من المسؤول عن موت أطفال سورية بردا وجوعا؟ د. عامر الهوشان
احمد ابوبكر
1435/02/14 - 2013/12/17 04:07AM
من السهولة بمكان إلقاء مسؤولية موت أطفال سوريا من البرد والصقيع في المخيمات على طرف واحد , كان السبب المباشر في الحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من عامين , والتي فاقمت من معاناة السوريين إلى حد الموت جوعا وبردا ومرضا , إلا أن ذلك لا يحل المشكلة ولن يحلها , فالسب والشتم وتحميل مسؤولية ما يحدث في الحرب غير مجد , وإنما المجدي هو تحمل المسلمين لمسؤولياتهم تجاه الواقع الذي يعيشه إخوانهم في سورية .
وإذا كان حل الأزمة السورية حلا جذريا يكمن في عودة الناس إلى بيوتهم ومنازلهم بعد إيقاف الحرب الدائرة هناك , وهو الأمر الذي لا يبدو أنه سيحصل قريبا رغم مرور قرابة ثلاثة أعوام على بداية الأزمة , فلا أقل من حلول شبه جذرية تضمن للسوريين حياة مستقرة حتى يأذن الله بفرج قريب سيأتي لا محالة ولو بعد حين .
لقد بذل المسلمون كأفراد ما يستطيعون لمساعدة إخوانهم السوريين , كما أن معظم الجمعيات الإسلامية والمنظمات الإغاثية تحركت وبذلت ما تستطيع أيضا , إلا أن حجم المأساة أكبر من أن تغطيه مساعدات الأفراد أو تحتويه إغاثة المنظمات والجمعيات , فالأمر يحتاج إلى جهود وإمكانيات دول , وهو الأمر الذي لا زال دون المستوى المطلوب .
لقد كان ضيق الأفق وقصر بُعد النظر هو السبب الأبرز لجميع مشكلاتنا , فقد ظن البعض أن الأزمة السورية يمكن أن تنتهي بأشهر أو سنة على أبعد تقدير , وتبعا لذلك فإن مخيمات مؤقتة يمكن أن تفي بالغرض لإيواء اللاجئين السوريين , ورغم ظهور عوار وخطأ هذا التقدير , ووضوح الرؤية ببعد الحل القريب العاجل الذي كان يظنه البعض , بل وظهور بعض الأزمات المشابهة لما يحصل اليوم باللاجئين السوريين , من خلال موسم الشتاء الماضي الذي غرقت فيه خيم اللاجئين بالزعتري , ناهيك عن المخيمات العشوائية في لبنان وبعض الأراضي السورية , والذي أدى لمعاناة كبيرة راح ضحيتها بعض أطفال ولاجئي سوريا , إلا أننا لم نفعل شيئا لمواجهة نفس السيناريو المحتمل في هذا العام .
ولو أردنا الحقيقة والواقع فإن المشكلة تبدأ من فكرة وجود مخيمات اللاجئين في بلاد العرب والمسلمين , فإذا كانت القومية العربية لم تفلح في فتح الحدود وإزالة الحواجز المصطنعة بين دولنا , فأين الإسلام الذي يجمعنا منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام .
وإذا كانت مخيمات اللاجئين ضرورية تقتضيها السياسة والترتيبات الأمنية الخاصة بكل دولة , فلماذا لم تكن هذه المخيمات منظمة وقادرة على مواجهة موجات البرد والصقيع والثلج المميت ؟!!
لقد ارتفعت حصيلة وفيات أطفال سورية النازحين في بلادهم واللاجئين في بلدان مجاورة مثل تركيا ولبنان إلى اثني عشر طفلا سوريا، منهم عشرة في حلب، وأحدهم لم يتجاوز شهره السادس، نتيجة البرد القارس الذي نجم عن العاصفة الثلجية إليكسا التي تضرب المنطقة .
