ملف الشتاء أحكام وآداب

أبو عبد الرحمن
1430/11/12 - 2009/10/31 07:51AM
المشاهدات 14921 | التعليقات 6


أحكام الشتاء في السنة المطهرة


للشيخ علي حسن الحلبي

مقدمة
المبحث الأول : فوائد مهمة
المبحث الثاني الطهارة
أولا ماء المطر
ثانيا الوضوء من البرد
ثالثا طين الشوارع
رابعا التيمم
خامسا المسح على الخفين والجوارب
المسح على العمامة
المبحث الثالث الأذان
المسألة الأول الأذان في المطر والبرد
المسألة الثانية كيفية الأذان والإقامة حال الجمع بين الصلاتين
المبحث الرابع الصلاة
الجمع بين الصلاتين
المسألة الأولى مشروعية الجمع بالنص
المسألة الثانية وجه الدلالة
المسألة الثالثة اختلاف الفقهاء
المسألة الرابعة الجمع بين الظهر والعصر
المسألة الخامسة صفة الجمع
المسألة السادسة النية في الجمع
المسألة السابعة القرب والبعد من المسجد
المسألة الثامنة أحكام المسبوق
المسألة التاسعة الجمع في غير المسجد
المسألة العاشرة الجمع بين الجماعة الأولى
المسألة الحادية عشرة صلاة السنن عند الجمع
المسألة الثانية عشرة كيف الأذان والإقامة عند الجمع؟
إضافة مهمة في تحقيق مسألة الجمع بين الصلاتين
مسائل أخرى في الصلاة
صلاة الاستسقاء
صلاة الجمعة
صلاة الخوف
أحكام عامة في الصلاة
الأول تغطية الفم
الثاني السدل
الثالث اجتمال الصماء
الرابع لبس القفازين
الخامس الصلاة إلى النار
الصلاة على الراحلة أو السيارة خشية الضرر
السابع التكبير في الصلاة في يوم الغيم
المبحث الخامس المساجد
المسألة الأولى قطع الصفوف بسبب المدفئة
المسألة الثانية الفوضى الناشئة عن الجمع أو عدمه
المسألة الثالثة إقامة الصلاة في وقتها الأصلي بعد الجمع في المساجد
المبحث السادس الصيام
المسألة الأولى صوم يوم الغيم
المسألة الثانية إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس ؟
المسألة الثالثة حكم أكل البرد للصائم
المسألة الرابعة اغتنام الصوم
المبحث السابع الزكاة
المبحث الثامن الجهاد
المبحث التاسع الأذكار
المسألة الأولى أذكار الاستسقاء
المسألة الثانية دعاء رؤية الريح
المسألة الثالثة الدعاء عند رؤية السحاب والمطر
المسألة الرابعة الدعاء عند سماع الرعد
المبحث العاشرعلامات الساعة
المبحث الحادي عشر فوائد ومسائل
المبحث الثالث عشر التنبيه على الأحاديث الضعيفة

الخاتمة

رابط تحميل الكتاب





المصدر



قضاءُ الوَطَرِ بمعرفة أحكام الشتاء والمطر (المقال الأوّل)



لفضيلة الشيخ أبي جابر عبد الحليم توميات-حفظه الله-



بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

أخي المسلم .. أختي المسلمة ..

أخي المسلم .. أختي المسلمة ..

فإنّنا نعيش أجواء فصل جديد.. فصل يقال فيه الكثير، ويُفعل فيه الكثير.. يُسَرُّ له أقوامٌ كثيرون، ويجزع له قوم آخرون..! فها نحن نأخذ بأيدينا وأيديكم، لنضع منظار الشّرع بأعيننا وأعيُنكم، في معرفة أحكام الله تبارك وتعالى في هذا الموسم المبارك، فإنّ ذلك من التفكّر الذي أمر به ربّنا سبحانه أمام آياته العظيمة الباهرة، لا يُوفّق إليه إلاّ أولو الألباب، كما قال العزيز الوهّاب: (( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]آل عمران[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

والأمر المقصود، والهدف المنشود من وراء ذلك أنْ لا نفصل حياتنا الكونيّة عن حياتنا الشّرعيّة، فالله هو القائل: (( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الأعراف: من[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الآية54[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

أوّلا: حقيقة فصل الشّتاء.

