من أسباب طول العمر

الشيخ محمد بن حسن القاضي
1446/01/12 - 2024/07/18 12:36PM

 

من أسباب طول العمر خطبة (مفرغة) 6 محرم 1446 هـ

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [سورة آل عمران:102].

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [سورة النساء:1]. {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) } [سورة الأحزاب:70-71].

 

أما بعد:

اعلموا أنَّ خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة في النار.

 

أما بعد معاشر المسلمين! تعلمون أننا في هذا اليوم في أول جمعة من هذا العام الهجري الجديد، فانظروا إلى سرعة مرور الليالي والأيام، وانقضاء الأعمار، فهذه الأوقات والأعمار التي تذهب إنها لا تعود، وإنها تقربنا من القبور ومن الموت، ألا فينبغي لنا جميعاً أن نحرص على العمل الصالح وعلى الاستعداد للقاء الله رب العالمين، ألا وإن من المعلوم قطعا أن هذه الأمة أقصر الأمم أعمارا، فأعمار هذه الأمة قصيرة جدا، روى الإمام الترمذي وبن ماجة والحاكم وبن حبان وصححه الحاكم والألباني رحمهم الله تعالى، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين والقليل من يجوز ذلك» وروى الإمام الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين».

 

وهذا العمر القصير الذي هو إلى حدود ستين أو سبعين سنة، إذا جئت تفتش عن هذا العمر لوجدت أن فيه خمسة عشر سنة طفولة، ليس فيها تكليف وليس فيها عمل، ثم لو جئت تفتش عن بقية عمرك وتنظر في بقية عمرك، لوجدت أن ثلث عمرك يذهب في النوم، فعلى أقل الأحوال وعلى الاعتدال في النوم، ينام الشخص في اليوم والليلة ثمان ساعات، وهذا ما يعادل ثلث العمر، وإذا جئت تفتش عن أوقات العمل كالأعمال المتوسطة، وأعمال الدوام وغير ذلك من الوظائف والإدارات، لوجد أنها في الغالب ثمان ساعات، فذهب الثلث الآخر، فهذان ثلثان من العمر قد ذهبا، بقي ثلث، معك فيه الأكل والشرب، ومعك فيه القيام بالطاعات والعبادات.

 

فماذا يبقى للإنسان من عمره، وماذا يستغل الإنسان من عمره في طاعة الله عز وجل، ومن رحمة الله عز وجل أن جعل سبحانه لهذه الأمة أعماراً إضافية إلى أعمارهم، وجعل لهم من الأعمال ما لو قاموا بها صارت أعمارا إضافية بإذن الله رب العالمين، وبارك الله لهم فيما أعطاهم من العبادات والقربات التي بها ينالون أعماراً إضافية.

 

