من المسؤول عن الفساد ؟
إبراهيم بن سلطان العريفان
الحمد لله رب العالمين... أمر بالإصلاح في الأرض فقال ( وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ ) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، نهى عن الإفساد في الأرض فقال ( وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ) وأشهد أن سيدنا محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاللهم صلى على سيدنا ونبينا محمد النبي الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وخلفائه الراشدين المهديين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
(أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ )
إخوة الإيمان والعقيدة ... يقول الله سبحانه وتعالى ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ) ما أجمل أن يتحلى المجتمع بالفضيلة ويتربى على الغيرة ويتعود على الشهامة، قال سعدُ بنُ عبادةَ: لو رأيتُ رجلًا مع امرأتي لضربتُه بالسيفِ غيرَ مُصْفِحٍ عنه . فبلغ ذلك رسولَ اللهِ ﷺ فقال ( أتعجبون من غَيْرَةِ سعدٍ؟ فواللهِ ! لأنا أغيَرُ منه . واللهُ أغيَرُ مني . من أجلِ غَيْرَةِ اللهِ حرَّمَ الفواحشَ ما ظهرَ منها وما بطنَ ).
إن المجتمع الفاضل لن يصير فاضلاً إلا بالحشمة ولن يعرف الفضيلة إلا بالعفة ولن ينعم بالسعادة والاستقرار إلا بالأخلاق والقيم، فإذا انعدمت القيم أو قلّ الحياء ظهرت الفواحش وعمت الأدران وتلاشت الأخلاق، يقول النبي ﷺ ( الحياءُ خيرٌ كُلُّه ) ويقول ﷺ ( إنَّ ممَّا أدرَكَ النَّاسُ مِن كلامِ النُّبوَّةِ الأولى: إذا لَم تستَحِ فاصنَعْ ما شِئتَ ) فما بال رجال منا في هذا الزمن المعاصر استهانوا بالرعاية وضيعوا الأمانة وأهملوا التوجيه.
من المسؤول عن النساء اللاتي يجبن الأسواق ليلاً ونهاراً بألبسة تهيج الشهوات وتلفت النظرات.
من المسؤول عن الشباب الطائش الذي لا عمل له إلا النظر في النساء ومغازلتهن ومعاكستهن.
من المسؤول عن إدخال القنوات التي تهدم الأخلاق وتبث الفساد وتشجع السفور وتعلم الفاحشة وتحسن التبرج وتضعف الدين والخلق.
من المسؤول عن الألبسة الرقيقة والصبغات المخزية والتفليج والنمص وغيرها من الأفعال القبيحة التي امتلأت بها صالات الأفراح وقصور الاحتفالات والتجمعات النسائية.
من المسؤول عن التجاوزات والانزلاقات والانحرافات التي تحدث في الشواطئ والحدائق والمنتزهات بل حتى في المدارس والجامعات.
من المسؤول عن دفع فاتورة التفسخ الاجتماعي والتبدد الأخلاقي الذي أدى إلى إثارة النزوات وتعرض الفتيات للمضايقات وانتشار طريق الزنا واللواط.
من المسؤول عن تغير الفتيات وتقليدهن للكافرات وتشبههن بالغربيات وجعلهن منهن مراجع ومصادر لهن في اللباس والزينة.
من المسؤول عن انتشار هذه العادات المستوردة والظواهر الدخيلة والسلوكيات الوضيعة التي لا تمت لأهل هذه البلاد بصلة.
استيقظوا يا رجال ... إن أعداء الإسلام من العلمانيين والمنافقين ومن ورائهم من الغربيين يريدون من المرأة المسلمة أن تخلع حجابها، لأنهم يرون فيه تضييقاً عليها. ويريدون أن يُخرجوها من بيتها لأنهم يرون أن بقاءها في بيتها كبت لحريتها. ويريدونها أن تعمل مع الرجال لأنهم يرون أن عنايتها بزوجها وبيتها وأولادها تخلف ورجعية.
إنهم يريدون من المرأة أن تكون صورة كربونية للمرأة الغربية تخادن من تشاء وتذهب كيف تشاء وتلبس ما تشاء ولا دخل للدين في تنظيم حياتها ولا توجيه للشريعة في تصرفاتها. فهم في الحقيقة يريدون أن ينزعوا حياءها لا حجابها.
عباد الله ... لقد انتشرت الجرائم الأخلاقية وانتشرت ظاهرة التبرج والألبسة المخالفة للحجاب الإسلامي وكثر الفساد والاختلاط وسهلت عوامل الفتنة التي تؤدي إلى ارتكاب الفاحشة وأصبح الشباب والفتيات يتصنعون التصرفات ويبالغون في التجمل واللباس والمظهر فكثرت الأمراض الجنسية وازدادت الحالات النفسية وكثر القلق والاضطراب.
كم من آباء سمحوا لبناتهم بالخروج إلى الأماكن التي يوجد بها شباب طائشون، فيذهبن إلى هناك بمفردهن ودون العلم بهدف خروجهن، فوقع في تلك الأماكن من اللعب والمعاكسات ما الله به عليم.
إن قوماً يرضون لزوجاتهم أو قريباتهم بذلك ما عرفوا للرجولة معنى ولا ذاقوا للإيمان طعماً، إذ كيف يرضى الرجل لأهله الخبث؟!! وكيف يرضى أن يتعرض أهله للنظرات الظامئة والكلمات الساقطة والغمزات الفاجرة والاختلاط المشين؟!! وكيف يفتح هؤلاء على نسائهم باباً تدخل منه الكلاب المسعورة والذئاب الفتاكة بسبب ألبستهن المهيجة للشهوات والملفتة للنظرات.
فعلى الرجل أن يغار على أهله وأن يحميهم من كل ما يعرِّض عرضهم وشرفهم وأخلاقهم للامتهان، وأن يصونهم أشد مما يصون كنوزه وجواهره فهم أغلى الكنوز وأثمن الجواهر. وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم الرجال من الديوث! والديوث هو من يقر الخبث في أهله وأخبر ﷺ أنه لا يدخل الجنة ديوث. يقول الله سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) وقال تعالى ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ).
أقول ما تسمعون ....
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... قال رسول الله ﷺ (كلُّكم راعٍ ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه ، فالإمامُ راعٍ ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه ، والرجلُ راعٍ في أهلِه ، وهو مسؤولٌ عن رعيّتِه ، والمرأةُ راعيةٌ في بيتِ زوجِها ، وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتِها ).
متى نتخلى عن المجاملة ودعوى الثقة لنبدأ ببث الوعي بين أبنائنا وبناتنا ومصارحتهم بفساد هذه السلوكيات وخطأ هذه التصرفات.
نحتاج لأن نكشف لأولادنا ضرر الصحبة السيئة وخطر الأفلام الخليعة والألبسة الفاضحة.
نريد من الآباء وأولياء الأمور أن يلزموا نساءهم بالحجاب الشرعي الساتر الذي يصرف الأنظار عنهن، ويلزموهن بترك العباءات التي تجذب الأنظار نحوهن.
نحتاج لأولادنا إلى أن ننمي بينهم الرقابة الذاتية ونركز معهم على الجوانب الإيمانية التي تبعث في قلوبهم مراقبة الله وخشيته وتعظيمه.
إن أبناءنا يحتاجون منا إلى تدخل سريع بحكمة واتزان وعزم وحزم قبل أن يكونوا ضحية لغيرهم، فكم من ولد غدر به فاجر من الفجرة فوقع أسيراً لهواه!! وكم من فتاة غرها شاب كذاب فأطاعت شيطانها واستسلمت له، فمزق عفتها وخدش أنوثتها ودنس شرفها.
آلام وحسرات وأنات وآهات وقصص ومآسي قلبت بيوتاً كانت تنعم بدفء المشاعر وصدق الأحاسيس وفطرة الخير.
فهل نفيق قبل أن يقع الفأس على الرأس وقبل أن يعمل معول الهدم عمله
نسأل الله أن يحفظ أبناءنا وبناتَنا من كل سوء ومكروه.