا، لا تعطي أحدا شيئا، كما قالت اليهود عليهم لعائن الله: {يد الله مغلولة} [المائدة: 64] أي نسبوه إلى البخل، تعالى وتقدس الكريم الوهاب, وقوله: {ولا تبسطها كل البسط} أي: ولا تسرف في الإنفاق فتعطي فوق طاقتك، وتخرج أكثر من دخلك، فتقعد ملوما محسورا...فتقعد إن بخلت ملوما، يلومك الناس ويذمونك ويستغنون عنك كما قال زهير بن أبي سلمى في المعلقة:
ومن كان ذا مال ويبخل بماله...على قومه يُستغن عنه ويذمم
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك، قعدت بلا شيء تنفقه، فتكون كالحسير)[3].
أيها المسلمون: إنَّ بعضاً من الناس يصبح ويمسي وهمُّه المباهاة والمفاخرة, ويفرح بالإسراف والتبذير.
ومن صور المباهاة المذمومة: الإسراف في مناسبات الزواج, والمبالغة في المهور والولائم وما يسمى بالشبكة مما هو وافد علينا ومما فيه إرهاق لكاهل الزوج واستئجارٌ لقاعات الزواج بمبالغ مرتفعة, قد يضطر معها إلى الاقتراض فيقع في حرج فيما بعد, وكل هذا إنما هو مصانعة للمظاهر, مفاخرة بالمكان وبالضيافة والخدمة, ولو اقتصر على ما يستطيع حسب حاله موازِناً بين دخله وصرفه, لكان فعلَ صواباً, قال صلى الله عليه وسلم: «مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَتَيَسَّرَ خِطْبَتُهَا، وَأَنْ يَتَيَسَّرَ صَدَاقُهَا، وَأَنْ يَتَيَسَّرَ رَحِمُهَا» قَالَ عُرْوَةُ: «يَعْنِي يَتَيَسَّرُ رَحِمُهَا لِلْوِلادَةِ» قَالَ عُرْوَةُ: «وَأَنَا أَقُولُ مِنْ عِنْدِي: مِنْ أَوَّلِ شُؤْمِهَا أَنْ يَكْثُرَ صَدَاقُهَا»[4] أخرجه الحاكم وحسنه الألباني.
ومن صور المباهاة: المبالغة في ألبسة المناسبات, وهذا أكثره عند النساء, فالمرأة في الغالب تريد أن يكون لبسها أندر لباس وأجمله وأغلاه ثمناً, ولذلك راجت سوق ملابسهن واستنزفن أموالا طائلة, مما فيه إثقال على كاهل الولي من زوج أو غيره. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ» وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ، أَوْ مَخِيلَةٌ"[5] ذكره البخاري معلقا وحسنه الألباني.
أيها المسلمون: ومن صور المباهاة: المباهاة بشراء أفخم أنواع السيارات والمباهاة بغلاء أثمانها, وإنما يكفي المرء يا عباد الله ما ينقله ولا يرهقه عطَلاً ولا مالاً.
ومن صور المباهاة أيها المسلمون: المباهاة باستضافة الناس في المناسبات المجتمعية لقدوم مسؤول أو لقدوم وجيه من الوجهاء, فيتكلف المستضيف كلفة كبيرة كان الأولى به أن يسد بها حاجة محتاج من فقير أو مسكين أو يتيم أو أرملة أو يسدد بها دين مديون..
ومن صور المباهاة: المباهاة بأصناف أطعمة وأشربة المترَفين المسرفين قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31] قال ابن جرير الطبري رحمه الله: (إن الله لا يحب المتعدِّين حدَّه في حلال أو حرام، الغالين فيما أحلّ الله أو حرم، بإحلال الحرام وبتحريم الحلال، ولكنه يحبّ أن يحلَّل ما أحل ويحرَّم ما حرم، وذلك العدل الذي أمر به)[6] انتهى ما قاله رحمه الله, ويشتد ضرر هذه المباهاة بأصناف الأطعمة والأشربة أيها المسلمون إن تم تصويرها ونشرها عبر أجهزة الهواتف والحواسيب فيراها كثير من الناس وفيهم من لا يستطيع شراء أطعمة ضرورية له ولأهل بيته, فينكسر خاطره, لما يرى من النعيم الذي هم فيه والفقر الذي يتجرع غصصه مع أفراد أسرته, فعلى المرء أن يحذر تصوير تلك الأطعمة والأشربة التي تدل على ترف أهلها, ويُسلِّم نفسه من أن ينشر ما يكسر به خاطر فقير أو محتاج أو مُعسِر.
