من تفكيك الكيميائي إلى تفكيك سوريا / غازي دحمان
احمد ابوبكر
1434/11/16 - 2013/09/22 03:34AM
أخيرا وقعت الجثة السورية هامدة، بعد نزاع ومنازعة عنيفة استمرت لثلاثين شهرا، عاينت خلالها البلاد كل أشكال العنف الذي قضى على ثلث عمرانها، ووضع أكثر من ثلثي سكانها في دائرة الخطر.
أخيرا أطراف الأزمة الداخلية أناخت تحت ثقل كلفة تلك الحرب، في حين أن الخارج، بحلفائه وأعدائه، بات يبحث في تفاصيل بيان النعي وحفلة التأبين ونوعية المشاركين ومواقعهم.
وتبدو سوريا وهي في النزع الأخير من أزمتها وكأن أطرافها قد وصلت إلى مرحلة انعدام القدرة على الحسم، إذ أثبت توازن الموت الذي دام شهورا طويلة من دون أي أمل بإمكانية تجاوزه أن القضية صارت لعبة موت لا غالب فيها ولا مغلوب، وليس بمقدور أي من الطرفين الانسحاب حتى لو أراد أو رغب.
كما أن طرفيها الرئيسيين نظاما ومعارضة لم يعودا سوى عنوانين للأزمة، فيما تخلفت الكثير من القوى الفرعية الفوضوية والتي تختلف انتماءاتها مثلما تختلف أولوياتها وأهدافها، سواء المليشيات الطائفية التي شكلها النظام أو استجلبها على أساس طائفي، أو تلك التي حضرت من الخارج بغاية الجهاد في سوريا.
وقد شكلت واقعة استخدام الكيميائي، ثم قرار تسليمه، انعكاسا للمأزق الذي طال أطراف الأزمة وطبيعة الأزمة ذاتها. ففي الوقت الذي اكتشفت فيه المعارضة أن أي إمكانية للوصول إلى حلٍّ ما مع بنية النظام السياسية والاجتماعية باتت مستحيلة في ظل تطور حالة العداء في عقلية تلك البنى تجاوزه حدود الخلاف السياسي إلى حد الصراع على الوجود ذاته، فإن النظام أيضا اكتشف مأزقه الكامن في نثره لقرار القتل على كل أرجاء البلاد لدرجة صار معها مستحيلا لملمته بدون مساعدات تقنية خارجية.
وقد ساعد تهديد الرئيس الأميركي باراك أوباما بتوضيح صورة المشهد السوري وكشف الكثير من تفاصيل خباياه ووقائعه التي تكوّن الجزء الأغلب منها تحت سطح الحدث الدامي.
فقد واجهت المعارضة معضلة معرفة خريطة قواها التي ستنجز المهمة في اليوم التالي للضربة الأميركية، فما هي الكتائب التي ستسيطر على العاصمة وما هي انتماءاتها وتوجهاتها ومدى قربها من الخط العام للجيش الحر؟
في المقابل ظهرت مؤشرات كثيرة على أن رأس النظام السوري بشار الأسد نفسه لا يستطيع السيطرة على الأسلحة الكيميائية في ظل حدوث الضربة وما يرافقها من تدمير وقطع للاتصالات بين الأسد وقادته الميدانيين، وخاصة في ظل حالة عدم الثقة بين هذه الأطراف نتيجة استمرار الأزمة واضطرار بشار الأسد للإشراف المباشر على كل تفاصيل سير المعارك، خوفا من انشقاق قادته العسكريين.
غير أن طرفي الأزمة في المقابل يأملان بإمكانية توظيف قضية الكيميائي كل بما يتناسب ومصالحه وتطلعاته. فالمعارضة تعوِّل على إمكانية تعويم نفسها دوليا بوصفها الطرف الباقي سياسيا لاعتقادها أن النظام قد أسقطه استخدام أسلحته الكيميائية بالضربة القاضية، ولم يعد ثمة إمكانية لاحتمالية إعادة تأهيله وبالتالي خلو المسرح السياسي السوري بالكامل لها.
في حين ينظر النظام للأمر من زاوية مختلفة، بحيث تتيح له هذه المسألة وإيجابية تعاطيه مع المجتمع الدولي في تسليم هذا السلاح إعادة تموضعه السياسي والديمغرافي في الأزمة، وإمكانية مقاضاة الكيميائي بالاعتراف به طرفا في الحل، أو على الأقل تسوية أوضاعه القانونية وضمان عدم ملاحقة أطرافه بشأن الجرائم المرتكبة.
وبالطبع يأمل طرفا الأزمة بتحقيق كل تلك الآمال عن طريق الأطراف الدولية الداعمة لهما. إذ إن قضية الكيميائي رفعت مرتبة الأزمة السورية إلى قضية دولية بامتياز، نظرا لما تنطوي عليه من تهديدات للسلم والأمن الدوليين، وهي من صفتها هذه دخلت باب المساومات بين الغرب وروسيا، ولا شك أن هذين الطرفين يملكان التفويض اللازم لعقد أي صفقة مستقبلية، ليس فقط بشأن المسألة الكيميائية في سوريا، بل وحتى مصير ومستقبل الحكم وطبيعة النظام السياسي السوري القادم.
تفكيك السلاح الكيميائي يمثل رأس الرمح في هذه العملية المعقدة، إذ إن المنطق الطبيعي للأمور يقول بأن المنظومة العسكرية السورية كلها قد أصبحت تحت مشرط التشريح الدولي، وذلك نظرا للترابط العضوي بين مختلف مكوناتها العسكرية والأمنية وتوحد صناعة قرار استخدامها، مما يحتم الدخول الإجباري إلى ثنايا وتعقيدات أسرار هذه البنية، وهو ما سينتج عنه انكشاف لكامل البنى السياسية السورية نظرا لمحورية البنية العسكرية في جهاز الدولة وتوغلها بمختلف المؤسسات والهيئات الحكومية.
ومن السذاجة بمكان تصور إمكانية قيام هذا العمل بشكل منفصل، كما يبدو أن التفويض الدولي يمتلك مساحة أوسع من التحرك على مختلف القضايا الأخرى، إذ من المقدر أن يتبع ذلك مسألة ترتيب الوضع السياسي وتحديد مكان الفرقاء وحصصهم، وآليات الحكم وتشريعاته.
والواقع أن هذه الأمور لا يمكن فصلها في النهاية عن واقع الأزمة والانقسام الحاصل في سوريا بعد أن أثرت الأزمة بشكل كبير في النسيج الاجتماعي السوري وصنعت جبالا من عدم الثقة بين الفرقاء المختلفين، إذ لا يمكن نكران حقيقة أن الأزمة أحدثت انقسامات مجتمعية خطيرة ضربت بعنف البنى الاجتماعية السورية، ولم يبق مكون واحد بعيدا عن آثارها السلبية، وذلك نتيجة انخراط هذه المكونات بالأزمة، الأمر الذي نتج عنه تمزيق النسيج الوطني السوري، وبات الأمر يتطلب جهودا مضنية من أجل إعادة تخليق مجال وطني مناسب للعيش المشترك بين هذه المكونات.
ومن المعروف أنه وفي خلال الأزمة طورت هذه المكونات ومرجعياتها السياسية قنوات تواصل مع قوى خارجية لدرجة تؤهل هذه القوى لأن تصبح شريكا ومفاوضا ينوب عن هذه المكونات.
فإذا كان المكون السني يرى في السعودية وتركيا وقطر حلفاء طبيعيين يمكن الوثوق بهم في أي تسوية سياسية مستقبلية، فإن العلويين والمسيحيين يثقون بروسيا وإيران ولا يرون أفضل من هاتين الدولتين في تحقيق وضمان حقوقهما.
من ناحية عملية، يتطلب تطبيق مثل هذا الأمر استحداث هيئة أو مجلس، يكون من حيث التوصيف القانوني أقرب إلى مجلس وصاية من بعض الدول الإقليمية والكبرى، للإشراف على تنفيذ الترتيبات المشار إليها وتهيئة البيئة المناسبة من أجل توطين ذلك في سياق البنى السياسية والاجتماعية السورية وضمان تنفيذه، خاصة أن الحالة السورية تنطوي على أزمات كثيرة تكفل الصراع السياسي بتغطيتها، وقد استطاع نظام بشار الأسد زرع الكثير من الفخاخ في طريق سوريا المستقبلية بحيث صار يحتاج نزع هذه الفخاخ إلى خرائط وتقنيات متعددة قد يصعب توفرها في حالة بلد خارج من حرب كارثية.
إضافة لما سبق، فإن سوريا المدمرة بناها الاقتصادية والإنتاجية، لا يمكنها العودة إلى حياة طبيعية دون وجود تعاون دولي وإقليمي في هذا المجال يتكفّل بإعادة إعمارها، وهو الأمر الذي لا يستطيع ضمانه طرف واحد، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم.
لكن إنجاز كل هذه الأمور يشترط استمرار الاتفاق بين الأطراف المختلفة وخاصة الداخلية منها، في حين تشير كل الوقائع والمعطيات على الأرض بأن المكونات الداخلية السورية قد انزاحت بعيدا عن قضية الوحدة الوطنية، على الأقل بالشكل الذي كانت عليه البلاد قبل أن تضربها الأزمة العنيفة التي خلفت ندوبا لا يمكن الرهان على معالجتها وإزالة آثارها في وقت قريب، مما يعني أن هذا الواقع سيفرض نفسه عاجلا أم أجلا على مزاج مرجعياتهم الخارجية وأهدافهم وقدرتهم على إنجاز خريطة طريق إنقاذ سوريا من أزمتها.
الرؤية الواقعية تقتضي فحص كل المعطيات والسير بوقائعها إلى نهايتها، والمنطق يقول إن المفاوضات الجارية بين روسيا والغرب لن تكتفي بالتفاوض على السلاح الكيميائي وحده، بل إن الأمر سيشمل كل ملفات الأزمة السورية.
ولعل أعقد ملفاتها العلاقة بين المكونات والأقاليم السورية في المرحلة المقبلة، هذا هو محور الأزمة السورية وهذا الملف سيفرض نفسه بقوة على أجندة التفاوض الدولية.
كل التجارب السابقة انتهت إلى هذا المآل، إلى شكل من المحاصصة السلطوية أو المناطقية، سوريا كلها اليوم على طاولة التشريح الدولي وقد يحتاج الأمر الذهاب إلى جنيف لإنجاز التفاوض على هذا الأمر.
المصدر:الجزيرة نت
أخيرا أطراف الأزمة الداخلية أناخت تحت ثقل كلفة تلك الحرب، في حين أن الخارج، بحلفائه وأعدائه، بات يبحث في تفاصيل بيان النعي وحفلة التأبين ونوعية المشاركين ومواقعهم.
وتبدو سوريا وهي في النزع الأخير من أزمتها وكأن أطرافها قد وصلت إلى مرحلة انعدام القدرة على الحسم، إذ أثبت توازن الموت الذي دام شهورا طويلة من دون أي أمل بإمكانية تجاوزه أن القضية صارت لعبة موت لا غالب فيها ولا مغلوب، وليس بمقدور أي من الطرفين الانسحاب حتى لو أراد أو رغب.
كما أن طرفيها الرئيسيين نظاما ومعارضة لم يعودا سوى عنوانين للأزمة، فيما تخلفت الكثير من القوى الفرعية الفوضوية والتي تختلف انتماءاتها مثلما تختلف أولوياتها وأهدافها، سواء المليشيات الطائفية التي شكلها النظام أو استجلبها على أساس طائفي، أو تلك التي حضرت من الخارج بغاية الجهاد في سوريا.
وقد شكلت واقعة استخدام الكيميائي، ثم قرار تسليمه، انعكاسا للمأزق الذي طال أطراف الأزمة وطبيعة الأزمة ذاتها. ففي الوقت الذي اكتشفت فيه المعارضة أن أي إمكانية للوصول إلى حلٍّ ما مع بنية النظام السياسية والاجتماعية باتت مستحيلة في ظل تطور حالة العداء في عقلية تلك البنى تجاوزه حدود الخلاف السياسي إلى حد الصراع على الوجود ذاته، فإن النظام أيضا اكتشف مأزقه الكامن في نثره لقرار القتل على كل أرجاء البلاد لدرجة صار معها مستحيلا لملمته بدون مساعدات تقنية خارجية.
وقد ساعد تهديد الرئيس الأميركي باراك أوباما بتوضيح صورة المشهد السوري وكشف الكثير من تفاصيل خباياه ووقائعه التي تكوّن الجزء الأغلب منها تحت سطح الحدث الدامي.
فقد واجهت المعارضة معضلة معرفة خريطة قواها التي ستنجز المهمة في اليوم التالي للضربة الأميركية، فما هي الكتائب التي ستسيطر على العاصمة وما هي انتماءاتها وتوجهاتها ومدى قربها من الخط العام للجيش الحر؟
في المقابل ظهرت مؤشرات كثيرة على أن رأس النظام السوري بشار الأسد نفسه لا يستطيع السيطرة على الأسلحة الكيميائية في ظل حدوث الضربة وما يرافقها من تدمير وقطع للاتصالات بين الأسد وقادته الميدانيين، وخاصة في ظل حالة عدم الثقة بين هذه الأطراف نتيجة استمرار الأزمة واضطرار بشار الأسد للإشراف المباشر على كل تفاصيل سير المعارك، خوفا من انشقاق قادته العسكريين.
غير أن طرفي الأزمة في المقابل يأملان بإمكانية توظيف قضية الكيميائي كل بما يتناسب ومصالحه وتطلعاته. فالمعارضة تعوِّل على إمكانية تعويم نفسها دوليا بوصفها الطرف الباقي سياسيا لاعتقادها أن النظام قد أسقطه استخدام أسلحته الكيميائية بالضربة القاضية، ولم يعد ثمة إمكانية لاحتمالية إعادة تأهيله وبالتالي خلو المسرح السياسي السوري بالكامل لها.
في حين ينظر النظام للأمر من زاوية مختلفة، بحيث تتيح له هذه المسألة وإيجابية تعاطيه مع المجتمع الدولي في تسليم هذا السلاح إعادة تموضعه السياسي والديمغرافي في الأزمة، وإمكانية مقاضاة الكيميائي بالاعتراف به طرفا في الحل، أو على الأقل تسوية أوضاعه القانونية وضمان عدم ملاحقة أطرافه بشأن الجرائم المرتكبة.
وبالطبع يأمل طرفا الأزمة بتحقيق كل تلك الآمال عن طريق الأطراف الدولية الداعمة لهما. إذ إن قضية الكيميائي رفعت مرتبة الأزمة السورية إلى قضية دولية بامتياز، نظرا لما تنطوي عليه من تهديدات للسلم والأمن الدوليين، وهي من صفتها هذه دخلت باب المساومات بين الغرب وروسيا، ولا شك أن هذين الطرفين يملكان التفويض اللازم لعقد أي صفقة مستقبلية، ليس فقط بشأن المسألة الكيميائية في سوريا، بل وحتى مصير ومستقبل الحكم وطبيعة النظام السياسي السوري القادم.
تفكيك السلاح الكيميائي يمثل رأس الرمح في هذه العملية المعقدة، إذ إن المنطق الطبيعي للأمور يقول بأن المنظومة العسكرية السورية كلها قد أصبحت تحت مشرط التشريح الدولي، وذلك نظرا للترابط العضوي بين مختلف مكوناتها العسكرية والأمنية وتوحد صناعة قرار استخدامها، مما يحتم الدخول الإجباري إلى ثنايا وتعقيدات أسرار هذه البنية، وهو ما سينتج عنه انكشاف لكامل البنى السياسية السورية نظرا لمحورية البنية العسكرية في جهاز الدولة وتوغلها بمختلف المؤسسات والهيئات الحكومية.
ومن السذاجة بمكان تصور إمكانية قيام هذا العمل بشكل منفصل، كما يبدو أن التفويض الدولي يمتلك مساحة أوسع من التحرك على مختلف القضايا الأخرى، إذ من المقدر أن يتبع ذلك مسألة ترتيب الوضع السياسي وتحديد مكان الفرقاء وحصصهم، وآليات الحكم وتشريعاته.
