مِمَّ تعجبُ يا شقيق ؟
بدر آل برجس
سأنطلق بكم مع رحلة إيمانية كريمة مباركة،تغفر فيها الذنوب ، وتمحى فيها العيوب ، وتطمئن فيها القلوب ، رحلة تسكب فيها العبرات ، وتستجاب فيها الدعوات ، وتتجلى فيها الرحمات ، ويعود أصحابها إن صدقوا بمغفرة رب الأرض والسماوات ، وقد طهرهم الله من كل ذنب كيوم ولدتهم الأمهات ، تلكم هي رحلة الحج لبيت الله الحرام
يَا رَاحِلِينَ إِلَى مِنًى بِقِيَادِي هَيَّجْتُمُ يَوْمَ الرَّحِيلِ فُؤَادِي
سِرْتُمْ وَسَارَ دَلِيلُكُمْ يَا وَحْشَتِي الشَّوْقُ أَقْلَقَنِي وَصَوْتُ الحَادِي
وَحَرَمْتُمُ جَفْنِي المَنَامَ بِبُعْدِكُمْ يَا سَاكِنِينَ المُنْحَنَى وَالوَادِي
وَيَلُوحُ لِي مَا بَيْنَ زَمْزَمَ وَالصَّفَا عِنْدَ المَقَامِ سَمِعْتُ صَوْتَ مُنَادِي
وَيَقُولُ لِي يَا نَائِمٌ جِدَّ السُّرَى عَرَفَاتُ تَجْلُو كُلَّ قَلْبٍ صَادِي
مَنْ نَالَ مِنْ عَرَفَاتَ نَظْرَةَ سَاعَةٍ نَالَ السُّرُورَ وَنَالَ كُلَّ مُرَادِ
تَاللَّهِ مَا أَحْلَى المَبِيتَ عَلَى مِنًى فِي لَيْلِ عِيدٍ أَبْرَكِ الأَعْيَادِ
ضَحَّوا ضَحَايَاهُمْ وَسَالَ دِمَاؤُهَا وَأَنَا المُتَيَّمُ قَدْ نَحَرْتُ فُؤَادِي
لَبِسُوا ثِيَابَ البِيضِ شَارَاتِ الرِّضَا وَأَنَا المُلَوَّعُ قَدْ لَبِسْتُ سَوَادِي
أذَّن إبراهيم في النَّاس بالحجّ فأجابوا، ودعاهم فلبَّوا، جاؤوا إليْه رجالاً على أرجُلهم، وركبانًا على كلّ ضامر، جاؤوا للحجّ من كلّ فجّ، الشَّوق يحدوهم، والرَّغبة تسوقهم، فهل مرَّ بك ركبٌ أشرف من ركْب الطَّائفين؟! وهل شممت عبيرًا أزْكى من غبار المحرمين؟! وهل هزَّك نغم أروع من تلبية الملبين؟!
ذكر بعض أهل السير أنَّ شقيقًا البلخي أبصر في طريق الحج مُقْعدًا يتَّكئ على إليته، يمشي حينًا ويضعف حينًا، يرتاح حينًا ويمشي أخرى، كأنَّه من أصحاب القبور ممَّا أصابه من وعْثاء السفر وكآبة المنظر، قال له شقيق: يا هذا، أين تريد؟ قال: أُريد بيتَ الله العتيق، قال: مِن أين أتيت؟ قال: من وراء النهر، قال: كم لك في الطَّريق؟ فذكر أعوامًا تربو على عشر سنين، قال: فنظرت إليه متعجِّبًا، قال: يا هذا، ممَّ تتعجَّب؟ قال: أتعجَّب من بُعد سفرك وضعف مهجتِك، قال: أمَّا بُعدُ سفري فالشَّوق يقرِّبه، وأمَّا ضعْف مهجتي فالله يحملها، يا شقيق أتعْجب ممَّن يحمله اللطيف الخبير إذا شاء.
وعن عبدالعزيز بن أبي روَّاد قال: دخل مكَّة قومٌ حجاج ومعهم امرأة وهي تقول: أين بيْت ربِّي؟ فيقولون: السَّاعة ترَينه، فلمَّا رأَوْه قالوا: هذا بيْت ربك، أما ترَينه؟ فخرجت تشتدّ وتقول: بيْت ربي، بيت ربي، حتَّى وضعتْ جبهتَها على البيت، فواللهِ ما رفعتْ إلاَّ ميتة
الحج يا عباد الله يهدم ما كان قبله فعن عَمْرِو بْن الْعَاصِ رضي الله تعالى عنه قال : لَمَّا جَعَلَ اللهُ الإِسْلاَمَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ. فَبَسَطَ يَمِينَهُ – قَالَ – فَقَبَضْتُ يَدِي . قَالَ : مَا لَكَ يَا عَمْرُو ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ؟ قَالَ : تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟! قُلْتُ : أَنْ يُغْفَرَ لِي. قَالَ : أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا ، وَأَنَّ الحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ))( رواه مسلم
الحاج يا عباد الله في ضمانة الله تعالى ففي الحديث الذي صححه الألباني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” ثَلاثَةٌ فِي ضَمَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : رَجُلٌ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَرَجُلٌ خَرَجَ حَاجًّا ”
الحاج يا عباد الله إن مات يبعث ملبيًا فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- قَالَ: “بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ فمات , فقالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا”. أخرجه البخاري
الحاج يا عباد الله يبشر بالجنة عند إهلاله وعند تكبيره ففي الحديث الذي حسّنه الألباني عن أبِي هُرَيرة - رضِي الله عنْه - عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((ما أهلَّ مهِلٌّ قطّ ولا كبَّر مكبِّر قطُّ إلاَّ بشِّر بالجنَّة (
أسالُ العليَّ العظيم الواحد الأحَدَ الحيَّ القيُّوم: أن يرزُقَنا الوُفود إلى بيتِه الحرام، ويَجعلنا من المقبولين بمنِّه وكرَمه.
بارك الله لي ولكم .....
الحمد لله ...
عباد الله : حسَّن الألبانيُّ حديثًا عظيمًا قد مُلئ فضلًا وكرمًا للوافد على بيت الله تعالى , يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أمَّا خروجُك من بيتك تؤمّ البيت الحرام، فإنَّ لك بكلّ وطأة تطؤُها راحلتُك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنْك بها سيِّئة، وأمَّا وقوفك بعرفة، إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ينزل إلى السَّماء الدّنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاؤوني شعثًا غبرًا من كلّ فجّ عميق، يرْجُون رحمتي، ويخافون عذابي وَلَم يروني، فكيف لو رأوْني؟ فلو كان عليْكَ مثل رمل عالج – أي: متراكم - أو مثل أيَّام الدنيا، أو مثل قطْر السَّماء ذنوبًا، غسلها الله عنك، وأمَّا رميك الجمار فإنَّه مدخور لك، وأمَّا حلْقك رأسك، فإنَّ لك بكلِّ شعرة تسقط حسنة، فإذا طفْت بالبيْت خرجت من ذنوبِك كيَوْم ولدتْك أمُّك))؛.
أخيرًا يا عبد الله , بعد هذه الرغائب الّتي سمعت ماذا تنتظر ؟ , بادر يا أخي , بادر يا من لم تحجّ بعد , بادر قبل أن تغادر , بادر إن كنت قادرًا فإنّ هذا المال لن تدفعه في العمر إلا مرةً واحدة وسيُنفق الله عليك بإنفاقك عن نفسك .. ( وما تنفقوا من شيء فهو يُخلفه )
هذا وصلوا وسلموا ...
المرفقات
1440
1440