أيها الإخوة الكرام، تعلمون أن الله عز وجل حدد الأعمار والآجال، فلا يُزاد في ذلك ولا يُنقص في ذلك، ولكن قد جاءت بعض الأدلة ببيان أن بعض الأعمال وبعض طاعات تزيد في الأعمار؛ من ذلك على سبيل المثال صلة الرحم، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» هذا الحديث بين أن من أسباب طول العمر صلة الأرحام، وهكذا أخرج القضاعي في مسنده، من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «صلة الرحم تزيد في العمر» فقد يستشكل شخص هذه الأحاديث التي بينت أن العمر يُزاد فيه، مع ما قد عُلم من الدين بالضرورة ودلت عليه أدلة الكتاب والسنة، من أن الأعمار لا يًزاد فيها ولا يُنقص، وأنها ثابتة، ومن ذلك ما جاء عن أم حبيبة رضي الله عنها، أنها قالت: سمعني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وأنا ادعوا وأقول: اللهم متعني بزوج رسول الله، اللهم متعني بأبي أبي سفيان، فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: «سألت الله لآجال مضروبة» فهذا الحديث يدل على أن الأعمار محددة وأنها لا يزاد فيها ولا ينقص، فكيف الجمع بين هذا الحديث والأحاديث التي تدل على أن العمر قد يُزاد فيه ببعض الأعمال، العلماء رحمهم الله تعالى، بينوا عند شرحهم لهذه الأحاديث الجمع بين هذه الأدلة، من ذلك ما ذكره الإمام النووي رحمه الله تعالى، فقال: يحتمل أن تكون الزيادة معنوية وذلك بالبركة فيبارك الله للإنسان في عمره، فيعيش هذا الواصل لرحمه أو البار بوالديه يعيش عمراً فيجعل الله فيه من الخير والبركة ما لا يكون في أعمار أطول من هذا العمر، وينجز في عمر قصير ما لا ينجزه غيره في عمر طويل، هذا وجه، وجه آخر أن هذه الزيادة تكون مكتوبة في اللوح المحفوظ، أن هذا العبد عمره كذا وكذا، مثلا ًستون سنة فإن هو وصل رحمه أو بر بوالديه، زيد له أربعين سنة، فيصير عمره مئة سنة، وهذا يدل عليه قوله تعالى {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَاب} [سورة الرعد:39] وهذا وجه قوي أيضا ذكره بعض العلماء، ومن الأوجه التي ذكروها، ما ذكره القاضي عياض وضعفه بعض أهل العلم أن هذه الزيادة هي بالذكر الحسن وبالثناء الجميل وبلسان صدق في الآخرين، فيجعل الله ذكره ويجعل الله عز وجل الثناء عليه باقياً دائما مستمرا، وكل هذه الأوجه تجتمع بإذن الله رب العالمين، إذاً فيزيد الله في أعمار من يشاء من العباد؛ إذا قاموا بالأعمال التي جعلها الله أسباباً لطول العمر.

 

ألا وإني ذاكر في مقامي هذا جملة مختصرة من هذه الأسباب التي تطول بها الأعمار بإذن الله رب العالمين، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «خير الناس من طال عمره وحسن عمله» فهنيئا لمن مد الله في عمره ومن رزقه الله العمل الصالح في عمره، فطول العمر مع حسن العمل كرامة على كرامة وخير على خير، أما طول العمر مع فساد العمل فهذا بلاء وشقاء عياذاً بالله.

 

ألا وإن من هذه الأسباب التي تطول بها الأعمار صلة الأرحام، روى الإمام البخاري ومسلم، من حديث أنس رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه» ومعنى ينسأ أي يؤخر ويزاد له في أجله وفي عمره، فالله الله في صلة الأرحام، احذروا قطيعة الأرحام، يقول ربنا وهو أصدق القائلين في كتابه الكريم {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم (23) } [سورة محمد:22-23] أجارك الله وحماك الله يا مسلم من أن تكون قاطعاً لرحمك، يقول سيد الأنام عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة قاطع رحم»

 

فاحذر من أن تكون قاطعاً لأرحامك، كن واصلاً لأرحامك، وليس الواصل بالمكافئ وإنما الواصل هو الذي يصل رحمه ولو قطعته، هذا هو المطلوب، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «بلوا أرحامكم ولو بالسلام» فصلة الرحم لها درجات ولها مراتب، وأقلها الصلة بالسلام، فلا ينبغي لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقطع رحمه من أجل أمور دنيوية أو لأجل خلاف على متر أو شبر أو نحو ذلك من الأرض أو على خلاف على الميراث، بعض الناس يقطع أخواته، ويقطع أعمامه وعماته، وأخواله وخالاته؛ بسبب خلاف على مسألة الميراث، أين هؤلاء من النظر إلى ما جاءت به الشريعة الإسلامية في فضل صلة الأرحام وفي التحذير من قطيعة الأرحام، إذاً يا معشر المسلمين! وأنتم في بداية عامكم هذا، انظروا كيف أنتم مع أرحامكم من أراد أن يمد الله في عمره وأن يبارك الله له في عمره وأن يصلح الله حاله ومآله، فعليه أن يصل أرحامه وليحذر كل الحذر من القطيعة.

