من تكون؟

من تكون؟

الْحَمْدَ لِلَّهِ رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وخاتم المرسلين لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد: عباد الله أوصيكم بلزوم تقوى الله حتى نلقاه قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْتمْ مُسْلِمُونَ))

عباد الله عنوان خطبتنا هذا اليوم عنوانه : ( من تكون؟ )

قال لي صاحبي كم أحبها، كم اشعر بالأنس والسعادة للقياها، كم تأسرني وتملك عليَّ فؤادي،

 قلت له: ومن تكون؟

قال: إنها التي إن فقدتها في يومي تحول اليوم إلى بؤس وضيق وضنك وشقاء، وضاقت عليَّ الأرض بما رحبت.

قلت له قل لي بربك من تكون؟

قال إنها التي إن ظفرت بها في يومي امتلأ اليوم بشراً وانشراحاً وطابت لي الساعات، وشعرت بالأمن والاستقرار وما زلت أتذوق حلاوة ذلك اليوم حتى تغرب شمسه.

قلت له اشتقت لمعرفتها بالله عليك إلا كشفت اللثام عنها.

قال: إنها التي إن فقدتها في يومي اعتراني الخوف والقلق من كل قادم، فإن كنت في سفر توقعت وعثاءه، وخفت كل الخوف من سوء المنقلب، فأنا متوتر قلق حتى تغرب شمسه.

قلت له طالت حيرتي وتمنيت الظفر بها فمن تكون؟

أعدك إن أخبرتني بها أن أحسن صحبتها، وألزمها لزوم المحب لمحبوبته، لزوماً لا تدركه فرقة وبعاد.

قال لي تأمل هذا الخبر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ ) متفق عليه

إنها صلاة الفجر، التي تكون سبباً لطيب النفس وانشراحها وسعادة الحياة تأمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ ) أما من حرم منها قطع حبل وصالها فهذا وصفر سول الله صلى الله عليه وسلم ( أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ ) ما أشد وقع هذا الوصف من يرضى يا عباد الله يقال له فلان خبيث .

 

 

من تكون؟

إنها الصلاة التي تحفظ صاحبها وتحوطه وتجعله في ذمة الله فعن جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِى ذِمَّةِ اللَّهِ فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَىْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ ) رواه مسلم .

ومن كان في ذمة الله فهو محوط بحفظه و رعايته و توفيقه ، و من كان في ذمة الله فمما يخاف ومما يرهب وصدق من قال :

وإذا العناية لا حظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان

من تكون؟

إنها الصلاة التي تكون سبباً للنجاة من خبث النفس وكسلها :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ ) متفق عليه

من تكون؟

إنها الصلاة التي تكون سبباً لكفاية العبد وحمايته في سائر يومه فعن كثير بن مرة، عن نعيم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: قال الله تعالى: «ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره» رواه أحمد والنسائي  والحديث قد يراد به: صلاة الصبح وسنتها، وقد يراد به صلاة الضحى.

من تكون؟

أنها الصلاة التي تنور حياة صاحبها فها هو صلى الله عليه و سلم يدعو ربه وهو خارجٌ لصلاة الفجر أن يفيض عليه الأنوار فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ـــ أي صلاة الفجرــ وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللَّهُمَّ أَعْطِنِي" وهذا الدعاء من  النبي صلى الله عليه وسلم يتجلى فيه حرصه الشديد على أن يحوز أكبر قدرٍ من الأنوار، إشارة إلى أنه مقبل على مكان تملأه الأنوار" رواه مسلم

الخطبة الثانية:

الحمد لله عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ وأشهد الا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمد عبده ورسوله أما بعد :
عباد الله يتكرر السؤال: من تكون؟

إنها الصلاة التي تكون نوراً لصاحبها يوم القيامه فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِى الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )  رواه الترمذي وصححه الألباني.
من تكون؟

إنها الصلاة التي تشهدها الملائكة قال تعالى:{ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } أي تشهدها ملائكة السماء

من تكون؟

إنها الصلاة التي تعدل قيام الليل كله فعن عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ ) رواه مسلم
من تكون؟

إنها الصلاة التي تكون سبباً لدخول الجنة والنجاة من النار فعن أَبِى مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ: ( مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) متفق عليه  والبردان هما الفجر والعصر.
فدونك أخي هذه الصلاة المباركة حافظ عليها، ربي نفسك وأهلك وذريتك على الاستمتاع بها.

ولعلك تسأل كيف أفوز بهذه النعمة العظيم وكيف أحافظ عليه؟

والجوب: أن تستشعر عظمتها وحاجتك الماسة إليها وهاك بعض الخطوات التي تساعد على ذلك:
1/ العزم الجاد على الاستيقاظ والاهتمام لذلك ومجاهدة النفس وقد قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }

2/ الحرص على النوم المبكر و ترك السهر
عن أبي بَرْزَةَ رضي الله عنه : "أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم  كان يكرهُ النَّومَ قَبْلَ العِشَاءِ والحَديثَ بَعْدَهَا" متفقٌ عليه.

 قال أهل العلم: لانه إذا تحدث بعد العشاء ربما يطول به الحديث فيتأخر في النوم فلا يتمكن من التهجد وربما لا يتمكن من صلاة الفجر في وقتها.
3/  النوم على طهارة :

عن ابن عمر قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ( من بات طاهرا، بات في شعاره ملك، فلم يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان، فإنه بات طاهرا) رواه ابن حبان بسند حسن

4/ محافظة العبد على قراءة آية الكرسي وآخر آيتين من سور البقرة عند النوم فإنهما تحفظانه وتكفيانه من الشيطان ولا يزال عليه من الله حافظ كما صح بذلك الحديث.

5/ المحافظة على أذكار النوم

6/ استخدام المنبه عن طريق الساعة أوالجوال.

7/ طلب الإيقاظ للصلاة من الوالدين أو الجيران أو إمام المسجد.

عبد الله دونك هذه الوسائل لتكون من الفائزين بهذه النعمة العظيمة وتملأ حياتك بالأنوار، اللهم اجعلني من أهل صلاة الفجر واللهم اجعل الصلاة قرة عيني، اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا وَأَعْظِمْ لِى نُورًا.