حديث النّاس عن البرد والقرّ قد ملأ جلّ الأوقات، وكيفيّة التخلّص منه صار من أعظم الانشغالات، كلّ

النّاس يشكو قساوة البرد، وكلٌّ يتّخذ التّدابير لئلاّ يعاني من آلامه، وليسلم من أسقامه.. وهذا ليس معيـبا، ولا أمرا عجيبا، ولكنّ العجيب والمعيب أن لا يُربط هذا الأمر بشرع الله ! المعيب أنّهم كما جهلوا حقيقة الحرّ في فصل الصّيف، جهلوا أو نسُوا حقيقة القرّ في فصل الشّتاء !.. وخاصّة مع الحملة العظيمة التي تقام على النّظرة الشّرعيّة للظّواهر الطّبيعيّة ..

فاستمع إلى الأخبار الصّحيحة ممّن لا يعتمد على الأحوال الجوّية .. ولكنّه اعتمد على وحي ربّ البريّة..خبر موقّع عليه (( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ))..

روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ! فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ )).

وروي عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال: ( يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يصدع العظام بردها فيسألون الحر ويستغيثوا بحرّ جهنّم ).

فتذكّر شدّة زمهرير جهنّم بشدّة البرد القارس في الدّنيا، فربط المشاهد الدنيويّة بالآخرة يزيد المرء إيمانا على إيمانه، يقول أحد الزّهاد: ( ما رأيت الثّلج يتساقط إلاّ تذكّرت تطاير الصّحف يوم الحشر والنّشر ).

ثانيا: فضل هذا الموسم.

إنّما يُعظّم المؤسم بما فيه، ولا شكّ أنّ هذا الفصل قد حوى نعمة من نعم الله الظّاهرة، وهي نعمة المطر، وقد عظّم الله المطر في كتابه الكريم، من وجوه عديدة:

[FONT="]أ) جعله سببا من أسباب الرّزق الذي تبكي لأجله الأمم، فقال: (( وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الأنعام:99[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT][/FONT]

وقال: (( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الأعراف:57[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

وقال تعالى: (( وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ )). [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الحج: من الآية5[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="..[/FONT]

(( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]النحل:10[/FONT][/COLOR وغيرها من الآيات.

ب) أنّ الله عظّم المطر حتّى جعله من مفاتيح الغيب: (( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الأنعام: من[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الآية59[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="، وهي الأمور الخمسة المذكورة في أواخر سورة لقمان، قال صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]لقمان:34[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="[/FONT][FONT="]،[/FONT] روى البخاري عن عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: " مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ، ثُمَّ قَرَأَ: (( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ )) الآية ".[/FONT]

ت) أنّ الله سمّى المطر رحمة في كثير من الآيات، فقال: (( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الأعراف 57[/FONT][/COLOR (( أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]النمل:63[/FONT][/COLOR (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ )).

ث)أنّ الله شبّه الوحي به قال تعالى: (( أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الرعد:17[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="[FONT="]،[/FONT] وكذلك فعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فقد روى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ ))..[/FONT]

ج) أنّ الله تعالى وصفه في كتابه العزيز بصفات تدلّ على عظمته..

فوصفه بالبركة، فقال: (( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]ق:9[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

ووصفه بأنّه فراتٌ، أي: عذب، فقال: (( وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتاً )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]المرسلات: من الآية27[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

ووصفه بأنّه مطهِّر فقال: (( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الفرقان: من[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الآية48[/FONT][/COLOR ولذلك كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يسأل ربّه أن يُطهّره به فكان يقول بعد تكبيرة الإحرام عند استفتاحه الصّلاة: (( وَنَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَد )).

ثالثا: تعظيم السّلف الصّالح لهذا الفصل.

أيّها الأخ الكريم..أيّتها الأخت الكريمة..!!

لقد أدرك سلف هذه الأمّة فضلَ هذا الموسم العظيم، وأنّه رحمة من العليّ الكريم، فراحوا يسارعون في الخيرات، واغتنام الأجر والثواب في الأعمال الصّالحات، وممّا جاء من الآثار في فضل الشّتاء:

• ما رواه أحمد والترمذي بسند حسن - كما قال الشّيخ الألباني رحمه الله- عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ الْجُمَحِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ )) .

قال ابن رجب: غنيمة باردة لأنها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة.

• وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: " ألا أدلّكم على الغنيمة الباردة " قالوا: بلى؛ فيقول: "الصّيام في الشّتاء وقيام ليل الشّتاء".

نسأل الله أن يوفقنا لأدائهما.

فحريٌّ بنا أيّها المؤمنون اقتناص هذه الغنيمة لا سيّما في الأيّام الفاضلة مثل الإثنين والخميس أو الأيّام البيض ونحو ذلك.

• وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: ( مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة، ويطول فيه اللّيل للقيام، ويقصر فيه النّهار للصّيام ).

• وقال الحسن البصري رحمه الله: ( نعم زمان المؤمن الشتاء: ليله طويل فيقومه، ونهاره قصير فيصومه ).

• ومن درر كلامه رحمه الله قوله: ( الشّتاء ربيع المؤمن )..

وهذا كلام في غاية الجمال حتّى ظنّه بعضهم حديثا مرفوعا، قال ابن رجب رحمه الله في شرحه:

" وإنما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، ويتنـزّه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه، ويصلح بين المؤمن في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة من الطاعات، فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة، ولا كلفة تحل له من جوع ولا عطش، فلا يحس بمشقة الصيام ".

• وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنّه كان إذا جاء الشّتاء قال: ( يا أهل القرآن ! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصُر النّهار لصيامكم فصوموا).

• وقال يحيى بن معاذ: ( اللّيل طويل فلا تقصّره بمنامك، والإسلام نقيّ فلا تدنّسه بآثامك ).

فلا شكر لهذه النّعمة إلاّ إذا قمنا وامتثلنا بالآداب الإسلاميّة، والأحكام الشّرعيّة المتعلّقة بهذا الفصل.

رابعا: ولكن قد يكون المطر من النّقم..

تذكّروا قول الله تعالى: (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]إبراهيم:7[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

لذلك قال كثير من السّلف: " قيّدوا نِعم الله بالشّكر ".. وإلاّ تحوّلت مظاهر النّعم إلى مصائب ونِقم، فقد عذّب الله أقواماً بالريح الباردة في الشّتاء كقوم عاد، وعذّب قوم نوح بماء نابع من الأرض ونازل من السّماء، قال تعالى: (( فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ([FONT="]12) )) /FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]القمر[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="..[/FONT]

وروى البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا رَأَى مَخِيلَةً - وهو السّحاب الذي يخال فيه الماء- فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، وَدَخَلَ وَخَرَجَ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَا عَائِشَةُ ! وَمَا يُؤَمِّنُنِي، قَدْ رَأَى قَوْمُ عَادٍ العَذَابَ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا، قَالَ الله تَعَالىَ: (( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ: رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الأحقاف:24[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

خامسا: كيف نشكر هذه النّعمة..

أخي المسلم .. أختي المسلمة ..

إنّنا في هذه الأيّام نتقلّب في نعمة من نعم الله وافرة، فسماؤنا تمطر، وأشجارنا تثمر، وما هذا إلا نعمة ورحمة من المنعم الرّحمن المنّان.

فوالله، ثم والله، لولا الله ما سُقينا، ولا تنعّمنا بما أوتينا (( أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الواقعة:68-70[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=" .[/FONT]

تأمّلوا نعمة الله في قوله تعالى: (( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ )) [FONT="]/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT="]الرعد:12[/FONT][/COLOR][COLOR=#003399][FONT=".[/FONT]

نعم.. ينشئ السّحاب الثّقال.. هذه السّحب الّتي نراها كلّ يوم بأشكال متنوّعة، وأحجام كبيرة مختلفة، كم طنًّا تزن ؟.. إن المِتر المكعّب الواحد يزن طنًّا كاملا، فكم فيها من الأطنان ؟! ومن يحملها بهذه الأوزان ؟! إننا لا نستطيع أن نتصوّر وزنها، غير أنّها ثقال كما قال ربّنا المتعال.

