مَنْ أَحَبَّهَا أَحَبَّهُ اللهُ 27 ربيع الأول 1439هـ
محمد بن مبارك الشرافي
مَنْ أَحَبَّهَا أَحَبَّهُ اللهُ 27 ربيع الأول 1439هـ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ, الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا, وأَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصَحبِهِ وسلَّمَ تَسْلِيماً كثَيراً.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يَا عِبَادَ اللهِ وَتَعَلَّمُوا كِتَابَ رَبِّكُمُ الْقُرْآنَ وَتَدَبَّرُوهُ وَاعْمَلُوا بِمَا فِيهِ, فَإِنَّ بِهِ النَّجَاةَ وَالْخَيْرَ وَالْفَلَاحَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : مَعَنَا فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ سُوَرةٌ مِنَ الْقُرْآنِ عَظِيمَةٌ فِي مَعَانِيهَا وَإِنْ كَانَتْ قَصِيرَةً فِي مَبَانِيهَا, سُوَرةٌ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِقِرَاءَتِهَا فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ, سُوَرةٌ تَحِمْلُ مَعَانِيَ سَامِيَةً نَافِعَةً, إِنَّهَا سُورَةُ الصَّمَدِ, سُورَةُ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).
أَمَّا فَضْلُهَا فعَظِيمٌ جِدَّاً, قَدْ وَرَدَتْ فِيهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ في ذلك.
فَمِنْهَا : أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي الْأَجْرِ, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ) رواه البخاري. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (احْشُدُوا، فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ)، فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَأَ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ثُمَّ دَخَلَ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: إِنِّي أُرَى هَذَا خَبَرٌ جَاءَهُ مِنَ السَّمَاءِ فَذَاكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ (إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، أَلَا إِنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ) رَوَاهُ مُسْلِم.
وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّ مَنْ أَحَبَّهَا أَحَبَّهُ اللهُ, عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ بِقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ (سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ) فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْه.
وَلَكِنْ هُنَا تَنْبِيهٌ : وَهُوَ أَنَّهُ لا يُشْرَعُ لَنَا أَنْ نَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ إِلَّا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مَحَبَّةٌ لِهَذِهِ السُّورَةِ كَمَا كَانَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ, وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلا أَمَرَ بِهِ.
وَمِنْ فَضَائِلَهَا: أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ, فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَجَبَتْ) قُلْتُ: مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: (الجَنَّةُ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ. وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللهُ لَهُ قَصْرَاً فِي الْجَنَّةِ, عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ, حَتَّى يَخْتِمَهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِذَنْ نَسْتَكْثِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اللَّهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. وَمَعْنَى (اللَّهُ أَكْثَرُ وَأَطْيَبُ) : اللهُ أَكْثَرُ إِجَابَةً مِنْ دُعَائِكُمْ, وَفَضْلُهُ أَكْثَرُ مِمَّا يُعْطِيكُمْ, فَمَهْمَا دَعَوْتُمْ فَلا يُعْجِزُهُ أَنْ يُجِيبَكُمْ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا مَعَ الْمُعُوِّذَتَيْنِ (الْفَلَقِ وَالنَّاسِ) فِي الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ ثَلاثَاً انْدَفَعَ عَنْهُ السُّوءُ وَكَفَتْهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَخْشَى مِنْهُ كَائِنَاً مَا كَانَ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لَنَا، فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: (قُلْ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ (قُلْ) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ (قُلْ) فَقُلْتُ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ.
وَمِنْ فَضَائِلِهَا : أَنَّ قِرَاءَتَهَا عِنْدَ النَّوَمِ مَعَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مَعَ النَّفْثِ وَالْمَسْحِ عَلَى الْجِسْمِ رُقْيَةٌ وَشِفَاءٌ بِإِذْنِ اللهِ, عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ, وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ, وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَهَذِهِ أَيَّهُا الْمُؤْمِنُونُ سُنَّةٌ غَفَلَ عَنْهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ, حَتَّى مِمَّنْ فِيهِمْ خَيْرٌ وَرُبَّمَا عِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَكِنَّهُ لا يُطَبِّقُهَا, وَالذِي يَنْبَغِي لَكَ يَا مُسْلِمُ أَنْ تُحَافِظَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ, فَتَجْمَعَ يَدَيْكَ ثُمَّ تَنْفُثَ فِيهَا ثُمَّ تَقْرَأُ سُورَةَ الصَّمَدِ ثُمَّ تَنْفُثُ, ثُمَّ تَقْرَأُ سُورَةَ الْفَلَقِ ثُمَّ تَنْفُثُ, ثُمَّ تَقْرَأُ سُورَةَ النَّاسِ ثُمَّ تَنْفُثُ, ثُمَّ تَمْسَحُ بِيَدِكَ جَمِيعَ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ جِسْمِكَ, ثُمَّ تُعِيدُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِلسُّوَرِ الثَّلَاثِ مَعَ النَّفْثِ ثُمَّ الْمَسْحَ مَرَّةً ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً, وَبِهَذَا تَنَالُ أَجْرَ اتِّبَاعِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وَتَنَالُ أَجْرَ قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّوَرِ, وَتَرْقِي نَفْسَكَ وَتُعَالِجُهَا . وَكَمْ مِنَ الْأَوْجَاعِ سَوْفَ تَزُولُ بِإِذْنِ اللهِ إِذَا حَافَظْتَ عَلَيْهَا كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ النَّوْمِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ مَوَاضِعِ قِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ مَعَ السُّورَتَيْنِ الْفَلَقِ وَالنَّاسِ بَعْدَ كُلِّ صَلاةٍ مَفْرُوضَةٍ, فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيّ, وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ) رَوَاهُ النَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ والألباني, وَزَادَ فِيهِ الطَّبَرَانِيُّ (وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) قَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِي الْمَجْمَعِ : بِأَسَانِيدَ وَأَحَدُهَا جَيَّدٌ.
