من أخطاء المصلّين يوم الجمعة

ناصر ناصر
1437/11/15 - 2016/08/18 20:39PM
الحمد لله مستحقِ الحمد بلا انقطاع، ومستوجبِ الشكر بأقصى ما يستطاع، الوهابُ المنان، الرحيم الرحمن، المدعو بكل لسان، المرجو للعفو والإحسان، الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الجميل العوائد، الجزيل الفوائد، أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب مفرّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الوافي عهده، الصادق وعده، ذو الأخلاق الطاهرة، المؤيّد بالمعجزات الظاهرة، والبراهين الباهرة .. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه صلاة تشرق إشراق البدور أما بعـــد :-
إخوة الإسلام :فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله سبحانه وتعالى قد اصطفى أمتكم على سائر الأمم وخصها بخصائص كثيرة وفضائل عديدة ومناقب عظيمة، فبعث فيها خاتم رسلِه، وأنزل إليها أعظم كتبه، ودلها على أحسن شرائعه، حتى صارت خير أمة أخرجت للناس.
ومما خص
الله تعالى به هذه الأمة وميزها به عن غيرها هذا اليوم المجيد العظيم؛ يوم الجمعة الذي هو سيد الأيام، إذ خصه الله سبحانه بكثير من الحوادث الكونية والشعائر الدينية التي تميز بها عن سائر الأيام. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((خيرُ يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة؛ فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها)) وفي رواية له: ((ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ودنا من الإمام فأنصت كان له بكل خطوة يخطوها صيام سنة وقيامها ] وقال رسول الله : ((والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر))، وعنه أيضًا: ((من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا))
عباد الله
:
إن يوما بهذه المنزلة حري بالفرح به وتمييزه عن
سائر الأيام ، حري أن نجتهد في معرفة ماله من أحكام وما فيه من فضائل ، كي لا تفوت علينا فضيلة ، ولا نرتكب فيه خطيئة ، ولعلنا في هذه العجالة ننبه على بعض ما يقع في هذا اليوم من أخطاء خاصة فيما يتعلق بالصلاة والمساجد فلربما كان بيان الخطاء خير حفز على الصواب .
أيها المسلمون إن من الأخطاء التي ترتكب في هذا اليوم الفاضل
هي أن كثيرا من الناس يسهر ليله فيكون ذلك سببا في النوم عن صلاة الفجر ، فيفتتح هذا اليوم العظيم بأكبر معصية وهي النوم عن الصلاة والعياذ.ومنها عدم مبالاة البعض بصلاة الجمعة مع المسلمين وقد أوجبها تعالى بقوله: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .(
وقد قال صلى الله عليه وسلم
(( لينتهين أقوام عن وَدْعِهم الجُمُعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين))
ومن الأخطاء عدم التبكير قبل دخول الإمام بل ربما
تأخر بعضهم حتى تقام الصلاة وهذا لا شك من الحرمان الكبير لأن من أعظم مقاصد الجمعة هو الاستماع إلى الخطبة من أولها ، ولذا فقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على التبكير وقد تقدم النص على ذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من بكر وابتكر ) وكذا قوله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ، َيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ))
والناظر
في حالنا هذه الأيام يرى أن الكثير قد فرط بهذه الفضائل والله المستعان.ومن الأخطاء التساهل في الغسل للجمعة وقد قال رسول الله : ((الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم)) متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم : ( من أتا منكم الجمعة فل
ومنها عدم الاهتمام باللباس لحضورها ،وقد صح عن عبد الله بن سلام أنه سمع
النبي يقول على المنبر يوم الجمة: ((ما على أحدكم لو وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته))
ومن الأخطاء : الكلام أثناء الخطبة وهذا ربما لا يحصل إلا
من بعض الصغار ، والإنصات للخطبة أمر واجب فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: "أنصت" والإمام يخطب فقد لغوت)) متفق عليه
فالواجب هو الجلوس والإنصات وعدم
الكلام أو العبث بأي شيء كان سواء كان ذلك بالسبحة أو الساعة بالجوال بل وحتى السواك لأن السواك لا يشرع وقت الخطبة وهو داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (من مس الحصى فقد لغى ).
ومن الأخطاء تخطي الرقاب
خاصة بعد دخول الخطيب ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلآ يتخطى الرقاب فقال) : إجلس فقد آذيت وآنيت ] فمن الأدب أن يجلس الداخل حيث انتهت به الصفوف ولا يزاحم المسلمين للحصول على مكان متقدم مع تأخره.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله عز وجل ).
ومن الأخطاء : أن
كثيرا ممن يدخل والمؤذن يؤذن يقف لمتابعته وهذا خطاء والصواب هو أن يبدأ بتحية المسجد ليتفرغ لسماع الخطبة لأن متابعة المؤذن سنة واستماع الخطبة واجب والواجب مقدم على السنة. وهناك أقوام يجلسون بمجرد الدخول دون تأدية لتحية السجد ، والواجب على كل من دخل المسجد إلا يجلس حتى يصل ركعتين ، أو يدخل في صلاة قائمة ، و قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي دخل وهو يخطب أن يصل ركعتين وأن يتجوز فيهما .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بمافيه من الآيات والذكر
الحكيم، أقول ماتسمعون وأستغفرالله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب ، فأستغفروه إنه هوالغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
:الحمدلله أما بعد:فاتقوا الله عباد الله واحرصوا على ما ينفعكم واجتنبوا ما يضركم ومن الأخطاء أن بعض الناس يدرك مع الإمام أقل من ركعة فيأتي بركعتين ويكتفي بهما ، والصحيح أن الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة كاملة أما من لم يدرك ركعة فإنه يجعلها ظهرا ويصليها أربعا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : [ من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة ] وقال صلى الله عليه وسلم : [إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى فإذا فاتك الركوع فصل أربعا ] .
إذا انتهت الصلاة فلا يفوتك أن تصلي في المسجد أربع ركعات بعد الأذكار المشروعة، أو اثنتين في منزلك.
أما وقد انصرفت من المسجد وقد أخذت بحظك من الدرجات والخيرات إن شاء الله.. تأمل في قول ابن رجب رحمه الله وهو يقول: ( كان بعضهم إذا رجع من الجمعة في حر الظهيرة يذكر انصراف الناس من موقف الحساب إلى الجنة أو النار فإن الساعة تقوم في يوم الجمعة ولا ينتصف ذلك النهار حتى يقيل أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار قاله ابن مسعود وتلا قوله: أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا
أخي المسلم: تَحَرَّ ساعة الإجابة وأرجح الأقوال فيها: أنها آخر ساعة من يوم الجمعة.. فادع ربك وتضرع إليه واسأله حاجتك، وأرِه من نفسك خيراً، فإنها ساعة قال عنها النبي : { إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً، إلا أعطاه إياه }
ألا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه ، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، اللهم اجمع شمل المسلمين ، ولم شعثهم ، وألف بين قلوبهم وأحقن دمائهم .. اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين .. وادفع عنا وعن المسلمين شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا أرحم الراحمين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المشاهدات 9103 | التعليقات 0