اللّهمّ لك الشّكر على آلائك الّتي لا تعدّ ولا تحصى.. اللهمّ لو شئت لجعلت ماءنا أجاجاً، ولكن رحمتك أدركتنا فجعلته عذباً زلالاً، فلك الشّكر، فما بنا من نعمة فمنك وحدك لا شريك لك.

عباد الله، وكيف لا نشكر الله وقد كنّا بالأمس القريب فقط نشكو الجدب والقحط وقلة المياه، وكانت مشكلة نقص المياه تُعد من أكبر أزمات البلاد، مما دفع أهلَ التدبير والتسيير للتخطيط والتفكير للخروج من هذه الأزمة، فجنّدوا الرجال وخصصوا الأموال وجهزوا الآلات.

فنزلت رحمة الله الواسعة، فرويت الأرض، وجرت الوديان، وامتلأت الآبار، وسالت العيون برحمة من الله وفضله.




قَضَاءُ الوَطَرِ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشِّتَاءِ وَالمـَطَرِ (المقال الثاني)









كَـْيـفَ نَـشْـكُـرُ نِـعْـمَـةَ الـمَطَرِ ؟




بقلم : فضيلة الشيخ أبي جابر عبد الحليم توميات-حفظه الله-




الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فأوّل مظاهر شكر هذه النّعمة:
1) نسبة النّعمة إلى الله تعالى.
فقد روى البخاري ومسلم واللّفظ له عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: ((هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟)) قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (( قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ )).
هذا فيما يخصّ المطر فحسب، فكيف بمن يتتبّع أخبار الكواكب في جميع شؤون حياته، وتراها على صفحات الجرائد والمجلاّت في بلاد الإسلام، وكان ينبغي للهيئات المختصّة أن تردعها.
قال الإمام الشّافعي في ( الأمّ ): " من قال ( مُطرنا بنوء كذا وكذا ) على ماكان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى مطر نوء كذا، فذلك كفر كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لأنّ النّوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ومن قال ( مطرنا بنوء كذا ) بمعنى مُطرنا في وقت كذا، فلا يكون كفراً وغيره من الكلام أحبُّ إليّ منه ". اهـ.
2) التّقوى والاستقامة والاستغفار:
ومن سبل شكر المنعم تعالى تقوى الله والاستقامة على شرعه، وأن يستغفر المؤمن لذنبه، قال الله تعالى: (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) /FONT][/COLOR][COLOR=#002060][FONT=Traditional Arabic]الأعراف:96[/FONT][/COLOR][COLOR=#002060][FONT=Verdana، وقال: (( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً )) /FONT][/COLOR][COLOR=#002060][FONT=Traditional Arabic]الجـن:16[/FONT][/COLOR][COLOR=#002060][FONT=Verdana، وقال تعالى عن نوح عليه السّلام: (( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) )) [نوح].
3) مواساة الفقراء والمحتاجين:



أيها العالَم ماذا هذا السّكـوت أولا تبصـر هذا الجـبروت ؟!

ألا تبصر على الإخوان ظلـمًا أولا تبصـر أطفالاً تـموت ؟!

إخواننا عضّتهم الحروب.. ثمّ عضّتهم فتن وخطوب.. وثالثة الأثافـيّ عليهم الشّتاء وهم في عراء، لا تسترهم إلاّ السّماء، حتّى تبتلعهم أرض الصّحراء ..

