من أضرار ألعاب الانترنت 1440/06/03

من أضرار ألعاب الانترنت[1]
الحمدلله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم، من استهداه هدَاه، ومن أقبَلَ إليه آواه، ومن سأله أعطاه، ومن توكَّل عليه كفاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، اصطفاه الله على العالمين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عزوجل, فاتقوه حق التقوى واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى فإنَّ أجسادكم على النار لا تقوى.
معاشر المسلمين: إنَّ من البلاء بلاء صُبَّ على البيوت صبَّاً, ولا يسلم منه إلا من جعل بينه وبين ذلك البلاء حاجزاً يحجزه عن دخول بيته, بالنصيحة وحسن التربية وسلامة التوجيه والإرشاد, فإن لم يستطع قام على منعه وبتره, إنَّه بلاء ألعابٍ خطيرة انتشرت على الشبكة العنكبوتية الانترنت, وتكمن خطورتها بإحداث انحراف فكري في العقيدة وانحراف في السلوك والأخلاق, وقد تكلم عنها كثيرون, وحذر منها الناصحون, وقد رأى بعضكم شواهد من نتائجها الخطيرة, ولك أن تسأل, ما الهدف من توجيه تلك الألعاب الخطيرة إلى المجتمعات إلى الأطفال والشباب خاصة؟!
عباد الله: ما بال أقوام تركوا أبناءهم وبناتهم, بل حتى أطفالهم يلعبون ألعاباً تضرُّهم في عقيدتهم وفي أخلاقهم وسلوكهم, قد لا يعلم بعض الآباء والأمهات خطر بعض ألعاب الانترنت, لكن هذا لا يُعفيهم عن سؤال من يعلم, أما من يعلم خطرها فالواجب عليه تحذيرهم وتحذير غيرهم منها, وهذا من النصيحة قال النبي صلى الله عليه وسلم:"الدِّينُ النَّصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ" أخرجه مسلم (أخرجه مسلم في كتاب الإيمان, باب بيان أنَّ الدين النصيحة برقم (95).
معاشر المسلمين: من أضرار الألعاب الخطيرة على الانترنت ما يلي:
أولاً: ألعابٌ خطيرةٌ تؤثر على عقيدة المسلم وتُزعزع ما تأصل في نفسه من عقيدة صحيحة, ألعابٌ تظهر فيها كنائس وأجراس وصلبان, وفيها يلبس اللاعب الصليب في مشهدٍ إذا اعتاده اللاعب وألفه لم ينكره ولم يبغضه عياذاً بالله من ذلك, وألعاب انترنت تُسبب اللوثات الفكرية, وتثير الشبهات على المسلَّمات, حيث إنَّها تُتيح الكلام مع مجهولين لا يُعرف من هم, ولا يُعرف مكانهم ولا يُعرف دينهم ولا ما هم عليه من عقيدة, فيخاطبون اللاعب بها مخاطبة فيها التشكيك بأصول الدين وفيها نشر شبهات أهل الباطل والضلال عن طريق الكلام العقلي والفلسفة المضادَّة للدين, وقد تسبب انتشار الإلحاد الذي نشطت الدعوة إليه من قبل أعداء الدين, وهذا الخطر هو أعظم خطرٍ يهدد المجتمع المسلم, إذ هو حرب على العقيدة الصحيحة, حرب على الإسلام وأهله, فيجب على الآباء والأمهات الاهتمام البالغ بحفظ أبنائهم وبناتهم وتحصينهم وصيانتهم عن هذه الألعاب الخطيرة المتصلة بالانترنت.
 الثاني من أضرار بعض ألعاب الانترنت, ألعابٌ تؤثر في سلوك اللاعب وأخلاقه, سواء كان طفلا أو شاباً ذكرا كان أو أنثى, وذلك بتلقينهم كلاماً قبيحاً مفهوماً أو غير مفهوم أو بفعل حركات أو رقصات غريبة إرادية أو لا إرادية, من مخلَّفات المجتمعات التغريبية التي تسعى جاهدة إلى نشر ثقافتها الممجوجة في أوساط المجتمعات الإسلامية, حتى إنَّ بعض لاعبيها من شدة تأثيرها عليهم يطبِّقون على الواقع ما شاهدوه من المقاطع الخيالية المخلَّة بالآداب, وقد رأيت ورأيتم تلك الرقصة الغريبة التي انتشرت بين أبنائنا في المدارس الابتدائية, فمن علَّمهم إياها ومن أمرهم بتطبيقها, لا البيت أمر بها ولا المدرسة أمرت بها ولا المجتمع أمر بها, إنما أمرتهم بها ألعاب خطيرة متصلة بالانترنت, رأوها فطبَّقوها, مما يدل دلالة واضحة على خطورتها وأهمية التصدي لها.
الثالث من أضرار تلك الألعاب الخطيرة أضرار صحية نفسية مثل الإدمان على مزاولة تلك الألعاب والحماس الزائد أثناء اللعب بها حتى تصل به إلى العصبية وتسبب له الأنانية وحُبَّ الذات والعزلة عن الناس وتُفقده التركيز الذهني وتسبب الإحباط والفشل لعدم قيام اللاعب بواجباته وأعماله المهمة, لانشغاله باللعب, كما أنَّها تسبب الكسل وضعف البصر والخمول, وقد تسبب أمراضاً خطيرة كالرعاش وغيره, وقد تؤثر على العقل والإدراك.
معاشر المسلمين: الرابع من أضرار الألعاب الخطيرة على الانترنت: ألعابٌ حربيةٌ تدعو إلى العنف والإرهاب وإلى فعل الجريمة وتهوِّن أمرها للاعبها, فقد يأتيه أمر في تلك اللعبة بجريمة القتل أو جريمة الانتحار, وقد يهدِّدونه إن لم يفعل, وقد تأمره تلك الألعاب الخطيرة بالسرقة والأفعال المحرمة عياذا بالله من ذلك, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا" متفق عليه (أخرجه البخاري في كتاب الطب, باب شرب السم والدواء به وبما يخاف منه والخبيث برقم (5778) ومسلم في كتاب الإيمان, باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه...برقم (109).
وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] وقال تعالى: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38].
الخامس من أضرار الألعاب الخطيرة على الانترنت أنَّ بعضها يدعو إلى فعل الرذيلة وممارسة الشهوات المحرمة بين الذكر والأنثى على صوت المعازف المحرمة في مناظر مقززة ومشاهد ممقوتة تبثُّها تلك الألعاب أثناء اللعب بها.
السادس من الأضرار إضاعة المال فبعض تلك الألعاب لا بد أن يدفع فيها اللاعب مالاً لمسوِّقها أو لصاحبها, والمسلم مأمور بحفظ ماله فلا يصرفه في لعبة محرَّمة قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] قال في تفسير السمعاني: "كل إنفاق في غير طاعة الله فهو إسراف، وكل منع عن طاعة الله فهو إقتار" (تفسير السمعاني (4/ 31).
السابع: إضاعة الأوقات الطويلة حال اللعب بها وقد يترك لأجلها الصلوات المكتوبة فلا يصليها مع الجماعة وقد يؤخرها حتى خروج وقتها, وهذه كبيرة من كبائر الذنوب, وكذلك من أضاع صلاته فهو مضيِّع للواجبات الأخرى مثل بر الوالدين وصلة الرحم وغير ذلك, قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5] قال الإمام السعدي رحمه الله: "أي: مضيعون لها، تاركون لوقتها، مفوتون لأركانها وهذا لعدم اهتمامهم بأمر الله حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات وأفضل القربات، والسهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم واللوم" (تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 935).
معاشر المسلمين: إليكم بعض أسماء تلك الألعاب الخطيرة التي صُبَّت علينا عن طريق الانترنت, لعبة الحوت الأزرق ولعبة مريم ولعبة جنية النار ولعبة فورنايت وغيرها فخذوا على أيدي أبنائكم وبناتكم وحذروهم منها, ولو يكتفى بوقت تتفق عليه الأسرة يُفتح فيه الانترنت لمدة ساعة في اليوم مع المتابعة والتوجيه لكان حسناً وهو أفضل من أن يترك مفتوحا ليلا ونهاراً, وبه يترتب وقت الأسرة ولا ينصرف كل منهم إلى جهازه غارقاً في بحر الانترنت المتلاطم, فيكون حاضراً بجسده غائباً بفكره بعيداً به عن أهله وأسرته.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم.
 
