من أشراط الساعة الصغرى / رفع العلم

فهيد بن محمد راضي الخالدي
1446/04/11 - 2024/10/14 03:32AM

من أشراط الساعة الصغرى / رفع العلم

الشيخ فهيد بن محمد بن راضي الخالدي

الخطبة الأولى

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأوَّلين والآخرين وقيُّوم السماوات والأرَضين، أرسل رسله حجةً على العالمين ليحيا من حيى عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.

وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، البشير النذير، والسراج المنير، فصلوات ربي وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما غفل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره واستنَّ بسُنَّته إلى يوم الدين.

أيها المسلمون: اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وأخراكم بتقوى الله -تبارك وتعالى-؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا)

عباد الله: إن الإيمان بعلامات الساعة الصغرى داخل في الإيمان باليوم الآخر وهو ركن من أركان الإيمان الستة؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال في تعريفه للإيمان: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره). رواه مسلم.

 وقال الله  في وصف الكافرين : ( وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ) فعدم الإيمان باليوم الآخر كفر.

 عباد الله: لقد روى البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(مِن أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حتَّى يَكونَ لِلْخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ.)

أيها المسلمون:

قِيامُ الساعةِ لا يَعلَمُ مِيقاتَه إلَّا اللهُ عزَّ وجلَّ، وقدْ جَعَلَ الله عَلاماتٍ على قُربِه؛ ليَحذَرَ المُسلِمُ ويَعملَ لذلك اليومِ العظيمِ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مِن عَلاماتِ قُرْبِ قِيامِ الساعةِ أنْ يَقِلَّ العِلمُ الشَّرعيُّ ويُرفعَ في هذه الأرضِ؛ لكَثرةِ مَوتِ العُلماءِ، فيَتَّخِذُ النَّاسُ عندَ ذلك رُؤوسًا جُهَّالًا يَتحمَّلون في دِينِ اللهِ برَأيِهم، ويُفتُون بجَهْلِهم؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَمَاءِ، حتَّى إذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا.) متفق عليه

وهذا الحديث نَصٌّ في أنَّ رَفعَ العِلمِ بموتِ العُلَماءِ وبَقاءِ الجُهَّالِ الذينَ يُفْتونُ بالجَهْلِ ويُعلِّمونَه، فيَنتَشِرُ الجَهْلُ ويَظهَرُ.

وقيل أن الذي يرفع هو العمل بالعلم، ولا تَباعُدَ في أن الذي يرفع العلم وكذلك العمل بالعلم؛ فإنَّه إذا ذَهَبَ العِلمُ بمَوتِ العُلَماءِ، خَلفَهم الجُهَّالُ، فأفتَوا بالجَهْلِ، فعُمِلَ به، فذَهَبَ العِلمُ والعَمَلُ.

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة........

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد:

 فيا أيها المسلمون/عن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم:

 ( بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا ) رواه مسلم.

كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حريصًا على أمَّتِه؛ فكانَ يَعِظُ المؤمِنين ويُرشِدُهم إلى العملِ الصَّالِحِ، ويُحذِّرُهم ويُخوِّفُهم منَ التَّراخي، وتأخيرِ طاعاتِ اليَومِ إلى الغدِ؛ فلا يَدري المُسلِمُ ما يأتي في الغدِ.
وفي هذا الحديثِ يَأمُرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المؤمِنينَ بالمُسابَقةِ والمُسارَعةِ بالأعمالِ الصَّالِحةِ قبلَ مَجيءِ الفِتَنِ التي تَكثُرُ في آخِرِ الزَّمانِ، أو قبلَ الانشِغالِ عَنها بوُقوعِ الفِتَنِ الَّتي تُثبِّطُ العامِلَ عن عَملِه.

 نسأل الله أن يثبتنا على دينه، ويرد عنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

 

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر آل و أصحاب نبيك أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الكافرين والمنافقين يا رب العالمين.

اللهم احفظ هذه البلاد واجعلها حائزةً على كل خير سالمةً من كل شر وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تكفينا أعداءك وأعداءنا بما شئت يا رب العالمين... اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح اللهم ولاة أمورنا... اللهم وفق حاكمنا وولي أمرنا لكل خير ووفق ولي عهده وأعوانهم لما فيه عز للإسلام وصلاح للمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين ونفس كرب المكروبين من المسلمين، اللهم واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين يا رب العالمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم يا أرحم الراحمين.

اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله.

﴿ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ 

عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾

اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون، وأقم الصلاة.

المرفقات

1728902858_من أشراط الساعة الصغرى رفع العلم.pdf

1728902876_من أشراط الساعة الصغرى رفع العلم.docx

المشاهدات 388 | التعليقات 0