منطق الفراعنة د. عقيل المقطري

منطق الفراعنة د. عقيل المقطري


كان من خطط فرعون في استضعاف شعبه كي يدوم طغيانه أن صيرهم شيعا وأحزابا وذلك ليسهل قمعهم وإرهابهم قال الله فيه : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ ) ولقد مارس فرعون ونظامه إرهابا وقمعا شديدا ضد شعبه فقتل وشرد وعاث في الأرض فسادا وكان يرمي موسى ومن معه ببأنهم مخربين فقال : ( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ) وكأن الذي يفعله هو عين الإصلاح هكذا منطق الفراعنه.
القد كان فرعون كسائر الناس في عصره يعبد الأصنام كما قال له مقربوه ومستشاروه ومعاونوه فيما ذكره الله عنهم : (وَقَالَ الْمَلأ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ )هذا منطقه بالرغم من أنه كان يدعي لنفسه أنه أطلق الحريات وأنه ديموقراطي يحاور المخالف ويناقش الحجج فهاهو يقول لموسى : (قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ ) لكن ممارسته غير مما يظهر للناس في إعلامه فها هو يعود مرة أخرى ليقول للناس : (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ )و هكذا فراعنة اليوم يفعلون صيروا شعوبهم شييعا وأحزابا متناحرة مختلفة متضادة ففي بعض البلدان يصل عدد الحزاب إلى أكثر من أربعين حزبا وبذلك ظهر طغيان الرؤساء واستكبارهم على شعوبهم فاستعبدوهم واستخفوا بهم وقمعوا حرياتهم وقتلوهم وشردوهم .
ولما نادت الشعوب بالحريات وصرخت بأن ما يفعله الحاكم مخالف للدستور والنظام والقانون قالوا مقالة فرعون ففرعون قال :(مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) وقال :(أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى) وبعض هؤلاء قال : ( أنا الدستور وأنا القانون وأنا النظام ) فرعون قال : ( لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ) وقال هؤلاء : إما نحكمكم أو نقتلكم وهددوا بالحروب الأهلية والزحف ليس على اليهود ولكن على الشعوب من الصحراء إلى الصحراء زنقة زنقة بيت بيت دار دار فرد فرد . وقال آخر سنواجه التحدي بالتحدي في المدن والقرى والعزل وهددوا بأن الدماء ستسيل للركب .
أما المقربون من الرؤساء والمستشارون فلم يختلف منطقهم عن مقربي فرعون فهم يؤزون الرؤساء أزا لعدم التخلي أو التنازل أو تسليم السلطة كل ذلك حفاظا على مصالحهم ومآربهم وأما الشعوب فلتحرق ولتذهب سدى لكن كما أهلك الله فرعون مصر الأول وأسقط الثاني وأطاح بكل متفرعن سيسقط ويطيح بمن تبقى فهو الفعال لما يريد وإن الله يمل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته .
فهل يعقل هذا من لا يزال يدافع عن تلك الأنظمة المتهالكة التي لاشرعية لها في الأصل كونها لا تحكم الشريعة وكونها استغلت الوظيفة لمآربها الخاصة وأفسدت الأخلاق ووالت الأعداء وأهدرت سيادة البلدان ونهبت الثروات ووجهت الجيوش لقتل الشعوب كي تبقى على السلطة .

المصدر: صفحته على الفيس بوك
المشاهدات 1600 | التعليقات 0