الثانية: من أضرار ألعاب الانترنت
الحمدلله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً, أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون, وأدوا الأمانة الملقاة على عواتقكم تجاه أبنائكم وبناتكم, ربوهم تربية صالحة فإنكم عنهم مسؤولون.
معاشر المسلمين: إنَّ الألعاب المباحة كثيرة مثل إعادة وتجديد الألعاب الشعبية القديمة التي فيها المتعة والرياضة النافعة, فهي ألعاب تجمع الأطفال ببعضهم بما يناسبهم, وتجمع الشباب فيما بينهم بما يناسبهم وتبعث على الألفة والترابط بين أفراد المجتمع, لا تلك الألعاب التي على الانترنت التي تدعو إلى العنف بين الأطفال وإلى العزلة والانفراد وعدم الاجتماع السوي بأفراد المجتمع, ولو جُعل في كل بلدة مركزاً مهيئاً للعب الأطفال ومركزاً آخر للعب الشباب لكان حسناً لانتشال من وقع في ألعاب الانترنت من شباك الشبكة العنكبوتية..وكم نتمنى من متخصصي التقنية وهم كثير في بلادنا ولله الحمد, من إنشاء وبرمجة ألعاب تكون وسيلة تربوية إسلامية, تربي على الفضيلة وعلى الآداب الشرعية, وتكون بديلاً مناسباً.
معاشر المسلمين: أوجِّه رسالة إلى الآباء والأمهات بأن يعتنوا بتربية أبنائهم التربية الصالحة وأن يعطوهم من أوقاتهم وقتاً كافياً للنظر في ألعابهم التي يلعبونها عبر الشبكة العنكبوتية الانترنت, وتوجيههم حيالها وإيجاد البديل المناسب لهم وكذلك للاستماع إليهم وإرشادهم والقرب منهم أكثر, إنَّ الأب كما يسعى جاهداً لتوفير لقمة العيش لأبنائه عليه أن يُفرِّغ نفسه لهم قدر المستطاع, يقص عليهم القصص التربوية التي فيها الحكمة وفيها حث على مكارم الأخلاق, وأن يغرس في قلوبهم خشية الله ومراقبته ويرغبهم في طاعة الله وفي الأجر المترتب على طاعتهم له وما أعده للطائعين من نعيم مقيم في الآخرة وما أعده للعاصين من عذاب مقيم في الآخرة, لا أن يتركهم لاهياً عنهم بالدينا ومُتعها, فأغلى ما على المرء ابنه وابنته إذ هم قرَّة عينه إن أحسن تربيتهم قرَّت عينه, وإن لم يُحسن التربية فهو خصيم نفسه, وكذلك الأم كما تعتني بإعداد الطعام ونظافة الملابس والبيت عليها أن تعتني بتربية أبنائها وبناتها, تملأ فراغهم بالنافع المفيد, فهي المربية الأولى في البيت, أسأل الله لي ولكم صلاح النية والذرية وأسأله أن يعيننا على تربية أبنائنا تربية صالحة.
معاشر المسلمين: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة والتابعين, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين, اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين, اللهم أصلح ولي أمرنا وولي عهده وارزقهما بطانة صالحة ناصحة تدلهم على الخير وتعينهم عليه وأبعد عنهما بطانة السوء اللهم أصلح أحوال المسلمين وول عليهم خيارهم ووفق ولاة أمور المسلمين للحكم بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود وانصر قوات التحالف العربي وأهلنا في اليمن ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الحوثيين وأعوانهم, اللهم عليك بأعداء الدين الذين يحاربون دينك ويكذبون رسلك مزقهم وزلزهم واشدد وطأتك عليهم وصُبَّ عليهم سوطا من عذاب, اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين وأصلح قلوبنا وأعمالنا وأصلح لنا في ذرياتنا, اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, أغثنا برحمتك وجودك وكرمك وإحسانك, اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدراراً برحمتك يا أرحم الراحمين {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182]
[1] 03/06/1440هـ, جامع بلدة الداخلة في سدير, عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري.
المرفقات

أضرار-ألعاب-الانترنت

أضرار-ألعاب-الانترنت

المشاهدات 2167 | التعليقات 5

جزاك الله خيرا


وإياك.


.


..


.

.