وَالْخُلَاصَةُ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ يُقْرَأُ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ : آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَالسُّوَرُ الثَّلَاثُ, مَرَّةً مَرَّةً.
[وَهُنَا نُنَبِّهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ مُهِمَّةٍ] وَهِيَ أَنَّ قِرَاءَةَ السُّوَرِ الثَّلَاثِ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ, وَلا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ أَوِ الْفَجْرِ أَوْ غَيْرِهَا, وَأَمَّا الْمَنْشُورُ الْمُتَدَاوَلُ فِي أَكْثَرِ الْمَسَاجِدِ عَنِ الشَّيْخِ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ, وَفِيهِ أَنَّهَا تُقْرَأُ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرَبِ وَالْفَجْرِ 3 مَرَّاتٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا أَذْكَارُ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ, كَمَا أَجَابَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ نَفْسُهُ رَحِمَهُ اللهُ لَمَّا سُئِلَ. (1)
وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ, لِأَنَّهُ لا دَلِيلَ عَلَى تَكْرَارِ هَذِهِ السُّوَرِ بَعْدَ صَلَاتِيِ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ 3 مَرَّاتٍ, وَعَلَى هَذَا فَمَنْ قَرَأَ أَذْكَارَ الصَّبَاحِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ, أَوْ قَرَأَ أَذْكَارَ الْمَسَاءِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَلا يَقْرَأُ هَذِهِ السُّوَرَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً . أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِيْ ولَكُمْ, فاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ القَوِيُّ الْمَتِينُ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأَمِينِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّدُ، انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ, مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ هَذِهِ السُورَةَ صَارَ فِيهَا تِلْكَ الْفَضَائِلُ التِي سَمِعْنَا بَعْضَهَا فِي الْخُطْبَةِ بِسَبَبِ أَنَّهَا فِي تَوْحِيدِ اللهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ, وَالتَّوْحِيدُ هُوَ أَسَاسُ دِينِنَا وَقَاعِدَتُهُ, وَلا يَقْبَلُ اللهُ عَمَلَاً بِدُونِه.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَمَّا مَعَانِي آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ بِاخْتِصَارٍ : فَهُوَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَأْمُرُ نَبِيَّهُ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِهِمْ: إِنَّ رَبِي هُوُ اللهُ الْمُتَفِرَّدُ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، لا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِيهَا, فَهُوَ وَاحِدٌ أَحَدٌ, وَهُوَ سُبْحَانَهُ الصَّمَدُ الذِي كَمُلَ فِي صِفَاتِ الشَّرَفِ وَالْمَجْدِ وَالْعَظَمَةِ، وَالذِي يَقْصِدُهُ الْخَلَائِقُ فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ وَالرَّغَائِبِ, فَكُلُّ أَحَدٍ مُحْتَاجٌ وَمُفْتَقِرٌ إِلَى اللهِ, وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ غَنِيٌّ عَنْهُمْ, لا يَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ, وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلا وَالِدٌ وَلا صِاحِبَةٌ, بَلْ كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مَعَهُ, ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ, ثُمَّ إِنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لا مُمِاثِلَ لَهُ وَلا مُشَابِهَ لَهُ مِنْ خَلْقِهِ، لا فِي أَسْمَائِهِ وَلا فِي صِفَاتِهِ، وَلا فِي أَفْعَالِهِ.
وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى ثَلاثَةٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَسِتٍّ مِنْ صِفَاتِه, فَفِيهَا أَسْمَاءُ (اللهُ وَالْأَحَدُ وَالصَّمَدُ) وَفيها صِفَاتُ (الْأُلُوهِيَّةِ وَالْأَحَدَيِّةِ وَالصَّمَدِيَّةِ, ونَفْيِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَنَفْيِ الْمُمَاثِلِ وَالْمُكَافِئِ للهِ), لِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.
فَاللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا، وَشِفَاءَ صُدُورِنَا، وَجَلَاءَ أَحْزَانِنَا وَهُمُومِنَا، وَقَائِدَنَا إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلمينَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ, اللَّهُمَّ أعطنا ولا تحرمنا اللَّهُمَّ أكرمنا ولا تُهنا اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ, وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ, وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ, وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ, اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
- حدثني بذلك شيخنا الدكتور علي بن عبد العزيز الشبل حفظه الله (0504286933)
المرفقات
أَحَبَّهَا-أَحَبَّهُ-اللهُ-27-ربيع-الأو
أَحَبَّهَا-أَحَبَّهُ-اللهُ-27-ربيع-الأو
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق