مكانة الطفل في الإسلام . مختصرة من خطبة للشيخ صالح آل طالب

حسام بن عبدالعزيز الجبرين
1437/03/07 - 2015/12/18 11:21AM
[FONT="]الحمد لله الذي لا يُحيط بحمده حامد، ولا يُحصِي نعماءه راصِد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكرمُ نبيّ وأكرمُ عابد، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:فأوصيكم ونفسي بتقواه سبحانه { فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً{10} رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }[/FONT]
[FONT="]
معشر الكرام : في دُورِنا وتحت سقوف منازلنا أبشارٌ غضَّةٌ وأجنحةٌ كثيرة، وفي أغصان دَوحِنا أعوادٌ طريَّةٌ وبراعِم ناشئة، إنها براعمُ لم تُزهِر، وزهورٌ بعدُ لم تُثمِر؛ أولئك هم الأطفال، ثمراتُ القلوب، وقِطع الأكباد، أطفالُنا عجزٌ تحت قُدرتنا، ومسكنةٌ تتفيَّأُ قوتنا، وهم مستقبلٌ مرهونٌ بحاضرنا، وحياةٌ تتشكَّل بتربيتنا وتُصاغ بها، وهم بعد ذلك كله هم بعضُ الحاضر وكل المستقبل.[/FONT]
[FONT="]الطفولة -أيها المسلمون- كهفٌ يأوي إليه الكبارُ فيغسِلوا همومهم في براءة أطفالهم، ويجتلوا جمال الحياة في بَسَمات صبيانهم، أفصحُ تعبيرٍ يستمطِر الحنان تأتأةُ طفل، وأبلغُ نداءٍ يستجيشُ الحب لثغةُ صغير: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف: 46].[/FONT]
[FONT="]وهم نعمٌ بين أيدينا سانِحة، ومِنَنٌ غاديةٌ علينا ورائِحة، ولقد جاءت شريعة الله راعيةً للطفولة حقَّها، مُحيطةً بحقوق الطفل المعنوية والحِسِّيَّة، من حين كونه جنينًا إلى أن يبلغ مبلغ الرجال.[/FONT]
[FONT="]وبرزت العناية بالجانب النفسي والمعنوي بالطفل في سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وتوجيهاته؛ فقد كان يُمازِح الصبيان، ويُؤاكِل الأيتام، ويمسح على رؤوسهم، وقال: "أنا وكافِل اليتيم في الجنة كهاتين"، وقال: " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو ، قال أنس وضم أصابعه . وقال: "ليس منَّا من لم يرحَم صغيرنا"، وأمر بكفِّ الصبيان عن اللعب حين انتشار الشياطين، واستعجَل في صلاته حين سمِع بكاء طفل، ونهى أن يُفرَّق بين الأَمَة وولدها في البيع.[/FONT]
[FONT="]بل وسِعَت شريعته -صلى الله عليه وسلم- حتى أولاد البهائم؛ فأمَر من أخذ فراخَ طائرٍ أن يرُدَّها، وقال: "من فجعَ هذه بولدها؟!". كما ورد النهي عن التفريق بين الشاة وولدها.[/FONT]
[FONT="]حتى إنه -صلى الله عليه وسلم- حفِظ حق الجنين وإن كان نطفةً حرامًا، فأمر المرأة التي زَنَت أن تذهب حتى تضعَ طفلَها، وأخَّر إقامة الحدِّ حفظًا لحق الوليد حين وضَعَتْ ولدَها؛ فأمَرها أن تعود حتى تستكمِل سنتَيْ رضاعته.بل -وفي أهم فروض الدين وأشدها تعظيمًا- كان -عليه الصلاة والسلام- يُصلِّي وهو حاملٌ أُمامة ابنة بنته زينب -رضي الله عنهما-، ويُصلِّي وهو حاملٌ الحسن ابن ابنته فاطمة -رضي الله عنهما-، وحين سجد -عليه الصلاة والسلام- فركِبَ الحسن على ظهره أطال لأجله السجود، وحين سُئِل عن ذلك قال: "إن ابني هذا ارتحَلَني، فكرهتُ أن أُعجِلَه حتى يقضي حاجتَه".[/FONT]
[FONT="]فلم تمنعه خشيتُه لربه ولا وقوفه بين يديه من ملاطفة الصغار ومراعاة مشاعرهم. [/FONT]
[FONT="]وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "ما رأيتُ أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، قال: "كان إبراهيم مُسترضَعًا له في عوالي المدينة، فكان ينطلقُ ونحن معه فيدخل البيت فيأخذه فيُقبِّله، ثم يرجع". رواه مسلم. وعن محمود بن الربيع قال: "عقلتُ من النبي -صلى الله عليه وسلم- مجَّةً مجَّها في وجهي وأنا ابنُ خمس سنين من دلوٍ في دارِنا". متفق عليه.[/FONT]
[FONT="]
إخوة الإيمان : الرحمون يرحمهم الرحمن ، وهل تنصرون وترزقون إلا بضعفاءكم ، وأما إذا كان الطفل يتيما فذاك أعظم وآكد .[/FONT]
[FONT="] اللهم وفقنا لاتباع نبينا صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في جميع شؤونه واستغفروا الله إنه كان غفارا[/FONT]


