مٍنْ أَسْمَاءِ اللهِ الـْحُسْنَى: الْعَلِيم للشيخ محمد بن  سليمان  المهوس

الفريق العلمي
1441/05/21 - 2020/01/16 17:41PM

مٍنْ أَسْمَاءِ اللهِ الـْحُسْنَى: الْعَلِيم للشيخ محمد بن  سليمان  المهوس

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [ الأحزاب: 70 – 71 ].

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى: الْعَلِيمُ؛ أَيِ: الْعَالِمُ بِمَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ؛ قَدْ أَحَاطَ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ الأَشْيَاءِ بَاطِنِهَا وَظَاهِرِهَا دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا، لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 29].

فَاللهُ الْعَلِيمُ بِالسَّرَائِرِ وَالْخَفِيَّاتِ الَّتِي لاَ يُدْرِكُهَا عِلْمُ الْخَلْقِ، وَهُوَ الَّذِي أَحَاطَ عِلْمُهُ بِالظَّوَاهِرِ وَالْبَوَاطِنِ وَالإِسْرَارِ وَالإِعْلاَنِ، وَبِالْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحِيلاَتِ وَالْمُمْكِنَاتِ، وَبِالْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، وَبِالْمَاضِي وَالْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ، فَلاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الأَشْيَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالىَ: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [فاطر: 38].

وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة: 78].

وَقَالَ تَعَالَى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 109].

وَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مَرَاتِبَ عِلْمِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:

أَوَّلُهَا: عِلْمُ اللهِ بِالشَّيْءِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، وَهُوَ سِرُّ اللهِ فِي خَلْقِهِ، وَقَدِ اخْتُصَّ اللهُ بِهِ دُونَ عِبَادِهِ، فَكُلُّ أُمُورِ الْغَيْبِ قَدَّرَهَا اللهُ فِي الأَزَلِ، وَمِفْتَاحُهَا عِنْدَهُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَزَلْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان:34]

ثَانِيهَا: عِلْمُهُ بِالشَّيْءِ وَهُوَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ بَعْدَ كِتَابَتِهِ وَقَبْلَ إِنْفَاذِ أَمْرِهِ وَمَشِيئَتِهِ؛ فَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ مَقَادِيرَ الْخَلاَئِقِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [ الحج:70].

وَقَالَ تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22].

ثَالِثُهَا: عِلْمُهُ بِالشَّيْءِ حَالَ كَوْنِهِ وَتَنْفِيذِهِ وَوَقْتِ خَلْقِهِ وَتَصْنِيعِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ * عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [ الرعد:8-9] 

رَابِعُهَا: عِلْمُهُ بِالشَّيْءِ بَعْدَ كَوْنِهِ وَتَخْلِيقِهِ، وَإِحَاطَتُهُ بِالْفِعْلِ بَعْدَ كَسْبِهِ وَتَحْقِيقِهِ، قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [ الأنعام:60 ] 

وَقَالَ تَعَالَى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} [ ق:4]

وَهُوَ الْعَلِيمُ أَحَاطَ عِلْمًا بِالَّذِي

 

فِي الْكَوْنِ مِنْ سِرٍّ وَمِنْ إِعْلاَنِ

وَبِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ سَبْحَانَهُ

 

فَهُوَ الْمُحِيطُ وَلَيْسَ ذَا نِسْيَانِ

وَكَذَاكَ يَعْلَمُ مَا يَكُونُ غَدًا وَمَا

 

قَدْ كَانَ وَالْمَوْجُودُ فِي ذَا الآنِ

وَكَذَاكَ أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ لَوْ كَانَ كَيْـ

 

ـفَ يَكُونُ ذَاكَ الأَمْرُ ذَا إِمْكَانِ

[مِنْ نُونِيَّةِ ابْنِ الْقَيِّمِ -رَحِمَهُ اللهُ-].

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا: أَنْ يُفَقِّهَنَا فِي دِينِنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الإِخْلَاصَ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا...

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ ثِمَارِ مَعْرِفَةِ اسْمِ اللهِ الْعَلِيمِ هُوَ: تَعْظِيمُ اللهِ تَعَالَى، وَالرِّضَا عَنْهُ؛ فَعِنْدَمَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى أَحْوَالِ جَمِيعِ الْعِبَادِ، عَالِمٌ بِجَمِيعِ حَرَكَاتِهِمْ وَسَكَنَاتِهِمْ، وَلاَ تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُمْ خَافِيَةٌ؛ يُدْرِكُ عَظَمَةَ رَبِّهِ وَقُدْرَتَهُ؛ فَيَتَّقِيهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَالْخَلَوَاتِ وَالْجَلَوَاتِ؛ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَالْمُسَارَعَةِ فِي الْخَيْرَاتِ، وَالْبُعْدِ عَنِ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ.

{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [البقرة: 235 ].

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [ الأحزاب: 56 ]، وَقَالَ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا» [رَوَاهُ مُسْلِم].

المرفقات

أسماء-الله-العليم

أسماء-الله-العليم

المشاهدات 1238 | التعليقات 0