ومن صور المباهاة: المباهاة في المسكن وزخرفته والمبالغة في تزيينه, مما قد يجر إلى إضعاف صلة الرحم خشية من تخريب أطفال الزائرين لما فيه من تحف ومناظر تجميلية وخشية من العبث بالأثاث الباهض الثمن, فيُغلقُ باب بيت كان مفتوحا قبل ذلك.
ومن صور المباهاة: المباهاة بما يهدى للمرأة بعد إنجابها إما بشراء ورود غالية الثمن ثم ترمى في النفايات, أو بشراء مطعومات غالية هي من الكماليات لا الأساسيات..فلو أعطى مبلغ تلك الهدايا للمرأة المنجبة لكان أولى حيث تضعه فيما يصلح من حاجتها, وتنتفع به أكثر من الورود وغيرها من الهدايا.
أيها المسلمون: ومن صور المباهاة: المباهاة في بناء المساجد وتزيينها وإنارتها وفرشها وزخرفتها بما يُشغل المصلين, مما تكون فيه كلفة المسجد الواحد بما يعادل بناء ثلاث مساجد أو أكثر, ولسان حال بعضهم: أرأيتم المسجد الفلاني: إنَّه تحفة معمارية, يتعجبُ منه من ينظر إليه, فيا خسارة من يهتم بعمارة بنائها ولا يهتم بعمارتها بالطاعات وكثرة الذكر فيها. قال صلى الله عليه وسلم: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ»[7] وفي رواية عند الطبراني: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَبَاهَوْنَ بِكَثْرَةِ الْمَسَاجِدِ، لا يَعْمُرُونَهَا إِلا قَلِيلا»[8] وقد نهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن زخرفة المساجد لأن ذلك يشغل الناس عن صلاتهم. وقال عندما أمر بتجديد المسجد النبوي: (أكِنَّ الناسَ من المطر,وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس)[9]. فلينته أقوام عن زخرفتهم المساجد ومبالغتهم في بنائها.
بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية (من صور المباهاة والتحذير منها)[10]
الحمدلله الذي جعلنا مسلمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, خلقنا ورزقنا وجعلنا أمةً وسطاً, وأشهد أنَّ محمداً رسول رب العالمين ما من خير إلا أمرنا به وما من شرٍّ إلا نهانا عنه, صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون, وكونوا متعاونين على الخير.
ومن صور المباهاة يا عباد الله: أن يباهي الإنسان بعمله غيرَه فيقول: فعلت وعملت مفاخرَة على غيره, وهذا مسكين, إن كان عمِل حسنة فإنه يُنقص أجرها, وإن كان عمِل سيئة فقد ارتكب ثلاث محظورات, عمله للسيئة ونشره لها ومفاخرته بفعلها, ويخشى عليه أن يكون ممن يُشيع الفاحشة في الناس.
ومن صور المباهاة: المباهاة بكثرة العطاء سواء كان مساهمة منه أو عطية أو هبة لفلان من الناس, وهذا فيه نوع مَنٍّ, فالمعطي حقاً هو من يكتم عطاءه كأن لم يُعطِ شيئاً, ولا يرى أنَّه صاحبَ فضل على فلان, فالفضل كلُّه لله, إذ رزقه مالاً ينفق منه, ولم يجعله فقيراً يسأل الناس أو ينظر إلى أعطياتهم, والفضل كله لله, إذ لم يجعله بخيلاً يجمع ويمنع, فيغِلُّ يده إلى عنقه, فإذا أعطى معطٍ فليخفِ عطاءه ما استطاع سبيلا, لعله يكون من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله حيث ذكر منهم (رجل تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ)[11] .
عباد الله: ومن صور المباهاة: المباهاة بالنسب بأن يفاخِر به ويباهيَ غيره به, كأنما يقول لغيره بلسان حاله: نسبي خير من نسبك وآبائي خير من آبائك, وهذا مما حرَّمه الله, وهو من صفات الجاهلية المذمومة قال صلى الله عليه وسلم:"أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ، وَالاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ"[12].