وإن كانوا يتألّمون من الجوع طوال العام، فلا ريب أنّكم أحسستم أنّ البرد يضاعف الجوع..
أيها الإخوة في الله، يُفرِحُنا أن نسمع بفلان قد اعتمر.. وآخر قد حجّ.. ولكن يؤسفنا أنّنا إذا سألناهم، هل أخذتم معكم بعض المال لجمعيّات الإغاثة هناك الّتي تقوم على المسلمين الأفغان، والشّيشان، وأهل العراق، وغيرهم ..؟ فيكون الجواب هو تلك الدّهشة التي تبدو على محيّاهم، وكأنّهم يقولون لنا: لم يخطُر ببالنا قط حال هؤلاء ..
فإن خفِي عليك حال أولئك فكيف يخفى عليك حال جيرانك، وأهل حيّك وبلدتك ؟!
فاستمع إلى المحتاج وهو يخاطبك:



أتـدري كيـف قابلنـي الشتاء وكيف تكـون فيـه القرفصاء

وكيـف البـرد يفعـل بالثنايـا إذا اصطكت وجاوبها الفضـاء

وكيف نبيت فيـه علـى فـراش يجور عليه في الليل الغـطــاء

فـإن حـلّ الشّـتاء فأدفئونـي فـإن الشـيخ آفتـه الشـتـاء

أتـدري كيف جارك يا ابن أمّي يهــدّده مـن الفقـر العنـاء

وكيـف يـداه ترتـجفان بؤساً وتصدمـه المذلّـة والشّـقـاء

يصبّ الزّمهريـر عليـه ثلـجاً فتجمد فـي الشّـرايين الدمـاء

خِراف الأرض يكسـوهنّ عِهنٌ وتـرفـل تحتـه نـعـمٌ وشـاء

وللنّمل المساكـن حيـن يأتـي عليـه البـرد أو جـنّ الـمسـاء

وهـذا الآدمـيّ بـغـيـر دار فهل يرضيك أن يزعجـه الشّـتـاء

يجـوب الأرض من حـيّ لحيّ ولا أرض تـقـيـه ولا سـمـاء

معـاذ الله أن تـرضـى بهـذا وطـفـل الجيـل يصـرعه الشّتاء

أتلقـاني وبـي عـوز وضـيق ولا تحـنو ؟ فمـا هـذا الجفـاء

أخـي بالله لا تجـرح شعوري ألا يكفيـك مـا جـرح الشـتاء

اعلموا أنّ هذا الموسم لكم فيه ما تزرعون، ومنه ما تؤمّلون، وتذكّروا فضل مواساة المحتاجين، لقد دخل رجل الجنّةَ في كلب كاد يهلك من العطش فسقاه ماءً، فكيف بمن سعى في حاجة المسلمين:

روى أبو داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي سَفَرٍ قَالَ: (( مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ )) حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي الْفَضْلِ.
صورة رائعة مشرقة عندما يكون في المجتمع الإسلامي فاقة وحاجة، يُلزِم الإسلام أصحابَ فضول الأموال أن يُخرِجوا من فضول أموالهم ولو من غير مال الزَكاة ما يسدّ حاجة إخوانهم، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)).
فيا إخوة الإيمان ! لبّوا نداء الرّحمن: (( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) /FONT][/COLOR][COLOR=#002060][FONT=Traditional Arabic]البقرة:245[/FONT][/COLOR][COLOR=#002060][FONT=Verdana..
فجدير بكل من امتلأ قلبه بالإيمان، وأحاط بمشاعره، واستغرق وجدانه أن يسهل عليه الخروج من كل ما يملك ابتغاء مرضاة الله وحياءً منه، فكيف وقد وعد الله جل جلاله برده مضاعفًا أضعافًا كثيرة ووعده جلّ جلاله الحق.
أخي المسلم .. أختي المسلمة.. إنّ هذا الفصل نعيشه ويعيشه معنا أناسٌ يستقبلون قبلتنا، ويصلّون صلاتنا، ويحجّون حجّنا، فلهم حقّ علينا أن نواسيهم.. لا بدّ أن نتذكّر أولئك الّذين يفترشون الأرضَ ويلتحفون السّماء.. لا بدّ أن لا ننسى أولئك الّذين اخترق الزّمهرير عظامهم ..
أخي المسلم .. أختي المسلمة.. قل لي بربّك: كم يملك أحدُنا من ثوب ؟ وكم يفصّل أحدنا من ثوب ؟ وكم..وكم.. خير كثير كثير.. ونعم لا تحصى.. ولكن أين العمل ؟..إلى الله المشتكى..
لا تحقرنّ صغيرة إنّ الجبال من الحصى .. فهيّا أخي ! امض وتصدّق ولو بشيء يسير، فربّما كان في نظرك حقيرا وعند ذلك الفقير المحتاج كبيرا وعظيما.

[ يـتـبـع إن شاء الله ]




قضاء الوطر بمعرفة أحكام الشتاء والمطر (المقال الثالث)








بقلم: فضيلة الشيخ أبي جابر عبد الحليم توميات-حفظه الله-



كَيْفَ نَشْكُرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ ؟..( آداب وأحكام )

سبق أن رأينا بعض الأحكام المتعلّقة بتوحيد الله تعالى، وشكره على نعمه، ونسبة النّعم والفضل إليه وحده، وهذا حقّ الله على العبيد.. كما تكلّمنا عن بعض حقوق العباد وهم المعوزون والمحتاجون، الّذين هم إلى أيدي العون منتظرون مترقّبون..

أمّا الأحكام العمليّة فهي كثيرة، نذكر في هذا الفصل بعضها:

1- أن يكشف شيئاً من بدنه تبرّكاً به، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه و سلم مَطَرٌ، فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم ثَوْبَهُ حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا ؟ قَالَ:« لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ » [رواه مسلم].

2- أن يقول: اللّهم صيّباً نافعاً، عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه و سلم كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: « اللَّهُمَّ صَيِّباً نَافِعاً» [رواه البخاري].

وإذا سكن المطر قال: « مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ » [سبق أن رأيناه في حديث النّوء].

3- اغتنام الفرصة بالدّعاء، فقد روى الحاكم والطّبراني - وحسّنه الألباني - عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه و سلم قَالَ: « ثِنْتَانِ لاَ تُرَدَّانِ-أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ-: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَتَحْتَ المَطَرِ ».

4- الذّكر عند الرّعد: فإذا سمعت الرّعد، فتذكّر قدرة الله تعالى، كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه إذا سمع الرّعد ترك الحديث وقال: « سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ » ثمّ يقول: « إِنَّ هَذَا لَوَعِيدٌ لأَهْلِ الأَرْضِ شَدِيدٌ »[رواه البخاري في الأدب المفرد وسنده صحيح موقوفًا كما قال النووي].

( يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ) الرّعد وما أدراكم ما الرّعد ؟! إنّه ليسبّح بحمد الله عزّ وجل، ذلك الصّوت المخيف الّذي يخافه كبيرنا وصغيرنا، والذي يفزعنا في يقظتنا ومنامنا، ليُسبِّح بحمد الله عز وجل، فهل تدرون ما يكون ؟

إنّه ملك من ملائكة الرّحمن.. روى التّرمذي وأحمد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: أَقْبَلَتْ يَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ ! أَخْبِرْنَا عَنْ الرَّعْدِ مَا هُوَ ؟ قَالَ: « مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ مَعَهُ مَخَارِيقُ مِنْ نَارٍ يَسُوقُ بِهَا السَّحَابَ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ » فَقَالُوا: فَمَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي نَسْمَعُ ؟ قَالَ:« زَجْرُهُ بِالسَّحَابِ إِذَا زَجَرَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى حَيْثُ أُمِرَ » قَالُوا: صَدَقْتَ !".

5- احْذَرْ سَبَّ الرِّيح !..وبما أنّ هذا الفصل يكثر فيه هبوب الرّيح، فليحذر المؤمن من سبّ الرّيح، فقد نهى النبيّ صلى الله عليه و سلم عن ذلك، روى التّرمذي وأبو داود عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : « لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ ! فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ فَقُولُوا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ وَخَيْرِ مَا فِيهَا وَخَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ هَذِهِ الرِّيحِ وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُمِرَتْ بِهِ ».

6- الدّعاء لرفع البلاء.. وإذا اشتدّ المطر فعلى المسلم أن يدعو الله أن يصرف الضّرر عن المسلمين، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه لمّا قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم: « يَا رَسُولَ اللهِ ! هَلَكَت الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُمْسِكُهَا عَنَّا » فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم ثمّ قال: « اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ » فَانْقَلَعَتْ، وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ . [متفق عليه].

[الآكام: التّلول المرتفعة من الأرض، والضِّراب: الرّوابي والجبال الصّغار].

هذا فيما يخصّ بعض الأذكار المشروعة، التي تدخل في قوله تعالى:(( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ )) [البقرة:152]. وهناك أحكام أخرى كثيرة تتعلّق بالطّهارة والصّلاة سيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

فعليك أن تحرص على هذه الأذكار والأعمال، فهي طاعة للنّبي صلى الله عليه و سلم الّذي قال تعالى في شأنه: (( وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )) [النور: من الآية54].




قَضَاءُ الوَطَرِ بِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشِّتَاءِ وَالمَطَرِ ( المقال الرابع)







بقلم: فضيلة الشيخ أبي جابر عبد الحليم توميات-حفظه الله-


كَيْفَ نَشْكُرُ هَذِهِ النِّعْمَةَ؟..



( أحكام الطّهارة )

فإنّ هناك أحكاما كثيرة تتعلّق بالطّهارة في هذا الفصل، ولكن قبل البدء في ذكر هذه الأحكام، أرى لزاما عليّ أن أذكّر القارئ بأصل من أصول هذا الدّين، وعلمٍ من أعلام رحمة الله بالعالمين، ألا وهو يُسر الشّريعة ورفعُها للحرج.

فإنّ من تيسير الله علينا في هذا الدّين العظيم أن أجاز لعباده عددا من الرّخص إظهارا للحنيفيّة السّمحة، وإغاظة لليهود والنّصارى، فيُسرُ الشّريعة وسماحتها من خصائص هذه الأمّة، وقد جاء وصف النبيّ صلى الله عليه و سلم في التوراة والإنجيل ما ذكره العليّ الجليل فقال

ماشاء الله

تبارك الله

عمل جبّار ... يذكر فيشكر


توقع فصل شتاء طويل : المربعانية تدخل أجواء المملكة الخميس المقبل




طيبه اليوم - واس :
تدخل مربعانية الشتاء إلى أجواء المملكة بعد غد الخميس السادس عشر من ذي الحجة الحالي الموافق الثالث من ديسمبر الجاري وتستمر 40 يوماً.

ووفقا للباحث الفلكي عضو الإتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الدكتور خالد بن صالح الزعاق فإن الطقس في الأيام الأولى لـ"المربعانية" سيتأثر بمرتفعات جوية قادمة من منطقة سيبيريا الباردة.

وقال الزعاق لوكالة الأنباء السعودية إنه استند على أن المربعانية ستدخل بعد غد على معايير علمية اعتمد فيها على السلوك الزراعي والحشري، وتحركات الرياح، وتخلقات السحب.

وأضاف الزعاق أن هناك طرقا عدة لمعرفة المواسم فأهل الحواضر يعتمدون على السلوك الزراعي، وأهل البادية يعتمدون على السلوك الحشري وحركة الزواحف وتحركات الرياح وتخلقات السحب، فيما يعتمد البحارة على الرؤية بالعين المجردة لذات النجم، مفيداً أنه يعتمد في حساباته على كل تلك الطرق مجتمعة.

وسميت المربعانية بهذا الاسم لأنها تفتتح الشتاء وتستمر أربعين يوماً، كما أن الأرض تخضر فيها إذا تفضل المولى جل وعلا بالأمطار في النصف الأول من موسم المربعانية.

ويضيف الزعاق أنه " إذا نزل المطر خلال العشرين يوماً الأولى من المربعانية فإن السنة تبشر بخير وربيع مزدهر علاوة على إنبات الفقع وجميع الأعشاب البرية، ذلك أن السنة تكون ربيعية إذا نزل المطر في الوسم والمربعانية والشبط وأول العقارب".

ويتابع أن طقس المربعانية " ينقسم إلى قسمين طقس امتزاجي وطقس انفصالي فالامتزاجي يتسم به النجم الأول من المربعانية وطقسه لا يختلف كثيراً عن طقس الوسمي، أما الانفصالي فيبدأ بحلول النجم الثاني من المربعانية وفيه يبدأ البرد الفعلي الذي يدخل مع الإنسان في فراشه ويتغلغل داخل المنازل".