 

كذلك أيضا من أسباب طول العمر، البر فقد جاء عند ابن ماجة بسند حسنه الألباني رحمه الله تعالى، من حديث ثوبان رضي الله عنه، وجاء من حديث سلمان رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القضاء إلا الدعاء» انظروا يا معاشر المسلمين إلى فضل البر، والبر إذا أُطلق فهو للعموم وأول ما يدخل في ذلك بر الوالدين، فمن كان باراً بوالديه إنه بإذن الله ينال البركة في عمره وفي وقته وفي ماله وفي ولده وفي حياته، فيشعر بإذن الله بالراحة والسعادة والطمأنينة بإذن الله رب العالمين، ولقد وصى الله عز وجل بالبر بالوالدين في كتابه الكريم، وقرن حق الوالدين بحقه، قال سبحانه وتعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) } [سورة الإسراء:23-24]

 

انظروا إلى هذا البيان الذي هو أتم بيان وأكمل بيان وأحسن شرح، لمسألة البر بالوالدين، وهذه الآية أصل في كتاب الله في بر الوالدين فهي أشمل وأكمل ما ذُكر في بر الوالدين، وهكذا يقول الله في كتابه الكريم {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [سورة النساء:36] فأمر الله بالبر والإحسان إلى الوالدين، وحذر سبحانه من عقوق الوالدين، وبين الرسول عليه الصلاة والسلام في سنته خطر عقوق الوالدين وليس المقام هذا مقام بسط وشرح هذه المسألة، وإنما أشرنا إلى هذا لأن من أسباب طول العمر بر الوالدين، فيا أيها المسلم الكريم يا من يريد البركة في عمره، ويا من يريد طول العمر، ويا من يريد الراحة في قلبه، والطمأنينة في فؤاده، والراحة في نفسه وجنانه، عليك ببر الوالدين، إن أردت أن تسعد في الدارين، في الدنيا والآخرة.

 

أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 

أيها المسلمون! من أسباب طول العمر حسن الخلق، وحسن الجوار، فقد روى الإمام أحمد وغيره، من حديث عائشة رضي الله عنها، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «صلة الرحم، وحسن الخلق، وحسن الجوار، يعمران الديار، ويزيدان في الأعمار» انظروا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: «يعمران الديار ويزيدان في الأعمار» من أراد أن يعمره الله عز وجل، وأن يطيل في عمره، فليكن على هذا، على صلة الرحم، وقد تقدم الكلام عليها.

 

وكذلك يكون على حسن الخلق، فيكون متخلقا بالأخلاق الحسنة مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، ويتميز بالأخلاق الحسنة والآداب الرفيعة، في جميع أحواله وفي جميع شؤونه، يكون على هذا السير المبارك، وكذلك يحسن الجوار، وما أكثر المشاكل والخصومات بين الجيران؛ وذلك بسبب عدم الالتفات إلى هذا الأمر العظيم، وهو إحسان الجوار، يقول النبي المختار عليه الصلاة والسلام: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» ما أكثر ما تنتشر المشاكل بين الجيران؛ إما على طريق، وإما على مسيل ماء، وإما على شجرة، وإما وإما إلى غير ذلك، يا عباد الله متى سنتعقل، متى سنسلك الأسباب التي بها يرضى عنا ربنا، والتي بها يكرمنا إلهنا سبحانه وتعالى، يا عباد الله!

 

نحن بحاجة ماسة إلى أن نفتش عن عيوبنا، وأن نسعى في إصلاح أنفسنا، وأن نغتنم أعمارنا، وأن نسعى لما يكون سبباً في فلاحنا وفي نجاتنا بإذن الله عز وجل، أعمارنا قصيرة فلا نضيعها فيما لا يعود بالنفع، بل يعود بالشقاء والدبور عياذاً بالله.

 

وأيضا ينبغي أن نتسبب في الأسباب التي تكون سبباً بإذن الله في طول الأعمار في طاعة الله عز وجل، وما ذكرنا من الأسباب إنما هي إشارة مختصرة إلى هذا الموضوع العظيم المهم، كذلك أيضا مما ينبغي أن يُعلم أن طول العمر له أسباب مباشرة وأسباب غير مباشرة، فالأسباب التي ذكرناها هي الأسباب المباشرة لطول العمر، وهناك أسباب غير مباشرة لطول العمر، وهي تنقسم إلى قسمين اثنين، القسم الأول: أن يعمل الإنسان الأعمال التي تكون أجورها مضاعفة حتى يعيش عمراً آخر بأعماله التي عملها، على سبيل المثال أداء الصلاة المكتوبة في الجماعة، فقد جاء من حديث أبي أُمامة رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من مشى إلى صلاة مكتوبة فله كأجر حجة، ومن مشى إلى صلاة نافلة فله كأجر عمرة» هذا الحديث حديث صحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فمعنى ذلك أن الشخص في خلال شهر يكون كأنه حج مئة وخمسين حجة، ما دام وهو محافظ على جميع الصلوات في الجماعة، ويخرج إليها ويحتسب الثواب عند الله، والأجر عند الله، أليس هذا عمرا إضافيا.

