من حقوق النبي

خطبة عن حقوق النبي صلى الله عليه وسلم         كتبها : خالد بن خضران    الجمش- الدوادمي

 
 

الخطبة الأولى :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . 

 أما بعد :

عبادَ الله إن لنبينا عليه الصلاة والسلام حقوقٌ علينا عظيمة يجب على المسلم أن يؤدي هذه الحقوق فمن هذه الحقوق عبادَ الله :

 أولا ً من حقوقه عليه الصلاة والسلام  : طاعته فيما أمر قال تعالى ((وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وقال تعالى ((  وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)  

ثانياً من حقوقه عليه الصلاة والسلام :  تصديقه عليه الصلاة والسلام  فيما أخبر به قال تعالى ((وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) فكلُ ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم سواءً كان من الأمور الماضية أو الأمور التي تقع في المستقبل وصحَّ ذلك عنه يجب تصديقه فيه .

ثالثاً من حقوقه عليه الصلاة والسلام اجتاب ما نهى عنه وزجر قال تعالى  ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)  .

رابعاً من حقوقه عليه الصلاة والسلام علينا أن لا نبتدع في دينه عليه الصلاة والسلام يقول الإمام مالك رحمه الله تعالى ( من ابتدع في الإسلام بدعةً يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة لأن الله تعالى يقول ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً ) (المائدة : 3 ) .

خامساً من حقوقه علينا عليه الصلاة والسلام محبته وتقديمها على محبة كل أحد ففي الصحيحين

عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»

ومن علامات هذه المحبةِ أتباعُ أمره واجتناب نهيه والإكثار من ذكره والشوق إلى لقائه وحب ما يحب وبغض ما يبغض وتعلم سنته والدعوة إليها على غير ذلك من العلامات قال تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 )

فاتباع النبي صلى الله عليه وسلم يدل على محبته وهذا سببٌ عظيم لمحبة الله للعبد وحصولُ المغفرةِ للعبد .

والناس في محبة النبي عليه الصلاة والسلام  على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : أهل الإفراط وهم الذين غلو في محبته فابتدعوا أموراً يرون أنها من علامات محبته عليه الصلاة والسلام فمن ذلك الاحتفال بمولده والمبالغة في مدحه ورفعه فوق منزلته التي أنزلها الله سبحانه وتعالى كما قال قائلهم :

يا أكرمَ الخلقِ مالي من ألوذُ به             سواك عند حلولِ الحادثِ العَمَمِ

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي            فضلاً وإلا فقل يا زلةَ القلمِ 

فإن من جودك الدنيا وضرِتها               ومن علومِك علمُ اللوحِ والقلمِ

وهذه القصيدة يرددونها في مولده وفيها الغلو في النبي صلى الله عليه والسلام الذي يصل إلى الشركِ الأكبر فمن قالها معتقداً ما فيها فقد أشرك بالله الشرك الأكبر

فإذا كان النبي صلى الله عليه والسلام هو الذي يلاذ به عند حلول الحوادث العظيمة وإذا كانت الدنيا والآخرة من جوده يعني هو الذي يعطيها ومن علومه علم اللوح والقلم فما ذا للخالق سبحانه ؟

أليس هذا من الغلو الشديد في النبي صلى الله عليه وسلم وهؤلاء في الحقيقة خالفوا النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال : لا تطروني – أي لا تمدحوني – كما أطرتِ النصارى عيسى بن مريم ولكن قولوا عبدُ الله ورسولُهُ .

كذلك من الغلو فيه  الحلف به عليه الصلاة والسلام يقول إذا أراد الحلف ( والنبي ) ودعاءه والتوسل به والتمسح بحجرته التي فيها قبره إلى غير ذلك من البدع والشركيات فهذا القسم بعيدٌ عن محبة النبي صلى الله عليه وسلم .

القسم الثاني : أهل التفريط الذين تركوا سنته وضيعوا أمره وفعلوا نهيه ولم يقدموا محبته على محبة النفس والمال والولد والأهل فتجد الواحد منهم من أجل المال يعصي نبيه عليه الصلاة والسلام فيأكل الحرام ومن أجل الأهل والأبناء يرتكب ما يخالف أمره عليه الصلاة والسلام وربما استهزأ بسنته وحارب دعاة السنة والعياذ بالله .

والقسم الثالث : هم الذين توسطوا بين أهل الإفراط والتفريط وهم الصحابة والتابعون ومن سار على نهجهم الذين أحبوه وقاموا بمقتضى هذه المحبة قولاً وعملاً واعتقاداً

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا منهم  أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب واستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم .

 

 

الخطبة الثانية :

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . 

 أما بعد :

إن من البدع التي انتشرت وفشت في كثير من أقطار العالم الإسلامي وتتابع عليها الجهال يقلد بعضهم بعضا يغذيها الشيطان والجهل والهوى والمقاصد السيئة    وأصبحت تتناقلها وسائل الإعلام ويحدث في الاحتفال بها الاختلاط والرقص والغناء والغلو وألفاظ الكفر ما الله به عليم 

وأصبح يُتهم المؤمنون المتبعون الذين لا يفعلون هذه البدعة بنقص في دينهم ومحبتهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم  أتدرون ما هذه البدعة ؟

 إنها بدعة المولد مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقد كانت ولادته صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين قيل الثامن من ربيع الأول وقيل الثاني عشر وهو الأشهر وأول من أحدث هذه البدعة أعني بدعة مولد النبي صلى الله عليه وسلم هم الفاطميون  في القرن الرابع الهجري فهي لم تكن معروفة في القرون المفضلة الأولى ، ولا يقال إنها بدعة حسنة كما يقول بعض الجهال فليس في البدع شيء حسن بل هي ضلال والنبي  صلى الله عليه وسلم أعطانا لفظاً عاماً فقال ( كل بدعة ضلالة ) وفي النسائي ( كل ضلالة في النار )  

 وهذه البدعة لم يفعلها النبي عليه الصلاة والسلام فهو لم يعمل لوقت ميلاده احتفالاً ولم يفعلها الصحابة رضي الله عنهم فهم على حبهم الشديد له لم يعملوا احتفالاً بمولده ولو كان في ذلك خير لسبقنا الصحابة إليه  .

واعلموا عباد الله أن في هذه البدعة  فيه تشبهٌ بالنصارى فإنهم جعلوا لعيسى بن مريم عليه السلام ميلاداً يحتفلون فيه وقد جاء في حديث الصادق المصدوق النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : ( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ ) [ متفق عليه]

وأما دعواهم أن هذا علامة على محبته فيقال إن محبته صلى الله عليه وسلم حقيقة تكون باتباعه والتمسك بسنته عليه الصلاة والسلام وليس في الابتداع في دينه قال تعالى ((قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران : 31 )

فالحذر أيهما المسلمون من الابتداع فالذي يحب النبي صلى الله عليه وسلم لا يبتدع في سنته بل يتمسك بها فهذا علامة محبته .

نسأل الله أن يوفقنا للزوم السنة ويجنبنا البدعة .

 

 

 

المرفقات

1726140206_من حقوق النبي عليه الصلاة والسلام.docx

المشاهدات 639 | التعليقات 0