ويقول الزعاق إن دخول المربعانية بشكل واقعي " يختلف بحسب كل منطقة فالبرد يأتينا دوماً من ناحية الشمال لذا تبدأ المربعانية على المناطق الشمالية قبل الوسطى والشرقية، وبدخول موسم المربعانية يكون فصل الشتاء قد دخل فعلًا ويتمثل ذلك بهبوب ريح شمالية باردة وارتداء الملابس الشتوية الثقيلة".

ومن المعتاد وفقا للزعاق فإن موسم المربعانية يسبقه هبوب رياح شمالية باردة تجبر الناس على أن يرتدوا ملابس الشتاء إلا أن هذا البرد لا يستمر طويلاً ويعود الدفء مرة ثانية قبل أن يعاود هجمته مع حلول النجم الثاني من "المربعانية".

والنجم الأول من المربعانية يماثل تأثيره جو الوسم أي إن أواخر الوسم وأول المربعانية طقس امتزاجي متجانس من حيث درجة الحرارة وحركة الرياح، ولذلك تقول العامة إن أول المربعانية وسم، أي إنه خلال أوائل المربعانية إذا نزل المطر ولفترات متعددة فإن ذلك يبشر بالخصب وبربيع مزدهر.

ووفقا للزعاق فإن حركة الرياح وتخلقات السحب خلال الأيام المنصرمة تدل على أن فصل الشتاء الراهن سيطول وستحصل فيه أيام باردة بين الحين والآخر، متوقعاً أن تكون مربعانية هذا العام معتدلة الطقس على غير عادتها الأمر الذي يجعل ظروف سقوط الأمطار وحركة الرياح مشابهة في ظروفها لأحوال الفترات الانتقالية من حيث شدة قصف الرعد ووميض البرق ونزول زخات البرد.

وأورد الدكتور خالد الزعاق عدة ظواهر لموسم المربعانية مبينًا أن أولها أن أجواء المملكة تستقبل مرتفعات جوية قادمة من منطقة سيبيريا شمالي الكرة الأرضية تتمثل في هبوب رياح شمالية إلى شمالية شرقية تتدنى معها درجات الحرارة إلى معدلات منخفضة وتزرق صفحة السماء إذ إن درجات الحرارة تنخفض على سبيريا في الوقت من الزمان إلى 60 درجة تحت الصفر وعلى إثرها تنخفض درجات الحرارة هنا في المملكة.

وأضاف الزعاق أن من الظواهر المصاحبة أيضا لموسم المربعانية أن الأرض تنفث ما في جعبتها من برودة فيبرد وجه الأرض، ويتوقف تدفق المياه في غصون الأشجار، ولهذا يتم اقتلاع الأخشاب (بخاصة أخشاب الأثل والنخيل) في هذا الوقت حيث كانت هذه الأخشاب تستخدم في القديم في بناء المنازل في ذلك الزمان لأن الأخشاب تكون قد نشفت من الماء ولم تعد هناك إمكانية لتخلق الحشرات في جوف هذه الأخشاب.






«الأرصاد»: الشتاء يبدأ فعلياً 15 محرم... والحرارة 3 تحت الصفر شمالاً

الثلاثاء, 23 نوفمبر 2010
1290450651350225400.jpg
الرياض – سعود الطياوي


Related Nodes:
صورة جوية للطقس في السعودية. (جريدةالحياة)

المناطق الشمالية تحتضن «طقوس البرد»





توقع المتحدث باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني أن يبدأ فصل الشتاء فعلياً في المناطق الشرقية والوسطى والشمالية في 15 المحرم المقبل، وأن تستمر الأجواء معتدلة على المناطق الجنوبية طوال العام، مشيراً إلى أن درجات الحرارة قد تنخفض إلى 3 درجات تحت الصفر في المناطق الشمالية مع دخول الشتاء.


يرفع بمناسبة شتاء 1434هـ