من تلعنهم الملائكة

طلال شنيف الصبحي
1439/02/27 - 2017/11/16 23:46PM

من تلعنهم الملائكة 29 / 5 / 1436ه - 20 / 2 / 1439ه

الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ) عباد الله: تحدثنا في الجمعة الماضية عن أناس سعداء فازوا بدعوات مستجابات من الملائكة الكرام الذين هم عباد الرحمن(لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) وذكرنا ما ثبت في كتاب الله وسنة رسوله r ممن تدعو لهم الملائكة بالرحمة والمغفرة، وتصلي عليهم، وتستغفر لهم، وهم إجمالاً: من بات طاهرا، والقاعد ينتظر الصلاة، وأهل الصفوف المتقدمة، ومن يكونون عن يمين الإمام، وأصحاب الصف الأول، ومن يتمون الصفوف ويسدون الخلل، ومن وافق تأمينه تأمين الملائكة خلف الإمام في الصلاة، ومن جلس في مصلاه بعد الصلاة ينتظر الصلاة، ومن صلى الفجر والعصر في جماعة، والذين يصلون على النبيr ومن دعا لأخيه بظهر الغيب، وعائد المريض، والداعية إلى الله، والدال على الخير، ودعاؤهم واستغفارهم للذين آمنوا وتابوا وأنابوا إلى الله، واتبعوا سبيله, فهنيئًا لمن فاز بدعوة الملائكة وصلاتهم واستغفارهم, جعلني الله وإياكم منهم. عباد الله: واستكمالاً للحديث، فهناك أناس أشقياء تدعو عليهم ملائكة الرحمن وتلعنهم، أولئك المبعدون عن رحمة الله الذين تصبحهم وتمسيهم اللعنات -والعياذ بالله-. وأول هؤلاء: من كفر بالله ورسوله ومات على الكفر، قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ) فهم وإن طغوا وبغوا وتجبروا، وإن تمتعوا وسيطروا وحكموا، وإن تكبروا وأفسدوا فهم إلى اللعنة والنار(وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ(لا تنفعهم شفاعة ولا وسيلة، قال أبو العالية: "يوقف الكافر يوم القيامة، فيلعنه الله، ثم تلعنه الملائكة، ثم يلعنه الناس".وممن تلعنهم الملائكة: من يرتد عن دينه بعد إيمانه، ويكفر بعد إسلامه بعد أن جاءته البينات، وشهد أن الرسول حق، قال تعالى: (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ) نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، ونسأله الثبات على دينه حتى الممات، وأن لا يجعلنا ممن كفر بعد إيمانه، فاستحق العذاب في الدنيا والآخرة.ولذا كان يكثر النبي r في دعاء -: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" وممن تلعنه الملائكة: من سبّ أحدًا من أصحاب رسول الله r لقوله r (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" والسبّ هو الشتم.وحُقت اللعنة على من سب أصحاب رسول الله r، الذين آووه ونصروه وفدوه بأرواحهم وأموالهم وأولادهم.قال r (لا تسبوا أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما أدرك مُد أحدهم ولا نصيفه".فأين هذا التقدير والإجلال لأصحاب رسول اللهr من قومٍ لئام، جعلوا سبّهم لأصحاب رسول اللهr دينًا لهم يتقربون به إلى الله، نسأل الله أن يهلكهم ويدمرهم، وأن يكشف أستارهم وأحقادهم، ويجعل تدبيرهم تدميراً عليهم. عباد الله: وممن تلعنهم الملائكة -عياذًا بالله-: من أحدث في المدينة النبوية حدثًا، أو آوى فيها محدثًا؛ لقوله r المدينة حرم، فمن أحدث فيها حدثًا، أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل".وهذا بسبب حرمة المدينة وما لها عند الله من مكانة وإجلال، ومعنى: "من أحدث فيها حدثًا" أي أتى فيها إثماً وأظهر فيها منكرًا وبدعة: "أو آوى محدثًا" أي حماه وتولاه.وقيل: من نصر جانيًا وأجاره من خصمه وحال دون أن يقتص منه. وممن يدعو عليهم جبريل عليه السلام أعظم الملائكة، ويومّن على دعائه رسول اللهr من قال عنهم النبيr إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما، فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين. ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين " فكم هو تفريطٌ وخسرانٌ يحرم العبد نفسه من الأجر العظيم، ويعرضها لدعاء ومقت الملائكة، والبعد عن الله والنار، بفوات شهر رمضان دون رحمة ومغفرة، وبالغفلة عن الصلاة على رسول اللهr حين يذكر، وبالتفريط في بر الوالدين عند كبرهما -نعوذ بالله أن نكون منهم- ومن العصاة الذين تلعنهم الملائكة: المرأة يدعوها زوجها إلى فراشه فتأبى عليه، قال r (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح" وقال:(إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح)وفي رواية(حتى ترجع).أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) بارك الله لي ولكم

الخطبة الثانية:

 عباد الله: ومن الأشقياء الذين تلعنهم ملائكة الرحمن: من قال فيهم النبيr" (من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه". وقالr محذرًا: "لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار) وعليه فكل حديدة أو سلاح لا يجوز الإشارة بها لمسلم، ولو كان الإنسان مازحًا؛ لأن فيه ترويع للمسلم، ولأن الشيطان قد يوقعه مازحًا أو عامدًا أو مستهينًا في قتل نفس مؤمنة. وممن تلعنهم الملائكة كذلك: من حال دون الاقتصاص ممن وجب عليه القصاص بسبب الاعتداء على أخيه المسلم؛ لقول النبيrن قُتل عمدًا فهو قد أي قصاص ومن حال بينه وبينه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً".وقالr" (من حالت شفاعته دون حدّ من حدود الله فقد ضاد الله في أمره"؛ لأن في إقامة الحدود والقصاص رحمة بالأمة، وإحسانًا إليهم، وحياةً لهم قال تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ[ وهذا إذا بلغت الحدود القضاء والسلطان, روى الإمام مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلا قد أَخَذَ سارقا وهو يريد أن يَذهب به إلى السلطان ، فَشَفَعَ له الزبير لِيُرْسِلَه فقال : لا حتى أبْلُغَ به السلطان ، فقال الزبير : إذا بَلَغْتَ به السلطان فَلَعَنَ الله الشَّافِعَ والْمُشَفّع .فالذي يحول دون تنفيذ حكم الله في القصاص من المعتدين الظالمين سواءً كان بجاهه أو ماله؛ فهو عدو لله، عدو للناس أجمعين، عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، نعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم أن نقترف شيئًا من موجبات لعنته، أو لعنة رسوله، أو لعنة ملائكته. هذا وصلوا وسلموا

المشاهدات 1851 | التعليقات 1

المرفق هنا

المرفقات

https://khutabaa.com/forums/رد/288348/attachment/%d8%aa%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%87%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%a6%d9%83%d8%a9

https://khutabaa.com/forums/رد/288348/attachment/%d8%aa%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%87%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%a6%d9%83%d8%a9