اللهم اجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه, وأصلح قلوبنا وأعمالنا واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين, اللهم أصلح من في صلاحه صلاح للإسلام والمسلمين وأهلك من في هلاكه صلاح الإسلام والمسلمين, اللهم كن لأهلنا المظلومين المضطهدين في العراق وسوريا وفلسطين ومانيمار وفي الأحواز اللهم انصرهم على من ظلمهم اللهم عليك بعدوهم زلزله واشدد وطأتك عليه, اللهم عليك بأعداء دينك الذين يحاربون دينك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم, ويحاربون عبادك الصالحين, اللهم فرق جمعهم وخالف بين قلوبهم واجعل بأسهم بينهم واهزمهم بقوتك, اللهم عليك بالحوثيين والخونة في اليمن مزقهم كل ممزق واهزمهم بقوتك يا ذا القوة والجبروت اللهم انصر جنود التحالف العربي في اليمن وانصر جنودنا المرابطين على حدود بلادنا ثبت أقدامهم وسدد رميهم وصوب آراءهم اللهم انصر رجال أمننا وثبت أقدامهم ومكنهم من القبض على كل مفسد وإرهابي خارجي...اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرها وعلماءها وأهلها وجنبها الفتن والحروب وزدها قوة وأمنا ورخاء وشكرا وزدها تمسكا بالدين واجمع بها كلمة المسلمين على الحق وانصرها على أعدائها اللهم احفظ ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين ونائبيه وأعز بهم دينك وأعل بهم كلمتك وارزقهم بطانة صالحة ناصحة تدلهم على الخير وتعينهم عليه, وأبعد عنهم بطانة السوء, واجمع بهم كلمة المسلمين على الحق, اللهم عليك بدولة يهود وبالنظام الإيراني وبالنظام العراقي والسوري وبالروس اشدد وطأتك عليهم جميعا وأسقط دولهم ومزقهم كل ممزق, اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم, اللهم أقم علم الجهاد واقمع أهل الشرك والزيغ والفساد وانشر رحمتك على العباد اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن, عن بلدنا هذا خاصة عن سائر بلاد المسلمين عامة يا أرحم الراحمين, اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم أغثنا برحمتك وفضلك وجودك وكرمك وإحسانك.... ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين.
[1] تم إعدادها ضحى الأربعاء 23/6/1438هـ, عمر المشاري خطبة يوم الجمعة 25/6/1438هـ جامع الداخلة في سدير.
[2] تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 92).
[3] تفسير ابن كثير ت سلامة (5/ 70).
[4] أخرجه الإمام أحمد في مسنده من مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها برقم (24478) والحاكم في كتاب النكاح برقم (2739) وحسنه الألباني في إرواء الغليل (6/350).
[5] ذكره البخاري معلقا في صحيحه (7/ 140) وحسنه الألباني في مختصر صحيح البخاري (4/32).
[6] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (12/ 395).
[7] أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12537) وأبو داود في كتاب الصلاة, باب في بناء المساجد, برقم (449) والنسائي في كتاب المساجد, المباهاة في المساجد برقم (689) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات, باب تشييد المساجد برقم (739) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (476).
[8] المعجم الأوسط (7/ 301).
[9] ذكره البخاري في صحيحه معلقا مجزوما به, قال ذلك الألباني في كتابه دفاع عن الحديث النبوي والسيرة ص 43
[10] تم إعدادها ضحى الخميس 24/6/1438هـ, عمر المشاري خطبة يوم الجمعة 25/6/1438هـ جامع الداخلة في سدير.
[11] أخرجه البخاري في كتاب الزكاة, باب الصدقة باليمين برقم (1423) ومسلم في كتاب الزكاة, باب فضل إخفاء الصدقة برقم (1031).
[12]أخرجه مسلم في كتاب الجنائز, باب التشديد في النياحة برقم (934).
المرفقات
من صور المباهاة والتحذير منها.docx
من صور المباهاة والتحذير منها.docx
الخطبة الثانية من صور المباهاة والتحذير منها.docx
الخطبة الثانية من صور المباهاة والتحذير منها.docx
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق