ملخص في الزكاة 1442/9/4هـ

يوسف العوض
1442/09/03 - 2021/04/15 18:06PM
الخطبة الاولى  
 
 
أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : اعْتَادَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَجْعَلُوا شَهْرَ رَمَضَانَ مَوْعِدًا لِإِخْرَاجِ زَكَوَاتِهِمْ، وَبَذْلِ صَدَقَاتِهِمْ، وَكَثْرَةِ إِحْسَانِهِمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُوضَعَ الْإِحْسَانُ فِي مَحَلِّهِ، وَأَنْ تُصْرَفَ الزَّكَاةُ لِأَهْلِهَا الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا الَّذِينَ عَيَّنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ،كما قال الله تعالى في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾  وقد أَوْصَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالمتعففين حِينَ قَالَ: «لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي يَطُوفُ عَلَى النَّاسِ تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلَكِنِ الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَلَا يُفْطَنُ بِهِ، فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ»، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾ فَلْنَحْرِصْ - عِبَادَ اللَّهِ - عَلَى وَضْعِ الْإِحْسَانِ فِي مَوْضِعِهِ، وَدَفْعِ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا؛ لِتَبْرَأَ الذِّمَّةُ بِهَا، وَتُحَقِّقَ مَقْصِدَهَا، وَتُغْنِيَ الْفُقَرَاءَ الْمُتَعَفِّفِينَ، فَيُبَارَكَ فِيهَا لِدَافِعِهَا وَلِآخِذِهَا الْمُسْتَحِقِّ لَهَا، وَتَكُونَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَشَرَعَهَا ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.  
 
 
أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : لَقَدْ جَاءَتِ النُّصُوصُ عَامَّةً مُطْلَقَةَ ، فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، فَفِي الذَّهَبَ إذَا بَلَغَ عِشْرِينَ ديناراً أَي : خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ جراما تَقْرِيبًا ، وَفِي الْفِضَّة ، إذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، أَيْ خَمْس مِائَةِ وَخَمْسَةٌ وَتِسْعِونَ جراماً هَذَا هُوَ نِصَابٌ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَمَا يُعَادِلُهَا مِنْ الْأَوْرَاقِ النَّقْدِيَّةِ ونِصابُ الْأَوْرَاق النقديَّة : هُوَ نِصَابُ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ ؛ لِأَنَّهَا حَلَّتْ مَحَلَّهُمَا فِي الثَّمَنِيَّة ، فَإِذَا بلغَت نِصابُ أَحَدِهِمَا وجبَت فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَالْغَالِبُ تَقْدِيرُِ نِصَابٍِ الأَوْرَاقِ النَّقْدِيَّةِ الْيَوْم بِالْفِضَّة ؛ لِأَنَّهَا أَرْخَصُ مِنْ الذَّهَبِ فَتَبْلُغ نِصَابَهَا قَبْلَه ، فَإِذَا مَلَكَ الْمُسْلِمُِ مَا يُعادل قِيمَة (595) جرامًا مِنْ الْفِضَّةِ ، وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وجبَت فِيهِ الزَّكَاةُ وَقِيمَةُ جِرَامٌ الْفِضَّة تتغيَّر مِنْ وَقْتِ لآخَر ، وَنِصَاب الأَوْرَاقِ النَّقْدِيَّةِ هَذِهِ الْأَيَّامِ قَرَابَة 1820 رِيَال فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِثْلُ هَذَا الْمَبْلَغَ وَأَكْثَر وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ، فَفِيهِ رُبُعُ الْعُشْرِ ، أَيْ اثْنَانِ وَنِصْفٌ فِي الْمِائَةِ وَبِهَذَا صَدَرَ قَرَارٌ الْمَجْمَع الْفِقْهِيّ بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ ، وَعَلَيْهِ فَتْوَى اللَّجْنَة الدَّائِمَة لِلْبُحُوث الْعِلْمِيَّة
وَأَمَّا حُلِيٌّ الْمَرْأَةِ ، مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا كَانَتْ تكنزه فَفِيهِ الزَّكَاةُ قَوْلًا وَاحِدًا لِعُمُومِ الْآيَةِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَلْبَسُه أَو تُعيره ، فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ، قديماً وحديثاً، وَفَتْوَى كِبَار عُلَمَاء عَصْرِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ كَالشَّيْخ ابْن بَازٌ وَابْن عُثَيْمِين رَحِمَهُمُ اللَّهُ يَرَوْن وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِيهِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَعَهَا بِنْتٌ لَهَا ، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَان مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أتؤدين زَكَاةُ هَذَا ، قَالَتْ لَا ، قَال أَيَسُرُّكَ أَنْ يسورك اللَّهُ بِهَا ، سِوَارَيْنِ مِنْ نار" ، فَخَلَعْتُهُمَا فألقتهما إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ .عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَت هُمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ"
 
وَمِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أيضاً عُرُوضُ التِّجَارَةِ ، وَهِيَ مَا أَعَدَّهُ الْإِنْسَانُ لِلْبَيْع ، وَالاتِّجَارِ بِه ، مِنْ حَيَوَانٍ وَعَقَارٍ وَأَثَاثٍ وَمَتَاعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ، فتُقَوَّمُ كَم تُسَاوِي ، ثُمّ يُخرج رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ . وَأَمَّا الْعَقَارَاتُ الَّتِي أَعَدَّهَا الْإِنْسَانُ لَهُ ، وَلَا يُرِيدُ بَيْعَهَا ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَسْكُنَهَا ، فَهَذِه لَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ ، وَلَا زَكَاةَ فِيمَا أَعَدَّهُ الْإِنْسَانُ لِبَيْتِهِ مِنْ الْأَوَانِي وَالْفُرُش وَنَحْوِهَا .
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ للعقاراتِ الْمَعِدَة لِلْإِيجَار فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي رُبْعِ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَةِ الْإِيجَارِ إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ، وَلَيْسَ مِنْ قِيمَةِ الْعَقَارِ نَفْسِهِ ، وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ أراضٍ عِنْدَ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُهَا لِلسُّكْنَى وَيَنْوِي أَنْ يَبْنِيَهَا ثُمّ يَسْكُنُهَا فَهَذِهِ لَا زَكَاةَ عَلَيْهَا وَإِنْ بَقِيَتْ لِعِدَّة سَنَوَات ، وَإِذَا كَانَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي بِهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ ، تُقَّوم كُلَّ سَنَةٍ ثُمَّ يُزَكَّى رُبْعُ الْعُشْرِ مِنْ قِيمَتِهَا . وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلدُّيُون الّتِي عِنْدَ النَّاسِ ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْك إخْرَاجُ زَكَاتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى تَقْبِضَهَا ، فَإِذَا قَبَضْتَهَا فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ وَجَبَ أَنْ تَخْرُجَ عَنْهُ زَكَاةُ كُلِّ السَّنَوَات الْمَاضِيَة ، .وَإِنْ كَانَ عَلَى فَقِيرٍ لَمْ يَجِبْ أَنْ تَخْرُجَ إلَّا عَنْ سُنَّةِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَإِنْ أُخْرِجَتْ زَكَاةُ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا بَأْسَ ، وأمّا زَكَاة سَنَدَاتِ البنوك فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْفَوَائِدِ الرِّبَوِيَّة ، وَلَكِنْ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي أَصْلِ السَّنَدِ فَقَط ، وَهَذِه السَّنَدَات عِبَارَةٌ عَنْ دُيُونٌ عَلَى بَنُوكٍ أَو شَرِكاتٍ أَو دُوَلٍ ، وَهِيَ فِي حُكْمِ الْمَلِيء الْبَاذِل وَلَوْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً ، فَيَجِبُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْ أُصُولِ السَّنَدَات كُلَّمَا حَالَ الْحَوْلُ . وأمّا زَكَاةُ الصَّنَادِيق الاستثماريةِ فَمَالِكُ الْمَال : تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أصلاً وربحاً ، فيُزكي أَمْوَالَه زَكَاةَ عُرُوضِ التِّجَارَةِ ، فَيُنْظَر إذَا حَالَ الْحَوْلُ إلَى قِيمَةِ أَسْهِمِه السوقيةِ كَم تُسَاوِي ، ثُمَّ يُخْرجُ رُبْعَ الْعُشْرِ ، وَإِذَا حَصَلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْأَرْبَاح فَإِنَّهُ يُخْرجُ رُبْعَ عُشْرِهَا ، وَتَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى أيضاً أَصْحَابِ الأسهم ، إذَا لَمْ تُخْرِجْهَا إدَارَةُ الشَّرِكَة نِيَابَةً عَنْهُمْ ، وَإِذَا لَمْ تَخْرُجْ الشَّرِكَةُ الزَّكَاة ، فَإِنْ عَرَفَ الْمَالِكُ للأسهمِ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّكَاةِ أَخْرَجَه ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فَحَسْب تَقْوِيمِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ .  
 
 
الخطبة الثانية    
 
.أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَوَدّ التَّنْبِيهُ إلَى أَنْ الْقَاعِدَةَ فِي حِسَابِ زكاتِك أَنْ تُقَسَّمَ الْمَبْلَغَ الذي عِنْدَك عَلَى 40 والناتج هُوَ مِقْدَارُ الزَّكَاةِ .
المشاهدات 1604 | التعليقات 2

مستفادة


جزاك الله خيرا