والواقع أن هذه الأمور لا يمكن فصلها في النهاية عن واقع الأزمة والانقسام الحاصل في سوريا بعد أن أثرت الأزمة بشكل كبير في النسيج الاجتماعي السوري وصنعت جبالا من عدم الثقة بين الفرقاء المختلفين، إذ لا يمكن نكران حقيقة أن الأزمة أحدثت انقسامات مجتمعية خطيرة ضربت بعنف البنى الاجتماعية السورية، ولم يبق مكون واحد بعيدا عن آثارها السلبية، وذلك نتيجة انخراط هذه المكونات بالأزمة، الأمر الذي نتج عنه تمزيق النسيج الوطني السوري، وبات الأمر يتطلب جهودا مضنية من أجل إعادة تخليق مجال وطني مناسب للعيش المشترك بين هذه المكونات.
ومن المعروف أنه وفي خلال الأزمة طورت هذه المكونات ومرجعياتها السياسية قنوات تواصل مع قوى خارجية لدرجة تؤهل هذه القوى لأن تصبح شريكا ومفاوضا ينوب عن هذه المكونات.
فإذا كان المكون السني يرى في السعودية وتركيا وقطر حلفاء طبيعيين يمكن الوثوق بهم في أي تسوية سياسية مستقبلية، فإن العلويين والمسيحيين يثقون بروسيا وإيران ولا يرون أفضل من هاتين الدولتين في تحقيق وضمان حقوقهما.
من ناحية عملية، يتطلب تطبيق مثل هذا الأمر استحداث هيئة أو مجلس، يكون من حيث التوصيف القانوني أقرب إلى مجلس وصاية من بعض الدول الإقليمية والكبرى، للإشراف على تنفيذ الترتيبات المشار إليها وتهيئة البيئة المناسبة من أجل توطين ذلك في سياق البنى السياسية والاجتماعية السورية وضمان تنفيذه، خاصة أن الحالة السورية تنطوي على أزمات كثيرة تكفل الصراع السياسي بتغطيتها، وقد استطاع نظام بشار الأسد زرع الكثير من الفخاخ في طريق سوريا المستقبلية بحيث صار يحتاج نزع هذه الفخاخ إلى خرائط وتقنيات متعددة قد يصعب توفرها في حالة بلد خارج من حرب كارثية.
إضافة لما سبق، فإن سوريا المدمرة بناها الاقتصادية والإنتاجية، لا يمكنها العودة إلى حياة طبيعية دون وجود تعاون دولي وإقليمي في هذا المجال يتكفّل بإعادة إعمارها، وهو الأمر الذي لا يستطيع ضمانه طرف واحد، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم.
لكن إنجاز كل هذه الأمور يشترط استمرار الاتفاق بين الأطراف المختلفة وخاصة الداخلية منها، في حين تشير كل الوقائع والمعطيات على الأرض بأن المكونات الداخلية السورية قد انزاحت بعيدا عن قضية الوحدة الوطنية، على الأقل بالشكل الذي كانت عليه البلاد قبل أن تضربها الأزمة العنيفة التي خلفت ندوبا لا يمكن الرهان على معالجتها وإزالة آثارها في وقت قريب، مما يعني أن هذا الواقع سيفرض نفسه عاجلا أم أجلا على مزاج مرجعياتهم الخارجية وأهدافهم وقدرتهم على إنجاز خريطة طريق إنقاذ سوريا من أزمتها.
الرؤية الواقعية تقتضي فحص كل المعطيات والسير بوقائعها إلى نهايتها، والمنطق يقول إن المفاوضات الجارية بين روسيا والغرب لن تكتفي بالتفاوض على السلاح الكيميائي وحده، بل إن الأمر سيشمل كل ملفات الأزمة السورية.
ولعل أعقد ملفاتها العلاقة بين المكونات والأقاليم السورية في المرحلة المقبلة، هذا هو محور الأزمة السورية وهذا الملف سيفرض نفسه بقوة على أجندة التفاوض الدولية.
كل التجارب السابقة انتهت إلى هذا المآل، إلى شكل من المحاصصة السلطوية أو المناطقية، سوريا كلها اليوم على طاولة التشريح الدولي وقد يحتاج الأمر الذهاب إلى جنيف لإنجاز التفاوض على هذا الأمر.
المصدر:الجزيرة نت