[FONT="]الحمد لله حق الحمد وأوفاه، والصلاة والسلام على رسوله ومُصطفاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبه ومن والاه.[/FONT]
[FONT="]
أما بعد : فهل الطفولة والأطفال في حاجةٍ للتذكير بحقهم واستثارة المشاعر نحوهم؛ رغم أن الفطرة داعية لذلك، والطبع مُنساقٌ وميَّالٌ كذلك؟! يقال -بكل أسى-: نعم ، فأحيانا تكون الخلافات الزوجية أمام الأطفال .يا أيها الأزواج المُتخاصِمون: إن الله -عزّ وجل- حدَّد أوقاتًا لا يدخل فيها الأولاد على والديهم حتى لا تقع أعيُنهم على ما لا يُدرِكون من المُباح؛ أفليس من باب أَوْلَى أن نُشيحَ بأبصار الصغار ونصرِف علمهم عن الخلافات بين والديهم، ليعيشوا في بيئةٍ نقية، ونفسيةٍ رضيَّة. [/FONT]
[FONT="]
ومن صور الإساءة إلى الأطفال : أنهم يكون أحيانا وسيلة تصفية حسابات الخلافات الزوجية في حال تأزم المشاكل سواء عُلقت الزوجة أو طلقت ، فتصفى الحسابات بنفقة الأطفال، أوزيارتهم لأحد الوالدين، وكم في هذه المسألة من صورٍ مِدادُها الأسى، وألوانها العناء؛ مع أن الله تعالى يقول: (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) [البقرة: 233]. وفي الحديث : "من فرَّق بين والدةٍ وولدها فرَّق الله بينه وبين أحبَّته يوم القيامة". أخرجه أحمد والترمذي وحسنه الألباني فبأيِّ ذنبٍ يُحرَم الطفل حنان أمه أو لقاء أبيه وهو بضعةٌ منهما قال الله في شأن الطلاق ( وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) .[/FONT]
[FONT="] [FONT="]
إخوة الإيمان [/FONT]: ومن صور الإساءة المنتشرة: الصياحُ والصراخُ في وجه الطفل، وتهديده وتخويفه، وكثرةُ مُعاتبته وتعنيفُه والتعنيفُ والتخويفُ يُورِث شخصيةً مهزوزة، ونفسيةً مُضطربة، ألا فاتقوا الله في وصيته: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) [النساء: 11]، وليتق الله كلٌّ في رعيَّته؛ فكلٌّ مسؤولٌ ومُحاسَب.

[/FONT] [FONT="]عباد الله : خطأ الأطفال مغفور، وذنبهم معفوٌّ عنه، الله قد رفع عنهم قلم التكليف، فارفعوا أنتم عنهم أساليب التعنيف، وما أجمل الحزم مع الرحمة واللين ، ولنقدر لحداثة السن ومحبة اللهو قدرَها، وإذا كان الطفل لا يُضرَبُ على الصلاة وهي عمود الدين إلا وهو في العاشرة من عمره وبعد أن يُؤمَر بها مئات المرات؛ فكيف يُضربُ ابنُ سنتين وثلاث، وابنُ خمسٍ وسبع على شقاوةٍ فطرية، أو لهوٍ بريء؟![/FONT]


وهذا رابط خطبة الشيخ https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/173743
[FONT="]
[/FONT]
المشاهدات 1329 | التعليقات 0