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان : إن ستة أطفال حديثي الولادة وسيدة مسنة توفوا في مخيمات النزوح واللجوء بسوريا وتركيا ، منهم أربعة أطفال توفوا في مخيم للنازحين في بلدة جرابلس قرب مدينة منبج بمحافظة حلب قرب الحدود مع تركيا.
وتابعت أن الطفلين الآخرين توفيا في مخيم "أورفة 1" في تركيا جراء البرد واستمرار انقطاع الكهرباء ، مشيرة كذلك إلى وفاة سيدة مسنة في مخيم الجولان بإدلب إثر انهيار خيام تحت الثلج .
وكان الائتلاف الوطني السوري أشار بدوره إلى وفاة الطفل الرضيع بحلب بسبب البرد، إلى جانب وفاة طفلة في الرستن بحمص , وقد نشر ناشطون شريطا مصورا لها على الإنترنت , وذكرت تقارير أن لاجئين سوريين اثنين توفيا في لبنان بسبب البرد أيضا.
وزادت العاصفة الثلجية "أليكسا" - التي يتوقع أن تستمر في دول المنطقة حتى نهاية هذا الأسبوع - من صعوبة أوضاع أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في البلدان المجاورة، في ظل عدم توفر وسائل التدفئة الضرورية، خاصة بالنسبة إلى المقيمين في المخيمات التي توصف بالعشوائية.
ومن المعلوم أن معظم اللاجئين السوريين يفتقدون لأبسط أنواع التدفئة لمواجهة هكذا عاصفة يتوقع أن تستمر إلى نهاية هذا الأسبوع , مما يعني احتمال وقوع مزيد من الضحايا وخصوصا من الأطفال , الذين لا يتحملون البرد الشديد والصقيع .
والسؤال الذي يدور في ذهن كل مسلم وهو يرى أطفالا يموتون من شدة البرد في مخيمات اللجوء والنزوح : ألم يكن من الممكن الاستعداد لمواجهة هكذا عاصفة وقد علمنا باحتمال وقوعها قبل مدة ؟؟ وأين هي المساعدات والمعونات الإنسانية لهؤلاء اللاجئين من قبل الدول العربية ؟؟ ألم تقدم بعض الدول العربية ما يساوي 960 مليون دولار للشعب الأمريكي بعد إعصار ساندي .
وإذا كانت منظمة العفو الدولية اتهمت أمس الجمعة الدول الأوروبية بتحصين نفسها تجنبا لتدفق لاجئي سوريا ، واعتبر الأمين العام للمنظمة (سليل شتي) في بيان أن "الاتحاد الأوروبي فشل فشلا ذريعا في القيام بدوره في استقبال اللاجئين السوريين الذين فقدوا كل شيء" , كما نددت المنظمة الدولية بالتصرف "العنيف" أحيانا من قبل الشرطة وخفر السواحل باليونان، وكذلك الظروف "المزرية" أحيانا للاعتقال كما هو الحال في بلغاريا .
فإن اللوم الأشد يقع على دولنا العربية والإسلامية , التي لم تقم بواجبها تجاه إخوانهم السوريين على الوجه الأكمل , سواء من حيث إغلاق حدودها منعا من تدفق السوريين إليها , أو من خلال تشديد الشروط على دخولهم , أو من خلال عدم الاعتناء بمخيماتهم وحاجاتهم الأساسية , أو من خلال عدم تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إليهم كوسائل التدفئة والأغذية في أوقات المحن والشدائد كالتي نشهدها هذه الأيام .
وقد حمل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حكومات الدول العربية والإسلامية مسؤولية موت السوريين بسبب الجوع أو البرد أمام الله تعالى , ودعا في بيان له منذ أيام الحكومات والشعوب والهيئات الخيرية الإسلامية والمنظمات الإغاثية الدولية وكل من له القدرة إلى مد يد العون والإغاثة لهذا الشعب في محنته الراهنة .
إنه لمن العار أن يموت أطفال المسلمين بردا في بلاد تنعم بالمال والثروات الطائلة التي يمكن أن تأمن التدفئة اللازمة لهم , ومن المخزي أن يموت الأطفال جوعا في بلاد كان خليفة المسلمين فيها عمر بن عبد العزيز يقول : انثروا القمح على رؤوس الجبال لكي لا يقال : جاع طير في بلاد المسلمين .
وإذا كان حل الأزمة السورية حلا جذريا يكمن في عودة الناس إلى بيوتهم ومنازلهم بعد إيقاف الحرب الدائرة هناك , وهو الأمر الذي لا يبدو أنه سيحصل قريبا رغم مرور قرابة ثلاثة أعوام على بداية الأزمة , فلا أقل من حلول شبه جذرية تضمن للسوريين حياة مستقرة حتى يأذن الله بفرج قريب سيأتي لا محالة ولو بعد حين .
لقد بذل المسلمون كأفراد ما يستطيعون لمساعدة إخوانهم السوريين , كما أن معظم الجمعيات الإسلامية والمنظمات الإغاثية تحركت وبذلت ما تستطيع أيضا , إلا أن حجم المأساة أكبر من أن تغطيه مساعدات الأفراد أو تحتويه إغاثة المنظمات والجمعيات , فالأمر يحتاج إلى جهود وإمكانيات دول , وهو الأمر الذي لا زال دون المستوى المطلوب .
لقد كان ضيق الأفق وقصر بُعد النظر هو السبب الأبرز لجميع مشكلاتنا , فقد ظن البعض أن الأزمة السورية يمكن أن تنتهي بأشهر أو سنة على أبعد تقدير , وتبعا لذلك فإن مخيمات مؤقتة يمكن أن تفي بالغرض لإيواء اللاجئين السوريين , ورغم ظهور عوار وخطأ هذا التقدير , ووضوح الرؤية ببعد الحل القريب العاجل الذي كان يظنه البعض , بل وظهور بعض الأزمات المشابهة لما يحصل اليوم باللاجئين السوريين , من خلال موسم الشتاء الماضي الذي غرقت فيه خيم اللاجئين بالزعتري , ناهيك عن المخيمات العشوائية في لبنان وبعض الأراضي السورية , والذي أدى لمعاناة كبيرة راح ضحيتها بعض أطفال ولاجئي سوريا , إلا أننا لم نفعل شيئا لمواجهة نفس السيناريو المحتمل في هذا العام .
ولو أردنا الحقيقة والواقع فإن المشكلة تبدأ من فكرة وجود مخيمات اللاجئين في بلاد العرب والمسلمين , فإذا كانت القومية العربية لم تفلح في فتح الحدود وإزالة الحواجز المصطنعة بين دولنا , فأين الإسلام الذي يجمعنا منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام .
وإذا كانت مخيمات اللاجئين ضرورية تقتضيها السياسة والترتيبات الأمنية الخاصة بكل دولة , فلماذا لم تكن هذه المخيمات منظمة وقادرة على مواجهة موجات البرد والصقيع والثلج المميت ؟!!
لقد ارتفعت حصيلة وفيات أطفال سورية النازحين في بلادهم واللاجئين في بلدان مجاورة مثل تركيا ولبنان إلى اثني عشر طفلا سوريا، منهم عشرة في حلب، وأحدهم لم يتجاوز شهره السادس، نتيجة البرد القارس الذي نجم عن العاصفة الثلجية إليكسا التي تضرب المنطقة .
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان : إن ستة أطفال حديثي الولادة وسيدة مسنة توفوا في مخيمات النزوح واللجوء بسوريا وتركيا ، منهم أربعة أطفال توفوا في مخيم للنازحين في بلدة جرابلس قرب مدينة منبج بمحافظة حلب قرب الحدود مع تركيا.
وتابعت أن الطفلين الآخرين توفيا في مخيم "أورفة 1" في تركيا جراء البرد واستمرار انقطاع الكهرباء ، مشيرة كذلك إلى وفاة سيدة مسنة في مخيم الجولان بإدلب إثر انهيار خيام تحت الثلج .
وكان الائتلاف الوطني السوري أشار بدوره إلى وفاة الطفل الرضيع بحلب بسبب البرد، إلى جانب وفاة طفلة في الرستن بحمص , وقد نشر ناشطون شريطا مصورا لها على الإنترنت , وذكرت تقارير أن لاجئين سوريين اثنين توفيا في لبنان بسبب البرد أيضا.
وزادت العاصفة الثلجية "أليكسا" - التي يتوقع أن تستمر في دول المنطقة حتى نهاية هذا الأسبوع - من صعوبة أوضاع أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في البلدان المجاورة، في ظل عدم توفر وسائل التدفئة الضرورية، خاصة بالنسبة إلى المقيمين في المخيمات التي توصف بالعشوائية.
ومن المعلوم أن معظم اللاجئين السوريين يفتقدون لأبسط أنواع التدفئة لمواجهة هكذا عاصفة يتوقع أن تستمر إلى نهاية هذا الأسبوع , مما يعني احتمال وقوع مزيد من الضحايا وخصوصا من الأطفال , الذين لا يتحملون البرد الشديد والصقيع .
والسؤال الذي يدور في ذهن كل مسلم وهو يرى أطفالا يموتون من شدة البرد في مخيمات اللجوء والنزوح : ألم يكن من الممكن الاستعداد لمواجهة هكذا عاصفة وقد علمنا باحتمال وقوعها قبل مدة ؟؟ وأين هي المساعدات والمعونات الإنسانية لهؤلاء اللاجئين من قبل الدول العربية ؟؟ ألم تقدم بعض الدول العربية ما يساوي 960 مليون دولار للشعب الأمريكي بعد إعصار ساندي .
وإذا كانت منظمة العفو الدولية اتهمت أمس الجمعة الدول الأوروبية بتحصين نفسها تجنبا لتدفق لاجئي سوريا ، واعتبر الأمين العام للمنظمة (سليل شتي) في بيان أن "الاتحاد الأوروبي فشل فشلا ذريعا في القيام بدوره في استقبال اللاجئين السوريين الذين فقدوا كل شيء" , كما نددت المنظمة الدولية بالتصرف "العنيف" أحيانا من قبل الشرطة وخفر السواحل باليونان، وكذلك الظروف "المزرية" أحيانا للاعتقال كما هو الحال في بلغاريا .
فإن اللوم الأشد يقع على دولنا العربية والإسلامية , التي لم تقم بواجبها تجاه إخوانهم السوريين على الوجه الأكمل , سواء من حيث إغلاق حدودها منعا من تدفق السوريين إليها , أو من خلال تشديد الشروط على دخولهم , أو من خلال عدم الاعتناء بمخيماتهم وحاجاتهم الأساسية , أو من خلال عدم تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إليهم كوسائل التدفئة والأغذية في أوقات المحن والشدائد كالتي نشهدها هذه الأيام .
وقد حمل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حكومات الدول العربية والإسلامية مسؤولية موت السوريين بسبب الجوع أو البرد أمام الله تعالى , ودعا في بيان له منذ أيام الحكومات والشعوب والهيئات الخيرية الإسلامية والمنظمات الإغاثية الدولية وكل من له القدرة إلى مد يد العون والإغاثة لهذا الشعب في محنته الراهنة .
إنه لمن العار أن يموت أطفال المسلمين بردا في بلاد تنعم بالمال والثروات الطائلة التي يمكن أن تأمن التدفئة اللازمة لهم , ومن المخزي أن يموت الأطفال جوعا في بلاد كان خليفة المسلمين فيها عمر بن عبد العزيز يقول : انثروا القمح على رؤوس الجبال لكي لا يقال : جاع طير في بلاد المسلمين .