 

وكذلك أيضا، من الأعمال التي تكون أجورها مضاعفة وتكون عمراً إضافيا إلى عمر الإنسان، ما جاء من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من غسل يوم الجمعة واغتسل، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام وانصت، كتب له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها» انظروا إلى هذه الأعمار الإضافية التي يعطيها الله لمن يقوم بهذه الأعمال، هذا على سبيل المثال فقط، وإلا هذا الموضوع يحتاج إلى خطبة أُخرى مستقلة في بيان هذا الأمر.

 

 كذلك أيضا القسم الثاني من أقسام الأعمال التي تكون عمراً إضافيا لكن بطريقة غير مباشرة أن يعمل الأعمال التي تبقى وتستمر وتدوم له بعد موته، ومن ذلك الصدقة الجارية، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» وكذلك أيضا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «من علم آية من كتاب الله كان له ثوابها ما تليت» فهذه أعمار أُخرى وأعمار إضافية يعطيها الله لمن أقبل عليه سبحانه وتعالى، فيا أيها الإخوة! نغتنم أعمارنا ولا نسوف بالتوبة، حاسب نفسك وارجع إلى ربك، وقل معاتبا لنفسك.

 

يا نفس قد أزف الرحيل *** وأظلك الخطب الجليل

 

فتأهبي يا نفس لا  *** يلعب بك الأمل الطويل

 

فلتنزلن بمنزل  ***ينسى الخليل به الخليل

 

وليركبن عليك فيه  *** من الثرى ثقل ثقيل

 

فاهتم بإصلاح نفسك وبالتوبة إلى ربك، ولا تتساهل بالذنوب والمعاصي، فالذنوب والمعاصي تدمر الأعمار وتنقص الأعمار، وتذهب ببركة الأعمار عياذاً بالله، قال الشاعر:

يا غافل ترنو بعيني راقد  *** ومشاهدا للأمر غير مشاهد

 

تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي  *** درج الجنان بها وفوز العابد

 

ونسيت أن الله أخرج آدم  ***منها إلى الدنيا بذنب واحد

 

أسأل الله بمنه وكرمه، وفضله وإحسانه، أن وفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة وعام صلاح للأحوال، وأن يجمع فيه كلمتنا على الحق والهدى، وأن يطفئ فيه نار الحرب والفتن، إنه سبحانه سميع قريب مجيب الدعاء، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم عليك بأعداء الإسلام خذهم من فوقهم ومن تحتهم، واجعل الدائرة عليهم، اللهم كن للمسلمين في كل مكان، اللهم كن لهم خير معين، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم كن لإخواننا في فلسطين، اللهم كن لهم خير معين، اللهم أيدهم بتأييدك، وانصرهم نصرك يا أرحم الراحمين، اللهم كن للأطفال الرضع، والشيوخ الركع، اللهم ارحم ضعفهم، اللهم أصلح أحوالهم يا أرحم الراحمين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيث مغيثا، هنيئا مريئا، ساحا غدقا، نافعا غير ضار، اللهم اسقنا، اللهم ارحمنا برحمتك، ولا تعاملنا بذنوبنا؛ فإنك إن عاملتنا بذنوبنا أهلكتنا، اللهم تجاوز عنا يا أرحم الراحمين، واعف عنا يا أكرم الأكرمين، اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بسوء ما عندنا.

اللهم احفظنا بالإسلام وقاعدين وراقدين وأقم الصلاة.

المرفقات

1721295193_من_أسباب_طول_العمر_خطبة_في_مسجد_التوحيد_بحارة_المجرة_بمعبر_6_محرم.pdf

المشاهدات 300 | التعليقات 0