من خصائص الأشهر الحُرُم

عايد القزلان التميمي
1445/11/02 - 2024/05/10 06:28AM
الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه . (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))
أما بعد فيا أيها المؤمنون: قال الله تعالى: (( إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَـٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمٰوٰت وَٱلأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَـٰتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ)).
والأشهر الحرم ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ .
عباد الله ومن خصائص الأشهر الحرم: أن الذنوب فيها أعظم من غيرها، قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: (( فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ))  أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها.
ومن خصائص الأشهر الحُرم أن الظلم في الأشهر الحرم أعظمُ خَطِيئةً وَوِزْرًا من الظُّلْمِ فيما سِواها، وإن كان الظُّلمُ على كل حال عظيمًا، ولكن الله يُعَظِّم من أمرِه ما يشاء ،
ومن خصائص الأشهر الُحرم: أن  عُمرات النبي صلى الله عليه وسلم كنّ في شهر ذي القَعْدَة؛ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (( اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلَّا الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ)). متفق عليه.  
وقد استحب بعض العلماء أن يعتمر الإنسان في أشهر الحج اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
ومن خصائص الأشهر الحرم : أن فيها عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها في كتابه وفيها يوم عرفة، ويوم النحر، ويوم القر، وأيام التشريق، وهي من أعظم الأيام عند الله، وعيد أهل الإسلام، وفيها شهر المُحَرّم الذي حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم على صيامه وفيه يوم عاشوراء .
عباد الله: واعلموا إن ظُلم النّفس مُحَرَّماً في كل حِين وفي الأشهر الحُرُم أشَدّ حُرْمَة.
ومن صُورِ الظُّلْمِ التي يقع فيها الناس كثيرة جدًّا، فأعظمها وأكبرها وأشدها عذابًا ونَكالاً الشرك بالله، قال تعالى على لسان لقمان:  يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ  .
ومن الظلم الذنوب والمعاصي عمومًا، فإنها ظُلْمِ العبد لِنَفْسِه، قال تعالى:  وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ
ومن أنواع الظلم الميلُ مع بعض الزوجات دون بعض، وتفضيل بعض الأولاد على بعض عدوانًا وطغيانًا، ومنْع البنات من الزواج بهدف جمع الأموال من رواتبهن إن كُنّ موظفات،
وهذا حرام وظلم وعدم مروءة، نسأل الله العافية.
عباد الله ومن أنواع الظلم المعاملات الربوية، فقد بيّن تعالى أنها ظلم؛ لأنه أخذ مال بغير حق، قال تعالى: (( وَإِن تُبتُمْ فَلَكُمْ رُءوسُ أَمْوٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ))
ومن أنواع الظلم أكل أموال اليتامى بغير حق، قال تعالى (( إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا )).
فاحذروا ـ عباد الله ـ الظُّلمَ، فإنّ الله ليس بغافلٍ عما تَعملون، وهو محرّمٌ ولو كان المظلوم كافراً، قال الله تعالى:  وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ   مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ  .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،
الخطبة الثانية :
الحمد لله الذي حرَّم الظلم على نفسه، وجعله محرمًا بين العباد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد : فيا أيها المسلمون، إنّ الظُّلْمَ عَاقِبته أليمة، وقد توعّد الله أهله بالعذاب والنكال الشديد، فقال تعالى:  وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا  ،
وقال تعالى:  وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ  ، ويقول سبحانه: (( أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ))،
وقال :  إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ  
وقد حذّر الله من الظلم، فقال في الحديث القدسي (( يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي وجعلتُه بينكم محرّمًا فلا تظالموا)) رواه مسلم.
وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من دعوة المظلوم فقال: ((واتَّقِ دَعْوَة المَظْلُوم؛ فإنّه ليسَ بينها وبين الله حِجَاب)) رواه البخاري ومسلم.
فاتّقوا الله عبادَ الله، واحذَروا مظالمَ العباد، وتحلّلوها فيما بينَكم فعن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ:  (( مَنْ كَانتْ عِنْدَه مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ فَلْيتَحَلَّلْه ِمِنْه الْيَوْمَ قَبْلَ أَلَّا يكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمتِهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سيِّئَاتِ صاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ )) رواه البخاري.
عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ...
المرفقات

1715311682_من خصائص الأشهر الحُرم.docx

المشاهدات 853 | التعليقات 0