مكانة الجزيرة العربية .. وحكم بناء المعابد فيها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان والعقيدة ... بيان للناس عن أصل من أصول الملة، عن دار النصرة والقبلة، تلك الدار حبيبة المسلمين، عدوة الكافرين، هي الدار الأولى لظهور الإسلام ، والخط الأخير في غرة الوجود الإسلامي .. إنها جزيرة العرب .. بيان في حدودها وخصائصها في الإسلام .. فهي عند الأكثرين من السنن المهجورة ، مع أن تلك الخصائص معلومة مشهورة.
وإن الله سبحانه رتب أحكام هذه الدنيا على أسباب ظاهرة ، وإن دين الإسلام هو قدر الله في هذه الجزيرة؛ فكانت الجزيرة قاعدة انطلاقة الدين إلى كل الخليقة في المعمورة وهو من الظهور والوضوح بمكان ، وأحكام هذه الجزيرة فيه أيضًا ظاهرة وواضحة ، بل هي من آخر ما عهده النبي صلى الله عليه وسلم –وهو على فراش الموت– إلى أمته.
ومتى أخذ المسلمون بما عهده نبيهم عليه الصلاة والسلام بقي الإسلام في حضانة أهله ؛ تشع أنواره ، وتظهر شعائره ، وتقام الشريعة.
وبها تبقى دارهم ( جزيرة العرب ) مركزا للإسلام ، ودار قيادة للعالم الإسلامي .
وبها يبقى أهلوها قدوة لأهل القبلة ؛ قياديين عربا مسلمين ؛ يحمون حمى الدين ، وينافحون عنه .
ومن هنا يتضح للبصراء بجلاء منزلة جزيرة العرب، وضرورة إحياء ما هجر من خصائصه، وبعثها من مرقدها ؛ ليروا كيف منحت الشريعة هذه الجزيرة شخصية مستقلة ؛ في قيادتها ، وأرضها ، و أهلها ، ودعوتها ؛ على رسم منهاج النبوة لا غير.
وإذا ترضى أهلُ الجزيرة العربية بمداخلة ما هو أجنبي عن الإسلام؛ فإنها تعمل على إسقاط نفسها من سجل التاريخ، وتقضي على ميزتها البارزة في خريطة العالم، فيخفت احترام العالم الإسلامي لها، وتفقد رهبة شراذم الكفر منها، وتفتح مجالا فسيحا للقوى الشريرة العاتية .
وإنه إذا تقدمت الفتن ، والبدع ، والأهواء ، والنحل ، والأديان الباطلة في الجزيرة العربية .. فهذا إيذانٌ بدك آخر حصن للإسلام، وتقليص لظله عن معاقله في هذه الجزيرة المسكينة .
عبادة الله ... كل دين غير دين الإسلام فهو كفر وضلال ، وكل مكان للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيت كفر وضلال ، إذ لا تجوز عبادة الله إلا بما شرع سبحانه في الإسلام ، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع ، عامة للثقلين الجن والإنس ، وناسخة لما قبلها ، وهذا مجمع عليه بحمد الله تعالى .
ومن زعم أن اليهود على حق ، أو النصارى على حق ، سواء كان منهم أو من غيرهم فهو مكذب لكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الأمة ، وهو مرتد عن الإسلام إن كان يدعي الإسلام بعد إقامة الحجة عليه ، إن كان مثله ممن يخفى عليه ذلك ، قال الله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ) وقال تعالى ( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) وقال تعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلامُ ) وقال تعالى ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ) وقال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) وقال عليه الصلاة والسلام ( كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة ).
ولهذا صار من ضروريات الدين تحريم الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله ، على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام ، ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرهما ؛ لأن تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو معابد وثنية تعتبر معابد كفرية ، لأن العبادات التي تؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها ، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) .
ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية ، مثل : الكنائس في بلاد المسلمين وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام ، وأن لا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها ، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أحدثت في أرض الإسلام ، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها ، بل تجب طاعته ، وأجمع العلماء - رحمهم الله تعالى - على أن بناء المعابد الكفرية ، ومنها الكنائس في جزيرة العرب ، أشد إثمًا وأعظم جرمًا ؛ للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب ، منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ).
فجزيرة العرب حرم الإسلام ، وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها ، ولا التجنس بجنسيتها ، ولا التملك فيها ، فضلا عن إقامة كنيسة فيها لعباد الصليب ، فلا يجتمع فيها دينان ، إلا دينًا واحدًا هو دين الإسلام الذي بعث الله به نبيه ورسوله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق .
والحمد لله الذي وفق ولاة أمر هذه البلاد إلى صد هذه المعابد الكفرية عن هذه الأرض الإسلامية الطاهرة .
وإلى الله المشتكى مما جلبه أعداء الإسلام من المعابد الكفرية من الكنائس وغيرها في كثير من بلاد المسلمين . نسأل الله أن يحفظ الإسلام من كيدهم ومكرهم.
أقول ما تسمعون، ,استغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... اعلموا أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر، وإظهار شعائره، والله تعالى يقول ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ).
فمن اعتقد أن الكنائس بيوت الله ، وأن الله يعبد فيها ، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبادة لله وطاعة لرسوله ، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه ، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم ، وأن ذلك قربة أو طاعة - فهو كافر. ومن اعتقد أن زيارة أهل الذمة كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد ، وإن جهل أن ذلك محرم عُرِّف ذلك ، فإن أصر صار مرتدًا.
عائذين بالله من الحور بعد الكور ، ومن الضلالة بعد الهداية ، وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قول الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ . فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ . سورة محمد )
عباد الله .. فقد وردتْ أحاديث صحيحة تحرِّم الإذنَ بوجود دِين آخَر مع الإسلام في جزيرة العرب، وهي تقتضي تحريمَ بناء معابد لغير المسلمين من كنائس وغيرها من باب أَوْلى، ففي حديث عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الهق عليه وسلم ( لا يُترَك بجزيرةِ العربِ دِينانِ ) وعلى هذا جرى عمل الأمَّة قرونًا طويلة، ابتداءً من عصر خير القرون، وحتى وقتٍ متأخِّر من التاريخ الإسلامي، فلقد أجْلى عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يهودَ خَيبر ونجران وفَدَك، ووضَع الشروط المشهورة بالعمريَّة. وفيها : أنَّا شَرَطْنا على أنفسنا أنْ لا نُحدِث في مدينتنا كَنيسةً، ولا فيما حولها ديرًا، ولا قَلَّايةً ولا صَومعةً.
وكتب عُمرُ بن عبد العزيز إلى عُروة بن محمَّد: أنْ يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : لا يجوز أن يُبنى في الجزيرة معابدُ للكفرة، لا النصارى ولا غيرهم، وما بُنِي فيها يجب أن يُهدَم مع القُدرة. وعلى وليِّ الأمر أن يهدمَها ويُزيلها، ولا يُبقي في الجزيرة مبادئ أو معاقل للشرك، لا كنائس ولا معابد، بل يجب أن تُزال من الجزيرة؛ حتى لا يَبقى فيها إلَّا المساجدُ والمسلمون.
ثم قال رحمه الله : أجمَع العلماء رحمهم الله على تحريم بناء الكنائس في البلاد الإسلاميَّة، وعلى وجوب هدْمها إذا أُحدِثت، وعلى أنَّ بناءَها في الجزيرة العربية - كنجد والحجاز، وبلدان الخليج واليمن - أشدُّ إثمًا، وأعظم جُرمًا؛ لأنَّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم أمَرَ بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب، ونهى أن يَجتمع فيها دِينان، وتبِعه أصحابه في ذلك، ولما استُخْلِفَ عمرُ رضي الله عنه أجْلَى اليهود من خيبر؛ عملًا بهذه السُّنة، ولأنَّ الجزيرة العربية هي مهدُ الإسلام ومنطلقُ الدُّعاة إليه، ومحلُّ قِبلة المسلمين؛ فلا يجوز أن يُنشأ فيها بيتٌ لعبادة غير الله سبحانه، كما لا يجوز أن يُقرَّ فيها مَن يَعبُد غيره.
وأخيرًا ... وبناءً على جميع ما تقدَّم؛ فإنَّه ليس لكافر إحداثُ كنيسةٍ في [جزيرة العرب]، ولا بيعة، ولا صومعة، ولا بيت نار، ولا نَصْب صنمٍ؛ تطهيرًا لها عن الدِّين الباطل، ولعموم الأحاديث، وعليه؛ فليس للإمامِ الإذنُ بشيء منها، ولا الإبقاءُ عليه؛ مُحدَثًا كان أو قديمًا.
فنسأل الله تعالى أن يوفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين إلى نصرة دين الإسلام، ويوفق ولاة أمور المسلمين إلى ذلك.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آلِه وصَحْبِه
المشاهدات 1642 | التعليقات 0